شريط الأخبار
وزير الاستثمار والسفير الكندي يبحثان تعزيز التعاون الاقتصادي ماكرون يعلن إطلاق خدمة عسكرية تطوعية جديدة باكستان تعلن نجاح تجربة صاروخ باليستي مضاد للسفن القاضي يفتتح الملتقى الخامس للطلبة العرب الدارسين في الأردن مدير الأمن العام يفتتح معهد إعداد وتأهيل الشرطة – سواقة التابع لاكاديمية الشرطة الملكية أبو رمان يطالب الحكومة بمداخلته تحت القبة بالامتثال إلى قرار لجنة التحقيق الصادرة عن هيئة مكافحة الفساد الرواشدة : وزارة الثقافة ستعلن عن إنتاج فيلم يتحدث عن معركة "حد الدقيق" استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال جنوب جنين مندوبًا عن جلالة الملك ... وزير الزراعة يفتتح مهرجان الزيتون الوطني الـ25 ( صور ) الأمير الحسن بن طلال يدعو لتطوير المؤسسات الوقفية وزير المياه يطلع على مأخذ الناقل الوطني الجديد الإدارة المحلية: قرب الأبنية من الأودية والبناء دون ترك حرم زاد أضرار الأمطار الذكرى 54 لاستشهاد رئيس الوزراء الأسبق وصفي التل تصادف غدا إنجازات رؤية التحديث الاقتصادي لقطاع تكنولوجيا المعلومات خلال الربع الثالث التربية: 331 مدرسة تقدم برامج التعليم المهني والتقني تطرح 12 برنامجا مصرع 11 شخصا وإصابة اثنين بحادث قطار في الصين 83.3 دينار سعر الذهب عيار 21 بالسوق المحلية مصرع 44 شخصا وفقدان المئات بحريق في هونغ كونغ وفاة أب وابنه اثر حريق منزل في لواء الرمثا وزير الخارجية يبدأ زيارة عمل إلى برشلونة

النقرش يكتب : "بين هزاع ووصفي" أحمد عبيدات امتدادٌ لرجال الدولة الكبار

النقرش يكتب : بين هزاع ووصفي أحمد عبيدات امتدادٌ لرجال الدولة الكبار
الدكتور إبراهيم النقرش
"شهادة في رجلٍ عاش زمنه بثباتٍ يسبق عصره، وظلّ يقول كلمة الحق دون مساومة على الأردن أو مواقفه الوطنية”
لقد قرأت وسمعت لعدد كبير من الوزراء ورؤساء الحكومات عبر العقود الماضيه، لكنني لم أشعر يومًا أنني أمام قامة وطنية استثنائية كما شعرت وأنا أستمع لدولة أحمد عبيدات، وإلى جانبَه دولة مضر بدران؛ طودان راسخان يطويان الزمن في زمنهما، ويستبقان عصرهما بروح رجلَي دولة حقيقيين عاشا زماننا في زمانهما، وكأنهما يتنبآن بما سيأتي. وما جاء هذا المقال إلا بعد متابعة عميقة لمقابلات دولة أحمد عبيدات في البرامج والبودكاست، والقراءة عن تاريخ رجل يفوح من سيرته عبق هزاع المجالي ووصفي التل؛ تاريخٌ نظيف، ثابت، وصادق يشبه الأردن الذي نحبّه ونحلم به.
دولة أحمد عبيدات هو واحد من أبرز الرجال الوطنيين في تاريخ الأردن السياسي، ورمزٌ للثبات على المبدأ والصلابة في مواجهة الضغوط، ورجلٌ لم يساوم يومًا على مصلحة الوطن ولا على ثوابته. فمنذ تولّيه بدايات المسؤولية.. ورئاسة الحكومة وحتى اليوم، بقي يمثّل نموذجًا للمسؤول الذي يضع الأردن فوق كل اعتبار، ويتعامل مع القضايا الكبرى بوضوح وشجاعة ونزاهة قلّ نظيرها.
لقد عرف الأردنيون عبيدات بوصفه رجل دولة حقيقيًا؛ صلبًا في مواقفه، واثقًا في تحليله، لا يلين أمام الضغوط ولا يخشى في الحق لومة لائم. كانت قناعته راسخة بأن إسرائيل لا تريد السلام، وأنها تستغل أي عملية تفاوض لفرض المزيد من الوقائع على الأرض، لذلك رفض الدخول في مفاوضات غير متكافئة، وعبّر بوضوح عن رؤيته بأن التفاوض لا يكون مجديًا ما لم يكن الطرف العربي ممسكًا بأوراق قوة حقيقية. وكان يؤكد دائمًا أنّ إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة، وأن الأردن والعرب بحاجة إلى موقف موحد وصلب يفرض احترام الحقوق لا أن يطلبها من موقع الضعف.
تميز عبيدات أيضاً بموقفه الصريح من الضغوط الأميركية خلال تلك الفترة، خاصة تلك التي كانت تستهدف دفع الأردن إلى تبني سياسات لا تنسجم مع مصلحته الوطنية، أو القبول بمشاريع ترتبط بتوطين الفلسطينيين. كان ثابتًا على موقفه، ورفض استقبال أي مسؤول أميركي حين شعر أن الهدف من اللقاء الضغط على الأردن لتغيير مواقفه أو قبول حلول تمسّ بسيادته وهويته الوطنية. وقد عُرف عنه رفضه لأي تفاوض أو مساومة على حساب الأردن أو فلسطين، وتمسّكه بأن الأردن ليس ساحة للتصفية ولا دولة تقبل الإملاء.
كما كان من أشد المعارضين لمعاهدة وادي عربة، ليس بدافع المعارضة السياسية، بل انطلاقًا من رؤية واقعية مفادها أن إسرائيل لا تلتزم بالاتفاقيات، وأنها تُفرغها من مضمونها وتستغلها لمصلحتها فقط، في حين يبقى الأردن الطرف الأكثر التزامًا وضبطًا. ورأى عبيدات أن الأمن القومي الأردني مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقضية الفلسطينية، وأن أي تسوية يجب أن تراعي، أولًا وأخيرًا، الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
خلافه مع الدولة في ذلك الوقت لم يكن خلافًا شخصيًا، ولا صدامًا مؤسسيًا، بل كان خلافًا في تقدير المصلحة الوطنية العليا. فقد تمسّك بموقفه الرافض لأي مسار لا يضمن حقوق الأردن، وظلّ يعبر عن رأيه بصدق وصراحة، حتى عندما كلّفه ذلك منصبه. وقد دفع ثمن صلابته السياسية، لكنه خرج من رئاسة الحكومة وضميره مرتاح، محمولًا على احترام الأردنيين الذين رأوا فيه رجلًا لم يبع وطنه، ولم يغيّر كلمته، ولم يتراجع تحت الضغط.
ولم تتوقف مواقفه الوطنية عند حدود منصبه السابق؛ بل بقي صوتًا حرًا يدافع عن سيادة الدولة، ويطالب بالالتزام بالدستور، ويحذر من التنازلات التي تضرّ بالأردن. ظل طوال سنواته التالية رجلًا نظيف اليد، نقي السيرة، شجاعًا في فكره ورؤيته، حاضرًا في المحافل السياسية والفكرية بشخصيته المتزنة ولغته الهادئة ولُكنة الواضحة. وقد أكسبه ذلك احترامًا كبيرًا لدى الأردنيين الذين رأوا فيه نموذجًا للرجل الذي قد يختلف مع النظام في بعض السياسات لكنه يفعل ذلك بدافع وطني خالص، ومن أجل مصلحة البلاد لا من أجل أي مكسب شخصي.
لقد كان أحمد عبيدات — ولا يزال — مدرسة وطنية في الثبات على المبدأ، ورفض المساومة، والدفاع عن الأردن وهويته، والإيمان بأن الوطن أكبر من المناصب، وأن المسؤول الحقيقي هو من يقول "لا” عندما يكون قولها هو ما يحمي البلد. إنه شخصية سياسية نادرة جمعت بين النظافة والجرأة والصلابة، وظلّت مواقفه شاهدة على مرحلة مهمة من تاريخ الأردن، وعلى رجل لم يكتب كلمة إلّا بضميره، ولم يتخذ موقفًا إلّا من أجل وطنه