
القلعة نيوز:
المحامي الدكتور محمد إبراهيم عبيدات يكتب
تمرّ منطقة الشرق الأوسط بمنعطفات خطيرة تكاد تعصف بما تبقى من الاستقرار الهش، في ظل تصاعد وتيرة العنف، وتفاقم التوترات الإقليمية، وانسداد أفق الحلول السياسية، وعلى رأسها الأزمة المستمرة في فلسطين، التي باتت عنوانًا دائمًا للغضب الشعبي، ومصدرًا مستمرًا لاضطراب الإقليم بأسره.
لقد تجاوزت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية حدود المأساة، وسط عدوان ممنهج ومتواصل على الشعب الفلسطيني، وحصار خانق، وتوسع استيطاني غير مسبوق، وغياب أي أفق حقيقي لحل سياسي عادل وشامل. أمام هذا المشهد الدموي، لا يمكن للعالم أن يتجاهل التحذيرات المتكررة التي يطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، والتي تؤكد دومًا أن استمرار تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، لن يؤدي إلا إلى انفجار الأوضاع برمتها، ليس في فلسطين فحسب، بل في عموم المنطقة.
إن ما يميز موقف الأردن بقيادة جلالة الملك هو وضوح الرؤية، وثبات المبادئ، والانحياز الصريح إلى العدالة والشرعية الدولية. ومنذ اندلاع العدوان الأخير على غزة، حرص جلالته على التواصل مع قادة العالم، محذرًا من العواقب الكارثية لاستمرار الاحتلال، ومنبّهًا إلى أن غياب الحل العادل والدائم سيبقي المنطقة رهينة لحالة عدم استقرار دائم، لا يستفيد منها سوى دعاة التطرف والتصعيد.
ولا يخفى على أحد أن القدس كانت وما تزال في قلب الموقف الأردني، إذ يواصل الأردن، انطلاقًا من الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة، جهوده في حماية هوية القدس، والدفاع عن حقوق أهلها، والتصدي لمحاولات تهويدها أو تغيير طابعها التاريخي والقانوني.
اليوم، وأمام هذا المشهد القاتم، لا بد أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته الأخلاقية والقانونية، فالسكوت عن العدوان هو مشاركة ضمنية فيه، والتقاعس عن فرض حل عادل هو ضوء أخضر لمزيد من التصعيد. إن المبادرة إلى دعم حل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، لم تعد خيارًا سياسيًا، بل أصبحت ضرورة استراتيجية لمنع حرب كبرى قد لا تبقي ولا تذر.
وفي ظل هذه اللحظة التاريخية الحرجة، نثمّن الموقف الثابت لجلالة الملك، الذي لم يساوم يومًا على الحق الفلسطيني، بل جعله قضية مركزية في المحافل الدولية، من منطلق الإيمان العميق بأن لا أمن ولا استقرار في الإقليم دون عدالة في فلسطين.
لقد آن الأوان لتتحول هذه التحذيرات إلى فعل دولي جاد، يجبر الاحتلال على الانصياع للشرعية، وينهي عقودًا من الظلم الذي دفع الفلسطينيون - ولا يزالون - ثمنه وحدهم