رشا الشوابكة
في ذكرى استشهاد وصفي التل، يبرز من جديد الدور الفريد الذي لعبه في صياغة مفاهيم الهوية الوطنية الأردنية وترسيخها في الوعي الجمعي للأردنيين فقد كان وصفي التل أكثر من مجرد رجل دولة أو رئيس وزراء، فهو كان مفكراً وطنياً أدرك أن الهوية الوطنية ليست مجرد شعارات أو انتماء جغرافي، بل منظومة قيمية وأخلاقية تتجسد في العمل اليومي، وفي التزام المواطنين والدولة معاً بمبادئ العدالة والولاء والانتماء.
لقد نظر وصفي التل إلى الهوية الوطنية الأردنية كإطار يجمع بين الانتماء للوطن، واحترام مؤسساته، والتمسك بالاستقلال الوطني، وتقدير التضحيات التي قدمها الأردنيون عبر التاريخ وكان يرى أن قوة الأردن لا تكمن فقط في موارده أو موقعه الجغرافي، بل في الشعب الذي يمتلك الوعي والقدرة على حماية وطنه، وفي مؤسسات الدولة التي تشكل العمود الفقري لاستمراره واستقراره وهكذا، جعل وصفي التل من بناء الدولة الحديثة ومؤسساتها جزءاً أساسياً من ترسيخ الهوية الوطنية، معتبرًا أن الهوية الحقيقية تقاس بمدى قوة الدولة وقدرة المواطنين على الاندماج فيها بوعي ومسؤولية.
كما ميّز وصفي التل بين الهوية الوطنية كمفهوم فكري والهوية الوطنية كممارسة فعلية فليس كافياً القول إننا أردنيون، بل يجب أن يظهر الانتماء في السلوك، في الالتزام بالقانون، في النزاهة في العمل، وفي الدفاع عن ثوابت الوطن في المواقف الصعبة وقد تجلى هذا الفكر في سياساته ومواقفه، إذ كان يجمع بين الصرامة في حماية المصالح الوطنية والمرونة في التعامل مع تحديات الواقع، وهو ما أكسبه احترام الشعب ووضعه كرمز للأمانة والمصداقية.
إن الحديث عن الهوية الوطنية الأردنية في فكر وصفي التل هو أيضاً تذكير للأجيال الجديدة بأن الانتماء الحقيقي مسؤولية مستمرة، وأن الحفاظ على الهوية الوطنية يتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع معاً. فالقيم التي حملها وصفي التل – من ولاء للوطن، ونزاهة، ومسؤولية، وإيمان بقدرة الشعب – تظل اليوم حجر الزاوية في كل مشروع وطني يسعى للحفاظ على هوية الأردن، وضمان استقراره وازدهاره.
وفي ذكرى استشهاده، يستحضر الأردنيون فكر وصفي التل ليس فقط كإرث سياسي، بل كمرجع فكري وأخلاقي يُذكرهم بأن الهوية الوطنية الأردنية ليست مجرد ذكرى أو شعار، بل تجربة حية وممارسة يومية تتطلب الالتزام والمبادرة والشجاعة، تماماً كما جسدها وصفي التل في حياته وعمله، لتبقى رسالته حية في وجدان كل أردني.




