شريط الأخبار
كانوا مقربين من الحكم السابق.. قادة فصائل فلسطينية يغادرون دمشق "محافظة المفرق" تزهو فرحًا بعيد الاستقلال الأردني الـ79 / شاهد بالصور عمان تحتفل بعيد الاستقلال في أجواء مفعمة بالفخر والاعتزاز فعاليات احتفالية في مادبا بمناسبة عيد الاستقلال عجلون تحتفل بعيد الاستقلال الـ79 بحفل جماهيري ومسيرات وطنية معان تحتفل بعيد الاستقلال الـ79 بسلسلة فعاليات ثقافية وفنية الآلاف من المواطنين يحتفلون بعيد الاستقلال في إربد محافظة البلقاء تحتفل بعيد الاستقلال الـ79 انطلاق فعاليات احتفالات محافظة العقبة بعيد الاستقلال محافظة جرش تحتفل بعيد الاستقلال في ساحة المدرج الجنوبي المفرق تحتفل بعيد الاستقلال الـ79 بدء فعاليات الاحتفال بعيد الاستقلال الجمعة الصفدي واللجنة العربية-الإسلامية يبحثون أوضاع غزة مع بارو في باريس خبراء يبرزون الأبعاد الاجتماعية والقانونية لجهود إحباط تهريب المخدرات وحماية المجتمع من الإدمان الحملة الأردنية تواصل دعمها الإغاثي شمال غزة وجنوبها.. والمخبز الأردني لا يتوقف الصحة العالمية تحذر من خطورة تدمير المرافق الصحية في غزة وزير الخارجية يجري مباحثات موسعة مع وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي في باريس "الأميرة غيداء طلال"... لحظات مؤثرة عندما التقيت بمرضانا الأحبّاء القطاع الصحي الأردني بمناسبة عيد الاستقلال الـ79: إنجازات متواصلة برؤية ملكية وريادة وطنية "الصحة العالمية" تعتمد قرارين لصالح فلسطين

فلسفة التنازلات في العلاقات الاجتماعية

فلسفة التنازلات في العلاقات الاجتماعية

القلعة نيوز- إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

1

إن تاريخ الفكر يُولَد باستمرار في الأنساق الاجتماعية الحَيَّة ، التي تمتلك ثنائية ( النقد / النقض ) ، نقد الممارسات الفكرية البعيدة عن قواعد المنهج العِلمي ، ونقض السلوكيات المُنحرفة عن المسار الحضاري ، وهذه العملية تُمثِّل جوهرَ الحراك الاجتماعي .

وكُل جوهر فكري حقيقي ، لا يتكرَّس كنظام اجتماعي متوازن وفَعَّال ، إلا إذا وظَّف ثنائية ( النقد / النقض ) في المجتمع الإنساني الواعي ، مِن أجل هدم القيم السلبية ، وبناء القيم الإيجابية .

وبين الهدم المنطقي التدريجي ، والبناء العقلاني المُتسلسل ، تتَّضح هُويةُ المجتمع الفكرية ، ويتحدَّد مساره الإنساني ، وتبرز قدرته على التوفيق بين التناقضات ، والجمع بين الأضداد ، وتكريس منهجية إمساك العصا من المنتصف ، لحفظ حقوق الفرد والجماعة .

وفي كثير من الأحيان ، يتعذَّر الوصول إلى حُلول حاسمة وقاطعة ، بسبب تعارض الرغبات والمصالح والدوافع .

وعندئذ ، لا بُد من اعتماد أنصاف الحُلول ، وتقديم تنازلات مُتبادلة ، مِن أجل ضمان سَير القطار الاجتماعي وعدم توقُّفه . وينبغي أن تظل التنازلات بعيدةً عن المبادئ، لأن التنازل عن المبادئ انهيار شامل ، أمَّا التنازل عن بعض الأدوات والسياسات فيمكن القَبول به ، إذا كان يُحقِّق المصلحةَ للجماعة ، ويجلب النفعَ للفرد .

وفي هذه الحالة ، ينبغي تكريس وَحدة المصير الجامع بين الفرد والجماعة ، لأنَّ المصير الواحد ، يجمع الأطراف المختلفة ، كما أن التهديد المشترك يجمع المُتضررين ، على اختلاف أفكارهم وتوجُّهاتهم . والمصائب تَجْمَع المُصابين .

2

إذا فُرض التنازل على الشجرة ، فينبغي التنازل عن بعض الأغصان والفروع ، وعدم التنازل عن الجَذر بأيَّة حال مِن الأحوال ، لأن الجَذر هو الضمانة الحقيقية لبقاء الشجرة .

وفي هذا السياق ، ينبغي التفريق بين التهديدات الجوهرية الوجودية ، والتهديدات العَرَضِيَّة الطارئة .

فالأُولَى تمسُّ مصيرَ المجتمع ووجوده الاعتباري وشرعية بقائه ، ولا مجال لأنصاف الحلول في التعامل معها ، وأيَّة ضربة للعمود الفِقري ستُؤدِّي إلى الشَّلَل ، وستكون ضربةً قاصمةً .

أمَّا الثانية ، فهي تهديدات عابرة ذات تأثير بسيط محدود ، يُمكن امتصاصه ، والتضحية ببعض المُكتسبات لمواجهته .

3

إذا امتلكَ المجتمعُ الإنساني إرادته وقرارَه وأدواته العقلانية ، واقتحمَ المناطق الرمادية ، مُسَلَّحًا بالفِكر والعِلْم والمعرفة ، استطاعَ صهرَ الأضداد والتناقضات في بَوتقة النقد البَنَّاء ، والحصول على نسيج اجتماعي متماسك ومتجانس ، وتحقيق مصالح جميع الأطراف بلا تهميش ولا اضطهاد ، والوصول إلى بَر الأمان .

والتفاصيلُ الحياتية لا تنقسم إلى الأبيض والأسود، لأنها تفاصيل مُتشابكة ومُتشعِّبة ، تجمع بين المصالح المتعارضة ، والأهواء المُتصادمة ، والأفكار المختلفة .

وما أراه صحيحًا ، قد يراه غَيْري خاطئًا ، وما أراه خاطئًا ، قد يراه غَيْري صحيحًا ، لأنَّ الحُكم على الشَّيء فَرْع عن تصوُّره ، والتصورات تنبع من المبادئ التي يعتنقها الفردُ على الصَّعِيدَيْن الروحي والمادي.

واختلاف المبادئ يعني اختلاف التصوُّرات،واختلافُ التصوُّرات يعني اختلاف الأحكام .

والحل الوحيد لهذه المُعضلة المنتشرة في كل المجتمعات الإنسانية ، هي تعميق ثقافة الحوار ، والنِّقاش ، ومُقارَعة الحُجَّة بالحُجَّة ، لأن الفِكر لا يُوَاجَه إلا بالفِكر ، كما أن البندقية لا تُوَاجَه إلا بالبندقية .

وأهميةُ الفكر تتجلَّى في بقائه على مَر العصور والأزمان ، بغض النظر عن وجود صاحبه أو غيابه .

فالفكرُ يظل حيًّا ، حتى لو مات صاحبُه. وكَم مِن مُفكِّر ماتَ، وبقيت أفكارُه. بل إنَّ كثيرًا مِن المُفكِّرين كان مَوْتُهم أو قتلُهم حياةً جديدةً لأفكارهم ، وكأن دمهم قد أضاءَ حِبْرَ كلماتهم ، ونشرها في الآفاق . وهذا يدلُّ بوضوح على أن السلاح الوحيد للتعامل مع الفِكر هو الفِكر .