العين حسين الحواتمة
قبل بضعة أيام أكد سمو ولي العهد حفظه الله على ضرورة الاهتمام بسردية الدولة الأردنية، وقد لاقى ذلك اهتماما كبيرا
من معظم الشرائح والفئات وذلك للأهمية القصوى لرسم سردية للدولة الأردنية تكون مرجعا دقيقا ومصدرا موثوقا يعتمدة الأردنيين كواحة معلومات متنوعة لتاريخ دولتهم على كافة المستويات والفئات ولكن مع وجود بعض الملاحظات التي يجب التطرق لها من باب التصحيح وليس النقد. لذا لا بد بداية من الإجابة
على السؤالين أعلاه فالسردية تعتبر جزءا مهما من القوة الناعمة للدولة لتعزيز الروح الوطنية والقيم الوطنية السامية والراسخة وفيها كثير من العبر و الدروس التي يجب الاستفادة منها و البناء عليها , ليصبح التاريخ السياسي الفلسفي المروي للدولة متصل و متماسك و لا يوجد به فراغات أو مساحات فضفاضة يستغلها أعداء الوطن لتزييف وتحريف الحقائق وحشوها بمعلومات مضلله لإضعاف تاريخ نشأة الدولة الأردنية أو تقزيم بعدها التاريخي , و كلما كان هذا الفراغ في بدايات نشأة الدولة كلما كان يشكل خطورة على الابعاد التاريخية و السياسية و الاجتماعية لتظهر على انها دولة مستحدثة جاءت من فراغ , بالإضافة الى ان هذه السردية حق مكتسب للأجيال المتعاقبة ولايجوز حرمانهم من قاعدة بيانات وموروث تاريخي
يمكن الرجوع له من قبل الباحثين و المهتمين بكل سهوله ويسر ودقة .
فعند التطرق لكيفية بناء السردية للدولة فيجب التطرق لموضوع نشأة وتطور الدولة الحديثة بمفهومها الحديث فكل دولة ترتبط نشأتها بقصة وحكاية
يضاف عليها مع مرور الزمن الأحداث والمراحل التاريخية المتتالية لتقدم الدولة لتصبح بعد ذلك السردية للدولة
وهي عاموديا مجموعة من الاحداث التراتبية التي تعيشها الدولة منذ انطلاقتها (تسلسل الاحداث)وافقيا شرح و تفصيل لهذه الاحداث بشكل اما ان يكون روائيا او دراميا او تأريخ
لإعطائها بعدا تاريخيا و سياسيا وثقافيا لا بد من التوسع بها افقيا فهي ( عاموديا للتوثيق و التأريخ وافقيا لبعث روح السردية في هذا التوثيق و التأريخ) .
و يجب التفريق هنا بين تاريخ الدولة و سردية الدولة فالتاريخ هو كل ما جرى من احداث في الدولة شاملا الفترات المظلمة التي لا بد ان تمر بها أي دولة و لا تساعد في بناء و تطور الدولة , اما السردية فهي قصة معاناة الدولة بمختلف مؤسساتها و افرادها اثناء رحلة البناء بالإضافة لقصص النجاح الملهمة , فعلى سبيل المثال لا تعتبر حقبة (الغزو) بين القبائل جزءا من السردية للدولة الأردنية بل جزء من تاريخ لحقبة انفلات الامن و شح الموارد قبل قيام الأردن ككيان سياسي حديث بالشكل الذي نعيشه الان وكما هو حال غالبية الدول الحديثة التي مرت بمراحل ليست مشرقة , والحديث عن تلك الحقبة و احداثها على انها سردية وان التاريخ لا يرحم هو خلط ما بين محطات مظلمة مع محطات مضيئة في عمر الدولة الأردنية, و لا يحقق الهدف المنشود و يضعف السردية بحيث لا يمكنها من الارتقاء لتصبح احد اذرع القوة الناعمة التي تحافظ على صحة مراحل حياة الدولة .
ومن هنا لابد من تشكيل قاعدة بيانات صحيحة ودقيقة وموثوقة و بإشراف رسمي يستطيع المختصين التوسع بها افقيا و اغلاق باب الاجتهاد غير الموفق او باب العداوات المتربصة بالدولة الأردنية, من خلال تلويث هذه السردية لا قدر الله لاستخدامها في بث روح التفرقة بين شرائح المجتمع و اثارة الفتن او غمز و لمز قصة الدولة الأردنية المشرفة والتي نعتز بها كابرا عن كابر , ومن باب الانصاف لهذه السردية لا بد التطرق لدور العشائر الأردنية و تضحياتها و رجالات الوطن المخلصين للأرض و القيادة بغض النظر عن الدين او العرق كون السردية الأردنية يمكن ان ترسم كجدارية فسيفسائية متباينة في الألوان الا انها مكملة بعضها البعض , ودور الهاشميين جيلا فجيلا في بناء الأردن الحديث و مواجهة كثير من التحديات و التي لا يمكن انكارها وفي هذه المرحلة هنالك الكثير من التفاصيل المهمة لبناء الدولة القوية و المستقرة , وصولا الى مرحلة الملك المعزز جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين و يقف على يمينه سمو ولي العهد حفظهما الله و حفظ الأردن و ستبقى السردية لهذا الحمى مدعاة فخر و اعتزاز للأردنيين و العرب بقيادته الهاشمية الرشيدة الى الابد.



