ثم انتقلت البشير للحديث عن مميزات نابلس وما صادفته في سيرتها في القرن التاسع عشر من محطات وتحديات كان أولها الحرب العالمية الأولى في العام 1918، حيث الحكم العثماني الذي فرض على أهل نابلس التجنيد في الجيش التركي ضد الحلفاء البريطانيين والفرنسيين، حيث جند اثنين من أخوالي ومع الاسف لم يعودوا، لكن والدي اشترى نفسه بثلاثين ليرة دهب، مشيرة الى الزلزال الذي تعرضت له نابلس تعرضت في العام 1927، وكان زلزال شديد هدمت فيها البيوت وحدثت الكثير من الوفيات والآلام. وفي العام 1935، حصل طوفان كبير غمر البيوت وازهقت فيه الأرواح. قائلة "أذكره أنا شخصياً وكنت في عمر أربع سنوات، حيث كانت حملة المطر شديدة جداً جرفت جبل جرزيم وقسمته من الوسط وجرفت المياه والطمم الذي غمر المدينة. تواصل: اذكر أن المياه كانت تدخل من باب بيتنا على الشارع المستعرض وتنزل عبر الأدراج للطوابق الثلاث لتخرج من الباب الأسفل على حاره العقبة، وقد غطت المياه حارة العقبة بنهر من الطمم، وحينما نظرنا من شباك بيتنا في الطابق الأعلى كانت المياه الحمراء والطمم تغطي حتى أعلى دقاقة الباب لدار عمي، كان منظراً مرعباً، كانت أمي تقضي الوقت بالصلاة والدعاء إلى الله أن يحفظ المدينة. وتحدثت أيضا البشير عن أطول اضراب المقاومة للانتداب البريطاني في العام 1936، واستمر لمدة ستة شهور، وكان البريطانيون يبحثون عن الثوار في المدينة وكان هدفهم الثوار الفلاحين اللذين يلبسون الحطة والعقال. كل ذلك تمهيد لإعطاء فلسطين لليهود إذ أن البريطانيون كانوا متحيزون جداً لصالح اليهود، قائلة "كان لرجال الريف الثوار دور أكبر في المقاومة حينئذً، قرر سكان المدينة الذين يعتزون في لبسهم الطربوسن الأحمر عدم لبسه واستبداله بالحطة الريفية أسوه بسكان الريف ليضيع الحابل بالنابل منذ تلك اللحظة لم يعد يلبس أهل المدن المخلصون للقضية لبس الطربوشن، إلا عدداً بسيطاً سموا المجلسيون، وهم المتعاونون مع رجال الانتداب البريطانيين، كنا كمواطنين ننظر لهؤلاء المتعاونين بالريبة ونعتبرهم خونه للقضية". وبعد أحداث 1948 أزداد النمو السكاني للمدينة حيث تدفق عليها اعداد كثيرة من اللاجئين أقاموا مخيمات حولها وامتداد العمران ووصل قمة جبليها، البلدة القديمة في الوسط شرقاً وغرباً، فنابلس تمتاز كما قالت البشير بـ"الينابيع"، يقع في مقدمة ينابيعها الدفاقة نبع القريون، لم يغب عطاؤها من المياه عبر الأزمان تمر بالقرب من منازل ساكنيها ومن مساجدها ومراكزها تنساب من الأزقة والأسواق تجمع نبع بلاطه نبع عسكر ونبع يعقوب ونبع القريون ونبع راس العين ونبع العسل ونبع القوارين هذا التدفق خلق لدى المواطن النابلسي أبداعات إنسانية ومزاج رائق. وتحدثت صناعة الصابون التي تميّزت بها مدينة نابلس، وكلّ قيادات نابلس تقريباً امتلكت مصابن، كما اشتهرت بصناعة الكنافة والحلاوة والزلابية وقرص التوم، وبتقاليد الأعراس والحجّ والولادة وختم القرآن، لافتا الى العلاقة الأردنية الفلسطينية كانت عبارة عن "نسيج صاغه التاريخ وحمته الضمائر، ورعاية المرأة مصلحة وطنية، التضامن المجتمعي ركيزه وطنيه وتربية الأجيال سلاح وطني لبناء المستقبل". ويذكر ان هيفاء البشير قد أسستُ جمعيةَ الأسرة البيضاء، ودارَ الضيافة للمسنين التابعة للجمعية وأسّست مُنتدى الرواد الكبار ثم مديره له تطوّعاً، وشغلت عضوية المجلس الصحي العالي ومجلس أمانة العاصمة، وشاركت في تأسيس الاتحاد النسائي الأردني العام ورئيسته الأولى وتوليت منصب نائبة رئيسة الاتحاد النسائي العربي العام، وفي العام 1981 أسست وزميلات أربعة أخريات الإتحاد النسائي الأردني العام وكنت الرئيسة الأولى بالإنتخاب حتى عام 1990، تشرفت بعضوية المجلس الوطني الإستشاري عام 1982-1984، وعينت في مجلس أمانة العاصمة 1980 ثم أعيد تعييني في مجلس أمانة عمان الكبرى للفترة 1986-1994 دور أساسي وحيوي في مفهوم الحكم المحلي وممارسته. شاركت في انتخابات 1989 عن مدينة عمّان رغم مختلف الصعوبات، وبذلت جهودي في حملة ابني الدكتور عوني كمرشح للبلقاء حيث فاز هو ولم أفز أنا، ولم تفز أي أمراه في الانتخابات لعدم تفهم المجتمع لدور المرأة حتى هذا التاريخ، وأسّست في ناعور جمعيّةَ التأهيل النفسي، ومُؤسِّسةُ مركز الصفصاف للتأهيلِ التابعِ للجمعية، وأرأس حالياً الائتلاف الصحي لحماية المريض والذي تشكّل من عشرين جمعية معنيّة بالأمراض المختلفة، والذي أطلق الميثاق الوطني لحماية المريض، موضحاَ آلية التعامل بين المريض والطبيب وواجبات كلّ منهما، حيث تشكّل بجهود كافة المعنيين في القطاع الصحي، وحالياً يُدرّس الميثاق بالمدارس والجامعات المعنية بالصحة. وحصلت على العديد من الجوائزِ والأوسمة، من أبرزِها وسامُ الحُسين للعطاء المُميز من الدرجة الأولى، جائزةٌ من المركزِ الثقافي الإيطالي في روما تقديراً لدوري في العمل العام 1977 بترشيح من المرحوم عصام العجلوني، جائزةُ جلالة الملكة نور للقصةِ القصيرة عام 1994، جائزةُ الأسرة المثالية من إمارة دبي في 2005 ضمن مهرجان دبي للتسوّق، وجائزةُ مُلتقى الروّاد والمُبدعين العرب الذي يعتبرُ مِنبراً للمُثقفين والمبدعين من إمارة الشارقة.
هيفاء البشير تروي سيرة المدن نابلس ورحلتها من نابلس الى عمان
ثم انتقلت البشير للحديث عن مميزات نابلس وما صادفته في سيرتها في القرن التاسع عشر من محطات وتحديات كان أولها الحرب العالمية الأولى في العام 1918، حيث الحكم العثماني الذي فرض على أهل نابلس التجنيد في الجيش التركي ضد الحلفاء البريطانيين والفرنسيين، حيث جند اثنين من أخوالي ومع الاسف لم يعودوا، لكن والدي اشترى نفسه بثلاثين ليرة دهب، مشيرة الى الزلزال الذي تعرضت له نابلس تعرضت في العام 1927، وكان زلزال شديد هدمت فيها البيوت وحدثت الكثير من الوفيات والآلام. وفي العام 1935، حصل طوفان كبير غمر البيوت وازهقت فيه الأرواح. قائلة "أذكره أنا شخصياً وكنت في عمر أربع سنوات، حيث كانت حملة المطر شديدة جداً جرفت جبل جرزيم وقسمته من الوسط وجرفت المياه والطمم الذي غمر المدينة. تواصل: اذكر أن المياه كانت تدخل من باب بيتنا على الشارع المستعرض وتنزل عبر الأدراج للطوابق الثلاث لتخرج من الباب الأسفل على حاره العقبة، وقد غطت المياه حارة العقبة بنهر من الطمم، وحينما نظرنا من شباك بيتنا في الطابق الأعلى كانت المياه الحمراء والطمم تغطي حتى أعلى دقاقة الباب لدار عمي، كان منظراً مرعباً، كانت أمي تقضي الوقت بالصلاة والدعاء إلى الله أن يحفظ المدينة. وتحدثت أيضا البشير عن أطول اضراب المقاومة للانتداب البريطاني في العام 1936، واستمر لمدة ستة شهور، وكان البريطانيون يبحثون عن الثوار في المدينة وكان هدفهم الثوار الفلاحين اللذين يلبسون الحطة والعقال. كل ذلك تمهيد لإعطاء فلسطين لليهود إذ أن البريطانيون كانوا متحيزون جداً لصالح اليهود، قائلة "كان لرجال الريف الثوار دور أكبر في المقاومة حينئذً، قرر سكان المدينة الذين يعتزون في لبسهم الطربوسن الأحمر عدم لبسه واستبداله بالحطة الريفية أسوه بسكان الريف ليضيع الحابل بالنابل منذ تلك اللحظة لم يعد يلبس أهل المدن المخلصون للقضية لبس الطربوشن، إلا عدداً بسيطاً سموا المجلسيون، وهم المتعاونون مع رجال الانتداب البريطانيين، كنا كمواطنين ننظر لهؤلاء المتعاونين بالريبة ونعتبرهم خونه للقضية". وبعد أحداث 1948 أزداد النمو السكاني للمدينة حيث تدفق عليها اعداد كثيرة من اللاجئين أقاموا مخيمات حولها وامتداد العمران ووصل قمة جبليها، البلدة القديمة في الوسط شرقاً وغرباً، فنابلس تمتاز كما قالت البشير بـ"الينابيع"، يقع في مقدمة ينابيعها الدفاقة نبع القريون، لم يغب عطاؤها من المياه عبر الأزمان تمر بالقرب من منازل ساكنيها ومن مساجدها ومراكزها تنساب من الأزقة والأسواق تجمع نبع بلاطه نبع عسكر ونبع يعقوب ونبع القريون ونبع راس العين ونبع العسل ونبع القوارين هذا التدفق خلق لدى المواطن النابلسي أبداعات إنسانية ومزاج رائق. وتحدثت صناعة الصابون التي تميّزت بها مدينة نابلس، وكلّ قيادات نابلس تقريباً امتلكت مصابن، كما اشتهرت بصناعة الكنافة والحلاوة والزلابية وقرص التوم، وبتقاليد الأعراس والحجّ والولادة وختم القرآن، لافتا الى العلاقة الأردنية الفلسطينية كانت عبارة عن "نسيج صاغه التاريخ وحمته الضمائر، ورعاية المرأة مصلحة وطنية، التضامن المجتمعي ركيزه وطنيه وتربية الأجيال سلاح وطني لبناء المستقبل". ويذكر ان هيفاء البشير قد أسستُ جمعيةَ الأسرة البيضاء، ودارَ الضيافة للمسنين التابعة للجمعية وأسّست مُنتدى الرواد الكبار ثم مديره له تطوّعاً، وشغلت عضوية المجلس الصحي العالي ومجلس أمانة العاصمة، وشاركت في تأسيس الاتحاد النسائي الأردني العام ورئيسته الأولى وتوليت منصب نائبة رئيسة الاتحاد النسائي العربي العام، وفي العام 1981 أسست وزميلات أربعة أخريات الإتحاد النسائي الأردني العام وكنت الرئيسة الأولى بالإنتخاب حتى عام 1990، تشرفت بعضوية المجلس الوطني الإستشاري عام 1982-1984، وعينت في مجلس أمانة العاصمة 1980 ثم أعيد تعييني في مجلس أمانة عمان الكبرى للفترة 1986-1994 دور أساسي وحيوي في مفهوم الحكم المحلي وممارسته. شاركت في انتخابات 1989 عن مدينة عمّان رغم مختلف الصعوبات، وبذلت جهودي في حملة ابني الدكتور عوني كمرشح للبلقاء حيث فاز هو ولم أفز أنا، ولم تفز أي أمراه في الانتخابات لعدم تفهم المجتمع لدور المرأة حتى هذا التاريخ، وأسّست في ناعور جمعيّةَ التأهيل النفسي، ومُؤسِّسةُ مركز الصفصاف للتأهيلِ التابعِ للجمعية، وأرأس حالياً الائتلاف الصحي لحماية المريض والذي تشكّل من عشرين جمعية معنيّة بالأمراض المختلفة، والذي أطلق الميثاق الوطني لحماية المريض، موضحاَ آلية التعامل بين المريض والطبيب وواجبات كلّ منهما، حيث تشكّل بجهود كافة المعنيين في القطاع الصحي، وحالياً يُدرّس الميثاق بالمدارس والجامعات المعنية بالصحة. وحصلت على العديد من الجوائزِ والأوسمة، من أبرزِها وسامُ الحُسين للعطاء المُميز من الدرجة الأولى، جائزةٌ من المركزِ الثقافي الإيطالي في روما تقديراً لدوري في العمل العام 1977 بترشيح من المرحوم عصام العجلوني، جائزةُ جلالة الملكة نور للقصةِ القصيرة عام 1994، جائزةُ الأسرة المثالية من إمارة دبي في 2005 ضمن مهرجان دبي للتسوّق، وجائزةُ مُلتقى الروّاد والمُبدعين العرب الذي يعتبرُ مِنبراً للمُثقفين والمبدعين من إمارة الشارقة.