وتأتي هذه الانتخابات في وقت حاسم، حيث تعيش المملكة مرحلة تحديث شاملة للمنظومة السياسية، مما يضيف طابعًا مميزًا على هذه الدورة الانتخابية وبدأ المرشحون بالتواصل مع الناخبين عبر دعايات انتخابية محكومة بقوانين جديدة، تبرز من خلالها شعارات متعددة تعكس رؤاهم وأفكارهم.
ويُلاحظ أن الدعاية الانتخابية التي تغطي أنحاء المملكة تمثل نقطة التقاء بين المترشحين وشرائح المجتمع المختلفة، لكن الدراسات تشير إلى وجود فجوة بين الشعارات المعلنة وبرامج العمل الواقعية في ظل الدعوات الحكومية المتكررة إلى ضرورة وجود برامج سياسية واضحة، يعكس السلوك الانتخابي تحديات تواجه المترشحين في صياغة خطط عمل ملموسة تتناول القضايا الأساسية مثل التعليم والصحة والاقتصاد.
وتم الرصد على مدار الأيَّام الماضية لوحات الدِّعاية الانتخابية التي تنتشر في مناطق المملكة كافة، والتي حملت صورًا وعبارات هي عبارة عن طريق التَّواصل بين المترشح لعضوية مجلس النواب وبين من سينتخبه ويمثله في إدارة الدولة الأردنية وصناعة قراراتها المستقبلية.
وقالت أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتورة ميساء الرَّواشدة إنَّ الشعارات والبرامج الانتخابية للأحزاب والمترشحين لمجلس النواب الأردني تمثل أدوات رئيسية للتواصل مع المواطنين وإيصال الرؤى والأفكار التي تسعى لتحقيق التنمية والتقدم في المجتمع وتحمل هذه الشعارات أبعادًا سياسية واجتماعية تعكس تطلعات الجهات المترشحة ورغبتها في إحداث تغيير إيجابي.
وأضافت أنَّ مدى واقعية هذه الشعارات يعتمد على مدى توافقها مع الاحتياجات الحقيقية للمجتمع الأردني وقدرتها على التحول إلى خطط عمل ملموسة قابلة للتنفيذ، حيث إنَّ بعض الشعارات قد تكون طموحة وملهمة، لكنها قد تفتقر إلى آليات التنفيذ الواضحة والموارد اللازمة لتحقيقها، بينما هناك شعارات وبرامج أخرى تأتي مدعومة بخطط واضحة وحلول عملية تعكس فهمًا عميقًا للتحديات الحالية.
وأكدت أنَّ الانتخابات النيابية الأردنية لعام 2024 تشهد نقاشًا واسعًا حول الشعارات والبرامج الانتخابية المطروحة من قبل الأحزاب والمترشحين، وأبرز الملاحظات تشير إلى أن العديد من الشعارات تبدو عامة أو مكررة من الانتخابات السابقة، وتركز غالبًا على القضايا الخدمية بدلًا من الإصلاحات السياسية الجوهرية، وهذه الشعارات غالبًا ما تهدف إلى حماية المترشحين من المساءلة مستقبلاً إذا لم يتمكنوا من الوفاء بوعودهم.
وقالت إنَّ هناك دعوات من المسؤولين الحكوميين مثل وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، لتوجيه الناخبين نحو اختيار المترشحين بناءً على برامج سياسية واضحة بدلًا من الروابط القبلية أو الشخصية، إضافة إلى عدم وضوح التمثيل الحزبي لبعض المرشحين حيث لا يستطيع الناخب التمييز بين اذا كان المرشح يمثل حزبا أو كتلة مستقلة وأغلب الدعايات الانتخابية اقتصرت على صور المرشحين مع أسمائهم واسم الحزب أو شعاره وضع بحجم صغير لا يستطيع الناخب تمييزه الا عند التدقيق بالصورة ورغم الدعوات إلى الواقعية في البرامج الانتخابية، فإن الكثير من المترشحين يواجهون صعوبة في تقديم برامج واضحة ومفصلة تتناول قضايا حيوية مثل التعليم والصحة والاقتصاد.
ونوهت إلى أنَّ حداثة التجربة الحزبية وفقا للقانون الجديد وتقسيمات الدوائر وفقا لقانون الانتخاب الجديد، وتنافس الاحزاب للحصول على اكبر عدد من المقاعد ضمن حصَّة الأحزاب جعلها تعتمد اكثر على الاشخاص لتجاوز العتبة بدلا من الاعتماد على البرامج الانتخابية.
وقالت استاذة التشريعات الإعلامية والخبيرة في القانون الدكتورة نهلا المومني إنَّ الدعاية الانتخابية تعد من أبرز مراحل العملية الانتخابية من حيث النظر الى الفلسفة الكامنة من وراء اقرارها واعتبارها حقا اساسيا للمرشح وللناخب او الناخبة في الوقت ذاته.
وأضافت أنَّ هذه الدعاية هي وسيلة التواصل والاتصال بين المرشحين والمرشحات وبين الجمهور المستهدف لعرض برامجهم الانتخابية ورؤيتهم المستقبلية والرسائل التي سيولونها الاهتمام الأبرز خلال فترة ولايتهم، والمنظومة التشريعية التي ستكون محط دراستهم ومراجعتهم واقرارهم لاحداث تغيير في السياسات القائمة والممارسات المعمول بها.
ولفتت إلى أنَّ هذه الدعاية كانت وما زالت ذات تأثير على سلوك الناخبين وتوجهاتهم، وهذا التأثير يكون بفعل الدعاية الانتخابية على سلوك الناخبين هو ما دفع المنظومة التشريعية في دول العالم كافة إلى وضع تأطير قانوني لهذه المرحلة تشكل ضوابط ومحددات قادرة أن تحول قدر الإمكان دون أنّ تكون هذه الدعاية ذات تأثير مضلل على الإرادة الحرة للناخبين وان تبقى في اطار الشفافية والنزاهة والحياد، وفي الوقت ذاته أن تقلل الفوارق الناتجة عن تفاوت الإنفاق المالي بين المرشحين، والأهم أن تكون بعيدة كلّ البعد عن أية ممارسات تشكل بطبيعتها أفعالا جرمية.
وقالت إنَّ المنظومة التشريعية في الأردن كانت واضحة في تحديد موعد الدعاية الانتخابية لتكون من تاريخ قبول طلب الترشح على أن تنتهي قبل 24 ساعة من اليوم المحدد للاقتراع، وتم منح الراغب في الترشح بعد الاعلان عن موعد الاقتراع الإفصاح عن نيته للترشح عبر منصات التواصل الاجتماعي فقط ويحظر عليه ممارسة أية أنشطة انتخابية او دعائية مدفوعة الأجر أو ذات كلف مالية أو تقديم أي نوع من الهبات أو المعونات أو المساعدات بعد هذا الإفصاح.
وأكدت أنَّ مظاهر الاخلال بالضوابط القانونية للدعاية الانتخابية ذات مشهد متكرر في كل انتخابات نيابية ابتداء من مخالفة اماكن وضع الدعاية الانتخابية وتأثيرها في العديد من الاحيان على السلامة العامة ومرورا باستعمال الأطفال في أعمال هذه الدعاية وانتهاء بالتلويح بالوعود بمكاسب مادية ومعنوية لغايات التأثير على ارادة الناخبين وغيرها الكثير.
وأوضحت أنَّ مظاهر الإخلال يقابلها تحد واقعي في صعوبة ملاحقة كافة هذه المخالفات او معرفتها او وصول العلم بها لاتخاذ المقتضى القانوني الأمثل، فهذا التحدي وإن تم تجريمه قانونا، إلا أنَّ المراهنة على وضع حدّ له تنبع وتصب بالدرجة الاولى من تشكيل وعي مجتمعي قادر على التصدي فكريا لأية دعاية مضللة او مخالفة، وقادر في الوقت ذاته على أن يكون الرقيب والمحاسب الأول لمن يخالف القانون؛ فمن وجد في نفسه ما يؤهله لتولى مهمة التشريع -وهي المهمة الأسمى والأهم في أي دولة وعنوان حضارتها- يتوجب عليه أن يكون الحريص على تطبيق القانون دون اجتزاء وبعيدا عن اية اعتبارات شخصية.
وبين الباحث الحقوقي الرَّئيسي ومدير البرامج والأبحاث في معهد السياسة والمجتمع حسين الصَّرايرة أنَّ المرشحين للانتخابات النيابية الأردنية هم مرآة تعكس هوياتهم السياسية من خلال خطابهم وشعاراتهم وبرامجهم.
وأضاف أنَّ هذه العناصر تحدِّد موقعهم على الطيف السياسي الحزبي، الذي يمكن قراءته على مستويين رئيسيين: الأفقي والعمودي في الطيف السياسي الحزبي الأردني وسبل تحالف المتقارب منه قبل الانتخابات ولاحقاً تحت القبة، وهذه دراسة يقوم معهد السياسة والمجتمع مع صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية بالعمل عليها وستعلن نتائجها قبل الانتخابات.
ولفت إلى أنَّ المستوى الأفقي للطيف السياسي يتمثل في النظرة إلى أدوات الإنتاج ورأس المال والموارد، ويظهر هذا المستوى بكيفية تعامل الأحزاب والمرشحين مع قضايا الإدارة الاقتصادية وتوزيع الموارد، وعلى اليسار يوجد تركيز على مفاهيم العدالة وتكافؤ الفرص، حيث تسعى الأحزاب إلى تقليل الفجوات الاقتصادية وتعزيز دور الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، وفي المقابل، يميل اليمين إلى تعزيز المبادرات الفردية وتخفيف تدخل الدولة في الاقتصاد، مما يعكس توجهات أكثر تحررية في مجال السوق وتوزيع الموارد.
وبين أنَّه وعلى المستوى العمودي فيرتبط بالشأن الاجتماعي والقيمي ونظرة السياسي للمجتمع وعلاقات الأفراد، وهنا، يظهر التباين بين المحافظين، الذين يركزون على القيم التقليدية والحفاظ على النظم الاجتماعية السائدة، والليبراليين، الذين يدعون إلى مزيد من الحريات العامة والفردية والتغيير الاجتماعي ويعكس هذا التباين كيف تنظر الأحزاب إلى قضايا الحريات الشخصية، القيم الاجتماعية، والمساواة بين الأفراد.
وأشار إلى أنَّه يصعب على الباحث تصنيف الأحزاب الأردنية البالغ عددها 38 حزباً بدقة على هذا المقياس الطيفي، ذلك لأن الأحزاب نفسها ليست متفقة دائماً على خطابها السياسي أو برامجها، وفي بعض الحالات، تعاني من تناقض بين ما تعلنه وبين الواقع الفعلي لبرامجها، ويتسبب هذا التباين في صعوبة تحديد مكان كل حزب بدقة على الطيف السياسي، حيث يمكن أن يظهر حزب ما على اليمين في مسألة اقتصادية وعلى اليسار في مسألة اجتماعية.
وقال إنَّ الأحزاب استعانت بعناصر تسويقية لحملاتها الانتخابية، لكنها غالباً ما تخلط بين التسويق التجاري والسياسي، ويتطلب التسويق السياسي فهماً عميقاً للساحة الحزبية والقدرة على تمييز الهوية السياسية بوضوح، وهو ما لا يتوفر دائماً في الحملات الانتخابية الأردنية.
وأكد أنَّ عددا من المترشحين يتجنب الحديث عن قضايا الخدمات والتنمية، مشيرين إلى أن الدور التشريعي والرقابي يفتقر إلى هذه الجوانب، وهذا يعكس تفريغاً ممنهجاً لدور النائب من مهامه الدستورية الأساسية التي تشمل حوكمة السياسات العامة والمشاركة في تطويرها لخدمة المواطنين.
وبين أنَّ البرامج الحزبية وشعارات المرشحين في الانتخابات النيابية الأردنية تعكس تعقيداً وتنوعاً في التوجهات السياسية، مما يشكل تحدياً للناخبين في تقييم الخيارات المتاحة، وأن فهم هذه الديناميكيات والاتجاهات على الطيف السياسي الحزبي يساعد في توفير رؤية أكثر وضوحاً لكيفية تأثير هذه البرامج والشعارات على مستقبل السياسة الأردنية.
( بركات الزِّيود- بترا)
وتأتي هذه الانتخابات في وقت حاسم، حيث تعيش المملكة مرحلة تحديث شاملة للمنظومة السياسية، مما يضيف طابعًا مميزًا على هذه الدورة الانتخابية وبدأ المرشحون بالتواصل مع الناخبين عبر دعايات انتخابية محكومة بقوانين جديدة، تبرز من خلالها شعارات متعددة تعكس رؤاهم وأفكارهم.
ويُلاحظ أن الدعاية الانتخابية التي تغطي أنحاء المملكة تمثل نقطة التقاء بين المترشحين وشرائح المجتمع المختلفة، لكن الدراسات تشير إلى وجود فجوة بين الشعارات المعلنة وبرامج العمل الواقعية في ظل الدعوات الحكومية المتكررة إلى ضرورة وجود برامج سياسية واضحة، يعكس السلوك الانتخابي تحديات تواجه المترشحين في صياغة خطط عمل ملموسة تتناول القضايا الأساسية مثل التعليم والصحة والاقتصاد.
وتم الرصد على مدار الأيَّام الماضية لوحات الدِّعاية الانتخابية التي تنتشر في مناطق المملكة كافة، والتي حملت صورًا وعبارات هي عبارة عن طريق التَّواصل بين المترشح لعضوية مجلس النواب وبين من سينتخبه ويمثله في إدارة الدولة الأردنية وصناعة قراراتها المستقبلية.
وقالت أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتورة ميساء الرَّواشدة إنَّ الشعارات والبرامج الانتخابية للأحزاب والمترشحين لمجلس النواب الأردني تمثل أدوات رئيسية للتواصل مع المواطنين وإيصال الرؤى والأفكار التي تسعى لتحقيق التنمية والتقدم في المجتمع وتحمل هذه الشعارات أبعادًا سياسية واجتماعية تعكس تطلعات الجهات المترشحة ورغبتها في إحداث تغيير إيجابي.
وأضافت أنَّ مدى واقعية هذه الشعارات يعتمد على مدى توافقها مع الاحتياجات الحقيقية للمجتمع الأردني وقدرتها على التحول إلى خطط عمل ملموسة قابلة للتنفيذ، حيث إنَّ بعض الشعارات قد تكون طموحة وملهمة، لكنها قد تفتقر إلى آليات التنفيذ الواضحة والموارد اللازمة لتحقيقها، بينما هناك شعارات وبرامج أخرى تأتي مدعومة بخطط واضحة وحلول عملية تعكس فهمًا عميقًا للتحديات الحالية.
وأكدت أنَّ الانتخابات النيابية الأردنية لعام 2024 تشهد نقاشًا واسعًا حول الشعارات والبرامج الانتخابية المطروحة من قبل الأحزاب والمترشحين، وأبرز الملاحظات تشير إلى أن العديد من الشعارات تبدو عامة أو مكررة من الانتخابات السابقة، وتركز غالبًا على القضايا الخدمية بدلًا من الإصلاحات السياسية الجوهرية، وهذه الشعارات غالبًا ما تهدف إلى حماية المترشحين من المساءلة مستقبلاً إذا لم يتمكنوا من الوفاء بوعودهم.
وقالت إنَّ هناك دعوات من المسؤولين الحكوميين مثل وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، لتوجيه الناخبين نحو اختيار المترشحين بناءً على برامج سياسية واضحة بدلًا من الروابط القبلية أو الشخصية، إضافة إلى عدم وضوح التمثيل الحزبي لبعض المرشحين حيث لا يستطيع الناخب التمييز بين اذا كان المرشح يمثل حزبا أو كتلة مستقلة وأغلب الدعايات الانتخابية اقتصرت على صور المرشحين مع أسمائهم واسم الحزب أو شعاره وضع بحجم صغير لا يستطيع الناخب تمييزه الا عند التدقيق بالصورة ورغم الدعوات إلى الواقعية في البرامج الانتخابية، فإن الكثير من المترشحين يواجهون صعوبة في تقديم برامج واضحة ومفصلة تتناول قضايا حيوية مثل التعليم والصحة والاقتصاد.
ونوهت إلى أنَّ حداثة التجربة الحزبية وفقا للقانون الجديد وتقسيمات الدوائر وفقا لقانون الانتخاب الجديد، وتنافس الاحزاب للحصول على اكبر عدد من المقاعد ضمن حصَّة الأحزاب جعلها تعتمد اكثر على الاشخاص لتجاوز العتبة بدلا من الاعتماد على البرامج الانتخابية.
وقالت استاذة التشريعات الإعلامية والخبيرة في القانون الدكتورة نهلا المومني إنَّ الدعاية الانتخابية تعد من أبرز مراحل العملية الانتخابية من حيث النظر الى الفلسفة الكامنة من وراء اقرارها واعتبارها حقا اساسيا للمرشح وللناخب او الناخبة في الوقت ذاته.
وأضافت أنَّ هذه الدعاية هي وسيلة التواصل والاتصال بين المرشحين والمرشحات وبين الجمهور المستهدف لعرض برامجهم الانتخابية ورؤيتهم المستقبلية والرسائل التي سيولونها الاهتمام الأبرز خلال فترة ولايتهم، والمنظومة التشريعية التي ستكون محط دراستهم ومراجعتهم واقرارهم لاحداث تغيير في السياسات القائمة والممارسات المعمول بها.
ولفتت إلى أنَّ هذه الدعاية كانت وما زالت ذات تأثير على سلوك الناخبين وتوجهاتهم، وهذا التأثير يكون بفعل الدعاية الانتخابية على سلوك الناخبين هو ما دفع المنظومة التشريعية في دول العالم كافة إلى وضع تأطير قانوني لهذه المرحلة تشكل ضوابط ومحددات قادرة أن تحول قدر الإمكان دون أنّ تكون هذه الدعاية ذات تأثير مضلل على الإرادة الحرة للناخبين وان تبقى في اطار الشفافية والنزاهة والحياد، وفي الوقت ذاته أن تقلل الفوارق الناتجة عن تفاوت الإنفاق المالي بين المرشحين، والأهم أن تكون بعيدة كلّ البعد عن أية ممارسات تشكل بطبيعتها أفعالا جرمية.
وقالت إنَّ المنظومة التشريعية في الأردن كانت واضحة في تحديد موعد الدعاية الانتخابية لتكون من تاريخ قبول طلب الترشح على أن تنتهي قبل 24 ساعة من اليوم المحدد للاقتراع، وتم منح الراغب في الترشح بعد الاعلان عن موعد الاقتراع الإفصاح عن نيته للترشح عبر منصات التواصل الاجتماعي فقط ويحظر عليه ممارسة أية أنشطة انتخابية او دعائية مدفوعة الأجر أو ذات كلف مالية أو تقديم أي نوع من الهبات أو المعونات أو المساعدات بعد هذا الإفصاح.
وأكدت أنَّ مظاهر الاخلال بالضوابط القانونية للدعاية الانتخابية ذات مشهد متكرر في كل انتخابات نيابية ابتداء من مخالفة اماكن وضع الدعاية الانتخابية وتأثيرها في العديد من الاحيان على السلامة العامة ومرورا باستعمال الأطفال في أعمال هذه الدعاية وانتهاء بالتلويح بالوعود بمكاسب مادية ومعنوية لغايات التأثير على ارادة الناخبين وغيرها الكثير.
وأوضحت أنَّ مظاهر الإخلال يقابلها تحد واقعي في صعوبة ملاحقة كافة هذه المخالفات او معرفتها او وصول العلم بها لاتخاذ المقتضى القانوني الأمثل، فهذا التحدي وإن تم تجريمه قانونا، إلا أنَّ المراهنة على وضع حدّ له تنبع وتصب بالدرجة الاولى من تشكيل وعي مجتمعي قادر على التصدي فكريا لأية دعاية مضللة او مخالفة، وقادر في الوقت ذاته على أن يكون الرقيب والمحاسب الأول لمن يخالف القانون؛ فمن وجد في نفسه ما يؤهله لتولى مهمة التشريع -وهي المهمة الأسمى والأهم في أي دولة وعنوان حضارتها- يتوجب عليه أن يكون الحريص على تطبيق القانون دون اجتزاء وبعيدا عن اية اعتبارات شخصية.
وبين الباحث الحقوقي الرَّئيسي ومدير البرامج والأبحاث في معهد السياسة والمجتمع حسين الصَّرايرة أنَّ المرشحين للانتخابات النيابية الأردنية هم مرآة تعكس هوياتهم السياسية من خلال خطابهم وشعاراتهم وبرامجهم.
وأضاف أنَّ هذه العناصر تحدِّد موقعهم على الطيف السياسي الحزبي، الذي يمكن قراءته على مستويين رئيسيين: الأفقي والعمودي في الطيف السياسي الحزبي الأردني وسبل تحالف المتقارب منه قبل الانتخابات ولاحقاً تحت القبة، وهذه دراسة يقوم معهد السياسة والمجتمع مع صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية بالعمل عليها وستعلن نتائجها قبل الانتخابات.
ولفت إلى أنَّ المستوى الأفقي للطيف السياسي يتمثل في النظرة إلى أدوات الإنتاج ورأس المال والموارد، ويظهر هذا المستوى بكيفية تعامل الأحزاب والمرشحين مع قضايا الإدارة الاقتصادية وتوزيع الموارد، وعلى اليسار يوجد تركيز على مفاهيم العدالة وتكافؤ الفرص، حيث تسعى الأحزاب إلى تقليل الفجوات الاقتصادية وتعزيز دور الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، وفي المقابل، يميل اليمين إلى تعزيز المبادرات الفردية وتخفيف تدخل الدولة في الاقتصاد، مما يعكس توجهات أكثر تحررية في مجال السوق وتوزيع الموارد.
وبين أنَّه وعلى المستوى العمودي فيرتبط بالشأن الاجتماعي والقيمي ونظرة السياسي للمجتمع وعلاقات الأفراد، وهنا، يظهر التباين بين المحافظين، الذين يركزون على القيم التقليدية والحفاظ على النظم الاجتماعية السائدة، والليبراليين، الذين يدعون إلى مزيد من الحريات العامة والفردية والتغيير الاجتماعي ويعكس هذا التباين كيف تنظر الأحزاب إلى قضايا الحريات الشخصية، القيم الاجتماعية، والمساواة بين الأفراد.
وأشار إلى أنَّه يصعب على الباحث تصنيف الأحزاب الأردنية البالغ عددها 38 حزباً بدقة على هذا المقياس الطيفي، ذلك لأن الأحزاب نفسها ليست متفقة دائماً على خطابها السياسي أو برامجها، وفي بعض الحالات، تعاني من تناقض بين ما تعلنه وبين الواقع الفعلي لبرامجها، ويتسبب هذا التباين في صعوبة تحديد مكان كل حزب بدقة على الطيف السياسي، حيث يمكن أن يظهر حزب ما على اليمين في مسألة اقتصادية وعلى اليسار في مسألة اجتماعية.
وقال إنَّ الأحزاب استعانت بعناصر تسويقية لحملاتها الانتخابية، لكنها غالباً ما تخلط بين التسويق التجاري والسياسي، ويتطلب التسويق السياسي فهماً عميقاً للساحة الحزبية والقدرة على تمييز الهوية السياسية بوضوح، وهو ما لا يتوفر دائماً في الحملات الانتخابية الأردنية.
وأكد أنَّ عددا من المترشحين يتجنب الحديث عن قضايا الخدمات والتنمية، مشيرين إلى أن الدور التشريعي والرقابي يفتقر إلى هذه الجوانب، وهذا يعكس تفريغاً ممنهجاً لدور النائب من مهامه الدستورية الأساسية التي تشمل حوكمة السياسات العامة والمشاركة في تطويرها لخدمة المواطنين.
وبين أنَّ البرامج الحزبية وشعارات المرشحين في الانتخابات النيابية الأردنية تعكس تعقيداً وتنوعاً في التوجهات السياسية، مما يشكل تحدياً للناخبين في تقييم الخيارات المتاحة، وأن فهم هذه الديناميكيات والاتجاهات على الطيف السياسي الحزبي يساعد في توفير رؤية أكثر وضوحاً لكيفية تأثير هذه البرامج والشعارات على مستقبل السياسة الأردنية.
( بركات الزِّيود- بترا)