ايمن بدر
عام وشهر تقريباً تفصلنا عن الأنتخابات الرئاسية الأمريكية، إلا أن الدعاية للإنتخابات القادمة قدّ بدأت مٌبَكِراً وأفتُتِحَت أولى مراكز الإقتراع في تل أبيب . وبطاقات الإقتراع تُستَجلَبُ من غزة على شكل أشلاءٍ وأوصالٍ مُقَطَعةٍ وليس بالضرورةِ أن توضَعَ في صناديق الإقتراع، يكفي أنّ تُجمَعَ في أكياسٍ بلاستيكيةٍ سوداء وسيتم قطعاً إحتسابُها كأصواتٍ يتفقُ الحزبين على صِحتها. لكِن لم هذه الهرولة من قبل الأدارة الأمريكية من رأس هرمها حتى أصغر موظفٍ في قاعدتها وحتى من قبل الحزب الجمهوري تجاه هذا الكيان ولم كُلُ هذا الحشد والدعم الللا محدود والتعَمُدِ في إظهار التباكي وتَبَني أكاذيب دولة الإحتلال رُغمَ تَيَقُنِ الإدارة الأمريكية كَذِبَّ الإدعائات الإسرائيلية، وهل بات تَوَسُدُ سَدة ألمنصب الرئاسي الأمريكي مقترناً بمدى الإنبطاحِ لأسرائيل واللوبيات التابعة لها وهل غدا الحَجُ ل ( أيباك ) وحائطً البُراق وأعتمار ( الكيباه ) طَقساً إنتخابياً أمريكياً وفرضَ عينٍ على كل من يطمح بِسَدةِ الرئاسة الأمريكية. ولماذا تتعاظَمُ القيم الأمريكية في الديمقراطية وحرية الفرد وحقوق الإنسان في كل أرجاء المعمورة بل وتَبتَزُ الكثير من الدول تحت هذه الشعارات وتتقلص وتتقزم بل وتتلاشى هذه القيم الأمريكية على عتبات الإحتلال رغم جرائمه الواضحة والجلية والمتتابعة بحق الفلسطينيين خصوصاً والعرب على وجه العموم. أَهُو ألشعورُ الغربي بالذنب لما أوقَعَهُ الغربُ باليهودِ من ويلات، أم هو التخوُفُ الغربي من هجرةٍ مُعاكسة لليهود من أرضِ فلسطين وعودتهم للجغرافية والديمغرافية الغربية بعدما تخلصوا منهم وألقوا بهم في أراض الغير وما سيترتب على عودة اليهود للغرب من إفسادٍ للنسيج الغربي مجتمعياً وإقتصادياً وسياسياً ، أم أنّ الأراداة الأمريكية على وجه الخصوص والغربية بعمومها غدت مسلوبةً ورهينة أللوبيات الصهيونية. هذه التساؤلات والكثيرُ غيرها تدورُ في خُلدِ الكثير، وللإجابةِ على بعضها وجب علينا العودة سبعونَ عاماً الى الوراء وتحديداً العام 1953 . ففي هذا العام بادر ( يشعيا كينين ) والذي كان عضواً في اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة ، بادر لتأسيس اللجنة الأمريكية للشؤون العامة الإسرائيلية والتي أصبحت تُعرَفُ ب ( أيباك ) بتوجه أيدولوجي يقوم على الولاء المطلق لإسرائيل وتوظيف المال والإعلام الصهيوني لتقوية العلاقة الإسرائيلية الأمريكية وضرب أي تقارب أو تحالف أمريكي مع البلدان العربية والإسلامية. ونشطت وركزت ( أيباك ) على اعداد قيادات أمريكية جديدة في كآفة المجالات وتدين هذه القيادات بالولاء المطلق لإسرائيل. وتضم ( أيباك ) في عضويتها أعضائاً من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وعدا عن الآف المتطوعين يفوق عدد أعضاء ( أيباك ) أكثر من مئة ألف عضوٍ من باحثين وإعلاميين ومفكرين وخبراء في السياسة الأمريكية وأرباب المال الذين يقدمون دعماَ غير محدودٍ لها. كذلك توسعت في انتشارها وتغلغلها في المجتمع الأمريكي لتكتسح الجامعات وممارسة تأثيرها على الهيئات الأكاديمية والطلابية. والمثير في الأمر أن ( أيباك ) تقوم بتقديم تقارير فصلية كل ثلاثة أشهر الى وزير الخارجية الأمريكي وكذلك الى رئيس مجلس النواب وكأنها أي ( أيباك ) جزءٌ من المنظومة السياسية الأمريكية. وتعتمد ( أيباك ) في عملها على ألأبتزاز السياسي بكل ما للكلمة من معنى. فهي تدعم المشرعين للفوز في الإنتخابات التشريعية مقابل مزايا ودعم يُقَدَمُ للكيان الصهيوني. وتغلغلت ( أيباك ) في مفاصل الدولة الأمريكية السياسية والإقتصادية والإعلامية والعسكرية حتى غدا وكما أسلفنا أن فوز المرشح الرئاسي الأمريكي مقروناً برضى ( أيباك ) وعليه فالحَجُّ ل ( أيباك ) وإظهار الولاء لإسرائيل والألتزام المطلق بتفوقها العسكري والإقتصادي على مجموع الدول العربية والإسلامية هو الورقة الرابحة للتربع على كُرسي الرئاسة الأمريكي. وهنا لن نتسائل عن عدم تمكن الدول العربية والإسلامية بمجموعها وهي التي تملك تحت ترابها وأقدامها عصب الإقتصاد العالمي وتتفوق على هذا الكيان جغرافيا وديموغرافياً مع انه تساؤل مشروع عن عدم تمكنها من التأثير ولو جزئيا على صناع القرار في الولايات المتحدة والغرب عموماً ، بل تساؤلنا عن سبب العجز الذي وصلنا اليه بحيث أن كل هذه الدول بمجموعها لم تستطع من تحقيق إختراقٍ بسيط ومشروع في منظومة صنع القرار الأمريكي والغربي بأدخال شربة ماء، حبة دواء، كسرة خبز أو حتى نسمة هواء تتمثل في قارورة أكسجين لقطاعٍ لا يتجاوز مساحته عدة كيلومترات يتكدس فيه أكثر من مليوني إنسان غدا الكثير منهم جُثثاً تحت أنقاض وأشلاءٌ متبعثرة فيما بِضعَةُ آلآف في ( أيباك ) ترتعد لها فرائصُ دولة عظمى لا تجروء على مجرد أبداء حُزنٍ على دماء وأشلاء أطفالنا. هل هي القوة الصهيونية الخارقة التي خُرِقت في السابع من أكتوبر أم هو ألتشرذم والعجز العربي. وهل لا زال هناك مُتَسَعٌ من وقت وفائِضٌ من مالٍ وطاقات وقدرات وإمكانات لدى العرب لتشكيل لوبيٍ عربي قد يشكل مستقبلاً كياناً ضاغطاً ينتصرُ لنا ولقضايانا المُحِقّة والمشروعة كما تفعل ( أيباك ) لكيانها الإحتلالي الامشروع؟؟
سؤالٌ برسم الإجابة!!!!