
النقابي خالد الزيود
نعم، لا زالت أصداء صوت الأردن بأنفاس الشرف والكرامة والإباء تصدح عبر فضاء العالم المفتوح، معربًا فيها وزير خارجيته أيمن الصفدي في الكلمة التي ألقاها في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن، والذي ظهر فيها موقف الأردن قيادة وشعبًا مدافعًا ومنافحًا ومجاهدًا بموقفه الثابت ورسالته الموجهة إلى العالم، بأن على العالم أن يصحح مساره ويصوب خطواته ويصحو من غفوته لمواجهة مثلث الرعب الذي ينفذه الكيان المحتل المسمى بدولة إسرائيل، وتحميه أمريكيا وبريطانيا بصفتهما الراعي الحقيقي لشلال الدماء المتدفقة على يد عصابة الإجرام وزنادقة العصر الحديث؛ نعم، هكذا عرف الأردن الكيان المحتل أمام العالم بأنه عصابة مجرمة لدولة مارقة.
نعم، عصابة مجرمة تم زراعتها داخل جسم الشرق الأوسط لا ذمة لها ولا ضمير. نعم، الأردن يرفع اللثام عن وجه إسرائيل الحقيقي الملطخ بالدماء والمجازر الوحشية التي ترتكبها بحق الأبرياء والتطاول على الحقوق الإنسانية والمعايير الأممية.
نعم، هذه العصابة المجرمة كما وصفها الأردن أمام العالم تحمل فكرها الإجرامي وسياستها التوسعية وتعاليمها التلمودية للقتل وسفك الدماء والتجاوز على الحرمات، إيمانًا بمشروعهم الكبير الذي يحول العالم إلى خدم وعبيد، وقتل كل من يخالفهم الرأي أو يتقاطع معهم بالسياسة. واليوم، أمام هذا المد الأنجلوصهيوني الذي يغذي ظلامية هذه الدولة، لم يعد هناك حدود آمنة، فقد استباحت سيادة وأمن واستقرار وتراب محيطها.
وكل ذلك، لم يثنِ عزيمة الأردن في قول الحق على لسان وزير الخارجية الأردنية، والذي يعبر فيه عن موقف الأردن الرافض، ويحمله الأردنيون في قلوبهم وضمائرهم ووجدانهم لتراب وقدسية هذا الوطن العربي الكبير، وعلى رأسهم فلسطين وشعبها الآبي. وهنا، فإن الجهر بالحق والصدق بالموقف والكلمة في زمن العقوبات وفرض سياسات التجويع والحصار والإقصاء هو جهاد بحد ذاته دفع ويدفع ثمنه الأردن وشعبه الآبي. فمن يريد أن يعرف الأردن والأردنيين، عليه أن يقرأ تاريخهم ومواقفهم المشرفة جيدًا، والتي يدفع فيها الأردن ثمنًا كبيرًا يكلفنا نقصًا في المياه، وتضيقًا في سبل الحياة، وتعطيلًا للاقتصاد، ووقفًا للمساعدات، واستقبال الأسواق للمنتجات الأردنية. وهذا ليس جديدًا على الأردن الذي دفع ثمن مواقفه المشرفة من الحروب في محيطنا الملتهب، وذلك لأن الأردن يحتضن كل من تقطعت بهم السبل ويشارك إغاثتهم برغيف خبز الأردنيين رغم الحاجة والعوز. لذا علينا أن نفتخر أننا في حالة حرب نقاسي ونعاني وندفع الأثمان الباهظة مقابل مواقفنا المشرفة، التي تدعونا لتحمل المسؤولية وتوقع المزيد من الضغط، بل واستغلال ضعاف النفوس للتأثير على أمننا واستقرارنا الداخلي.
ولكنه بفضل الله، ومن ثم فضل قواتنا المسلحة الباسلة وأجهزتنا الأمنية الراشدة ووعي أبناء شعبنا الوفي، سيبقى الأردن عصيًا على حبائل شياطينهم ونعيق غرباتهم. ونحن، إن اشتد الجد، نحن أبناء الكرامة وميلادها، وهذا ليس ببعيد، والذي لا زال يذكرنا فيه جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه حين كان يزأر كالأسد في عرينه الأردن وبين الأسود بخطاباته النارية في وسط معركة الكرامة، وبين أزيز المدافع: "اقتلوهم حيث ظفرتموهم بأسنانكم، بأيديكم، بأظافركم”. وكانت شهادات أبطال الكرامة، الأحياء منهم والشهداء عليهم، تشهد على صهر مدافع الخزي والعار للغاصب المحتل. نعم، خسئ كل من فكر أن تطأ قدمه أرض الأردن وترابها، هكذا يفكر الأردنيون، وهكذا هم أبطال الكرامة الذين قتلوا عزيمة عدوهم ودحروا فلوله ودمروا مخططاته. نعم، سلمتم يا أبطال الكرامة… يا صحوة الأمة وضميرها… يا جيشها العربي وفرسانها… ورحم الله شهداءنا الأبطال، والملك الراحل المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال طيب الله ثراه، والذي أنجب الملك عبدالله الثاني الذي حمل الراية من بعده. وها هو الأردن يسجل مواقفه الواضحة بالشرف والكرامة؛ وذلك لإعلاء صوت الأمة بالحق أمام غطرسة هذا الكيان المجرم ومن يحميه من طغاة هذا العصر. وقسماً أقسمه الأردنيون، سيبقون على حبك يا فلسطين الصادقين المخلصين