القلعة نيوز - أكد مختصون أنه وفي ظلّ التحديات البيئية والمناخية المتسارعة التي يواجهها العالم، واستنزاف مصادر الطاقة التقليدية المحدودة، يٌعد التوجه إلى الطاقة المتجددة خيارًا استراتيجيًا سليمًا لمواجهة المتغيرات المناخية وتأثيراتها الكبيرة، وواحدًا من أبرز الحلول لدعم ومنعة الاقتصاد الوطني.
وقالوا في أحاديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن التساؤل المصيري الذي بدأ يبرز على المستوى العالمي هو حول كيفية تأمين مستقبل طاقي مستدام وآمن للأجيال القادمة، حيث تُشير التحذيرات العلمية المستمرة إلى أن الاعتماد المتواصل على الوقود الأحفوري لم يعد خيارًا مستدامًا بيئيًا واقتصاديًا، الأمر الذي يُحفّز العلماء وصناع القرار والمخططين الاستراتيجيين على البحث الجاد والمُكثف عن بدائل طاقية متجددة، آمنة، وذات جدوى اقتصادية وصديقة للبيئة.
وشدّد أستاذ الهندسة الميكانيكية في الجامعة الأردنية والخبير في مجال الطاقة المتجددة والتغيرات المناخية، الدكتور أحمد السلايمة على الأهمية الاستراتيجية لهذا التحول، مؤكدًا على أن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة لم يعد مجرد خيار ترفي، بل بات يمثل واجبًا أخلاقيًا تجاه الأجيال القادمة.
وبين، أن تقنيات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، تُجسّد أملًا حقيقيًا لمستقبلنا الطاقي، ومع ذلك فإن تحقيق هذا الأمل يتطلب وجود إرادة راسخة، وخططًا تعليمية وتدريبية متطورة تواكب هذا التغيير الجذري، وتُعد الكفاءات الوطنية للمساهمة الفاعلة فيه.
واوضح، أن التحول الطاقي له عدة أسباب أهمها محدودية مصادر الطاقة الأحفورية، حيث أن مصادر الطاقة التقليدية من نفط وغاز وفحم هي مصادر محدودة في باطن الأرض وسوف تنضب خلال فترة معينة، وأن حرق الوقود الأحفوري يؤدي إلى انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون والذي بدوره يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، مبينًا أن تطور تكنولوجيا الطاقة المتجددة أدى إلى انخفاض سعرها مما جعل الطاقة المتولدة من مصادر طاقة متجددة أرخص من الطاقة المتولدة من تلك الأحفورية.
وحول الإمكانات التي تملكها الأردن في مجالات الطاقة الشمسية، أكد الدكتور السلايمة على أن الأردن يمتلك إمكانات هائلة في مجال الطاقة الشمسية، إذ تشهد البلاد أكثر من 300 يوم مشمس في العام، مما يوفر بيئة مثالية للاستثمار في هذه التكنولوجيا،وأن الأشعة الشمسية الساقطة على متر مربع واحد خلال عام تكافيء اكثر من برميل نفط، وبالتالي فأن توجيه الاستثمارات نحو استغلال هذه الموارد الطبيعية المحلية يُشكل مفتاحًا استراتيجيًا لتقليل الاعتماد على استيراد الطاقة، مما يحقق القدر الكبير من الاكتفاء الذاتي الطاقي وتعزيز الأمن الاقتصادي للمملكة.
من جانبه، أكد رئيس جامعة الحسين التقنية والمختص في مجال الطاقة المتجددة، الأستاذ الدكتور إسماعيل الحنطي، أن التحديات المناخية بدأت تنشط وتظهر تأثيراتها بشكل واضح على صعيد العالم والإقليم على وجه التحديد، حيث بينت التقارير الحديثة الصادرة عن البنك الدولي أن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُعد من أكثر المناطق عرضة للتأثيرات السلبية لتغير المناخ، مما يجعل من التحوّل إلى مصادر الطاقة النظيفة ركيزة أساسية في صميم سياسات التنمية المستدامة لهذه الدول.
وأكد، أن هذه التقييمات تُعزز من ضرورة تسريع وتيرة العمل نحو تبني حلول طاقة متجددة لضمان المرونة المناخية والاقتصادية، لاسيما أنه لوحظ في السنوات الأخيرة التطرف في حالة الطقس من ارتفاع كبير في درجات الحرارة والجفاف الذي تعاني منه العديد من الدول في المنطقة.
وقال الحنطي، إن هناك تحذيرات من قبل الخبراء في مجال الطاقة والبيئة من أن التهاون في هذا التحول الاستراتيجي سيُلقي بظلاله السلبية على الأجيال القادمة، مهددًا بنشوء مشكلات من بينها، شح إمدادات الكهرباء، وتفاقم التكاليف التشغيلية المرتبطة بالطاقة التقليدية، وتدني جودة الهواء والمياه، مما قد يؤثر سلبًا على الصحة العامة والبيئة والاقتصاد الوطني.
وأكد، أننا أمام فرصة ذهبية لصناعة مستقبل مختلف تمامًا، تصبح فيه الطاقة قوة دافعة للتنمية والازدهار، بدلاً من أن تكون عبئًا ماليًا أو بيئيًا، وأن مسؤوليتنا اليوم هي أن نزرع بذور الأمن الطاقي، لنحصد حصادًا مستدامًا ينعم به أبناؤنا وأحفادنا في قادم السنين.
وفي ختام حديثهم، أكد الخبيران أن التحديات المناخية واستنزاف الموارد التقليدية تفرض علينا جميعًا، تبني استراتيجيات طاقة بعيدة المدى ترتكز على مصادر متجددة، وأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، وتطوير القدرات البشرية والبحث العلمي في هذا المجال، لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة لضمان أمن الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة والازدهار للأجيال القادمة.
واوصوا بتضافر جهود القطاع العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني نحول التحول إلى الطاقة البديلة ومواجهة كافة التحديات المتعلقة بالقطاع البيئي والمناخي نحو ترجمة هذه الرؤى إلى واقع ملموس يعود بالنفع على الوطن والمواطن، مؤكدين، أن الأردن لديه من القدرة ما تؤهله من قيادة هذا التحول وتجسيده واقعيا، لا سيما وأن مستورداته من الطاقة انخفضت بنسبة جيدة بسبب الاعتماد المتزايد على الطاقة المتجددة والتي ساهمت بخفض فاتورة النفط السنوية.
--(بترا)




