
القلعة نيوز- عقدت ضمن البرنامج الثقافي لمعرض عمان الدولي للكتاب 2025 الذي ينظمه اتحاد الناشرين الأردنيين مساء يوم الأربعاء، ندوة بعنوان " المكان والإنسان والثقافة بمشاركة الوزير الأسبق الدكتور صبري ربيحات، وقدم لها الدكتور إسماعيل السعودي.
واستهل الدكتور ربيحات حديثه بتعريف الإنسان بأنه "الكائن الفاعل" الذي تحركه الدوافع والاحتياجات ليتفاعل مع المكان والبيئة من أجل البقاء والتكيف، موضحا أن هذا التفاعل المستمر يؤدي إلى تشكيل البيئة وتغييرها.
وشدد على أن الثقافة هي الإطار الجامع لكل هذه التفاعلات وما ينتج عنها من تفكير وشعور ومظهر، وهي التي تدرب الإنسان على سلوك معين، موكدا أن الهوية التي تتشكل لأي فرد هي نتاج هذا الجدل، حيث البيئة تضع بصماتها على الإنسان، والإنسان يضع أثره على هذا المكان ويغيره.
كما ربط الدكتور ربيحات الندوة بكتابه الصادر مؤخرا الذي يمثل "سيرة إنسان يتفاعل مع المكان ويكشف عن وجدانه"، مبيناً أن الإنسان يبدأ رحلته بالدهشة والحيرة، ثم يستكشف قدراته ويشعر بأنه يحدث فرقاً في محيطه بما يمتلكه من عقل منتج.
وتطرق خلال الندوة إلى مناقشة الأزمة المعاصرة، مشيراً إلى أن المجتمعات اليوم تشهد "أزمة في التعاطي مع حجم المثيرات" التي تفرضها العولمة ومحاولات "تجريف الهوية".
وأشار إلى التباين الهائل بين الصورة التاريخية والمعنوية التي رسمتها الثقافة للأمة العربية وبين الواقع المعاش الذي يجعل الأفراد يشعرون بأنهم "لا حول لهم ولا قوة"، موضحا أن هذا التباين يغذي صيحات التشكيك في الحكومات والقرارات وكل شيء داخل المجتمع.
ودعا الدكتور ربيحات إلى مراجعة حقيقية لبناء صورة جديدة للذات والتفكير في كيفية الإسهام الفاعل في "سيل الحضارة" العالمية.
وانتقد طريقة تعاطي المجتمع مع المكان، مشيراً إلى أننا نعيش على سطح هذا المكان ولا نتفاعل معه، بل إن البعض يتفاخر بجهله بأسماء الأماكن حوله، وضرب مثالاً بالمجتمعات الأخرى التي تنشئ أجيالها على تعميق الإحساس بالمكان وتاريخه، مقارنة بالتعاطي الهامشي العربي مع الأرض .
وحذر من حالة "الخمول الفكري" التي تسود، حيث التعاريف لازالت "عايمة" وهناك اعتماد كبير على "استعارة تعريفات غربية"، مؤكدا أن العقل المنتج إذا ظهر، فإن محاولات محاصرته تتمسك بـ "السلبية المريحة".
وخلص إلى أن الطريقة التي تُدار بها الشؤون والحياة والنظرة إلى الذات "طريقة غير مرضية"، ما أدى إلى إفساد علاقة الإنسان بالأرض وتنامي "ثقافة شكوى وثقافة سخط".
كما انتقد مظاهر الانسلاخ الاجتماعي والثقافي، مثل تفاخر البعض بأن أولادهم "ما بيحكوا عربي".
وكان قدم الدكتور السعودي قد استهل الندوة بوصف الدكتور ربيحات بـ "ابن قرية ظلت تسكن قلبه" وأن حكايته بدأت من "عتبة الطين في عيمة" في محافظة الطفيلة جنوب الأردن.
وقال إن المناصب لم تكن غايته بل كانت "امتحان للضمير يواجهه بالكلمة الصادقة".
وفي ختام الندوة، كرم عضو الهيئة الإدارية لاتحاد الناشرين الأردنيين غسان حسين، الدكتور صبري اربيحات، والدكتور إسماعيل السعودي.