
الدبلوم الذي أعاد إلينا شغف البدايات
الكاتبه فادية الجرابعه
لم تكن تجربتي في دبلوم إعداد المعلمين تجربةً عادية بجامعة مؤتة ، بل كانت رحلةً ثرية أعادت إلى قلبي بريق الشغف الأول، وذكّرتني لماذا اخترت مهنة التعليم ذات يوم، وكيف يمكن للمعلم أن يُعيد اكتشاف ذاته مهما طال به الزمن في الميدان.
بعد سنوات طويلة من التخرّج العمل في المدارس، خضنا نحن مجموعة من المعلمين والمعلمات هذه التجربة المميزة. كنا نحمل معنا سنوات من الخبرة والتجارب العملية، لكنها كانت بحاجة إلى تجديد، إلى نفَس جديد يعيد ترتيب أفكارنا ويمنحنا أدوات عصرية تواكب التغيرات في عالم التعليم، وقد كان هذا الدبلوم الهدية الأمثل لشحذ طاقتنا وهمتنا بما يواكب هذا التطور التكنولوجي والعملي والرقمي السريع.
منذ الأيام الأولى التي احتضنتا فيها جامعة مؤته، شعرنا أن هذا الدبلوم ليس مجرد تدريب مهني، بل رحلة إنسانية وتربوية متكاملة طريقة تعامل الكادر التدريسي معنا كانت مثالًا في الاحترام والاحترافية كانوا يتعاملون معنا باعتبارنا شركاء في التعلّم، لا متلقين فقط كانوا يصغون لتجاربنا الميدانية بإنصات حقيقي بقلوبهم قبل أسماعهم ، ثم يربطونها بأحدث النظريات والممارسات التربوية بأسلوب شيّق وسلس وحتى الزيارات الاستباقية من عميد الكلية ومسؤولي البرنامج أثناء تلقينا للتدريب أشبه بتفقد الام لاحتياج ابنائها وهذا شعور لا تصفه الكلمات فقط.
في كل جلسة تدريبية، كنا نجد أنفسنا نتعلم ونتأمل ونضحك ونفكر معًا لم تكن الجلسات مجرّد محاضرات جامدة، بل حوارات عميقة تُعيد للمعلم إيمانه بدوره وتأثيره في نفوس طلابه، كان المدربون يتميزون بلطفهم وحماسهم وطريقتهم الجذابة في إيصال المعلومة وكأنهم يمارسون ما يدعوننا إليه من تعليم نشط وتفاعلي.
لقد كان لهذا الدبلوم أثر كبير في نفسي فقد جعلني أنظر إلى التعليم من زاوية جديدة، زاوية الإنسان أولًا وأنت المعلم الإنسان أدركت أن نجاح المعلم لا يقاس فقط بكمية المعرفة التي ينقلها، بل بقدرته على زرع الأمل، وتحفيز التفكير، وبناء العلاقات الإيجابية داخل الصف وخارجه.
وكلما تذكرت تلك اللحظات التي جمعتنا بزملاء من مختلف المدارس والخبرات، شعرت بالفخر أننا جميعًا كنا وما زلنا نسعى لهدف واحد أن نكون معلمين أفضل، لا لأننا نفتقر للخبرة، بل لأننا نؤمن أن التعلم لا يتوقف عند مرحلة، وأن التطوير هو سر الاستمرارية والعطاء.
هذا الدبلوم ترك في نفسي أثرًا جميلًا وعميقًا من أولى خطواته، وجعلني أؤمن أكثر بأن التعليم مهنة تُمارَس بالقلب قبل العقل، وبأن المعلم الحقيقي هو من يظلّ يتعلّم مهما بلغت خبرته.
لقد كان الأسبوع الأول بالنسبة لي أكثر توجيها بالطاقة من مكان التدريب؛ كان منارة تلهمنا لنعود إلى المدارس خلال الفترة المقبلة ونحن نحمل فكرًا جديدًا، وإصرارًا أكبر على صناعة الأثر.