
القلعة نيوز - نستحضر في عيد الجلوس الملكي، محطات مضيئة من مسيرة وطنية حافلة بالبذل والعطاء، تعاظمت فيها الإنجازات في شتى المجالات، وشكلت الزراعة فيها العنوان للثبات وركيزة للأمن والسيادة.
وفي عهد جلالة الملك عبد الله الثاني، نهض القطاع الزراعي من مرحلة الركود إلى فضاءات الحداثة والابتكار، بفضل رؤية ملكية ثاقبة لم تنظر إلى الزراعة كأرض تُزرع، بل كرافعة للاقتصاد الوطني، والعنوان لكرامة المواطن، وسياجٍ للسيادة الوطنية، ولتلتقي في هذه المناسبة الوطنية، إنجازات الحقول لتشكل قصة نجاح أردنية تُروى بفخر في زمن التحولات الكبرى.
ومنذ جلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش، شكّل القطاع الزراعي أحد المحاور الاستراتيجية في بناء الأردن الحديث، حيث أكد جلالته في العديد من المناسبات، أن الزراعة ليست قطاعًا هامشيًا، بل ركيزة وطنية للاستقرار الغذائي والاجتماعي.
وأكد وزير الزراعة الأسبق الدكتور رضا الخوالدة، أن العهد الملكي الزاهر حمل نهجًا جديدًا يقوم على تمكين الزراعة من خلال التكنولوجيا، والإصلاح المؤسسي، والشراكة بين القطاعات، مشيرًا إلى أن الأردن اليوم يتصدر مشهد الزراعة الذكية إقليميًا، حيث باتت أنظمة الحوسبة، والزراعة المائية، والري بالتنقيط، جزءًا أصيلًا من المشهد الزراعي، وهو ما انعكس في تحقيق نسب اكتفاء ذاتي مشرفة في الخضروات، والدواجن، والحليب، والفواكه.
وتابع الخوالدة: "جلالة الملك أولى الزراعة اهتمامًا استثنائيًا، جسّده من خلال زيارات ميدانية لمشاريع ناجحة، وتوجيهات مباشرة بدعم صغار المزارعين، وإنشاء برامج التأمين الزراعي، وتوفير التمويلات الميسّرة".
الخبير في الزراعة والأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي، أشار إلى أن التوجيهات الملكية كانت ركيزة محورية في تأسيس منظومة الأمن الغذائي الوطني، في ظل التحديات العالمية، مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية. لافتًا أن إنشاء المجلس الأعلى للأمن الغذائي عام 2023 مثّل نقطة تحول، إذ أصبح الأردن يمتلك مرجعية واحدة تنسق السياسات، وتعتمد على قاعدة بيانات موحدة، مع صندوق مخصص لتسريع الاستثمار الغذائي.
وأشار الزعبي إلى أن الرؤية الملكية شجعت التحول من الزراعة التقليدية إلى الإنتاج ذي القيمة المضافة العالية، وإلى إطلاق خطة وطنية للأمن الغذائي 2023-2025، والتي أسهمت في تحسين سلاسل التوريد والتخزين، وتحقيق مخزون استراتيجي من القمح والشعير يكفي لـ14شهرًا.
ونوه الزعبي إلى أن المبادرات الملكية لم تُهمل المزارع الصغير، بل جعلت منه محورًا رئيسيًا في سياسات التمكين. حيث تم رفع رأس مال مؤسسة الإقراض الزراعي إلى 100 مليون دينار، مع إعفاء القروض الصغيرة من الفوائد، وإنشاء برامج تنمية اقتصادية ريفية، وإطلاق حاضنات الابتكار الزراعي التي دعمت مشروعات ريادية في كافة المحافظات.
كما ساعدت شركة التسويق الزراعي الأردنية الفلسطينية- التي جاءت بتوجيه ملكي، في تسهيل انسياب المنتجات للأسواق الخارجية، وفتح منافذ جديدة أمام المزارعين.
بدوره، أكد الخبير الزراعي والبيئي والمدير السابق للمركز الوطني للبحوث الزراعية الدكتور نزار حداد، أن جلالة الملك تبنّى نهجًا شموليًا في دعم الزراعة، يمزج بين الاستثمار والاستدامة. "فقد وجه بإنشاء بنك البذور الوطني، وتعزيز سلالات محلية ذات قيمة تراثية واقتصادية، مثل زيتون المهراس وأغنام العواسي، بالإضافة إلى دعم مهرجانات الزراعة كمنصات للترويج والإنتاج".
وأشار حداد إلى أن تكريم جلالة الملك للمزارعين والباحثين في عيد الاستقلال 2024، يعكس إيمانًا عميقًا بأهمية رأس المال البشري في تطوير الزراعة، وأن زياراته المتكررة لمشاريع زراعية في وادي الأردن ومادبا والبادية ليست مجرد زيارات رمزية، بل رسائل دعم وتمكين.
وأضاف: "ورغم النجاح، فإن تحديات شح المياه، وارتفاع تكاليف الإنتاج، ومحدودية التسويق، ما زالت قائمة، إلا أن التوجيهات الملكية استبقت هذه التحديات عبر دعم الزراعة الذكية مناخيًا، وتطوير خطط تسويق وطنية وربطها بسلاسل القيمة، إضافة إلى إدخال الشباب والمرأة في المشهد الزراعي، وتحديث التشريعات الزراعية، والبنية التحتية، والنقل".
وبين حداد، أنه في عيد الجلوس الملكي، يحتفل الأردنيون بملكٍ يقود الدولة بنظرة استراتيجية، ويضع الزراعة في قلب الأمن القومي. حيث أن الدعم الملكي المستمر، والتحول نحو الزراعة الذكية والمستدامة، يجعل من القطاع الزراعي الأردني قصة نجاح تستحق التقدير، ونموذجًا يحتذى في الإقليم، وأثبتت القيادة الهاشمية، بقيادة جلالة الملك، أن الزراعة ليست خيارًا، بل ضرورة وطنية تمضي بثقة نحو المستقبل، رافعةً راية الاكتفاء والكرامة في وطن يستحق الأفضل.
--(بترا)