
القلعة نيوز - بمناسبة اليوم الدولي لحفظ طبقة الأوزون، أكدت وزارة البيئة أن المملكة تواصل تنفيذ التزاماتها الدولية في حماية طبقة الأوزون، من خلال حزمة من الإجراءات الفنية والتشريعية المدعومة دولياً، في إطار اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال، الذي يعد من أبرز قصص النجاح البيئي على مستوى العالم.
وشددت الوزارة على أن هذه الجهود تترجم من خلال استراتيجية وطنية واضحة المعالم، هدفت إلى التخلص التدريجي والنهائي من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وتعزيز البنية الرقابية، وتوفير الدعم الفني والتدريبي لكافة القطاعات ذات العلاقة.
وأكدت الناطق الإعلامي باسم وزارة البيئة، المهندسة شروق أبو طالب في حديثها لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الأردن أحرز تقدماً كبيراً في تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية من الاستراتيجية الوطنية لإدارة المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وذلك بدعم مالي وتقني من صندوق مونتريال متعدد الأطراف، وبما ينسجم مع أحكام اتفاقية فيينا وتعديلات بروتوكول مونتريال.
وأوضحت أن المملكة نجحت في التخلص الكامل من مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs) بحلول عام 2007، ومن مادة بروميد الميثيل بحلول عام 2015، مما ساهم في تقليل الانبعاثات الضارة على الصحة العامة والبيئة.
وبينت أن الوزارة استكملت خطة إدارة مركبات الهيدروكلوروفلوروكربون (HCFCs)، التي أدرجت تحت الرقابة منذ عام 2007، حيث تم تقليص نحو 70.3 طناً من المواد ذات قدرة الاستنفاد العالية. وتمت الموافقة على المرحلة الثالثة من الخطة للأعوام 2024 – 2030، بهدف التخلص الكامل من استهلاك هذه المواد، بدعم من الجهات الدولية، وباعتماد نهج رقابي صارم ومتكامل.
في السياق ذاته، قامت الوزارة بتفعيل "وحدة الأوزون الوطنية" لتكون نقطة الاتصال الرسمية مع بروتوكول مونتريال، وتضطلع هذه الوحدة بمهام تنسيقية ورقابية مع الجهات الوطنية المعنية، وخصوصاً مؤسسة المواصفات والمقاييس ودائرة الجمارك، لضمان الالتزام الكامل بالمتطلبات الدولية.
كما طبقت أنظمة الموافقات المسبقة والتراخيص الإلكترونية عبر نظام "الأسيكودا"، ما مكن من مراقبة الاستيراد والتصدير بفعالية، وساهم في الحد من التهريب والتداول غير المشروع للمواد المحظورة.
وفيما يخص قطاع التبريد والتكييف، أوضحت أبو طالب أن الوزارة، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO) والبنك الدولي، نفذت المرحلة الأولى من خطة التخلص من HCFCs، والتي شملت إزالة نحو 350 طناً من مادة R22 المستخدمة في التكييف والتبريد.
كما تم تنفيذ مشروع خاص للتخلص من مركبي HCFC-22 وHCFC-141b في شركة بترا للصناعات الهندسية، وتحويل شركات محلية في قطاع الرغوة إلى بدائل آمنة، ما يعكس التزام الأردن بالتحول التدريجي إلى تقنيات صديقة للبيئة.
ولتعزيز القدرات الوطنية، نفذت الوزارة برامج تدريبية متخصصة بالتعاون مع مؤسسة التدريب المهني، استهدفت فنيي الصيانة وموظفي الجمارك والمواصفات والمقاييس، لتأهيلهم في مجالات التعامل الآمن مع البدائل الجديدة والتقنيات المستدامة.
وتنفذ هذه البرامج ضمن خطة مرحلية موازية لعملية التخلص التدريجي من المواد المستنفدة، لضمان استدامة التقدم المحرز وبناء كفاءات وطنية قادرة على مواصلة العمل ضمن أفضل المعايير البيئية العالمية.
من جانبه، أكد الخبير البيئي والمناخي، وأمين عام وزارة البيئة الأسبق، أحمد القطارنة، أن بروتوكول مونتريال لعام 1987 يمثل نموذجاً متميزاً للتعاون الدولي في حماية البيئة، مشيراً إلى أنه ساهم بشكل مباشر في تقليص استخدام المواد المستنزفة للأوزون مثل CFCs والهالونات.
وأوضح أن مرونة البروتوكول وتعديله عبر مراحل متعددة (لندن، كوبنهاغن، مونتريال، كيغالي) ساهمت في مواءمته للتطورات العلمية، وتسريع تعافي طبقة الأوزون، حيث تشير التقديرات إلى إمكانية عودتها إلى مستوياتها الطبيعية بحلول منتصف هذا القرن.
وأضاف القطارنة أن البروتوكول اعتمد آليات رقابة فعالة تشمل التقارير الدورية وشبكات الرصد العالمية ولجان الامتثال، مدعومة بصندوق متعدد الأطراف يوفر الدعم الفني والمالي للدول النامية. وشدد على أن هذه الآليات جعلت الالتزام واقعاً ملموساً، وسمحت بمعالجة المخالفات من خلال الحوار والدعم الفني بدلاً من العقوبات، مما عزز فاعلية التنفيذ.
وأشار إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) يعد شريكاً رئيسياً في تنفيذ البروتوكول، من خلال دعمه مشاريع التحول نحو البدائل الآمنة في مجالات التبريد والرغوة، وتدريب الفنيين، ودعم التشريعات، والمساعدة في تنفيذ خطط إدارة التخلص التدريجي (HPMPs).
كما أوضح أن العلاقة بين حماية الأوزون والتغير المناخي علاقة متشابكة، نظراً لأن بعض المواد المستنزفة للأوزون مثل CFCs وHCFCs تعد أيضاً غازات دفيئة ذات قدرة عالية على الاحترار، ما يجعل الحد منها يخدم هدفين بيئيين في آن واحد.
ولفت إلى أن تعديل كيغالي لبروتوكول مونتريال عام 2016، وسّع نطاق العمل ليشمل مركبات HFC، التي لا تستنزف طبقة الأوزون لكنها تُعد من أقوى غازات الدفيئة، مؤكداً أن هذا التعديل عزز من تكامل السياسات البيئية العالمية بين حماية الأوزون ومواجهة تغير المناخ.
وأشار إلى أهمية اعتماد بدائل ذات انبعاثات منخفضة (Low-GWP) وكفاءة طاقية عالية لضمان تحقيق التوازن البيئي.
بدوره، أكد رئيس اتحاد الجمعيات البيئية (النوعي) ، عمر الشوشان، أن منظمات المجتمع المدني في الأردن تعد شريكاً استراتيجياً في تنفيذ الالتزامات البيئية الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال، مشيراً إلى أن الجمعيات البيئية تلعب دوراً حيوياً في رفع الوعي البيئي، وتنفيذ حملات التوعية، ودعم تنفيذ التشريعات الوطنية ذات الصلة.
وأوضح الشوشان أن الاتحاد يمثل منطقة غرب آسيا في شبكة منظمات المجتمع المدني التابعة للمرفق العالمي للبيئة (GEF-CSO Network)، ما يمنح الأردن حضوراً فاعلاً على الساحة البيئية الدولية، ويسهم في بناء شراكات ومشاريع مشتركة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وشدد على أهمية مكافحة التهريب والاستخدام العشوائي للمواد الضارة، والتوعية بأثر بعض البدائل مثل HFCs، رغم كونها غير مستنزفة للأوزون، إلا أن تأثيرها المناخي كبير.
وأكد أن تجربة بروتوكول مونتريال تعد دليلاً ملموساً على فعالية التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص في تحقيق نتائج بيئية إيجابية، داعياً إلى استمرار العمل على الرقابة البيئية، وتبني بدائل ذات أثر بيئي منخفض وتكلفة معقولة، لتحقيق أهداف حماية الأوزون والمناخ معاً.
يشار الى ان جهود الأردن المتواصلة في تنفيذ التزاماته ضمن بروتوكول مونتريال، والتعاون مع الجهات الدولية والمجتمع المدني تشكل نموذجاً يحتذى به في العمل البيئي المشترك، في وقت يزداد فيه الوعي العالمي بأهمية صون الموارد الطبيعية ومواجهة التحديات المناخية.
--(بترا )