شريط الأخبار
الخائن .. قصة الساعات الأخيرة من عمر نظام بشار الاسد بابا الفاتيكان: الغارات على غزة ليست حربا بل وحشية إسرائيل تنشئ أول وحدة قتالية للمتدينات لمواجهة نقص الجنود الجمارك: استمرار دوام الموظفين في الحرة الزرقاء يومي الأربعاء والجمعة المقبلين حماس تسلم قائمة بالأسرى: إسرائيل ترفض الإفراج عن البرغوثي الصفدي يلتقي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وزير الصناعة: المنطقة الحرة الأردنية السورية مهمة في تعزيز التعاون الاقتصادي 19 شهيدا جراء قصف الاحتلال عدة مناطق في غزة ليفربول يحل ضيفا على توتنهام في قمة مثيرة بالدوري الإنجليزي.. الموعد والقنوات الناقلة طقس بارد نسبياً حتى الأربعاء تقرير: ثغرة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي وراء الفشل في اعتراض صاروخ الحوثي البنك الدولي يدرس تقديم تمويل إضافي لدعم التعليم في الأردن الليلة.. ريال مدريد يستضيف برشلونة الموعد والقنوات الناقلة "صندوق المعونة" يقدم خدمات مالية ودعما نقديا لـ235 ألف أسرة أردنية أبوعاقولة: ارتفاع رسوم مرور البضائع يعيق حركة الترانزيت عبر الأراضي الأردنية والسورية المتألقة سارة بركة في أحدث ظهور لها نادين نسيب نجيم تحسم الجدل: ما عدت لخطيبي السابق المنتخب الوطني للمصارعة الرومانية يحصد 5 ميداليات في البطولة العربية بالأسماء ... مناطق بلا كهرباء لأكثر من 5 ساعات اليوم الأحد العثور على دفتر عائلة سلطية في “فرع فلسطين” بسوريا

الأمير الحسن يدعو إلى تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية

الأمير الحسن يدعو إلى تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية
القلعة نيوز- دعا سمو الأمير الحسن بن طلال بمناسبة شهر ربيع الأول إلى تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية التي تجسدها رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مشددا على أهمية تجديد فهمنا للإسلام ومواكبة التطورات الحديثة لمواجهة التحديات البيئية والاجتماعية، ومؤكدا ضرورة دعم فلسطين والوقوف ضد الظلم.

جاء ذلك في مقالته بعنوان "ربيع الأول… نحو إنسانية جديدة”، المنشورة -صباح اليوم- الأحد في جريدة القبس الكويتية:

يطل علينا شهر ربيع الأول في كل عام ليحمل معه الأمل والرجاء وأجمل المعاني والدلالات التي ارتبطت بمولد الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وما تضمنته رسالته الخاتمة من قيم ومبادئ عظيمة كان لها بالغ الأثر في ميلاد رسالة التوحيد التي نهضت بالشعوب والمجتمعات، وكانت لها الإسهامات الكبيرة في الحضارة الإنسانية.

لقد فاضت محبة الله على رسوله الكريم من عين الجود والعناية الإلهية، فقد أخبرنا الباري عن هذه الحقيقة بقوله: «وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا»، فمحبة الله لا تنفصل عن قوة الصبر ومكابدة آلام الحياة التي تعترض طريق الإنسان ومسيرته، فإذا أحب الله عبداً ابتلاه، والمؤمن يزداد صبراً وثباتاً في وجه الشدائد عندما يستحضر عظمة هذه العناية والمحبة الإلهية. وإن محبة الله لرسوله الكريم هي المثل الأعلى لمحبة الله للإنسان، وعلى قدر هذه المحبة أحب الله الهداية والرحمة للبشرية كلها، فكانت رسالة المصطفى رحمة للعالمين وهداية للناس أجمعين، ومن معين هذه المحبة جاءت محبة المؤمنين للرسول لتكون تعبيراً عملياً عن إرادة الإنسان وقدرته على تجاوز فردانيته وخروجه من ضيق الـ«أنا» وغرورها إلى نور الهداية ورحابة الـ«نحن».

يقول الباري عز وجل على لسان نبيه: «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ». وكأن من لا يتبع الرسول ويحبه غير جدير بمحبة الله، فالحب الإلهي مشروط بمحبة رسوله. والاتباع بمعناه العميق يتعدى اللباس والشكل إلى السلوك والأخلاق والإقبال على التفكير والاجتهاد.

إن نجاح الرسالة الإنسانية والحضارية التي جاء بها المصطفى يتطلب تفعيل إرادة شعوب الأمة، وما نشهده اليوم من تطور في المعارف والعلوم، وثورة الاتصالات والتكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي يدعونا إلى تطوير قدراتنا المعرفية في شؤون الدين والدنيا، والانتقال إلى مرحلة جديدة من تجديد فهمنا لحقائق التنزيل، وصياغة خطاب حضاري شامل يعبر عن عالمية الرسالة وقيمها الجوهرية في ذات الوقت الذي يعبر فيه عن روح العصر ومعارفه الجديدة. وإن بذل الجهد والعمل على تطوير قدراتنا في شؤون الدين والدنيا هو شحذ لمسؤوليتنا الروحانية والإنسانية في عمارة الأرض (المحيط) وتنميتها.

وفي هذا السياق، أشير إلى وثيقة «الميزان: عهد من أجل الأرض» التي أطلقت خلال الدورة السَّادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة. وهي مستوحاة من المبادئ الإسلاميَّة التي تؤسس لنظرة شاملة حول البيئة ومشكلاتها والمسؤولية البيئية للإنسان، وهذا ما يدعونا اليوم إلى الانخراط في كل أشكال التعاون الإنساني الذي ينتصر للمصالح الإنسانية الجامعة كالحفاظ على البيئة، ومحاربة الفقر متعدد الأبعاد، والتصدي للحرمان الإنساني بمختلف صوره وأنواعه. وهنا أذكِّر بالمبادرات التي قمنا بها في سبيل الحفاظ على البيئة المحيطة مثل مبادرة السلام الأزرق التي تهتم بإدارة المياه في الإقليم، ومبادرة الـ WEFE التي تُعنى بالمياه والطاقة والغذاء والبيئة، وقبلها مبادرة المسجد الأخضر المستوحاة من الحديث الشريف: «لا تسرف وإن كنت على نهرٍ جارٍ»؛ والتي تهدف إلى تدوير مياه الوضوء وإعادة استخدامها.

إن الخلل في التعامل مع البيئة المحيطة ومواردها لا ينفصل عن التعسف في التعامل مع مواردنا الروحية والإيمانية، فتقدم الحضارة البشرية بمعناه الشامل يتطلب بناء أربع علاقات أساسية: علاقة الإنسان مع نفسه، ومع أخيه الإنسان، ومع الطبيعة، ومع الخالق عزَّ وجل. ولا تنجح هذه العلاقات إلا على أساس بناء واحد يجمع بين «الأخلاق والإيمان والعلم والعمل»، وأشير هنا إلى مطالبة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، برفع الوعي بالقضايا المجتمعية المعاصرة، لردم الفجوة بين التشريعات الإسلامية المتعلقة بترشيد استهلاك المياه وسلوك بعض المسلمين على أرض الواقع؛ وتصميم مقررات دراسية تتناول القضايا المجتمعية المعاصرة؛ مع التركيز على أهمية دور وزارة الأوقاف والمساجد في التوعية.

ولعل أبرز ما تتميز به الحضارة الإسلامية هو قدرتها الفائقة على الربط بين الجوانب المادية والروحية للإعمار والتنمية، حيث أولت عناية خاصة بالجوانب العقدية التي تحدد للإنسان غايته من الوجود ووظيفته في الأرض وبوصلته إلى الدار الآخرة، وهذا ما يجعل مهمة الإعمار ممتزجة مع وظيفة الاستخلاف ومع مقاصد العبادة والتوحيد، لتشكل جميعها نسقاً واحداً يضبط سلوك الإنسان نحو الرشد والتوازن والوسطية ويجعله سلوكاً إصلاحياً استخلافياً، بعيداً عن كل مظاهر السفه والاختلال والإفساد في الأرض.

يمثل تأسيس الدولة الذي قام به الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة، الأنموذج العملي لتلك الأسس والمبادئ، فقد بدأ الرسول ببناء المسجد والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، في الوقت ذاته الذي أقام فيه السوق ووضع دستوراً «صحيفة المدينة»، ينظم الحقوق والواجبات بين سكان المدينة من المسلمين والقبائل اليهودية، كما أرسى مبدأ الشورى بين أفراد المجتمع لتكون أساسا لتبادل الخبرات الإنسانية، والمشاركة الفاعلة في بناء الدولة وتطويرها، وتعبيراً صادقاً عن حرية الأفراد في التعبير عن آرائهم وفق قاعدة المسؤولية.

تأتي ذكرى المولد النبوي هذا العام والعدوان على أرواح الأبرياء في فلسطين ما زال متواصلاً منذ ما يزيد على قرنٍ من الزمان، أي منذ اتفاقيات سايكس-بيكو ووعد بلفور، وهو عدوان يزداد كل يوم وحشية وقبحاً، حيث يتعرض أهلنا في غزة وفلسطين، منذ ما يقارب العام، إلى القتل الجماعي والحرب الظالمة، وهذا ما ينبهنا الى أن جوهر المشكلة يكمن في الاحتلال، وغياب القيم الإنسانية الفاضلة التي توجب على العالم كله الانتصار للمظلوم والوقوف معه ومساندته، ومنع الظالم من ظلمه، فضلاً عما نعانيه من تجزئة المجزأ، ومن مشاكل داخلية تعيقنا عن النهوض والتنمية.

يدعونا شهر ربيع الأول إلى استثمار ذكرى المولد النبوي الشريف للدعوة إلى ربيع القيم والأخلاق التي حملها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للناس، وجعلها عنواناً لرسالته عندما قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وأن نجعل هذه المناسبة الغالية فرصة لإطلاق البرامج العملية والمنصات المجتمعية التي تعرّف بأخلاق الإسلام وهديه ورحمته بالعالمين، فكلما كنا أقرب إلى القيم الأخلاقية عملاً ودعوة، كنا أقرب إلى رسالة الإسلام وحقيقته: «يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين».

نسأل الله العلي القدير أن يفرِّج الكرب عن أهلنا في غزة وفلسطين وفي كل ديار العرب والمسلمين، وكل عام وأنتم بخير.