وقال داودية: في سنة 1979 صدر خطاب للملك الحسين، قال فيه: القدس قبل كابول، وأذكر أن أمريكا جندت العديد من الدول العربية ودعمت حملة ضد الروس في أفغانستان كلفتها الملايين بحجة الدفاع عن الإسلام وكأن القدس لا يوجد فيها إسلام، وفي هذه اللحظة التاريخية قال الراحل الحسين بن طلال مقولتها هذه، فالقدس في ضميرنا ووجداننا شعب وقيادة منذ الأزل، وهي مادة الصراع الذي لن يتوقف ولن ينتهي، بالنسبة لليهودي القدس تربية دينية، أما نحن فهي بالنسبة لنا كل أشكال التربية الوطنية والدينية والعربية والدفاع عنها واجب علينا جميعا، مع الشعب الفلسطيني العظيم الذي يقاتل منذ وعد بلفور، وأبو عمار الذي قال أنه شعب الجبارين وهذا صحيح لأنه منذ 105 يقدم الشهداء، والأسرى، وكل مقدراته موجهه للبقاء على أرضه، هذا الشعب الذي ظلم جراء المذابح التي تعرض لها من اجل إخراجهم من أرضهم، معادلة القدس الحدث الوطني الأردني والقومي العربي ولا سلام بدون القدس، وللأمانة الجيش المصري قدم تضحياته في سبيل القدس في معركة العبور، والجيش السوري العظيم أيضا قدم الشهداء، والجيش الأردني تضحياته كبيرة الجيش الوحيد الذي بقي صامدا في القدس في سنة 1948، والذي قدم ألف شهيد في حين كان تعداده خمس آلاف جندي، ومن معاركه الأسطورية 5 حزيران 1967 والأمة مستسلمة دارت معركة من المعارك المجيدة هي "تل الذخيرة" في منطقة الشيخ جراح، تعدادها 101 ضابط وجندي أردني، استشهد 97 منهم، في حين أن الأربعة الباقيين كانوا جرحى، وسرد هذه الحقائق إنصافا للجندية الأردنية والعربية في الدفاع عن القدس العربية، كما قال "الأداء ينسى والبقاء للنتيجة".
وقال د. طريف إن الكاتب خصص فصول كتابه الأربعة الأولى للحديث عن القدس منذ أقدم العصور وحتى نهاية العهد العثماني، فقد بذل جهودا كبيرة في جمع المعلومات عن هذه المراحل وتوثيقها بأسلوب علمي ممنهج، وأشار إلى أن الباحث رصد التطورات التي حصلت في العهود الإسلامية بدقة كالعهدة العمرية وبناء الصخرة والتطورات التي شهدتها المنطقة في العصر العباسي فالكتاب جاء شامل على معلومات من تاريخ مدينة القدس، ووضح إلى ما أشار إليه الكاتب أن معظم الدراسات التي تناولت مدينة القدس وتاريخها تفتقر إلى التوثيق العلمي والاعتماد على المصادر والوثائق لكل حقبة تاريخية، مضيفا إلى أن الكتاب قيم ويشكل إضافة نوعية للمكتبة العربية.
وأشار د. بواعنة أن الكتاب تناول في فصوله الأربعة الأولى لمحة تاريخية واستعراض تاريخي لمدينة القدس وأوضاعها في العهود والحقب التاريخية المتعاقبة والصراع عليها، وبين أن الكاتب ركز في كتابه على قضايا ومسائل ومفاصل تاريخية وسياسية وأحاط بمعظم المصادر والمراجع من أمهات الكتب بالوثائق الخاصة بكل حقبة تاريخية ، كما برع باستحضار النصوص التاريخية، وأضاف إلى إبداع الكاتب وتميزه بكتابته عن القدس وتاريخها وواقعها السياسي ، حيث تميز كتابه بشمولية الطرح والموضوعية والتحليل وبلغة علمية وأكاديمية رصينة بالحجة والوثيقة .
من جانبه قال الدكتور رياض ياسين، إن الدراسة تؤكد هوية المدينة وتكشف الجوانب السياسية والاجتماعية والفكرية، وأن ما يميز كتابه هو تقديمه قراءة عامة لتاريخ القدس منذ العصر الكنعاني مرورا بالحقب الرومانية والإسلامية وصولا إلى مرحلة الاحتلال البريطاني، وتناول المؤلف في الكتاب تشكُّلَ التاريخ السياسيّ لمدينة القدس عبر العصور المتلاحقة، منذ العصر الكنعانيّ وصولًا إلى عصرنا الحالي.
يذكر أن مؤلّف الكتاب هو أكاديميّ من الأردن، أشرف على ملف القدس في اليونسكو ووزارة التربية والتعليم الأردنية، وأصدر العديد من الكتب والدراسات، ويغوص الكتاب في تاريخ القدس القديم، ولاسيما مع نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، ليرسم ملامح حضور الشخصية الكنعانية لفلسطين والقدس. ثمّ يستعرض الأقوام والشعوب التي سكنت القدس، مبيّنًا أنّ العنصر العربيّ الكنعانيّ بقي عاملًا ثابتًا على مدار العصور التي شهدت فيها القدس تنوعًا في الغزاةِ والمحتلّين، في حين كان الحكم اليهوديّ للقدس طارئًا وقصيرًا لم يدم سوى نحو 70 عامًا.
ويستفيض المؤلف في استعراض اللوحة الحضاريّة المميزة التي ازدانت بها القدس في عهد الدولِ الإسلاميّةِ المتعاقبة، منذ الفتحِ الإسلاميّ لها حتى الاحتلال البريطانيّ عام 1917، ذاكرًا أبرز الأحداث التي شهدتها المدينة المقدّسة، واهتمام المسلمين بها. وسلّط المؤلف الضوء على سقوط القدس بيد الصليبيّين، وجهود تحريرها التي تُوِّجت بالفتح الصلاحيّ الأيوبيّ عام 583 هـ/1187 م.
ويتوقف المؤلف عند المرحلة التي وقعت فيها القدس تحت سيطرة بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى حتى تأسيس كيان الاحتلال في أيار 1948، ويبرِز دور بريطانيا في تسهيل استيلاء اليهود على أراضي القدس، ودعمها للعصابات الصهيونيّة.
ومن واقع خبرة عمليّة، واطلاع معرفيّ، يعرِّج المؤلف على الدور الأردنيّ في القدس في قراءة سياسية تحليلية، ولا سيّما بين عامي 1948 و1967، مركزًا على المسجد الأقصى، ومفهوم «الوضع القائم» الذي يعني حصرية الإدارة الإسلامية للأقصى، مبينًا سعي الاحتلال إلى نسفِ هذا المفهوم، وفرض سيطرته الكاملة على المسجد.