القلعة نيوز : الرياضة ليست ترفا، بل حق من حقوق الإنسان بصرف النظر عن السن أو الجنس أو الانتماء. هذا مبدأ لا يختلف عليه اثنان، لكنه على أرض الملاعب لا يتحقق إلا بوعي مجتمعي وحرص مؤسساتي على احترام هذا الحق دونما تمييز أيا كانت مبررات هذا التمييز.
فالرياضة تروج لقيم عالمية تتجاوز تعدد اللغات والثقافات، وتعد الوسيلة الأكثر تأثيرا في الدمج المجتمعي ومكافحة التحيز ليس ضد المرأة فحسب، بل لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في النشاط المحتمعي باعتبار ذلك حقا من حقوقهم الإنسانية الأساسية، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
لكنّ هذا الحلم قد يتبخر إذا لم يُمعن المراقبُ النظرَ في المحيط، وفي مقدمة هذا أوضاع ذوي الإعاقة في مجال الرياضة، باعتبارها ضرورة صحية للبدن والروح سواء بسواء، وحقا لذوي الإعاقات الذين أشار بعضهم إلى ما وصفوه بـ "التحديات أو الصعوبات التي تحول دون حقهم بممارستها".
فالصورة النمطية المرتسمة في العقل المجتمعي تسربت لأسباب تعددت مبرراتها في مؤسسات تعليمية أو رياضية أو حتى في بعض الأماكن العامة لترسخ حالة من العزلة والإحباط لأشخاص هم في أمس الحاجة ليس للدمج المجتمعي فحسب، بل لممارسة حقهم بالرياضة باعتبارها حقا تكفله التشريعات والمواثيق، بحسب معنيين يؤكدون ضرورة توفير الأجهزة والمعدات والصالات المناسبة لذوي الإعاقة وإعداد مدربين مختصين للتعامل معهم وتدريبهم على ممارسة مختلف الرياضات التي تسرّع دمجهم في المجتمع.
فالرياضة بحسب روايات ذوي إعاقة قابلتهم وكالة الأنباء الأردنية (بترا) هي أحد الحقوق المهمة جدا لدورها الكبير في النماء البدني والفكري والتواصل الاجتماعي كما تقول آلاء أبو خضرة ومعتز الجنيدي وصقر الزيود، "لكن هذا الحق يصطدم بتحديات يواجهونها" حملتها (بترا) مع مطالبهم وآمالهم لتضعها أمام الرأي الآخر من المعنيين والمختصين الذين فتحوا صدورهم لهذه القضية بلا تحفظ.
وبحسب قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017، "يعد شخص ذا إعاقة كل من يعاني من قصور طويل الأمد في الوظائف الجسدية أو الحسية أو الذهنية أو النفسية أو العصبية، يحول نتيجة تداخله مع العوائق المادية والحواجز السلوكية دون قيامه بأحد نشاطات الحياة الرئيسية، أو ممارسة أحد الحقوق، أو إحدى الحريات الأساسية باستقلال تام".
الطالبة بكلية الرياضة في إحدى الجامعات آلاء أبو خضرة من ذوات الإعاقة البصرية، تقول إنها انتصرت على الصورة النمطية التي تكبل انفتاح الكفيف على المجتمع، فأثبتت بالفعل لا بالقول لأساتذتها مثلما أثبتت لمجتمعها جدارتها في اجتياز التدريب لتصبح طالبة بتخصص "علوم الحركة والتدريب لمستوى الرياضي الأول".
قصة أبو خضرة يتردد صداها في تجارب أقران كثر من ذوي الإعاقة الذين يقعون ضحية لنمطية مؤذية، لكنهم لم يستسلموا لتحديات التنميط السلبي، فخاضوا صراعا أسفرت نتائجه عن تقبّل الجمهور وتفهّمه.
إن أول وأكثر ما يؤذي ذوي الإعاقة عموما، كما تقول أبو خضرة، هو الصورة النمطية التي يرسمها المجتمع المحيط أولا، يليه المجتمع الأوسع الذي يصدر حكما مسبقا بالإقصاء دون التفكر ولو للحظة بأن الكفيف مثلا لن تعجزه إعاقته على خوض غمار تخصص "علوم الحركة" ليصبح بمنزلة رياضي أوّل.
فالحواجز المجتمعية هي بالتأكيد التحدي الأعم أمام ذوي الإعاقة، لكنني، تقول أبو خضرة، "لم أتصور أن تلاحقني هذه النظرة في مجال تخصص رياضي اخترته برغبة عارمة معززة بالإرادة القوية والسبب الحكم المسبق بعدم (معقولية) أن أتخصص بهذا المجال؛ لأنني من ذوات الإعاقة البصرية"، مشيرة الى "رفض أحد الأساتذة تدريبي مع الطلبة من غير ذوي الإعاقة بسبب الصورة النمطية المسبقة المرتسمة في ذهنه، لكنني استطعت في النهاية إثبات نفسي. لقد نجحت".
هناك تحد آخر واجه ابو خضرة خلال دراستها لهذا التخصص هو بحسب تعبيرها "عدم وجود مناهج ميسّرة لتعلّم ذوي الإعاقة، فلم يكن من السهل إيجاد مشرف يكتب لها إجابات الامتحانات التي تجرى خارج الحرم الجامعي، إضافة إلى أنّ حل الواجبات وإرسالها يستغرق وقتا كبيرا لتحويل الإجابة الشفهية إلى مكتوبة بمساعدة والديها تمهيدا لإرسالها عبر الإنترنت إلى الجامعة".
أما عدم وجود أنشطة رياضية لذوي الإعاقة في الجامعة يتيح لهم اللعب فهو تحد آخر، كما تقول، مشيرة إلى أنها "لم تتمكن من المشاركة في ماراثون الجامعة الذي أقيم أخيرا لعدم وجود تسهيلات وترتيبات تيسيرية".
أنشطة آلاء الرياضية بدأت عام 2014 حين كانت لاعبة في مدرسة خاصة بالمكفوفين، لتصبح بعد لاعبة منتخب وطني في لعبة (كرة الهدف) للمكفوفين، "لقد نافسنا المنتخب العراقي عام 2016، وحققنا الفوز". تقول أبو خضرة، إن الرياضات التي تخوضها انعكست بشكل عميق على صحتها النفسية، وغيّرت من شخصيتها، وبدّدت عنها العزلة والانطواء، وأصبحت اجتماعية وتتواصل مع الناس بشكل أفضل.
وتستذكر آلاء أيام الدراسة في المرحلة الابتدائية حيث كانت بداياتها مع إحدى المدارس الحكومية، وهناك قوبلت بالرفض من قبل بعض المعلمات، وانشغال البعض منهن عنها، فبدأ تحصيلها الدراسي بالتراجع، فضلا عن عدم إشراكها بالأنشطة الأنشطة الرياضية لإخلاء المسؤولية، فاضطرّت للجلوس في الصف إلى حين انتهاء أقرانها من هذا النشاط الممتع.
على أن لاعب المنتخب الوطني والمدرب الرياضي معتز الجنيدي من ذوي الإعاقة الحركية، قصة مشابهة، مشيرا إلى أن بدايته كانت في مدرسة جمعية الحسين لرعاية وتأهيل ذوي التحديات الحركية، وهي مدرسة خاصة لذوي الإعاقة، وبعدها أكمل تعلميه في المدارس الحكومية إلى أن أنهى دراسته الثانوية. يقول الجنيدي "واصلت دراستي الجامعية لمستوى البكالوريوس وأنا على رأس عملي ثم "سعيت لتحقيق حلمي بأن أكون مميزا، فأكملت الماجستير في المحاسبة"، لكنه مع كل هذا الإنجاز لم ينس سرد الجانب الآخر المحبب له وهو شغفه وحبه للرياضة حين كان في رحاب جمعية الحسين فـ "كنا نلعب كرة سلة".
ويضيف: "قررت بعد دراستي إبراز مواهبي الرياضية فكانت الخطوة الاولى برفع الأثقال، "أذكر أنني رفعت 60 كيلو غراما، وبعد التدريبات المكثّفة، حصلت على بطولة العالم بعدما رفعت 230 كيلو غراما وفزت في ثلاث بطولات عالمية في الأعوام 2010 و2014 و2022، إضافة إلى أولمبياد بكين وأثينا والبرازيل وطوكيو" يقول الجنيدي الذي يشير الى أنه "حصلت في هذه البطولات على مراكز متقدمة بين رابع وخامس أولمبيك".
إلا أنه ومع هذا يشير الى شيء آخر ربما أكثر أهمية هو "الأثر النفسي الإيجابي الذي تركته الرياضة في نفسه، إذ أصبح أكثر اندماجا في المجتمع، أما من الناحية الصحية، فقد أصبح بدنه أكثر قوة وحيوية، فالرياضة بحسب اعتقاد الكثيرين هي مجرد نشاط ترفيهي، لكنهم يتناسون فوائدها الصحية الجمة خاصة لذوي الإعاقة لدورها الكبير في إدماجهم في المجتمع" يقول الجنيدي.
وبرغم هذه الإنجازات لم يخف الجنيدي التحديات التي واجهها في مسيرته الرياضية، منها كما يقول "ندرة الدعم المادي والمكافآت والامتيازات مقارنة بالآخرين. فالتكاليف المادية التي ينفقها الرياضيون ذوو الإعاقة على تدريباتهم أكثر بكثير من سواهم، لافتا الى إلى الكلفة العالية التي يتحملها الرياضي من ذوي الإعاقة لتغطية تكاليف الغذاء الصحي والمكملات الغذائية والتدريب".
أما صقر الزيود، وهو من ذوي الإعاقة الحركية، فكان يحلم بالرياضة منذ صغره، لكن مخاوف المدرسة وإمكانات البنية التحتية الرياضية حالت دون إدماجه في هذا النشاط؛ فالقاعة الرياضية كانت في الطابق العلوي، ولهذا كان مضطرا للجلوس في الصف منتظرا عودة أقرانه من غير ذوي الإعاقة فضلا عن أن الرياضة كانت مقتصرة على كرة القدم فقط".
كان الزيود يمني نفسه بالالتحاق بناد رياضي، إلا أن بعد النادي الوحيد عن منطقة سكنه في المفرق حال دون ذلك، إضافة الى أنه غير مهيأ لاستقبال حالته كما هي حال المواصلات، فأكب على تقليب الصفحات الرياضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة النشرات الرياضية للتخفيف من وطأة شغفه للرياضة وفي قلبه غصّة وحرقة لعدم ممارستها.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، "يوجد في أنحاء العالم أكثر من 1000 مليون شخص من ذوي الإعاقة يشكلون 15 بالمئة من سكان العالم تقريباً (أي شخص من كل 7 أشخاص)"، أما نسبة الأفراد ذوي الإعاقة في الأردن فتبلغ 11.2 بالمئة ونسبة الانتشار بين الذكور 11.7 بالمئة أعلى من الإناث 10.6 بالمئة بحسب التعداد العام للسكان والمساكن 2015، وتبلغ نسبة الإعاقة البصرية 6 بالمئة، و4.8 بالمئة للإعاقة الحركية و 3.1 للإعاقة السمعية.
ووفقا للمركز الوطني لحقوق الإنسان في تقريره الموازي الأول لتقرير الحكومة الخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن الأردن يولي اهتماماً خاصاً لمشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الأنشطة الرياضية، إذ تم إنشاء اللجنة البارالمبية الأردنية عام 1981، ومن خلالها يمارس هؤلاء الأشخاص مختلف الأنشطة الرياضية، ويشاركون في البطولات الرياضية داخل المملكة وخارجها، وحصل الأشخاص ذوو الإعاقة على تكريم من أعلى المستويات في هذا المجال.
ويضيف التقرير: إن هناك مجموعة من الأندية تم إنشاؤها لهذه الغاية، إلا أنها غير موزعة على محافظات المملكة كافة، فضلا عن قلة الأماكن المخصصة لقضاء أوقات الفراغ من حدائق عامة، خصوصاً خارج العاصمة، إضافة إلى ندرة أماكن الترفيه المهيأة والدامجة للأشخاص ذوي الإعاقة.
الرياضة جسر للدمج المجتمعي
الناطق الإعلامي للمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رأفت الزيتاوي، يؤكد أن الرياضة هي الوسيلة المثلى للدمج المجتمعي لذوي الإعاقة، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن بعض الجهات تعتبر الرياضة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة أمرا ثانويا وتكميليا، لكنه في الحقيقة حقا أساسيا لهم، موضحا أن عدم إدماجهم في النوادي العامة وفي الأماكن الترفيهية، يعني إغلاق أبواب نماء الفكر والجسم عليهم.
ويقول: لدينا مشكلة تكمن في أن معظم الأندية الرياضية لدينا غير مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث لا تتوفر فيها المتطلبات الأساسية والبنية التحتية لتيسير دمج الأشخاص ذوي الإعاقة مع أقرانهم من غير ذوي الإعاقة.
ولا تشمل الرياضة في كثير من الأندية، حسب الزيتاوي، الألعاب الرياضية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، ما يستدعي التوسّع فيها، فضلا عن توفير التجهيزات الخاصة بها لتمكينهم من ممارسة أنشطتهم.
ويبين، أن أهم التحديات هي نقص الكوادر المؤهلة والمدربين، وكذلك التفكير النمطي في المجتمع بأن الأشخاص ذوي الإعاقة لا مكان لهم في المجال الرياضي، مشددا على أهمية توفير الدعم المالي والمخصصات المالية وبما يتناسب مع الإنجازات التي يحققها الرياضيون في جميع أشكال الألعاب، ومن بينهم ذوو الإعاقة.
ويدعو الزيتاوي إلى تخصيص مواقف واصطفافات ومنحدرات أو رامبات خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة في الحدائق، لتسهيل الدخول بالكراسي المتحرّكة بحريّة واستقلالية دون مساعدة، ذلك أن الهدف من الوصول إلى الحديقة للترفيه، خاصة للأطفال.
الزيتاوي يؤكد أيضا أنه يجري وبالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية المسؤولة عن ترخيص الحدائق وإنشائها، إنشاء تسعة مشاريع معظمها حدائق عامة، تستوفي شروط خدمة ذوي الإعاقة، استكمالا لما تم العمل عليه لمعالجة الثغرات الموجودة في الحدائق سابقا مع بلدية إربد الكبرى وأمانة عمان الكبرى لتهيئة الحدائق ما أمكن للأشخاص ذوي الإعاقة.
امتناع أندية عن قبول ذوي إعاقة
وفيما يتعلق برفض بعض الأندية الخاصة قبول تسجيل الأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصا ذوي الإعاقة الذهنية، اعتبر الزيتاوي ذلك شكلا من أشكال التمييز، مؤكدا حق الشخص من ذوي الإعاقة تقديم شكوى لدى المجلس ووزارة الشباب والرياضة، في حال عدم قبوله في الأندية ودورنا في المجلس متابعة ذلك بوسائلنا .
تقول عائلة مصطفى اليعقوب (12 عاما من ذوي الإعاقة الذهنية)، إنها كابدت من امتناع ناد رياضي عن استقباله، بسبب "الصورة النمطية عن أن أصحاب هذه الإعاقة ليس بمقدورهم ممارسة الرياضة.
لكن أستاذ القانون الإداري والدستوري في جامعة العلوم الإسلامية العالمية الدكتور حمدي القبيلات يشير إلى أن امتناع بعض الأندية الرياضية عن استقبال ذوي الإعاقة يرتب مسؤولية جزائية، موضحا أن المشرع الأردني واستجابة للمعايير الدولية "جرّم هذا الامتناع، واعتبره جريمة تستوجب العقاب"، إذ نصت المادة (48) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017 وتعديلاته على أنه: "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد في أي تشريع آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تزيد على ألف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين كل من ارتكب أي شكل من أشكال العنف المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة (30) من هذا القانون، وتضاعف العقوبة المنصوص عليها في هذه الفقرة في حالة التكرار".
كما نصت المادة (30/ أ) على أنه "يعد عنفاً كل فعل أو امتناع من شأنه حرمان الشخص ذي الإعاقة من حق أو حرية ما، أو تقييد ممارسته لأي منهما، أو إلحاق الأذى الجسدي أو العقلي أو النفسي به على أساس الإعاقة أو بسببها".
كما يعد الامتناع عن توفير الأنشطة الرياضية والترفيهية للأشخاص ذوي الإعاقة أو دمجهم بأنشطة المجتمع من قبل أي جهة كانت، خرقا للقانون يستوجب الملاحقة القانونية سواء بموجب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أو بموجب قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فوفقا للمادة (4) من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (الالتزامات العامة) "تتعهد الدول الأطراف بكفالة وتعزيز إعمال كافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالا تاما لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة دون أي تمييز من أي نوع على أساس الإعاقة".
وأكد القبيلات أن الشكوى هي الوسيلة القانونية لتحريك جهات إنفاذ القانون لضمان تفعيل ممارسة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وإخراجها من قوالب النصوص إلى واقع الممارسة العملية، مبينا أن الشكوى أو حتى التبليغ لا يقتصر على الأشخاص ذوي الإعاقة، بل يشمل الغير أيضا، فوفقا لنص المادة (30/ب) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة "على كل من يعلم بوقوع عنف ضد شخص ذي إعاقة تبليغ الجهات المختصة".
ولتشجيع تقديم الشكوى والتبليغات وفّر القانون الحماية اللازمة للمبلغين والشهود في المادة (32/ج) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017، والتي تنص على "تتولى الجهات القضائية المختصة توفير الحماية اللازمة للمبلغين والشهود وغيرهم ممن يقومون بالكشف أو التبليغ عن حالات العنف المرتكبة ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، أو بإعداد تقارير أو تحقيقات استقصائية".
لكن أستاذ الإدارة والتسويق الرياضي في كلية علوم الرياضة في الجامعة الأردنية الدكتور عامر الشعار يلفت النظر إلى مجموعة من الأسباب تحول دون ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة للأنشطة البدنية منها؛ قلة أعداد الأندية المهيأة لدمجهم وتباعدها عن مكان السكن، وعدم توفير مساحات وأجهزة كافية، إضافة إلى صعوبة الوصول في الفضاء العام وعدم توافر الإمكانات اللازمة على كافة الصعد، والتكلفة العالية للتنقل وشراء المستلزمات الرياضية، ونقص الخبرة المتخصصة، والرفض المجتمعي والقصور الخدماتي.
وفيما يدعو الشعار وهو عضو مجلس إدارة اللجنة البارالمبية الأردنية إلى تكثيف توعية المجتمع بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والاهتمام بهم، وزيادة عدد الأندية المهيأة وتوزيعها بما يتناسب وتوزيعهم الديموغرافي، وتعزيز جاهزية الأندية بتوفير الأجهزة والمعدات والصالات المناسبة، وإلزام الأندية الرياضية بدمج ذوي الإعاقة ما أمكن، وإعداد مدربين مختصين للتعامل مع ذوي الإعاقة، يؤكد من ناحية أخرى أن رياضات ذوي الإعاقة معدّلة عن الرياضات الأصلية ولها قوانينها وأنظمتها وقواعدها، وتم تصميمها بحيث تمكن ذوي الإعاقة من ممارستها.
ويبين أنه على الرغم من أن المناخ التشريعي والتنظيمي قطع شوطا طويلا لتهيئة البيئة المناسبة لذوي الإعاقات لممارسة الأنشطة الرياضية والتنافسية، إلا أن المراقب لحال رياضات ذوي الإعاقة يرى بجلاء عزوف العديد منهم عن المشاركة الرياضية وضعف أعداد المشاركين، حيث تقتصر المشاركة على أعداد قليلة نسبة إلى عددهم الكلي، عازيا السبب الى عدم الاهتمام بتأهيل خريجي كليات ومعاهد التربية الرياضية للتعامل مع ذوي الإعاقة التحدي المالي، وغياب الخطط الكفيلة بتعظيم قاعدة المشاركين والتدريب والمشاركات الداخلية والخارجية.
تدريب المشرفين والمدربين للتعامل مع ذوي الإعاقة
وفي دراسة بعنوان "اتجاهات مشرفي النشاط الرياضي نحو مشاركة الطلبة من ذوي الإعاقة في النشاطات الرياضية في الجامعات الأردنية" للدكتور علي محمد الصمادي، أظهرت نتائجها أن غالبية اتجاه مشرفي النشاطات الرياضية مجتمع الدراسة لديهم اتجاه سلبي نحو مشاركة ذوي الإعاقة ودمجهم في الأنشطة الرياضية، وقد تعود الاتجاهات السلبية من قبل المشرفين الرياضيين إلى عدم توفر المعلومات الكافية عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى خشيتهم من تحمل المسؤولية القانونية.
ودعت الدراسة إلى إعداد دورات تدريبية لمشرفي النشاط الرياضي في الجامعات حول العمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وتطوير الخطة الدراسية لطلبة البكالوريوس تخصص التربية الرياضية بحيث تشتمل على عدد من المساقات.
وتنص اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المادة (4/ ط) على تشجيع تدريب الأخصائيين والموظفين العاملين مع الأشخاص ذوي الإعاقة في مجال الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية لتحسين وتوفير المساعدة والخدمات التي تكفلها تلك الحقوق.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه منظمة الصحة العالمية أهمية ممارسة الرياضة هي مهمة للجميع، إلا أنها تشير إلى حقيقة مؤلمة أخرى هي أن أكثر من نصف الأشخاص ذوي الإعاقة لا يمارسون تمارين النشاط البدني بشكل منتظم، وهو ما يعزز الخمول البدني والإصابة بالأمراض غير السارية، لافتا أيضا الى أن السمنة ونقص الانتباه والقلق والاكتئاب هي الأكثر شيوعا بين الأطفال ذوي الإعاقة، خاصة مع استبعادهم من ممارسة أي نشاط رياضي.
الدكتور طارق الخطيب أخصائي الطب الطبيعي والتأهيل، يؤكد ما ذهبت إليه المنظمة العالمية بقوله؛ إن ممارسة الرياضة مهمة للتأهيل ولاستعادة القدرة الوظيفية والقدرة العضلية والمهارة والتوافق العصبي العضلي والتحمل والسرعة والمرونة.
ويضيف: إن لعدم ممارسة الرياضة والتمارين بشكل منتظم يؤدي آثارا سلبية، فقد يتسبب ذلك في زيادة الوزن وفقدان القدرات الوظيفية، إضافة إلى إمكانية حدوث هشاشة العظام والكسور والتقرحات الجلدية، مشيرا إلى أنه يمكن تغيير أو تعديل أي رياضة لتصبح دامجة ومناسبة لذوي الإعاقة، السباحة، أو ركوب الدراجات، كرة القدم، كرة اليد، رفع الأثقال.
استشاري جراحة العظام والمفاصل الدكتور طارق نايف التميمي، يؤكد ما انتهى اليه الخطيب، موضحا أنه إذا كانت أساسات جهازنا الحركي هي العظام والمفاصل والعضلات والأربطة، فإن سر قوتها ونمائها يكمن في اقتران الغذاء السليم بممارسة الرياضة، فكثافة العظم تزداد كلما زادت كتلة العضلات من حوله؛ وبذلك فإن تمارين تقوية العضلات تمنع حدوث هشاشة وترقق العظام بشكل كبير وهذا ينطبق على الناس جميعهم، كما أن تمارين الليونة والاستطالة تحسن من أداء المفاصل وحركتها، فتمنع حدوث الخشونة.
مدير مديرية الأندية في وزارة الشباب والرياضة الدكتور ثامر المجالي، يقول: إن هناك 15 ناديا للأشخاص ذوي الإعاقة من أصل 401 ناد مرخصة في الوزارة، كما تعقد المديرية دورات وورشات لدمج ذوي الإعاقة في الهيئات العامة والشبابية والدمج في الأنشطة.
ووفقا لأسس نظام دعم الأندية، فقد وضعت المديرية نقاطا لتحفيز الأندية على استقطاب ذوي الإعاقة ضمن أعضاء الهيئتين العامة والإدارية، إلا أنه يشير الى أنه ورغم أن الدعم المادي للأندية من قبل الوزارة غير إلزامي، بيد أنّ هناك دعما تقدّمه الوزارة لأندية ذوي الإعاقة بما يقارب نفس الدعم المقدّم لأندية غير ذوي الإعاقة، لكن هذا الدعم قد يتفاوت وفقا لتقييم خاضع لأسس نظام الدعم.
ويضيف موضحا: إنّ هذا الدعم قد يتراوح ما بين 700 إلى ألفي دينار في السنة، وقد لا يكون هناك دعم تبعا لأنشطة النادي، فيما تطالب بعض الأندية بدعم استثنائي، وهذا كله يرجع إلى المخصصات المالية المتوفرة في الوزارة.
يشار إلى أن نوادي الأشخاص ذوي الإعاقة تتمركز في محافظة العاصمة، ويبلغ عددها 8، وثلاثة نواد في محافظة الزرقاء، وناديين في إربد وناد واحد في كل من محافظتي مادبا والمفرق، فيما أنه لا وجود لنواد خاصة بذوي الإعاقة في كل من محافظات معان والكرك والعقبة والطفيلة وعجلون وجرش والبلقاء، بحسب وزارة الشباب والرياضة، التي تقدر عدد الأشخاص ذوي الاعاقة في هذه المحافظات بـ 135 ألف شخص، وهو ما يعني حرمان شريحة واسعة منهم من ممارسة حقهم في الرياضة.
ذوو إعاقة محرومون من حق الرياضة
العين الدكتور إبراهيم البدور، يركز على أهمية الرياضة للأشخاص ذوي الإعاقة، مبينا أن عدد النوادي الرياضية للأشخاص ذوي الإعاقة غير كافية، فيما الأصل أن تكون النوادي الرياضية المنتشرة في أنحاء المملكة، مهيأة لهم، وتوفر الترتيبات التيسيرية والمتطلبات اللازمة في بيئة دامجة مع غير ذوي الإعاقة، وأن لا يكون هذا مقتصرا لعلى نواد محددة.
وتنص المادة (4/ط) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على: "ضمان توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة والأشكال الميسرة وإمكانية الوصول والتصميم الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبارها من المتطلبات الضرورية لممارستهم حقوقهم وحرياتهم".
إن ضعف مستوى مرافق الأندية وبما يلبي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وانحسار جاهزيتها لاستيعابهم، هو سبب آخر وراء هذا التنميط كما يقول سعيد الخزاعلة وهو عضو الهيئة الإدارية في نادي أجيال الغد الأردني، الذي يعتبر النادي الوحيد المرخّص من قبل وزارة الشباب والرياضة والمهيأ لرياضة الأشخاص ذوي الإعاقة بمحافظة المفرق، التي يبلغ أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة باختلاف درجة شدة إعاقتهم نحو 43 ألف شخص، بحسب تقرير تعداد السكّان والمساكن 2015.
بيد أنّ مبنى هذا النادي قديم، وتم العمل على ترميمه وإصلاحه تمهيدا لممارسة الأنشطة الرياضية فيها، وما زالت البنية التحتية بحاجة إلى تأهيل أكبر، وفقا للخزاعلة، فيما معظم الأندية في المحافظة ذاتها لا تتوفر فيها أية ترتيبات تيسيرية تسهّل الدمج فيها.
ويؤكد ضرورة وجود دعم لوجستي وإعلامي لنشاطات النادي، الذي ليس باستطاعته توفير تمارين طيلة العام للاعبين من ذوي الإعاقة، وهو ما يعني عودة الترهل والضمور لعضلات بعضهم نتيجة عدم ممارسة التمارين بشكل منتظم، لافتا الى قلة عدد المدربين المؤهلين لذوي الإعاقة، وعدم إلمامهم الكافي بكيفية التعامل مع ذوي الإعاقة نفسيا وجسديا، فضلا عن محدودية الكراسي المتحركة.
وأشار الى أن ميزانية النادي السنوية لا تتجاوز ألفي دينار، وهو مبلغ بالكاد يكفي لتغطية نفقات الكهرباء والمدربين واللاعبين والتنقل، لافتا إلى أن إقبال الفتيات ذوات الإعاقة على اللعب وممارسة الرياضة قليل جدا.
النساء ذوات الإعاقة يكابدن للحصول على حقهن في الرياضة
تقول الجمعية العامة للأمم المتحدة إن النساء والفتيات ذوات الإعاقة غالبًا ما يتعرضن لـ "تمييز متعدد - التمييز ليس فقط بسبب إعاقة، ولكن أيضًا لأنهن إناث"، مشيرة إلى أن الرياضة تشجع في أبسط أشكالها على المشاركة المتوازنة وتعزيز المساواة بين الجنسين وفقا للهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة وهو تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات.
ووفقا لمناظرة سنوية عقدتها لأمم المتحدة في العام 2021 حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المشاركة بالرياضة بموجب المادة 30 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن هناك حاجة إلى جهود أقوى بكثير لتعزيز المساواة بين الجنسين، ذلك أن التمثيل الناقص للنساء والفتيات ذوات الإعاقة، داخل وخارج الميدان، أمر غير مقبول، ما يستدعي زيادة الدعم للرياضة للأشخاص ذوي الإعاقة، وللرياضات الشاملة في البيئات المختلفة، إذ ستكون الضمانات لمنع العنف والإساءة على أساس النوع الاجتماعي ضرورية لهذه الجهود.
ووفقا لهذا المنبر الدولي، يجب أن يتمتع الرياضيون ذوو الإعاقة بنفس مستوى الدعم الذي يتمتع به الرياضيون الآخرون، وضمان الوصول إلى التكنولوجيات المساعدة المناسبة والدعم المالي، وستكون مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة كمنظمين ومتفرجين وحكام ورياضيين وقادة مجتمعيين ورجال أعمال تحولاً في هذا القطاع.
تقول الباحثة في مركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية الدكتورة أمل الخاروف، إن مشاركة الإناث في الرياضة تتحدى التنميطات والأدوار الاجتماعية المرتبطة عادة بالنساء حيث يمكن للرياضة أن تساعد النساء والفتيات على إظهار مواهبهن وإنجازاتهن في المجتمع وبما يعزز ثقتهن بأنفسهن، كما تتيح الرياضة فرصاً للتفاعل والاندماج المجتمعي.
حق يكفله الدستور والقوانين
أما أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية الدكتور ليث نصراوين، فيقول إن المادة (30) من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تنص على أنه "تمكينا للأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة على قدم المساواة مع آخرين، في أنشطة الترفيه والتسلية والرياضة، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة من أجل تشجيع وتعزيز مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى أقصى حد ممكن، في الأنشطة الرياضية العامة على جميع المستويات وضمان دخولهم إلـى الأماكن الرياضية والترفيهية والسياحية".
ويلفت إلى أن اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة تعتبر من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان الذي استكمل الأردن الإجراءات الدستورية للمصادقة عليها، وذلك من خلال عرضها على مجلس الأمة والموافقة عليها بقانون تصديق خاص هو قانون التصديق على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (7) لسنة 2008.
وعن القوانين المحلية التي تركّز على دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الرياضة، بين نصراوين أن المادة (42) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017 تنص على أنه "لا يجوز استبعاد الشخص أو تقييد حقه في الانضمام إلى الاتحادات الرياضية والنوعية والأندية، أو تقييد ممارسته للألعاب الرياضية، على أساس الإعاقة أو بسببه".
كما تنص الفقرة (ب) من المادة ذاتها على "تلتزم اللجنة الأولمبية الأردنية خلال (5) سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون، بتضمين الاستراتيجيات والخطط الرياضية تدابير تكفل إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في البرامج والنشاطات الرياضية المختلفة، وإدخال الألعاب الرياضية المختلفة التي يمارسها الأشخاص ذوو الإعاقة في الأندية والمراكز والاتحادات الرياضية، وضمان إِشراكهم في المسابقات الرياضية المختلفة، وتهيئة المرافق الرياضية العامة من خلال إمكانية الوصول بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة".
لكن نصراوين يلاحظ في المقابل، أن القانون الخاص بالحركة الرياضية وهو قانون اللجنة الأولمبية الأردنية رقم (13) لسنة 2007 لم يتضمن أي إشارات واضحة وصريحة لصالح تمكين ذوي الإعاقة من ممارسة الأعمال الرياضية، فهذا القانون أنشأ في المادة (3) منه اللجنة الأولمبية الأردنية، والتي لها شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، وتهدف إلى رعاية الحركة الرياضية الأردنية.
وتنص المادة (4) من القانون على أن تتولى اللجنة الأولمبية لتحقيق أهدافها ومنها المشاركة الفعلية في الأنشطة التي تهدف إلى تحقيق الوئام الإنساني ومحاربة التمييز.
وقد صدر استنادا لأحكام هذا القانون نظام خاص لتشكيل الاتحادات الرياضية وطريقة إدارتها، هو نظام الاتحادات الرياضية الأردنية رقم (73) لسنة 2021، الذي أيضا لم يتضمن إشارة واضحة وصريحة لحق الأشخاص ذوي الإعاقة في ممارسة الرياضة، حيث تنص المادة (2) من النظام بالقول إن الاتحاد الرياضي يهدف إلى منع أشكال التمييز سواء أكان ضد بلد أو شخص أو مجموعة من الأفراد؛ بسبب الأصل العرقي أو الجنس أو اللغة أو الدين أو السياسة أو أي سبب آخر، وحظر أي انتهاك لحقوق الإنسان.
ويقصد بالاتحاد الرياضي لهذه الغاية كل هيئة أهلية تطوعية رياضية وطنية منتسبة للجنة تقوم برعاية رياضة واحدة أو أكثر، وتؤسس وفقاً لأحكام القانون والنظام.
أسر ذوي الإعاقة: كفاح لا يكلُّ
يعود المحامي مهند الخطيب ولي أمر اللاعبة إسراء، إلى البدايات قبل 27 عاما، عندما علم من الأطباء أن لدى ابنته إعاقة ذهنية، فأدخلها مدرسة حكومية لتلتحق بصفوف صعوبات التعلّم، إلا أنّ المخرجات كانت دون المستوى المطلوب، فعانت من التهميش والتنمر، لتلتحق بمدارس خاصة ليتكرر معها المشهد ذاته.
لقد شاءت الأقدار أن تدرس إسراء في مركز نازك الحريري حيث أنهت الثانوية العامة، فاكتشف القائمون على المركز مواهب جمّةً لديها، مثل الرسم وغزل النسيج على النول، فضلا عن مقدرتها في الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية، وامتلاكها العديد من المهارات الرياضية، الأمر الذي قادها للاشتراك في عدد من الرياضات في الأولمبياد الخاص الاردني، فمارست ألعاب القوى والتزلج على الجليد، وأحرزت ميداليات ذهبية وبرونزية في عدد من البطولات العالمية والعربية والمحلية، بحسب ما يقول والدها.
إسراء، على ما يقول والدها، أصبحت رئيسة اللاعبين القادة في الأولمبياد الخاص الأردني، وتترأس عددا من الاجتماعات، مشيرا إلى أهمية دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع ليعيشوا حياتهم كغيرهم بعيدا عن التنمر والتهميش.
الأولمبياد الخاص الأردني
مدير الأولمبياد الخاص الأردني الدكتور علي الشواهين، يعتبر هذا الأولمبياد الأول عربيا في انضمامه للأولمبياد الخاص الدولي، فمنذ التأسيس قدم الأولمبياد الخاص الأردني خدماته لأكثر من ستة الآف لاعب ولاعبة، مشيرا الى هذا الأولمبياد الخاص الأردني هو الجهة الوحيدة التي تقدم خدمات رياضية وبرامج مبادرات متنوعة للأشخاص والأطفال ذوي الإعاقة الذهنية، وبين كل فترة وأخرى نعقد برامج في المحافظات.
ويبين الشواهين أن الأولمبياد الخاص الأردني منذ نشأته في العام 1986 حصد 205 ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية من خلال المشاركات في الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص الصيفية والشتوية، كما حصد 194 ميدالية ذهبية وفضية وبرونزية في الألعاب الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعن التحديات التي تواجه رياضات الأولمبياد الخاص، يوضح أنها عديدة، منها النقص في الجوانب التمويلية التي تحد من التوسع في الرياضات، وكذلك محدودية أماكن التدريب مع العلم بأن عدد رياضاته حول العالم تزيد على 32 رياضة صيفية وشتوية لذوي الإعاقة الذهنية، لكن ما يتم ممارسته حاليا هو 14 رياضة نتيجة لقلة الدعم المادي وعدم توفر أماكن التدريب المناسبة، داعيا إلى توفير الأندية الدامجة في جميع أنحاء المملكة، لتمكين ذوي الإعاقة من ممارسة حقهم في الرياضة لبناء قدراتهم وتطوير مهاراتهم.