وقفة مع ايدولوجية وانسانية الامير الحسن بن طلال
*بقلم الكاتب والباحث سالم محمود الكورة
ععضو اتحاد الكتاب والادباء الاردنيين
شاءت الاقدار بان اعمل في مكتب سمو الامير الحسن بن طلال ولي العهد الاسبق في عام 1996، وقد كان قدرا جميلا ، كانت النفس والروح في جد ونشاط مستمر رغم الجهد المتواصل والمعاناة احيانا في العمل ولكن كنت اجد نفسي بانني عشقت الزمان والمكان والوثائق المختلقة والمراسلات التي تحاكي قصة انسان ففي جولات سموه الميدانية هنا وهناك في المدن والمحافظات تجمع الاسترحامات من قبل المرافقين ومسؤولين مكتب سموه حفظه الله ويتم احظارها لدينا لفرزها حسب الموضوع والحاجة ليتم مخاطبة الدوائر المعنية , فكانت طبيعة العمل في الوثائق والارشيف تمنحك فرصة ان تزداد علما ومعرفة وثقافة في حضرة سمو الامير الحسن الامير العالم والمفكر وخاصة اذا كنت من معشر القراء ومحبين الاطلاع على الوثائق والكتب .
كان سموه حفظه الله يعود من السفر فيدخل على مكتبه مباشرة دون ان يذهب للاستراحة رغم عناء السفر والرحلة الطويلة لمراجعة ماتم تحويله لسموه من قبل مدير المكتب والمستشارين اومن اي جهة ذات اختصاص ومسؤولية خلال غيابه عن الوطن .
وفي مكتبه في الديوان الملكي الهاشمي صورة اخرى كخلية نحل كان الوضع له طابع خاص في المقابلات مع سموه حسب البرنامج اليومي فكانت الشخصيات مختلفة هذا صاحاب السمو وهذا فخامة الرئيس وهذا صاحب الدولة والمعالي وهذا العالم وهذا المفكر .. وهذا سعادة السفير ....
ويدخل السيد ميشيل حمارنة رحمه الله مدير المكتب الشخصية المميزة والذي يحمل في سيرته الكثير من الخبرات فهو السياسي والاعلامي والملم في امور عديدة يحمل في يده العديد من الملفات الهامة ليتم عرضها على سموه ، فقد كان ميشيل مديرا ومرجعا في امور عديدة ومنها حوار الاديان ومستشارا وذو خلق وعلم رفيع المستوى ولن اتوقع بان ميشيل في يوم من الايام كان له اعداء وذلك لدماثة خلقه ورقية في التعامل مع الاخرين ورحابة صدرة. ولا انسى هنا السيد عبدالله كنعان نائب مدير مكتب سمو ولي العهد انذاك الشخصية المحبوبة من الجميع شخصية دبلوماسية اجتماعية الكل اشاد بها فقد كان يوكل له العديد من الاعمال والتوصيات من قبل سموه حفظة الله ومدير المكتب ليقوم باعدادها وانجازها باكمل وجه ومصداقية فهو صاحب فكرة انشاء مركز التوثيق في مكتب الحسن حفظه الله ، فقد تم احظار عدد من المؤهلين واصحاب الاخنصاص للعمل في توثيق الوثائق والمخطوطات والارشيف الخاص بسموه فتجد فيه وثائق غنية بالمعلومات القيمة وبلغات عديده ومواضيع علمية وتاريخية وسياسية واقليمية مختلفة ومتعددة .
واعود في ذاكرتي والتي ارجو بان لاتخونني مع التقدم في السن مكتبة سموه والتي كانت تديرها الفاضلة امل زاش الانسانة المبدعة في تخصصها وعلمها المكتبي فتدخل المكتبة فانت في صرح ثقافي علمي ادبي سياسي وبجميع اللغات مزدحمة بالكتب القيمة والمراجع والمؤلفات العالمية والمراج الغنية بالمعلومات القيمة ،وقد صنفت المكتبة كل كتاب ضمن العنوان والموضوع والمؤلف والكاتب. كيف لا وهو الامير المفكر والعالم والسياسي وصاحب رؤيا ثاقبة وهو يتقن لغات عديدة فان ساعفك الحظ وشاهدت له برنامج تلفزيوني على احدى الفضائيات تجد نفسك امام قامة علمية ادبية تاريخية تشاهد شخصية جمعت العلوم المختلفة والادبيات في السردية والقول والحديث والفلسفة والتحليل ، فاينما ابحرت مع سموه حفظه الله وجدته يجيد الغوص ولن تخشى عليه من الغرق فهو سيد العلوم والفكر فالقيمة الفكرية التي يملكها الحسن بن طلال تعد اعمق اثرا في السردية واللقاء الاعلامي والفكري ، وفي فلسفته السياسية والتاريخية على حد سواء فان حاورته في
المنطق او العلوم بانواعها والوانها لن تخاف عليه من البلل فهو سيد الموقف وصاحب رؤى وفلسفة في الشان السياسي وهوالناشط الاممي والاقليمي في حقوق الانسان . وهو من نادى بالعولمة وبالحاكمية الرشيدة وقد تحدث بان احداث غزة هي انعكاس لفشل الحاكمية الرشيدة وفي عدة منابر اممية واعلامية طالب المجتمع العربي بالوعي الفكري والثقافي والديني والحوكمة والوسطية لترتقي الامة بعيدا عن التطرف والطائفية والغلو في الافكار والمعتقدات بعيدا عن ( الجهل المقدس ) .
وفي مقابلة تلفزيونية مع القبس في الكويت قال سموه :- بانني اخاطب الضميرالانساني والمجتمع الدولي من اجل غزة واطفال غزة فيما تتعرض له غزة من ابادة جماعية مستمرة وبشكل يومي وايقاف حرب الابادة التي لها سنتين قائمة .
وها هو سمو الامير الامير الحسن يطالب باستعادة النهضة العربية لعل وعسى بان تكون الامة اقوى بكثير مما هي علية الان من ضعف وهشاشة في المنظومة الاقليمية العربية فما يطرحه سموه ما هو الا مجموعة قيم وافكار وعلوم وفلسفة سياسية وحياتية من اجل خروج الانسانية من المازق الذي تعيش فية ، وخاصة ما يحصل في دول الجوار قطاع غزة وفلسطين المحتلة واجزاء من حيوسياسية بيروت ودمشق .
ان رؤية سمو الامير الحسن السياسية بعيدة المدى والتي طرح من خلالها العديد من التوصيات من خلال المعطيات السياسية التي يمر بها الشرق الاوسط من ازمات انسانية متكررة مطالبا المجتمع الدولي وهيئات الامم المتحدة (استدراك الازمات) اي العمل على تجهيز المستلزمات للافراد الذين يتعرضون للحروب والتهجير القسري من الاحتياجات الضرورية من خيم وطعام وادوية وذلك قبل وقوع الكارثة الانسانية واخذالاحتياطات اللازمة .
فما يطرحه سموه من نظريات انسانية وافكارا سياسية ودبلوماسية من خلال المنتديات والمؤتمرات وهيئات الامم المتحدة ما هو الا علوم تستند الى مرجعيات افكار سمو الامير والمستنبطة من مخزونه الفكري والسياسي فهو رئيس منتدى الفكر العربي ورئيس المعهد الملكي للدراسات الدينية والمجلس الاعلى للعلوم والتكنولوجيا وهيئات ومؤسسات عديدة وله العديد من المؤلفات منها السعي نحو السلام والقدس في الضمير .... .الخ.
ولا يفوتني هنا الا ان اذكر وفاء سموه لمن عمل بمعيته ففي يوم من الايام والدي رحمه الله تعالى اصيب في ساقه ، فاتصل معي السفير الدكتور سليمان الدجاني رحمه الله ،وهو العم الكبير وصديق الوالد سائلا عن والدي حيث اخبرته بما اصابه حيث لم نتمكن من الحصول على سرير في المدينة الطبية فقام المرحوم الدجاني في اتصال مع سموالامير الحسن واخبره بالموضوع فقام سمو الامير الحسن اطال الله في عمره بالاتصال مع اللواء الطبيب عميش يوسف عميش طبيب سموه الخاص قائلا : ( كيف ابوسالم ما بلاقي سرير في المدينة الطبية ) فقد اخبرني عميش باشا وقال انا اتصلت في مدير المدينة الطبية وقاموا بتجهيز سرير لوالدك بناء على توصية سمو الامير الحسن حفظه الله ، قمة الوفاء في سموه والاخلاص لمن عمل بمعيته .
ان اردت الحديث عن سمو الامير الحسن حفظه الله نحتاج الى مجلدات والى وقت طويل لن ينتهي ،فتاريخ الامير حافل بالانجازات العلمية والفكرية وما يطرحه سموه يترجم الى مواد ثقافية وسياسية وانسانية تدرس في الجامعات سائلا الله العلي القدير ان يحفظ جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده المحبووب وان يحفظ الاردن العزيز وان يبعد عنه المحن والفتن انه نعم ونعم النصير .
