المطلوب منصة حكومية واحده وليس منصات لخدمة المتضررين من تبعات كورونا
القلعه نيوز - على المستريحي
يشهد الاردن اليوم وتيرة عالية من القرارات الحكومية ووفرة في الاجراءات الموجهة لكافة القطاعات والفئات والتي تتماشى مع الظرف الاستثنائي الطارئ، والتي بلا شك لم تتأت الا لحاجة وطنية الغاية منها سامية، وتؤطر لانتقال تدريجي من الوضع الاستثنائي الى الوضع الطبيعي،.. الا أن طريقة مواكبة هذه المتطلبات الوطنية على المستوى الريادي ما تزال في طور الخداج اذا ما جرى مقارنتها بحجم التطلعات.
بلا شك اننا وعلى مستوى العالم قطعنا شوطا مشهودا له في الحداثة والتطور التكنولوجي على مدى سنوات عديدة سابقة، وصولا الى معطيات لبنية تحتية رقمية بناءة تضاهي مصافي الدول المتقدمة وتوفر قدرات وموارد بشرية كفؤة ومؤهلة، لكن في ذات الوقت ما تزال هذه الثورة في التحول الرقمي مبعثرة المخرجات وغير واضحة المعالم في العديد من الجوانب خصوصا ما يندرج منها تحت مسمى "هندسة الاجراءات".
اذا ما اخذنا مثالا بسيطا على مستوى الشركة الواحدة ستجد هنالك حاجة لنظام محاسبي، ونظام مالي، ونظام موارد بشرية ونظام اخر للمبيعات، وتعدد هذه الانظمة سيدخل الجميع موظفين وادارة في دوامة من شأنها ان تعيق عملية التطوير وتعيق عملية تقديم الخدمة للمستخدم النهائي (العميل) وتؤخر من الوقت المطلوب لتقديم هذه الخدمة من جانب وتعيق قدرة الموظفين في التعامل مع العديد من الانظمة وتعرقل الوصول الى تقارير ناجعة من جانب اخر، وهذا سينعكس بالطبع على قرارات ادارة الشركة لكثرة النتائج والتقارير وتفاوتها واختلافها، وبالتالي ستشتت قدرتها على اتخاذ القرار الدقيق في الوقت المطلوب،
في حين انه يمكن الاستعاضة عن كافة هذه الانظمة من خلال هندسة اجراءات الشركة الأساسية وصولا الى خارطة موحدة لهذه الاجراءات، انتقالا الى نظام شامل ومترابط بقاعدة بيانات جامعة، يقدم النتائج المأمولة بأفضل طريقة ويتعامل بلغة بسيطة وواحدة مع الجميع، يسهل من عملية التدقيق والرقابة والتحديث والتطوير، ويختصر المسافات في عملية التدريب على استخدامه، ويعرف هذا النظام باسم ERP اختصارا لـ Enterprise Resources Planning.
في الاسابيع القليلة الماضية، شهدنا اطلاق العديد من المنصات الالكترونية والتطبيقات الرقمية لمواكبة القرارات الحكومية (منصة لتقديم طلب تصاريح للتجوال، واستعلام عن حالة التصاريح، ومنصة لتقديم طلب دعم الخبز ومنصة لتقديم طلب معونة واخرى لتقيدم طلب دعم متضرري التعطل، وغيرها الكثير من المنصات التي لم يعد بوسعنا حصرها ومعرفتها)،
وفي ذات الوقت شهدنا ايضا تشتيت وضياع البوصلة لدى متلقي الخدمة النهائي "المواطن" بسبب كثرة المنصات الالكترونية، مما عرقل القدرة على الوصول الى الخدمات واختلاطها على المواطن وعكس صورة من عدم التجانس والافتقاد لنظرة الحوكمة والشمولية،الى نظرة مجتزأة لا تلبي طموح التطور وحلول الاعمال والريادة الرقمية التي يسعى الاردن للاستثمار فيها. هذا الاساس الذي جرى استحداث اسم وزارة الريادة والاقتصاد الرقمي مؤخرا لمواكبته
وعلى الرغم من ان الوقت ضيق وان الامور جاءت في غير المتوقع،الا ان هذه الوزارة ساهمت في العديد من الانجازات التي لا يمكن انكارها وتجاوزها، الا ان سقف توقعات المواطن الاردني واسع في مثل هذه الظروف والمتطلبات لم تعد بحجمها، وطريقة التعليم والتفكير والعمل وحتى ابسط الامور في حياتنا باتت تفرض علينا واقع جديد يتطلب رفع الجاهزية لتلبية ما امكن،
لكن ان يتقدم المواطن (لطلب دعم الخبز وبعد ساعة يتقدم لطلب معونة وطنية وبعد يوم يتقدم بطلب الحصول على تصريح وبعد ساعات يتقدم بطلب الحصول على بدل تعطل) فهذا لا يخدم اي طرف بالمطلق.
على وزارة الريادة والاقتصاد الرقمي الان ان تكف عن اطلاق المنصات التي تنتهي بفاصلة وتنتقل لتلك "المنصة الواحدة" التي تنتهي بنقطة، ولا اتحدث هنا عن "بوابة الكترونية جامعة للوزارات" بل عن اجراء واحد يلبي حاجة كافة الخدمات، فنحن اليوم لسنا بحاجة "وزارة منصات" بل منصة واحدة مليئة بالانجازات.
المطلوب اعادة النظر بمفهوم التحول الرقمي من "العدد والكم الى النوع" من منظور شمولي واقعي وذو منفعة ويحاكي كافة فئات المجتمع ويؤطر لقاعدة بيانات وطنية موحدة وشاملة بات ضرورة حتمية، فتبعثر التحول وانعدام الترابط يبقينا في دائرة العمل المؤسسي ضمن جزر معزولة isolated island قد تتطلب منا سنوات عديدة لاعادة لم شملها فيما نحن في احلك الظروف وأمس الحاجة لتدفق بيانات تمكن من صناعة القرار المناسب في الوقت المناسب،
ما اننا في الوقت الأكثر مواءمة لتفهم أي سياسة "تحول" رقمي تقينا شر عثرات لم الشمل لاحقا.
جائحة كورونا قد تشكل تحديا كبيرا أمام القطاعات والوزارات كافة الا ان العلم والمنطق يثبتان لنا في كل يوم ان مثل هذه الظروف، تشكل انطلاقة لمؤسسات الريادة ودافعا لها لتعظيم رؤيتها وتحقيق رسالتها بخطى ثابته من منطلق (تحويل التحديات الى فرص).
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
.mistarehi@yahoo.com