القلعة نيوز - في الدول الديمقراطية تكون المجالس المنتخبة شعبيا هي الساحة و المكان الشرعي الذي يمارس فيه النائب دوره التشريعي و الرقابي على أداء الحكومات ، و محاسبتها على أعمالها و سياساتها الداخلية و الخارجية و كيفية إدارتها للمؤسسات الرسمية ، و رعاية مصالح المواطنين و توفير الخدمات لهم . و ينقسم النواب في ذلك إلى ثلاثة اقسام ، القسم الأول مؤيد للحكومة ، و القسم الثاني محايد و كأن الأمر لا يعنيه ، اما القسم الثالث فهم فئة النواب التي تعارض طرح الحكومة و ليس من باب المناكفة و تسجيل المواقف بل لما يراه هذا النائب "المعارض" من تقصير الحكومة في عدم توفير سبل الحياة الكريمة للمواطن ، و عدم انصاف المواطنين و التغول على جيوبهم . و تتخذ هنا المعارضة عدد من الأشكال للتعبير ، و في هذا المقال سأتحدث عن النائب محمد جميل الظهراوي نائب محافظة الزرقاء ، و الذي يعتبره معظم أبناء الشعب بأنه نائب وطن . و من هنا يكون التساؤل : هل نحن أمام نهج معارضة جديد بأسلوب نقد ساخر ؟ إن ما يقوم به النائب محمد جميل الظهراوي هو "بروباغندا" خاصة به و على طريقته البسيطة العفوية . و التي أجزم ان مصدرها هو تفاعله مع واقع الناس المعيشي ، و احساسه المرير بمعاناتهم ، و أنه يؤمن بأن واجبه كنائب أن يعبر عنها بكل جرأة . و في استعراض سريع لبعض كلمات النائب الظهراوي في الجلسات التشريعية و الرقابية و مداخلاته و تصريحاته لوسائل الإعلام المختلفة ، نجد المهارة العالية المتميزة في طرح القضايا المختلفة ، و التي تحمل في طياتها نقد لاذع لسياسات الحكومة و تقصيرها في خدمة المواطن . و لم يتوانى النائب الظهراوي في توجيه سهام النقد للحكومة بشكل عام او أفراد الفريق الوزاري او حتى مسؤولي المؤسسات الرسمية اذا قصرت في أداء واجبها نحو المواطنين . لقد تقمص النائب محمد جميل الظهراوي شخصية ذلك المواطن الذي يعيش الفقر و العوز و الجوع ، او ذلك المواطن الذي يعيش حد الكفاف في ظل الضغوطات و الالتزامات اليومية . و قد عكس ذلك كله بأسلوب ناقد ملقيا اللوم على المواطن الذي لا يرحم الحكومة بطلباته ، قائلا : "كويس اللي الحكومة متحملة المواطن !" . إن ما يصدر عن النائب الظهراوي هو محط متابعة رسمية و شعبية كبيرة ، و لها صدى واسع شعبيا لما يرى فيه المواطن أن ذلك يعبر عما يجول في خاطره ، و يتكلم بلسان حاله حول ما يعيشه من ضغوطات اقتصادية و احتياجات اساسية . و بذلك يكون النائب محمد جميل الظهراوي قد وضع نهجا جديدا للمواطن و اسلوب حضاري للاحتجاج و المطالبة بالحقوق . شاهدا على ذلك سرعة تداول كلمات و تعليقات النائب بين الناس في جلساتهم و على وسائل الإعلام المختلفة و بالأخص وسائل التواصل الاجتماعي ، و تجدر الإشارة هنا الى الاعداد الكبيرة المتابعة لصفحات و قنوات النائب محمد الظهراوي و حجم المشاهدات و الردود . و عودة لبعض ما ورد على لسان النائب : "المتقاعد يأخذ 200 دينار ! ، و يتبطر على الحكومة ، ٥ ليرات كهرباء و ٥ ليرات ماء و وفر الباقي ! ، حقيقة المتقاعدين ظالمين الوزراء" . و في تعليقه على موضوع البطالة ، موجها كلامه لوزير العمل :"وزير العمل قضى على البطالة في جنوب و شرق آسيا و سريلانكا و إندونيسيا و ما خلى واحد غير شغله ، أما اولاد الزرقاء و الرمثا و اربد ... ! ، الله يبارك فيك يا وزير العمل " . و في نقده لوزير التربية و التعليم : " وزير التربية و التعليم بتحط لنا كل 60 طالب في صف ! صحيح هو ادفى لنا و لكن احنا ما بنعرف مصلحتنا ! حقك علينا و بنعتذر منك يا وزير التربية . و قال واحد ابنه جايب ٩٩ ، هذا هامل و داير على الاراجيل و بدك تدرس طب ! " . و في أقوى وصف للجوع الذي وصل اغلب المواطنين كانت مقولته التي وجهها لمجلس الوزراء : "و بنعتذر منكم ، لما الناس بتروحو للحاويات و الزباله للأكل ! بس قصرو الحاويات شوي للناس علشان تعرف تطول الاكل" . و حالة أخرى ينتقد فيها وزير المالية و مؤسسة الضمان الاجتماعي : "الله على الضمان ، و علي الضمان مش عارف لوين رايحة فينا ! ، الإنسان بلا دار في الدنيا لأنها ملهاة و الدار الآخرة أبقى لذلك الحكومة تعينه على ذلك الهدف !" . و على موضوع غلاء اسعار المشتقات النفطية ، علق النائب الظهراوي : " في كل دول العالم ما صارت الصوبة ارخص من جلن الكاز !" . اما وزير الصحة لم يسلم من سهام نقد النائب الظهراوي : "اهنئك بإضافة الصيدلة لتأخذ البورد فيوجن ! في الصيدلة" . " اما وزير الصحة على قلبك بس مش صحة على قلب المواطن" . خاتما كلمته ب :"هور يا ابو الهوارة ضاعت و الله الوزارة ". و قال مخاطبا المجلس :"سعادة الرئيس المحترم ، السادة أعضاء فريق الرعد المحترمين " ، في إشارة منه إلى لقاء اعلامي لرئيس الوزراء و قوله أنه كان حارس لفريق الرعد في صغره . و في آخر تصريح لوسائل الإعلام بعد خروجه من إحدى جلسات مجلس النواب ، علق قائلا :"إنا لله و إنا اليه راجعون ، طلعت الحكومة محبوبة و مهضومة ، لحد الان ثلاثة صفر لصالح الحكومة" . اذن و بعد الاستعراض السريع لبعض ما صدر ع النائب محمد جميل الظهراوي و اسلوبه اللاذع في النقد ، يحق لنا أن نتسآل : هل يجدي هذا الأسلوب نفعا في نقل و التخفيف من معاناة المواطنين ؟ اعتقد جازما بأن الضغط الذي يولده على الحكومة و تظهر نتائجه في أداء الحكومة الايجابي نحو مختلف القضايا ، و ردود الأفعال الشعبية التي تجد في ذلك متنفسا لها ، هو الدليل القاطع على نجاح هذا الأسلوب في المعارضة .
احمد الحراسيس عمان ٣/١/٢٠٢٣