
هل تدفع الدول المحايدة الثمن...
القلعة نيوز
هذه المقولة اشتهرت عن فنلندا، ولكن في الحقيقة وعبر التاريخ الحياد لم يكن موقفا آمنا كما يبدو، فنلندا وسويسرا والنمسا والسويد كلها دفعت ثمن الحياد، بين ان تكون لقمة سائغة بين المتحاربين أو تدخل في صراع الأقوياء، وهنا يظهر على السطح ما قام به الضعيف ليستطيع تحدي القوي، وإيقاف أطماعه او الحد منها ، وذلك لا يأتي بلا ثمن. للأسف عالمنا العربي هو في قلب العالم، وهنا يظهر جليا ان الصراعات لم تغادر المنطقة، وعلى ما
يبدو منذ بدأ التاريخ.
نعود إلى إيران ودولة الإحتلال فليس لهذه تاريخ مشرف ولا لتلك للأسف، لا الكيان ولا إيران لها تاريخ مشرف في منطقتنا، وهنا تحضرني مقولة لسياسي تركي،" بأن إيران شرٌ لا بد من حمايته، ولا بد من أن تكون على حذر منه". هل هو الحليف العدو؟ حقيقة لم تبقي السياسة الإيرانية صديق في المنطقة، هي ضربت او شاركت او سعت إلى زعزعة وتخريب أمن كل الدول المحيطة بها، فهي ضربت باكستان، وشاركت فعليا في ضرب القوة النووية للعراق، وساهمت بأحداث اليمن والبحرين، وحاولت من خلال الوجود الشيعي في السعودية إلى احداث فتن واضطرابات، وفي الكويت والأردن حاولت كذلك، اما لبنان فقصته مشهورة، وكان لها دور في الجمهوريات الإسلامية وحتى أفغانستان، وليس اخرها سوريا طبعا.
فيلق القدس هو فيلق توسعي انتهازي احتلالي فوضوي، يسعى لزرع الفوضى والخراب في كل مكان يدخل فيه، أو تصل إليه يده، ويسعى إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة، إذا هو أداة مركبة للنفوذ الإيراني غير التقليلدي، هو اداة استراتيجية لمشروع إيديولوجي مذهبي تخريبي، وهو ماهر في تحويل الحلفاء إلى اذرع امنية دائمة، وساهم في تأجيج الحروب الطائفية، وخلق انظمة تابعة لا حليفة، نفذ اغتيالات استخبارتية، ودعم مليشات شيعية في مناطق متعددة، وسعى إلى تأجيج الصراع الطائفي في العراق بعد سقوط صدام، ودعم بمليشياته الشيعية نظام الأسد، وجند ودعم وقتل في كل المناطق التي تواجد فيها الشيعة، وسعى إلى دعم روايات وسرديات عقدية تعزز العداء بين السنة والشيعة، في كل المناطق التي يتواجد فيها شيعة، عبر مناسبات مستحدثة، ولطميات مستمرة تخلق حالة من الكراهية الشديدة للسنة.
فيلق القدس ليس مجرد وحدة عسكرية بل اداة لملالي طهران، سعت من خلاله إلى تفكيك الدول العربية واستغلال الطائفية لتعزيز نفوذها وبسط سيطرتها، مما أدى إلى نزيف سياسي واقتصادي لإيران وامكانياتها البشرية والاقتصادية اولا، والى تفكيك للمجتمعات التي فيها وجود شيعي، ودفع لها نحو حروب طويلة الأمد وهويات متصارعة.
ففي سوريا وحدها هناك اكثر من خمسمائة ألف قتيل، وثلاثة عشر مليون مهجر، وتدمير لأكثر من خمسين بالمائة من البنية التحتية. وفي العراق هناك حوالي ثلاثمائة ألف قتيل وحوالي أربعة ملايين مهجر. في اليمن هناك حوالي ثلاثمائة وخمسين ألف قتيل بسب الحرب والمجاعة التي حدثت بسبب الصراع الطائفي. تقريبا قتل هذا الفيلق حوالي مليون إنسانفي المنطقة، وهجر وضرر حوالي ثلاثين مليون، وكل هذا في صحيفة الشرف الخاصة بفيلق القدس وملالي طهران.
في المقابل لدينا دولة إحتلال، ويمين متطرف إيديولجي يسعى لفرض رؤيته الدينية، ويسعى لتوسعة دولته إلى تلك الحدود التوارتية المزعومة وهي تشمل معظم المنطقة، سواء من خلال الهيمنة المباشر او الإقتصادية او العسكرية، وهناك قتلى وإبادة جماعية يومية يقوم بها، وهناك على أقل تقدير حوالى خمسة عشر مليون فلسطيني، او من أصل فلسطيني مهجر خارج ارض فلسطين التاريخية، وهناك على أقل تقدير حوالي مائة ألف فلسطيني تم قتلهم من قبل هذا الإحتلال، وهو يسعى لفرض نفوذته وسيطرته على كامل المنطقة، وتهجير باقي الفلسطينين من هذه الأرض، وحتى إلى تفريغ أراض دول محيطة من الدول المجاورة.
وهنا نقف نحن في خضم هذا الصراع مجردين سياسية وعسكريا من الوحدة والقوة، في ظل نظام عالمي يدعم أطراف ويستقوي على أطراف أخرى، ويمارس نوعا من البلطجة الدولية المدعومة من اقوى دول العالم، والكيان علنا يسعى إلى تحييد كل القوى الإقليمية في المنطقة، بل ويحرص على فرض تفوق عسكري استراتيجي تقني سياسي، قائم على تحالفات دولية على المنطقة، وإيران تسعى لفرض هيمنتها وفيلقها على المنطقة كذلك.
هل سيدفع الصراع المنطقة الى مناطق ابعد واشد عنفا، في حال ضربت إيران المصالح الأمريكية في المنطقة، وفي حال تم إستخدام اسلحة أكثر تطورا، او حتى بصورة ما من المتوقع ضرب اسلحة نووية، في حال استمرت إيران في ضرب الكيان واستنزافه بهذه الصورة، حتى لو تجنبت ضرب المصالح الأمريكية في المنطقة، ولكن هنا نعلق مع مصالح جديدة هي المصالح الروسية الصينية، وهذه سوف تتأثر بشكل كبير في حال ذهب الصراع إلى مناطق أبعد.
ونحن ندفع الثمن...
إبراهيم أبو حويله ...