![الشرمان يكتب : لقاء الملك عبدالله الثاني بالرئيس الأمريكي لقاء بين قوتين، القوة العسكرية مقابل قوة العقل.](/assets/2025-02-12/images/393898_1_1739357438.jpeg)
الدكتور عديل الشرمان
في المؤتمر الصحفي الذي جمعهما لم تكن الايماءات الصادرة عن الملك تخفي ما بداخله من امتعاض من طريقة تفكير وفهم ترامب في التعامل مع ما تمر به المنطقة من أزمات، وصعوبة اقناعه بحقائق وخبايا وخفايا الأمور، ولم تكن نظرات الملك الثاقبة تخفي ما يكنّه ترامب من سوء فهم وتقدير لما يجري على أرض الواقع في المنطقة.
المتابع بدقة لما وراء الكلمات وما تخفيه من دلالات ومعاني يدرك أنه من الصعوبة البالغة تغيير صورة ترامب الذهنية للأحداث في المنطقة، تلك الصورة التي لعب نتنياهو واللوبي الصهيوني وإدارة ترامب المتصهينة من حوله في تشكيلها على نحو يشبه مسح الدماغ، مما يجعل من تنظيفه أمرا بالغ الصعوبة.
كانت حركات ترامب وتسرّعه في الحديث تدل على أنه لا يملك الكثير من الحصافة السياسية، ولا يعي جيدا ما وراء تصريحاته، وأنه قد أصدر أحكامه مسبقا على ما ينوي فعله بناء على البناء المعرفي المشوّه والملوث والذي تَشكّل لديه مسبقا عن مجريات الأحداث في المنطقة، وقد اثّر ذلك على إدراكه للواقع.
رئيس أمريكي استثنائي متغطرس التصريحات والمواقف بدا متسرعا، يعاني من مشكلة في حسن التفكير واختيار المفردات، ولم يكن يأبه جيدا أبعاد وخطورة ما يروّج له من مشاعر سلبية ونوايا تجاه المنطقة، تحركه المشاعر والمصالح، ولم يتضح من حديثه ما يوحي بأنه يقيم وزنا كبيرا لقيمة الإنسان والعلاقة التي تربطه بأرضه، ولا يملك ما يكفي من مشاعر انسانية، رئيس يمتلك قوة عسكرية ضخمة يقابله ملك يمتلك قوة أكبر من السياسة والعقل وعمق التفكير ما يعجز ترامب عن فك رموزه وتحليله في اطاره الصحيح.
لقد كان لقاء الوعي العربي باللاوعي الأمريكي بمخرجات الأحداث، بدا واضحا أن المناقشة مع الرئيس ترامب ضعيفة الجدوى، وهي كالنقش في الحجر، وهذا يتطلب مواقف عربية جماعية صلبة على مستوى القادة والرؤساء تساند مواقف الملك، وعلى مستوى الشعوب، وتعزز الأفكار والثوابت العربية التي نقلها للرئيس الأمريكي.
كالعادة، ومنذ تسلمه فترته الرئاسية غاب في حديث ترامب أي ذكر للمجازر وعمليات الإبادة والتطهير العرقي التي ارتكبت بحق سكان القطاع، في حين كان لا يغيب عن لسانه، وكان شغله الشاغل ذلك العدد من الرهائن الإسرائيليين والذي هدد المنطقة بالجحيم مرات عدة مقابل إطلاق سراحهم، ومتجاهلا محرقة الأطفال وهدم المدارس وأبشع أنواع الارهاب الاسرائيلي غير المسبوق بحق سكان القطاع، وعشرات آلاف المعتقلين في سجون الاحتلال.
منذ تسلمه الحكم وهو يفتل عضلاته، ويستعرض بطولاته، ويستقوي على منطقة الشرق الأوسط عموما، والعرب على وجه الخصوص، في حين تم لجمه واسكاته من قبل بعض الدول ذات الوزن الاقتصادي والعسكري حتى انطبق عليه المثل (اللي ما بقدر على .... بقدر على البردعة).