شريط الأخبار
العين داودية: الأردن قادر على تجاوز التحديات بوحدته ووعي مواطنه النائب عياش: هل غاب التشاور عن التعديل الحكومي المرتقب بين أركان السلطتين التشريعية والتنفيذية بمشاركة الجراح، حوارية في بلدية المزار الشمالي لدعم المرأة اقتصادياً والمشاركة في سوق العمل كلية عجلون الجامعية تشارك في الحملة الوطنية للنظافة بمحافظة عجلون برشلونة يعتزم اتخاذ إجراءات تأديبية ضد تير شتيغن بيان سوري تركي مشترك حول دعم الاقتصاد وتعزيز التعاون بين البلدين زيلينسكي: ناقشت مع ترامب العقوبات المفروضة ضد روسيا واتفاقا محتملا لإنتاج المسيرات وفاة أسطورة بورتو بشكل مفاجئ في مقر التدريب عجز الموازنة الفرنسية بلغ 100.4 مليار يورو في النصف الأول من 2025 إرنا: تعيين علي لاريجاني أمينا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني جماهير دوسلدورف تجبر النادي على التخلي عن التعاقد مع لاعب إسرائيلي بسبب دعوته لمحو غزة ولي العهد يعزي بوفاة شقيقة مدير دائرة المخابرات العامة العودات: الأردن دولة متماسكة تستمد قوتها من وعي شعبها وحكمة قيادتها وزير الخارجية يبحث مع نظيره التشيكي العلاقات الثنائية والأوضاع في المنطقة الملك يتسلم نسخة من تقرير حالة حقوق الإنسان في الأردن محافظون يؤدون اليمين القانونية أمام الملك (أسماء) المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب كمية من المواد المخدرة بواسطة طائرتين مسيّرتين مسؤول سوري: نتواصل مع الإنتربول لتسليم بشار الأسد الأردن مستمر بقيادة الجهود الدولية لإرسال المساعدات الجوية إلى غزة منذ تأسيسها.. 556 مليون دولار مجموع مساعدات الخيرية الهاشمية لفلسطين

غزة بعد 607 يومًا من المحرقة: حين يعيد الصهاينة مشهد المغول ويصمت العالم

غزة بعد 607 يومًا من المحرقة: حين يعيد الصهاينة مشهد المغول ويصمت العالم
القلعة نيوز:

احمد عبدالباسط الرجوب

607 يومًا مرّت منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة في 7 تشرين الأول 2023، ومع كل يوم إضافي، يتكشّف للعالم حجم الجريمة الممتدة، التي لا تشبه إلا الفصول الأكثر ظلمة في التاريخ، وتعيد إلى الأذهان صور التتار حين اجتاحوا بغداد وأسقطوا الخلافة العباسية. إلا أن الفرق اليوم أن الجريمة تُرتكب على الهواء مباشرة، والعالم، بكل ما فيه من منظمات ومواثيق وشعارات، يراقب بصمت أو تواطؤ.

غزة: عنوان الإبادة في القرن الحادي والعشرين

ليست الحرب على غزة مجرد عدوان عسكري، بل هي محرقة حقيقية، بشهادة الوقائع والدماء والخراب. إنها حرب إبادة جماعية تُمارس فيها سياسة الأرض المحروقة، ويُستهدف فيها الإنسان الفلسطيني في كل تفاصيل حياته: نساء، أطفال، مسنّون، وحتى المرضى في المستشفيات.

الجيش الصهيوني، المدجّج بدعم أمريكي وغربي، يستخدم الأسلحة المحرّمة دوليًا، ويُمعن في تدمير البنى التحتية، بينما يتفاخر ساسة الاحتلال بأنهم "يُعيدون غزة إلى العصر الحجري"، وكأن قتل الروح الفلسطينية أصبح هدفًا استراتيجيًا. هي نسخة القرن الحادي والعشرين من الجرائم النازية – لا بل، وفق تشبيه دقيق ، هم تتار هذا العصر.

حين تتكرّر مأساة بغداد في غزة

التاريخ لا يعيد نفسه بنفس التفاصيل، لكنه يكرر المشاهد ذاتها: الخراب، النيران، الصمت، والخذلان. في القرن الثالث عشر، حين اجتاح المغول بقيادة هولاكو بغداد، ارتُكبت مجازر طالت البشر والحضارة. استُبيحت المدينة، وسُفكت دماء أهلها، وهُدمت مكتباتها، في واحد من أكثر مشاهد التاريخ سوداوية.

واليوم، في غزة، مشهدٌ لا يقل سوداوية. فكما ترك ضعف المسلمين بغداد فريسة سهلة، فإن صمت الأنظمة العربية، و"الخذلان المتحضّر" من المجتمع الدولي، جعلا من غزة هدفًا سهلًا لآلة الحرب الإسرائيلية.

لكن التاريخ علّمنا أيضًا أن المجازر لا تنتصر دائمًا. فعين جالوت، بقيادة سيف الدين قطز، أوقفت زحف التتار، ودحرت الغزاة. والسؤال اليوم: أين قطز هذا الزمان؟

الغرب: بين الشعارات والدماء

الغرب، الذي يتغنى بالحريات وحقوق الإنسان، يقف اليوم في صف الجلاد. لا يقتصر دوره على الصمت، بل يتعداه إلى التسليح والدعم السياسي، بل وحتى التبرير. لقد كشفت محرقة غزة عن زيف الخطاب الإنساني الغربي، حين تساوى عنده القاتل والضحية، وحين أُعطيت الآلة الصهيونية غطاءً دوليًا لارتكاب جرائم موثّقة بالصوت والصورة.

ما يجري ليس فقط تواطؤًا، بل هو إفلاس أخلاقي عالمي، لا يمكن تبريره إلا بانعدام الضمير أو خضوعه للمصالح السياسية والاقتصادية.

العرب: أمة بلا موقف؟

الخذلان العربي أكثر إيلامًا. فباستثناء بعض التحركات الشعبية والمواقف الرمزية، فإن الأنظمة العربية والإسلامية، في مجملها، وقفت عاجزة عن فعل أي شيء لوقف المجزرة. بعضهم تواطأ بالصمت، وبعضهم تواطأ بالفعل، عبر التنسيق أو فتح قنوات اتصال، وكأن الدم الفلسطيني لم يعد يعني شيئًا.

هذا الصمت المخزي هو تكرار للمشهد القديم، حين تُركت بغداد وحيدة لمواجهة التتار المتوحش، والآن تُترك غزة لمصير مشابه. .. يبقى السؤال متى ستوقف أمة العرب الآخرين عن الضحك عليها، كي تخرج نفسها من هذا الوضع السيئ التي أوصلت نفسها إليه؟

غزة: المعيار الحقيقي للإنسانية

إن ما يحدث في غزة ليس فقط اعتداء على فلسطين، بل امتحان حقيقي للإنسانية. فإما أن نكون في صف الإنسان والحق، أو نصطف خلف الوحشية والاستبداد. ليست غزة اليوم مجرد جغرافيا، بل رمزًا للكرامة، وصمودًا يتحدى القتل والحصار والنسيان.

منذ السابع من تشرين الأول 2023، انضمّت غزة إلى خطوط التاريخ الفاصل بين النور والظلمة. ومعها تقف شعوب العالم الحرة ، في مواجهة مباشرة مع مشروع القتل والاستعمار.

ختامًا: لا حياد مع الإبادة

607 يومًا مرت، فهل يحتاج العالم إلى المزيد من المجازر ليقول "كفى"؟

لا حياد اليوم مع الإبادة. لا وسطية مع الظالم. والذين لا يملكون الشجاعة لقول الحقيقة، هم شركاء في الجريمة.

وإذا كانت الإنسانية ما زالت تعني شيئًا، فإنها تعني الوقوف اليوم مع غزة، لأن كل صمت عن هذه المجازر هو خيانة للإنسان فينا.

باحث وكاتب اردني