شريط الأخبار
اختناق شخص نتيجة استخدام مدفأة "الشموسة" والأمن يجدد التحذير بعدم استخدامها نفوق مستوطنة بعملية طعن واعتقال المنفذ بالعفولة الولايات المتحدة تنفذ ضربات جوية ضد تنظيم داعش الإرهابي في نيجيريا غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة في قطاع غزة الأردن يدعم البيان السعودي ويؤكد أهمية تضافر الجهود للتوصّل إلى حلّ شامل للأزمة اليمنية سوريا: 5 شهداء و21 مصابًا بانفجار داخل مسجد في حمص الأسبوع الأخير من 2025: هل سيكون ثلجيًا أم ماطرًا؟ .. الأرصاد توضح الأميرة غيداء طلال ضمن الأكثر تأثيراً عالمياً في علاج الأورام الأردن يحقق إنجازات رائدة في دمج وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة خلال 2025 2025 عام الريادة النسائية الأردنية وتعزيز الحضور الدولي غارات إسرائيلية عنيفة على جنوبي لبنان والبقاع الصادرات الوطنية إلى الاتحاد الأوروبي ترتفع 45.7% خلال 10 أشهر النحاس يواصل الارتفاع ويقفز إلى مستوى قياسي أسعار الذهب والفضة تسجل مستويات قياسية جديدة مباريات الأسبوع الأخير من بطولة الدرع تنطلق غدًا مطالب بزيادة مخصصات مشاريع الحصاد المائي في عجلون 500 مليون تواصل عبر منصات الاتحاد الرقمية خلال كأس العرب الجامعة العربية تدعو إلى تجنب التصعيد في اليمن الأرصاد: منخفضان متتاليان يؤثران على المملكة مع نهاية العام الحنيطي يلتقي قائد قوات الدفاع الباكستانية في إسلام آباد

الفاهوم يكتب : الفجوة المهارية الرقمية هل هي تشخيص علمي أم اختبار لقدرتنا على الإصلاح؟

الفاهوم يكتب : الفجوة المهارية الرقمية هل هي تشخيص علمي أم اختبار لقدرتنا على الإصلاح؟
الأستاذ الدكتور أمجد الفاهوم
يعيد التقرير الوطني للمهارات الرقمية لعام 2025، الذي أطلقته جمعية المهارات الرقمية ضمن مشروع الشباب والتكنولوجيا والوظائف، فتح ملف بالغ الحساسية في مسار التحول الاقتصادي الأردني، هو ملف الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويكتسب هذا التقرير أهميته ليس فقط من عنوانه أو الجهة التي أصدرته، بل من توقيته، في لحظة تتسارع فيها التحولات الرقمية عالميًا، وتتقلص فيها المساحة المتاحة للاجتهادات الجزئية والحلول المؤقتة.
ينطلق التقرير من تحليل علمي لواقع العرض والطلب على المهارات الرقمية، كاشفًا عن فجوة واضحة بين ما يمتلكه الشباب من مهارات، وما يطلبه السوق من كفاءات قادرة على العمل الفوري في مجالات البرمجيات، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، والحوسبة السحابية. غير أن القراءة المتأنية لنتائج التقرير تُظهر أن الإشكالية أعمق من مجرد نقص مهارات تقنية بعينها، إذ تعكس خللًا بنيويًا في منظومة إنتاج المهارة، من التعليم إلى التدريب، وصولًا إلى بيئة العمل نفسها.
في جانب العرض، لا تزال مؤسسات التعليم العالي والتقني تعمل وفق مناهج يغلب عليها الطابع النظري، مع محدودية حقيقية في التعلم التطبيقي، والتحديث الدوري للمحتوى، وربطه بالتغير السريع في التكنولوجيا. أما التدريب المهني، فعلى الرغم من تعدد برامجه، إلا أنه غالبًا ما يبقى مجزأً، قصير الأمد، وغير مدمج ضمن مسارات مهنية واضحة. وفي جانب الطلب، تبرز فجوة موازية، حيث تطلب الشركات مهارات متقدمة وخبرات جاهزة، دون أن تقابل ذلك باستثمارات كافية في التدريب أثناء العمل، أو برامج إعادة التأهيل المهني.
وإذا ما قورِن واقع الأردن بما هو قائم في الدول النامية، نجد أن التحديات متشابهة إلى حد كبير. ففي العديد من هذه الدول، تُختزل الفجوة المهارية في أرقام البطالة، دون الالتفات إلى نوعية المهارات أو قابليتها للتحديث. وتبقى العلاقة بين التعليم وسوق العمل ضعيفة، يغلب عليها الطابع البروتوكولي أكثر من كونها شراكة إنتاجية حقيقية. غير أن المقارنة مع الدول المتقدمة تكشف فارقًا جوهريًا في المنهج لا في الإمكانات فقط. فهذه الدول لا تتعامل مع المهارات بوصفها ناتجًا نهائيًا للتعليم، بل كعملية مستمرة تبدأ من المدرسة، وتُصقل في الجامعة، وتُحدَّث داخل سوق العمل. كما أن القطاع الخاص هناك شريك أصيل في تصميم المناهج، والاعتماد، والتدريب، وليس مجرد مستفيد من المخرجات.
في هذا السياق، يُحسب للتقرير الأردني أنه جاء ضمن إطار وطني تشاركي تقوده وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، وبالتكامل مع مشروع Youth, Technology & Jobs، وبمشاركة فاعلين رئيسيين مثل ICT Association of Jordan - intaj. إلا أن القيمة الحقيقية للتقرير لن تُقاس بجودة التشخيص وحدها، بل بمدى قدرته على إحداث تحول فعلي في السياسات والممارسات.
إن تجاوز الفجوة المهارية يتطلب الانتقال من منطق التوصيات العامة إلى منطق إعادة التصميم الشامل. إعادة تصميم المناهج على أساس الكفايات، وربط الاعتماد الأكاديمي بمؤشرات تشغيل واقعية، وتوسيع نماذج التعليم التطبيقي والتعلم القائم على المشاريع، كلها خطوات أساسية. وفي المقابل، لا بد من مساءلة القطاع الخاص عن دوره في بناء المهارة، لا الاكتفاء بالمطالبة بها.
وبالنتيجة، يؤكد التقرير أن الفجوة المهارية في الأردن ليست مشكلة تقنية معزولة، بل مرآة تعكس طريقة تفكيرنا في التعليم والعمل والتنمية. والسؤال الذي ينبغي أن يبقى حاضرًا بعد نشر هذا التقرير ليس: ما حجم الفجوة؟ بل: هل نمتلك الإرادة المؤسسية للانتقال من تشخيصها إلى معالجتها جذريًا، وبناء منظومة مهارات قادرة على المنافسة إقليميًا وعالميًا، لا الاكتفاء بسد فجوات مؤقتة في سوق سريع التغير؟