
القلعة نيوز: كتب المحامي معن عبد اللطيف العواملة
يقدم الجدل الحالي حول مشروع قانون ضريبة
الابنية و الاراضي فرصة مثلى لاخذ بضع خطوات الى الوراء و النظر بعين استراتيجية شاملة
لابتداع نظام ضريبي مبتكر و اطار رسوم عصري يحققان قفزات في التنمية.
علينا بداية ان نعترف انه و خلال العقود
الاخيرة الماضية، برز موضوع الضرائب و الرسوم، باختلاف انواعهما، كتحد حكومي ومجتمعي صعب. فالتوسع الهائل في ضريبة
المبيعات عزز من غياب العدالة المجتمعية، وكذلك فان ضرائب دخل الشركات والافراد، و
الاراضي و الابنية، اضافة الى الرسوم المتعددة، لم تعطي نتائج التنمية المأمولة.
لقد تغيرت أعمدة الاقتصاد التقليدي فازدادت
نسبة الايرادات الحكومية من الضرائب والرسوم وتناقصت من الابواب الاخرى، و اصبح الامر يتطلب
ابتكارا لتوسيع القاعدة الضريبية الكلية عن طريق النمو الاقتصادي العام. نحتاج و
بشكل جدي و فوري مراجعة جذرية وشاملة لاستراتيجية الضرائب والرسوم لتحقيق التنمية
المستدامة و تحقيق العدالة المجتمعية، و لدينا من الخبراء الاكفاء في هذا المجال
ممن لديهم القدرة على ابتداع نظم تناسب بيئتنا الاجتماعية و الاقتصادية.
يدرك الخبراء ان النمو المستدام
والعدالة المجتمعية هما ما يعاظم الاقتصاد الكلي وبطفرات ايجابية تحقق ايرادات
اكبر و اهم من ما تحققه النسب الضريبية المتزايدة او الرسوم الاضافية. شهية الحكوماتالمتعاقبة المفتوحة على ضريبة المبيعات، لسهولة تطبيقها و صعوبة
التهرب منها، اثر سلبا و بشكل اكبر على ذوي الدخل المحدود والمتوسط لان معظم دخلهم
يصرف على الاساسيات. ندور في حلقة مفرغة، و منذ زمن، لعدم قدرتنا على توسيع
القاعدة الضريبية عن طريق النمو الاقتصادي الكلي، فاصبحنا نغرف اكثر من ذات الخزان
المتناقص، و بالتالي فان الايرادات الحكومية في تراجع من حيث القيمة الحقيقية، و
هذه ازمة مؤجلة سنواجهها يوما ما.
اذا ركزنا اهتمامنا على النمو
الاقتصادي، فان الضرائب و الرسوم ستتبع و بشكل سلس، و لكن العكس ليس صحيحا، و هذه
معضلتنا الحالية. و هنا نستذكر الاستنتاج المأثور لابن خلدون (و قد استشهد بهذا القول يوما
ما الرئيس الاميريكي رونالد ريغان) و يمكن تلخيصه كما يلي: "... في البداية
كانت الضرائب متدنية و ايرادات الدولة مرتفعة، و مع الوقت اصبحت الضرائب مرتفعة و
الايرادات متدنية".