
هل مستهم النار ...
القلعة نيوز -
في ظل الظروف القاهرة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وهذا المأزق الخطير في الإنقسام على الساحة الداخلية، والذي كان له اثره الكبير على هذه القضية منذ البداية، فلو،، التي كانت للتمني وتفتح بابا من ابواب الشيطان، لو كان هناك شبه وحده لما كانت الظروف هي الظروف، وحدة الصف الداخلي كانت وما زالت حلم لم يتحقق، ودفع الشعب الفلسطيني الثمن غاليا، ما زالت هذه القضية تلقي بظلالها القاسية على الشعب الفلسطيني، وسيدفع ثمنا لعدم وجود هذه الوحده، كما تدفع الشعوب العربية والإسلامية ثمنا من الموقف الأخلاقي والثروات والأموال، ثمنا لعدم وجود وحدة موقف بين هذه الشعوب، على المستوى الديني او حتى القومي، او على الأقل في دفع الظلم عن المظلوم خاصة ونحن نرتبط برابطة الدين والقومية والعروبة.
المواقف التي تصدر اليوم من شعوب العالم، وممن مست ضمائرهم نار ما يحدث للنساء والأطفال والمدنيين من هذا الشعب، الذي يتعرض للإضطهاد منذ حوالي مائة عام تقريبا، دفعت هذه القضية بقوة إلى السطح، وعرت موقف الساسة الغربيين وكشفت زيف ضمائرهم وإنعدام إنسانيتهم، وجعلت العديد من المهتمين يتبنون هذه القضية، ومن غيرهم ممن يسعى للتخفيف هذا الضغط الكبير، في الغرب يتبنى مواقف اقرب إلى الإخلاق والإنسانية، مثل ما حدث اخيرا مع وزير الخارجية البريطاني، ومع ان قوات بلاده ما زالت تدعم بقوة هذه الإبادة التي تحدث، عسكريا وماديا ولوجستيا وحتى سياسيا، ولكن أجبره وضع الشارع البريطاني على مثل هذه التصريحات.
ولذك سنرى الكثير من المواقف من أمثال هذا السياسي او ذلك الإعلامي، مع ما يرتبط بهذا الموقف من أثمان، فلا يخفى على احد قوة اليمين الصهيوني واليمين المسيحي في الغرب، وفي الولايات المتحدة تحديدا، ومع ذلك تعلو اصوات جديدة يوم بعد يوم، والحراك الذي يحدث في الجامعات الأمريكية اليوم، يشبه إلى حد كبير ما حدث أيام فيتنام حسب توصيف العديد من الساسة، وهذا ما دفع الساسة والإعلاميين على تبنى هذه المواقف الشعبية، ومحاولة التماهي معها، مع ان السياسة في هذه الدول لم تلحق بعد ما تتبناه هذه الشعوب، ولكن من المعروف دائما ان السياسة تتبع ما تريده الشعوب ولو بعد حين.
ولكن أين الأثر الإسلامي او الصوت الإسلامي فضلا عن العربي فيما يحدث، وما زال هذا الشعب يوميا يدفع ثمن سياسة غربية قائمة على الإحتلال والقتل، وتفريغ الأرض من أهلها في سبيل الإستلاء عليها، وهذه الأصوات العربية والإسلامية تكاد لا ترى، مع ان الحراك العالمي في مجمله يأتي من الغرب.
هل تم تدجين الشعوب العربية والإسلامية كما يزعم البعض، وهل تم تفريغها من ذلك الصوت الذي ينصر المظلوم ويرفع صوت الحق، حقيقة لا أتبنى هذا التيار، وما مرت بها الشعوب الإسلامية عبر تاريخها، هو حاضر في وجدانها، ولكن الطريقة التي تتبناها هذه الشعوب في التفاعل مع الأحداث يختلف تماما عن الطريقة الغربية، وهذا ما اشار إليه بشكل مدروس الباحث وضاح خنفر في اكثر من إشارة، طريقة تخزين المشاعر وتفريغها تختلف، وطريقة التعاطي مع الأحداث السياسية تختلف.
نعم قد يكون لذلك سلبيات ولتلك إيجابيات، وتلك الطريقة اكثر فاعلية وتأثير على ساحة الأحداث، ولكن حقيقة الشعوب لا تنصاع للتغيير عاداتها وطبائعها بهذه الطريقة، ولن تستطيع ان تفرض على الشعوب تغيير طريقتها في يوم وليلة، وهذا ما لم يحدث ولن يحدث.
هنا تدفع فئة من البشر ثمنا بالغا، في سبيل إيقاظ ضمير بشري غائب، تراكمت عليه طبقات من سرديات كاذبة وعقائد زائفة وأديان منحرفة وأطماع بشرية، ولكن أين الجديد في هذه البشرية التي تفسد في الأرض وتسفك الدماء وتسعى وراء أطماعها وشهواتها وانحرافها.
هل تغير الحال إلا عندما حكمت الشريعة الإسلامية هذه البشرية، وهنا مع ما يعتري هذه الفترات من إنحراف أحيانا وسطوة وسلطة أحيانا أخرى، بقيت المرجعية الكبرى للدول التي حكمت بإسم الإسلام هو الإسلام، ولذلك تجد ان الشعوب الأخرى والديانات الأخرى لم تختفي في ظل هذا الحكم، ولم يطال هذه الفئات والطوائف ما طال الإسلام والشعوب التي تنتمي إليه في ظل حكم غيرها.
نعم تدفع هذه الشعوب الإسلامية ثمنا بالغا اليوم لغياب سلطتها، التي يجب إن تسعى بكل السبل لعودتها، وإلا بقيت تحت سطوة وسلطة من لا يعرف رحمة ولا إنسانية ولا أخلاقا حتى وإن زعم ذلك.
ولكن غياب صوت العقل والعدل والشفافية دفع فئات من البشر للتحرك، فظهرت اليوم محاكمات شعبية يقودها شخصيات سياسية وخبرات قضائية دولية سابقة وإعلاميين وحقوقيين وناشطين، تسعى لتوثيق وتسجيل وتعرية هذه الجرائم التي تتركب يوميا بحق المدنيين والأطفال والنساء، يبدو أن هناك فئات من البشر لا ترضي ان تحكم العالم شريعة الغاب، وتسيطر عليه غريزة الإنسان الذي فقد كل شيء بما في ذلك بقية الإنسانية التي تجعله إنسانا، فتسعى لتوثيق هذه الجرائم حتى لو لم تكن تملك إيقافها.
ولكن هل تملك هذه الفئات ذلك الزخم الذي يحقق تلك الرغبة، اليوم ربما لا، ولكن دور كل إنسان يسعى للحق ويريد إيقاف هذا الظلم الذي يقع أن يدعم هذه الجهود ويتبناها، ويحاول جاهدا نشرها وتقويتها وزيادة فعاليتها بكل الوسائل التي يملكها، في الوقت الذي يبحث فيه عن كل السبل المتاحة لتوحيد الأمة، وإعادة الروح الحضارية والأخلاقية والإنسانية، التي تجعل الإسلام قابلا للتطبيق في هذا الإنسان، فما زلت أؤمن بإننا يجب أن نعيد الإنسانية للإنسان حتى يستطيع فهم هذا الدين وتطبيقه كما أراد خالقه.
وإن كان بعض من مستهم نار الإنسانية اليوم أكثر فاعلية ممن يحملون هذا الدين، وهنا نرى كيف يكون أثر من مستهم نار الإنسانية.
إبراهيم ابو حويله ...