حسين الرواشدة
بأمر نائبين في البرلمان ، من حزب جبهة العمل الإسلامي ، مطلوب من الإعلام الأردني أن يتوقف فوراً عن انتقاد الحزب ومعه الإسلام السياسي ، مطلوب ، أيضاً، من الحكومة أن تكمم أفواه كل من يتجرأ على المساس بهيبة الحزب أو الخوض في نقاشات حول مستقبله السياسي.
ما ذكرته ، سلفاً، ليس مزحة أو افتراء ، هذا ما حدث امس الأول (الاثنين ) تحت القبة ، وهذا ما سبق ودعا إليها النائبان قبل ثلاثة أسابيع ،أيضاً، مع إضافات تحمل "دمغة " الاتهام لبعض الكتاب الصحفيين بأنهم مأجورون ومحرضون ويتحدثون بالنيابة عن الدولة ، وضد المصلحة الوطنية.
لا تعليق لدي على هذا الانفعال من حزب يرفع راية الحريات العامة ، ويصرخ ضد سياسات تكميم الأفواه ، افهمه تماماً، فهو يريد الحريات من أجل أن يتحدث والجميع أمامه صامتون ، يتعبدون بالإنصات اليه ، وهو يريد أن يصفق الأردنيون للحزب المنقذ، و أن يكذبوا كل من يتعرض له بانتقاد .
الحزب - كما كانت أُمّه الجماعة المحظورة ، التي هو ذراعها السياسي ، يعتقد انه ( الفرقة الناجية)، يتصور بعض اعضائه أنهم يتحدثون بالنيابة عن الله تعالى ، وبيدهم صكوك القداسة السياسية ،يوزعونها على من يشاؤون ، من يختلف معهم في العمل السياسي يحيلون أوراقه إلى يوم القيامة حيث يجتمع الخصوم ، هم وحدهم معصومون من الخطأ ، وغيرهم مشكوك في إيمانهم ، ومصنفون ، أحيانا ، في دائرة "الصهينة".
صحيح ، حزب جبهة العمل الإسلامي ، ما زال، حتى الآن، احد الأحزاب الأردنية المرخصة، وهو جزء من هذا المجتمع الأردني، ومن حقي، وغيري، أن ننتقدهم إن أخطأوا، كما أنه من حقهم أن يردوا ويصححوا، لكن بمنطق أدب الاختلاف والحوار، لا بمنطق "الميليشيات” الإعلامية ، التي تضرب وتهرب، وتتحفز للهجوم ضد كل من يقترب منها، وكأنها في موقع دفاع عن نفسها خوفا من "الأغيار”.
للتذكير ، خرج الحزب ، الجمعة المنصرفة ، إلى وسط البلد ، وبدأت ماكينة هتافاته تتحرك ، من جديد، للتحريض على الدولة ، والانتقاص من مواقفها ، أمين عام الحزب اتهم الهيئة الخيرية الهاشمية بأنها أغلقت أبوابها أمام تلقى المساعدات إلى غزة ، تصور الحزب بعد عامين على الحرب تذكر أن لدينا هيئة تتلقى المساعدات ، ثم تغافل عمداً أنه لم يطرق أبوابها إلا في مرات قليلة، على الرغم من أنه نظم آلاف الحملات لجمع التبرعات لأهل غزة ، لا أعرف ، ربما أنه ارسل هذه التبرعات إلى "وقفيات " أخرى يراها أكثر موثوقية.
ما علينا ، الأردنيون كسروا حاجز الصمت ، وكشفوا القناع عمن قفز من مراكب البلد إلى مراكب أخرى ، تحت شعارات استقال منها أصحابها، الأردنيون الذين يؤمنون بالله مهما اختلفت اديانهم ، ويؤمنون بالأردن / الدولة والوطن ، لا يجرح ايمانهم، ولا وطنيتهم ، أبداً، أن يرشقهم أي حزب أو جهة أو تنظيم بالاتهامات والافتراءات ، سواء تغطى أصحابه بعباءة الدين، أو رفعوا راية النضال، أو هتفوا ضد الكيان المحتل.
الأردنيون ، أيضا ، لا يريدون أي حزب سياسي ينتسب للأردن بالاسم، ثم يستمد شرعيته من الخارج أو يأخذ أوامره من مرجعيات أخرى ، لا يريدون حزباً يتجرأ على الإساءة للأردن فيما لا يجرؤ ، أبداً، ولا يسمح لأحد، بانتقاد من تبايع معهم على النضال ، أو على السمع والطاعة.



