اللواء المتقاعد طارق الحباشنة
اختتم جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه جولته الآسيوية التي جاءت في توقيت دولي حساس يشهد تحولات واسعة في موازين القوة وصعودًا متسارعًا للدول الآسيوية في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والسياسة الدولية. وقد عكست هذه الجولة رؤية أردنية واضحة تقوم على الانفتاح المدروس نحو الشرق وتوسيع شبكة العلاقات الدولية بما يخدم المصالح الوطنية ويعزز الحضور الأردني على الساحة العالمية.
وأظهرت اللقاءات التي عقدها جلالته مع القادة الآسيويين حجم الاهتمام الملموس بالتعاون مع الأردن، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، خصوصًا في ظل ما تتمتع به المملكة من استقرار وموقع محوري يسمح لها بلعب أدوار إقليمية مؤثرة. كما حملت الجولة رسائل سياسية واضحة تؤكد سعي الأردن إلى تنويع خياراته الاستراتيجية وتعزيز استقلالية قراره السياسي عبر بناء شراكات متوازنة مع القوى الصاعدة في شرق آسيا.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فتحت الجولة الباب واسعًا أمام فرص استثمارية جديدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة والصناعات الدوائية والاقتصاد الرقمي، إلى جانب تعزيز التعاون في التجارة واللوجستيات وسلاسل التوريد. وتشير المؤشرات الأولية إلى أن نتائج هذه الزيارة تمهّد لمشاريع نوعية قادرة على دعم الاقتصاد الوطني وخلق مساحات جديدة للنمو والتنمية، بما يواكب التطورات العالمية ويعزز تنافسية الأردن في الأسواق الدولية.
ومن أجل ضمان استثمار هذه الرؤى الملكية السياسية والاقتصادية بشكل فعّال، يصبح من الضروري أن تلتقط حكومة الدكتور جعفر حسان وقطاع رجال الأعمال والاقتصاديين الأردنيين هذه الإشارات والتوجهات، وأن يعملوا على تحويلها إلى برامج وخطط واقعية ضمن أجندة الحكومة وخطط القطاع الخاص. فالمرحلة المقبلة تتطلب العمل على ترجمة الفرص التي أتاحتها الجولة الآسيوية إلى إنجازات ملموسة تُسهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتعزيز مسار التنمية المستدامة في المملكة.
وبالمحصلة، فإن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى آسيا لم تكن مجرد جولة دبلوماسية بروتوكولية، بل خطوة استراتيجية متكاملة تهدف إلى تعميق دور الأردن في الاقتصاد العالمي، خصوصًا داخل الأسواق الآسيوية الواعدة، وتحويل العلاقات التقليدية إلى شراكات مستدامة وقوية تعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي للتجارة والاستثمار، وقوة فاعلة قادرة على مواكبة التحولات الدولية وتحويلها إلى مكاسب وطنية.



