شريط الأخبار
الأردن يفوز على عُمان ويقترب من حلم المونديال الملك يلتقي رئيس الوزراء البريطاني في لندن عاجل : السعودية تعلن إجمالي عدد الحجاج لعام 1446هـ ولي العهد يصل ملعب مجمع السلطان قابوس الرياضي في مسقط الملك يبدأ زيارة عمل إلى لندن وزير الأوقاف في تصريح صحفي عاجل : جميع الحجاج الأردنيين داخل الخيم وبخير المرأة الأردنية في عيد الأضحى..أصالة الطقوس وروح العطاء المسلمون يُحيون يوم عرفة في أجواء إيمانية وروحانية الأمير فيصل يدعو لتحويل الرياضة إلى بيئة آمنة تعزز السلام المجتمعي النشامى ونظيره العُماني .. وتعرف على تشكيلة المنتخبين "مجموعة القلعة نيوز الإعلامية " تهنئ الملك وولي العهد بحلول عيد الاضحى المبارك الملك يتبادل التهاني هاتفيًا مع العاهل البحريني بمناسبة عيد الأضحى ولي العهد يغادر إلى عُمان لمتابعة مباراة "النشامى" وزير الثقافة... "قلعة القطرانة" من أجمل المعالم التاريخية في الأردن ولي العهد: ايمان مستعدة لمباراة النشامى الملك ورئيس وزراء إسبانيا يشهدان توقيع إعلان شراكة استراتيجية تسجيل مسرب .. نتنياهو توسل لحاخام لإنقاذ إئتلافه الحكومي وفاة حاجة أردنية سبعينية في عرفات الملك يلتقي العاهل الإسباني في مدريد الحجاج يتوافدون إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم

*اللعب على الحافة: التحول السياسي في سوريا ومستقبل التوازنات*

*اللعب على الحافة: التحول السياسي في سوريا ومستقبل التوازنات*
*اللعب على الحافة: التحول السياسي في سوريا ومستقبل التوازنات*

د. عبدالله حسين العزام

تشهد الجمهورية العربية السورية في الآونة الأخيرة تغيرات جذرية في خارطة الاصطفافات السياسية، بعد صعود الرئيس الإنتقالي أحمد الشرع إلى سدة الحكم في دمشق، خلفاً للنظام البائد الذي استنزف طاقات الدولة السورية في التدمير والتهجير وبإراقة دماء الأبرياء من المدنيين السوريين والإذلال الأمني والممارسات القمعية التي مورست لعقود في الحرب والصراع الإقليمي، تلك التغييرات لم يقتصر على الداخل السوري، بل انعكست مباشرة على تعاطي القوى الدولية بخصوص التحولات السياسية الأخيرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي بدأت في الأشهر الماضية ترسل إشارات واضحة على تحوّلٍ في استراتيجيتها تجاه سوريا، من حيث تجاوز منطق العزل والضغوط إلى مقاربة جديدة تقوم على الانخراط المشروط والمصلحة المتبادلة، الذي يحمل في طياته دوافع جيوسياسية ويثير تساؤلات حول مستقبل التوازنات في الشرق الأوسط!.

فمع تسلم أحمد الشرع مقاليد الحكم، بدا واضحاً سعيه لإعادة صياغة الهوية السياسية للدولة السورية عبر خطاب مصالحة داخلية وإصلاح تدريجي لمؤسسات الدولة، وتثبيت منظومة الأمن واستقرارها وإعادة تشكيلاتها ومسمياتها، وقد نجح في استقطاب بعض أطراف المعارضة التقليدية إلى طاولة الحوار، ما شكّل نقطة تحول في المشهد السياسي، وفتح المجال أمام بروز اصطفافات جديدة من أبرزها معسكر وطني إصلاحي يسعى لإعادة بناء الدولة من الداخل، ومعسكر ممانع تقليدي لا يزال يتحفظ على الانفتاح الإقليمي والدولي، وأخرى تيارات مدنية ناشئة ترى في الشرع فرصة لإعادة تعريف العلاقة بين السلطة والمجتمع.

من ناحية أخرى التحول الأمريكي تجاه سوريا لم يأتِ من فراغ فمع الانشغال الأمريكي المتزايد بالمنافسة مع الصين في المحيطين الهادئ والهندي، وتراجع أهمية التورط المباشر في الصراعات الشرق أوسطية، بدأت واشنطن تعيد النظر في أدوات تعاملها مع أنظمة كانت تعتبرها خصوما.

الرئيس الشرع قدم نفسه كزعيم "براغماتي"، يمكن أن يحقق توازنًا بين الحفاظ على استقلالية القرار السوري وبين الانفتاح المدروس على الغرب، وفي هذا السياق، جاءت زيارة وفد دبلوماسي أمريكي رفيع إلى دمشق في مارس 2025 كإشارة رمزية وميدانية على رغبة أمريكية في فتح صفحة جديدة، أو على الأقل وقف سياسة القطيعة، وقد توّج هذا التحول مؤخراً بلقاء جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطوة وُصفت بأنها تحول رمزي واستراتيجي في آنٍ واحد.

الأمر الذي يؤكد أن التحول الأمريكي تجاه سوريا يسعى إلى تحقيق أبعاد إستراتيجية متعددة أبرزها تقويض النفوذ الإيراني المتزايد في سوريا، عبر تشجيع دمشق على تنويع تحالفاتها علاوة على احتواء النفوذ الروسي الذي تعزز خلال سنوات الحرب، عبر صناعة قنوات حوار غربية مباشرة مع القيادة السورية، بالإضافة إلى ضمان استقرار الحدود الإسرائيلية السورية، وهو هاجس دائم للمؤسسة الأمنية في واشنطن، وأخيراً تحجيم النفوذ التركي في شمال سوريا، عبر طرح تسويات جديدة تعيد للدولة السورية السيطرة على بعض المناطق الحدودية.

أخيرا التحول الأمريكي تجاه الرئيس أحمد الشرع ليس فقط نتيجة براغماتية سياسية، بل هو جزء من إعادة تموضع استراتيجي في الشرق الأوسط، يهدف إلى صناعة توازنات جديدة تُقلل من تكلفة التدخل على الأرض وتُحافظ على المصالح الأمريكية الأساسية، وفي المقابل، تجد دمشق في هذا التحول فرصة تاريخية للخروج من عزلتها، وإعادة صياغة دورها الإقليمي، لكن نجاح هذا المسار يبقى مرهونًا بقدرة الرئيس الشرع على الموازنة بين القوى الداخلية والخارجية، وبين تطلعات شعب أنهكته الحرب وحسابات جيوسياسية لا ترحم! علاوة على ذلك قد يحمل التحول السياسي في سوريا جملة من المخاطر على دول الجوار بالرغم من أنه يبدو للوهلة الأولى مؤشراً إيجابياً وذلك لعدة أسباب: إعادة تشكيل موازين القوى من حيث انفتاح دمشق على واشنطن في حال لم يُحكم بتفاهمات إقليمية – قد يُربك حسابات بعض الدول المجاورة، مثل إيران التي تعتبر سوريا امتداداً استراتيجياً مما قد يدفعها إلى خطوات تصعيدية في الساحة العراقية أو اللبنانية كوسيلة ضغط، إضافة إلى حالة القلق من صعود دور كردي جديد إذ أن أي تسوية سياسية سورية قد تشمل إدماج القوى الكردية في النظام السياسي، قد يثير حساسية أنقرة ويؤدي إلى تدخلات تركية إضافية أو أدوار متعددة، وهو ما ينعكس سلباً على أمن الحدود الأردنية والعراقية، بالإضافة إلى مسألة اللاجئون والعودة غير الآمنة إذ أن الدول المضيفة كلبنان والأردن قد تواجه ضغوطاً شعبية أو خارجية لإعادة اللاجئين السوريين بشكل سريع، قبل أن تتوفر الضمانات الكافية لعودتهم الآمنة، ما قد يخلق أزمات إنسانية وأمنية داخل سوريا وعلى حدودها، وأخيراً إعادة تنشيط الحركات الإسلامية الراديكالية: في حال شعر بعض المتشددين أن مسار الانفتاح السوري "خيانة لمبادئ المقاومة" أو "تطبيع مستتر"، فقد تنشط بعض الخلايا في الجنوب السوري أو على حدود العراق، مما يُهدد استقرار المناطق الحدودية.

وبناءا على ما سبق فإن التحول السياسي في سوريا اليوم يبدو كـ"لعب على الحافة"؛ بين فرصة لإعادة بناء دولة عادلة ومستقرة، وحسابات التوازنات الخارجية وبين خطر تغييب أصوات السوريين الذين شكلوا النواة الأولى للثورة السورية ضد الدولة البوليسية وواجهوا النار بصدرٍ عارٍ، وهو تحول قد لا يبقى داخل الحدود السورية، بل قد يُربك توازنات الشرق الأوسط بأكمله، ويشعل صراعات صامتة في دول الجوار والإقليم ككل إذا لم يُدار بعقلانية وشمولية.