قبل ازمة كوفيد19 ، كان العالم يمر بمخاض هادىء نسبيا يعبر فيه الى مستقبل يختلف جوهريا عن الماضي و لا يشكل امتدادا طبيعيا له. كانت و لا زالت مرحلة انتقالية حرجة شهدت ، و تشهد ، صراعا متواصلا ما بين اسس الماضي و ادواته مع المستقبل و تغيراته. جاءت ازمة كورونا لتضيف تعقيدا جديدا و تعصف بالمشهد برمته . ما يجعل مفترق الطرق الحالي حاسما هو انه يشكل لحظة المستقبل . فبخلاف مفترقات تاريخية سابقة ، اللحظة الحالية تتحكم بها ثورات تكنولوجية و بيولوجية تنبؤ فعلا بتغييرات كبيرة و قفزات نوعية لم نشهد لها مثيلا. لن يؤدي تراجع العالم المؤقت امام فيروس الكورونا الا الى تسارع لاحق اكبر في العلوم و التكنولوجيا و سيعطي دفعة و طاقة هائلتين في ذلك الاتجاه . المستقبل سيرتكز على نماذج مختلفة جدا في الاقتصاد و السياسة و ادارة المجتمعات، و معظم الحكومات حول العالم لا زالت غير جاهزة لذلك . و مما يضيف في التعقيد هي الفروق الكبرى بين الاجيال، فجيل الالفية، من موليد عام 1996 و ما بعده، و الذي تخرج من الجامعة من بضع سنوات و سيصبح في موقع القرار في العقد القادم ، لديه قيم و اساليب مختلفة جوهريا عن ما سبقه و سيحول العالم الى شكل اخر قد لا تستطيع الاجيال السابقة التعايش معه بسهولة . لو نظرنا فقط الى الاقتصاد الجديد سنلاحظ ثورة حقيقية تتشكل في الاقتصاد الرقمي و سلاسل التوريد الالكترونية و الاقتصاد التشاركي ، الى التطبيقات الذكية و التي تغير جذريا الاعمال الفردية و الخدمات المتخصصة و غيرها الكثير من التطورات على ارض الواقع. الحكومات لا زالت غير متفاعلة مع هذه المستجدات بشكل كفؤ و من ابسط الامثلة على ذلك هو كيفية فرض و جمع الرسوم و الضرائب على هذه الخدمات و الوسائل المستحدثة بدون تقييدها او احباطها. قبل كورونا كان العالم يمر بتغيير كبير اشبه بالاعصار الصامت، و لكنه سيكون مدويا بعد الكورونا و على الحكومات ان تعيد تشكيل ذاتها و بسرعة كخلايا عمل دائمة للاستعداد للتغيير الشامل الذي سيكون له تبعات اجتماعية و ديمغرافية كبرى.
اللواء المتقاعد عبد اللطيف العواملة يكتب: لحظة المستقبل !
قبل ازمة كوفيد19 ، كان العالم يمر بمخاض هادىء نسبيا يعبر فيه الى مستقبل يختلف جوهريا عن الماضي و لا يشكل امتدادا طبيعيا له. كانت و لا زالت مرحلة انتقالية حرجة شهدت ، و تشهد ، صراعا متواصلا ما بين اسس الماضي و ادواته مع المستقبل و تغيراته. جاءت ازمة كورونا لتضيف تعقيدا جديدا و تعصف بالمشهد برمته . ما يجعل مفترق الطرق الحالي حاسما هو انه يشكل لحظة المستقبل . فبخلاف مفترقات تاريخية سابقة ، اللحظة الحالية تتحكم بها ثورات تكنولوجية و بيولوجية تنبؤ فعلا بتغييرات كبيرة و قفزات نوعية لم نشهد لها مثيلا. لن يؤدي تراجع العالم المؤقت امام فيروس الكورونا الا الى تسارع لاحق اكبر في العلوم و التكنولوجيا و سيعطي دفعة و طاقة هائلتين في ذلك الاتجاه . المستقبل سيرتكز على نماذج مختلفة جدا في الاقتصاد و السياسة و ادارة المجتمعات، و معظم الحكومات حول العالم لا زالت غير جاهزة لذلك . و مما يضيف في التعقيد هي الفروق الكبرى بين الاجيال، فجيل الالفية، من موليد عام 1996 و ما بعده، و الذي تخرج من الجامعة من بضع سنوات و سيصبح في موقع القرار في العقد القادم ، لديه قيم و اساليب مختلفة جوهريا عن ما سبقه و سيحول العالم الى شكل اخر قد لا تستطيع الاجيال السابقة التعايش معه بسهولة . لو نظرنا فقط الى الاقتصاد الجديد سنلاحظ ثورة حقيقية تتشكل في الاقتصاد الرقمي و سلاسل التوريد الالكترونية و الاقتصاد التشاركي ، الى التطبيقات الذكية و التي تغير جذريا الاعمال الفردية و الخدمات المتخصصة و غيرها الكثير من التطورات على ارض الواقع. الحكومات لا زالت غير متفاعلة مع هذه المستجدات بشكل كفؤ و من ابسط الامثلة على ذلك هو كيفية فرض و جمع الرسوم و الضرائب على هذه الخدمات و الوسائل المستحدثة بدون تقييدها او احباطها. قبل كورونا كان العالم يمر بتغيير كبير اشبه بالاعصار الصامت، و لكنه سيكون مدويا بعد الكورونا و على الحكومات ان تعيد تشكيل ذاتها و بسرعة كخلايا عمل دائمة للاستعداد للتغيير الشامل الذي سيكون له تبعات اجتماعية و ديمغرافية كبرى.