الشارقة - اختتمت مؤخراً أعمال مؤتمر الشارقة الدولي الثالث للاقتصاد الإسلامي، الذي عقد تحت شعار «التمويل الإسلامي الرقمي.. الواقع واستشراف المستقبل» الذي نظمه مركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي التابع للجامعة القاسمية، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رئيس الجامعة القاسمية، بمشاركة نخبة من الباحثين والمختصين في مجال الاقتصاد الإسلامي من أرجاء العالم.
وبحث المؤتمر، الذي أقيم يومي 7 و8 أبريل / نيسان 2021 فرص وأهمية تطبيق التكنولوجيا في التمويل الإسلامي من النواحي التقنية والشرعية والقانونية والاقتصادية، والرؤى المستقبلية التي يمكن استشرافها لتطوير التمويل الإسلامي.
وفي ما يلي أبرز ما جاء في المؤتمر من كلمات وتوصيات وفقا لما نشرته « الاقتصاد الاسلامي « :
تطوير الاقتصاد الإسلامي :
أكد الدكتور عواد الخلف، القائم بأعمال مدير الجامعة القاسمية رئيس اللجنة العليا للمؤتمر، في كلمته الافتتاحية على أهمية المؤتمر لما للتطور التكنولوجي المتسارع من أهمية بالغة وأثر ظاهر في جودة الصناعة المالية الإسلامية وليكون للاقتصاد الإسلامي الحظ الوافر من هذا التطور، مشيراً إلى أن هذا العلم لا يقل شأناً عن سائر العلوم التي تحظى بالعناية من قبل صناع التكنولوجيا والبرمجيات المتخصصة في العالم.
وقال إن مركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي في الجامعة القاسمية أصبح إضافة نوعية إلى مراكز الجامعة العلمية، حيث يحقق رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة في أن يكون هذا المركز نواة طيبة تنطلق من رحاب الجامعة القاسمية لخدمة الاقتصاد الإسلامي وعلومه والدراسات التي تعنى بتطويره من أجل خدمة المؤسسات المالية الإسلامية التي تأخذ بمبادئه وتطبق المعايير والقواعد الشرعية التي تتم هندستها وفق ضوابط هذا العلم الجليل، لتصبح الجامعة القاسمية من خلال مركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي قادرة على تقديم الكثير من المبادرات الجادة التي تسهم في تطور الاقتصاد الإسلامي وتخدم المؤسسات المالية الإسلامية.
الاستفادة من الثورة الرقمية :
من جانبه قال الدكتور إبراهيم المنصوري، مدير مركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي، إن المركز تأسس ليكون في طليعة المراكز التي تُعنى بقطاع الاقتصاد الإسلامي والذي يعد من أهم القطاعات الحيوية في وقتنا الحاضر.. لافتاً إلى أن التطور التكنولوجي والثورة الرقمية التي يشهدها العالم في الاقتصاد وأعمال المصارف والمؤسسات المالية كانا لهما الأثر الإيجابي الكبير في نمو وتطور تلك المؤسسات، فكان لابد للمتخصصين وأصحاب القرار من اللحاق بالركب والعمل على أخذ نصيبهم من تلك الثورة الهائلة التي باتت تغطي كافة قطاعات العمل، ولها الأثر الواضح في تعزيز العمل المصرفي، وقدرة المؤسسات المالية والهيئات الحكومية للعمل بكفاءة أكبر في ظل التكنولوجيا الرقمية.
وأشار إلى أن اختيار مركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي لشعار المؤتمر «التمويل الإسلامي الرقمي .. الواقع واستشراف المستقبل» حظي باهتمام الخبراء والعلماء والباحثين في محاور علمية اختارتها اللجنة العلمية للمؤتمر بعناية فائقة لتغطي النواحي والشرعية والتقنية والقانونية والاقتصادية للتكنولوجيا الرقمية في التمويل الإسلامي، بالإضافة إلى الرؤى المستقبلية الاستشرافية لتطوير هذا النوع من التمويل.
وأوضح أن المؤتمر استقطب سبعين ورقة علمية تم تصفيتها من قبل اللجنة العلمية ولجانها الفرعية لاختيار أفضل تلك الأوراق وأكثرها حداثة ورصانة علمية وابتكارات تطبيقية، كما استضاف المؤتمر أفضل الخبراء في صناعة التمويل الإسلامي الرقمي على مستوى العالم لمناقشة أفضل الممارسات في هذا المجال ونظرته الاستشرافية.
كما استعرض سعادة عبدالله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد، جهود الدولة في مجال الصيرفة الإسلامية والتوجه نحو الرقمنة بشكل متكامل، موضحاً أن الإمارات قطعت خطوات مشهودة في مجال الحكومة الذكية والاهتمام بالتحول الرقمي في كافة المجالات، حيث احتلت المركز الأول عربياً والرابع عشر عالمياً في مؤشر التنافسية الرقمية لعام 2020 بجانب الحرص على توظيف التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية، والعمل على تسهيل المعاملات الرقمية والتي بلغت 64 ألف معاملة رقمية في عام 2020 بنسبة نمو بلغت 21 بالمائة مقارنة بالعام الذي قبله، مؤكداً تنافسية الاقتصاد الوطني وشموليته لأنشطة التمويل الإسلامي، لاسيما في ظل قدرته على الابتكار والاستدامة.
مذكرة تفاهم :
وتم خلال أعمال المؤتمر توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة الأوراق المالية والسلع، مثلها سعادة الدكتور عبيد الزعابي، الرئيس التنفيذي للهيئة، والجامعة القاسمية، ومثلها سعادة الدكتور إبراهيم المنصوري، مدير مركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي، تنص على تطوير وتنمية الكفاءات في مجال التمويل الإسلامي وصناعة الخدمات المالية في الأسواق المالية، والرغبة المشتركة لدى الجانبين في وضع خطط وبرامج التنمية المشتركة بشأن البرامج التعليمية الخاصة بالتمويل الاسلامي في أسواق رأس المال وصناعة الخدمات المالية، وتقديراً للمصالح المشتركة في تطوير العلاقات الثنائية، وإيماناً منهما بأن التعاون بين الطرفين في هذا المجال يسهم في زيادة التوعية المجتمعية ورفع وتطوير المعايير المهنية للعاملين في الدولة.
وتضع هذه المذكرة أسس التعاون المتبادل بين الطرفين فيما يتعلق بالتدريب والتوعية وتبادل المعرفة والخبرات في مجال التمويل الإسلامي في أسواق رأس المال وصناعة الخدمات المالية.
التمويل الرقمي :
وتضمن اليوم الأول من المؤتمر جلستين تركزتا على بيان التطور التكنولوجي والثورة الرقمية التي يشهدها العالم في وقتنا وأهمية هذا التطور الذي يشمل كافة مجالات عمل القطاعين الحكومي والخاص، منها مجال تقديم الخدمات المالية والمصرفية وأثر التمويل الرقمي على تعزيز الناتج المحلي الإجمالي للدول ومقدرة المؤسسات المالية والهيئات الحكومية على العمل بكفاءة أكبر في حال تطبيق التكنولوجيا.
وقد عقدت الجلسة الأولى بعنوان «التمويل الإسلامي الرقمي.. الواقع والتحديات واستشراف المستقبل»، شارك فيها الدكتور محمد أكرم لال الدين، المدير التنفيذي للأكاديمية الدولية لأبحاث الشريعة الإسلامية للتمويل الإسلامي «إسرا» في ماليزيا، والدكتور محمد داود بكر، رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا ورئيس المجلس الشرعي الاستشاري للبنك المركزي الماليزي، والدكتور محمد علي القري، الخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والدكتور عبيد سيف حمد الزعابي، الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع في الإمارات.
بينما جاءت الجلسة الثانية بعنوان «التمويل الإسلامي الرقمي.. التطبيقات وآفاق التطوير»، وتحدث فيها كل من الدكتور أحمد صالح المرزوقي، نائب الرئيس التنفيذي رئيس الدائرة الشرعية في شركة موارد للتمويل في دبي، والدكتور محيي الدين الحجار، أستاذ التشريعات المالية الإسلامية في جامعة السوربون في فرنسا، وإكرام الرحمن فلاحي، رئيس الشريعة للإنشاء والتنسيق في مجموعة الخدمات المصرفية بالجملة بمصرف أبوظبي الإسلامي، وصبحي حسين أبو نِمرة، مدير البرامج الرقمية في مصرف الشارقة الإسلامي، ورامي سليمان إبراهيم، المدير التنفيذي للمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم بدبي.
الواقع والتحديات :
وشهد المؤتمر في يومه الثاني عقد ملتقى اللجان الشرعية الداخلية للمصارف الإسلامية بدولة الإمارات تحت عنوان «التمويل الإسلامي الرقمي.. الواقع والتحديات واستشراف المستقبل» ترأسه الدكتور إبراهيم المنصوري، مدير مركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي بالجامعة القاسمية، بمشاركة الدكتور محمد علي القري، الخبير في المجمع الفقهي الإسلامي الدولي، والدكتور محمد عبدالرحيم سلطان العلماء، أستاذ الفقه وأصوله بكلية القانون جامعة الإمارات، والدكتور سعد البقالي، مدير الهيئة العليا الشرعية بمصرف الإمارات المركزي، وجاسم البلوشي، رئيس التميز المؤسسي بمصرف الشارقة الإسلامي.
وجاءت الجلسة العملية الأولى تحت عنوان «دورة التمويل الإسلامي الرقمي في تعزيز العمل المصرفي الإسلامي» بمشاركة الدكتور بندر بن عبدالعزيز اليحيى من جامعة المجمعة بالسعودية، والدكتورة رحاب حاج أحمد سراج الدين من جامعة القرآن الكريم في السودان، والدكتور بدر عبدالله بن جدوع من الجامعة السعودية الإلكترونية، والدكتورة نعيمة عبدي من جامعة عمار ثليجي، والدكتور زكريا سلامة شطناوي، والدكتور أمجد سالم لطايفة، من جامعة اليرموك الأردنية، إلى جانب الدكتور محمد حسن عبدالوهاب، من كلية الإمام مالك للشريعة والقانون بدبي.
واختتمت جلسات المؤتمر بجلسة علمية حول «واقع التمويل الإسلامي الرقمي واستشراف المستقبل» ترأسها رامي سليمان إبراهيم، المدير التنفيذي في المركز الإسلامي الدولي للصلح والتحكيم، بمشاركة كل من الدكتور مختار معزوز من جامعة الجوف السعودية، والدكتورة سهير محمد القضاة من جامعة القصيم السعودية، والدكتورة زهراء سر الختم صالح من كلية شرق النيل في السودان، والدكتورة إيناس خلف الخالدي من جامعة العلوم والتقنية في الفجيرة.
توصيات المؤتمر:
وقد أوصى مؤتمر الشارقة الدولي الثالث للاقتصاد الإسلامي، الذي نظمه مركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي بالجامعة القاسمية تحت عنوان «التمويل الإسلامي الرقمي.. الواقع واستشراف المستقبل» بأهمية أن تتبنى المؤسسات الأكاديمية والمهنية المعنية بالتطوير المهني والبحث العلمي في مجال الاقتصاد الإسلامي إنتاج وتطوير منتجات مصرفية إسلامية تواكب الاقتصاد الرقمي، ويتم اعتمادها من الجهات الرقابية كالهيئة العليا الشرعية قبل تبنيها من قبل المصارف والمؤسسات المعنية، وضرورة قيام الجهات التشريعية والتنظيمية والرقابية بسن قوانين ومعايير وتعليمات كفيلة بتنظيم التمويل الإسلامي الرقمي بجميع جوانبه الشرعية والقانونية، إلى جانب الدعوة لتأسيس بنوك إسلامية رقمية تقدم خدمات متكاملة.
كما أوصى المؤتمر إنشاء لجنة خاصة تضم أعضاء من الهيئة العليا الشرعية ولجان الرقابة الشرعية الداخلية تختص باعتماد إصدارات الصكوك في دولة الإمارات وفق معايير موحدة تضبط الالتزام الشرعي وتحقق الريادة للإمارات في هذه الصناعة، وإنشاء مختبر للتشريعات الصادرة عن الهيئة العليا الشرعية لدراسة أثرها على الواقع قبل صدورها، بحيث يصنع المختبر واقعاً افتراضياً يغطي الآثار المترتبة على جميع الأطراف ذات الصلة عند صدور تلك التشريعات ما يقرّب الصورة النهائية للواقع لدى المشرع قبل صدور التشريعات المعنية، وكذلك إنشاء دوائر خاصة في المحاكم تختص بالفصل في القضايا المالية التي تكون المؤسسات المالية الإسلامية طرفاً فيها، ويختار لهذه الدوائر قضاة لديهم الكفاءة للنظر في هذه القضايا وفق طبيعتها الخاصة والفصل فيها وفق ذلك أسوة بقضايا فض النزاعات الإيجارية.
وأوصى المؤتمر بأن يطرح مركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي بالجامعة القاسمية بالتعاون مع الهيئة العليا الشرعية والأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية (إسرا) برنامجاً أكاديمياً معمقاً لإعداد وتأهيل جيل جديد لتولي مهام لجان الرقابة الشرعية الداخلية بعد تأهيله علمياً وفنياً يجمع فيه بين العمق الفقهي والدراية بواقع العمل المصرفي والمالي بوجه عام والإسلامي منه بوجه خاص.