
كابتن أسامة شقمان
منذ أن عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، تغيّر شكل السياسة الأمريكية والعالمية.
لم يكن مثل أي رئيس قبله.
فهو لا يرى السياسة خطة أو مسؤولية، بل مسرحًا كبيرًا، يريد أن يكون هو البطل الوحيد على خشبته.
مرّت 268 يومًا فقط من حكمه، لكن العالم شعر وكأنه يعيش في فيلمٍ مليء بالمفاجآت.
وما زال أمامه 1,193 يومًا في الحكم، أي أكثر من ثلاث سنوات من الأحداث غير المتوقعة التي قد تهزّ العالم مرةً أخرى.
ترامب لا يحب الحكم بقدر ما يحب الظهور.
هو يعرف أن الناس قد تنسى السياسات، لكنها لا تنسى الوجوه التي تراها كل يوم.
لذلك، كل قرارٍ يتخذه، وكل تصريحٍ يقوله، يهدف لأن يجعله في العناوين الرئيسية.
حتى حين يثير الجدل، هو سعيد، لأن الجدل يعني أنه ما زال في الصورة.
بالنسبة له، الاهتمام أهم من النجاح.
فالعالم في نظره ليس مكانًا لإصلاح الأخطاء، بل منصة عرضٍ ضخمة يريد أن يقف في وسطها، بينما تتابعه الكاميرات من كل زاوية.
في كل مرة يوقع فيها قرارًا، يترك خلفه ضجيجًا.
لا يهم إن كان القرار صائبًا أو لا، المهم أن يتحدث الناس عنه.
لقد جعل من السياسة الأمريكية عرضًا مستمرًا من المفاجآت والدراما.
مرّة يصطدم بالكونغرس، ومرّة ينتقد الحلفاء، ومرّة يمد يده لمن لا يتوقع أحد صداقته.
إنه يعيش على المفاجأة، ويغذّي صورته منها.
من أوروبا إلى الشرق الأوسط، الجميع يتابع ترامب كما يتابعون ممثلًا يصعب التنبؤ بخطوته التالية.
قراراته تغيّر الأسعار في الأسواق، وتحرك الجيوش، وتربك الزعماء.
كل شيء يدور حوله — وكأنه محور العالم.
حتى خصومه لا يستطيعون تجاهله، لأنهم يعرفون أن الصمت أمامه يعني الاختفاء من المشهد.
ترامب لا يسعى ليكون أفضل رئيس، بل أكثرهم حضورًا.
هو لا يخشى الانتقاد، بل يراه دليلاً على أهميته.
كل مرة يهاجمه الإعلام، يشعر بالنصر، لأنه ما زال "الحديث الأكبر".
لقد فهم نقطة ضعف هذا العصر: أن الناس تحب من يثيرها أكثر ممن يفهمها.
الخلاصة: ربما سيكتب التاريخ أن ترامب لم يغيّر السياسة فقط، بل حوّلها إلى عرضٍ تلفزيوني مستمر.
في عالمٍ سريع ومزدحم بالمعلومات، عرف كيف يسرق الأضواء في كل لحظة.
لقد حكم أمريكا بالكلمات أكثر من القوانين، وبالصور أكثر من القرارات.
ومع بقاء 1,193 يومًا في الحكم، يبدو أن المفاجآت لم تبدأ بعد،
وأن العالم سيعيش سنواتٍ أخرى من الإثارة، والجدل، والدهشة على الطريقة الترامبية.