شريط الأخبار
الشرع: واشنطن لا تضغط على دمشق للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل ولي العهد يعقد لقاءات مع أعضاء من الكونغرس الأمريكي في واشنطن ترحيب عربي ودولي واسع بخارطة الطريق الأردنية السورية الأميركية بشأن السويداء الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إسرائيل السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك سفيرة الأردن في المغرب تستقبل نائبة رئيس مجلس جهة فاس / مكناس خديجة حجوبي الأردن يشارك في الاجتماع التنسيقي العربي للقمة العربية الروسية الأردن يدين فتح سفارة لجمهورية فيجي في القدس 3 شهداء في غارة لمسيّرة إسرائيلية على البقاع اللبناني البابا: أعرب عن قربي من الشعب الفلسطيني في غزة الأردن وقطر: شراكة متجددة بإرادة سياسية ورؤية اقتصادية مشتركة وزير الزراعة: "المهندسين الزراعيين" شريك استراتيجي في تحديث القطاع جامعة البلقاء التطبيقية تحصد المركز الأول في هاكاثون "نبتكر لسلامة الأغذية" بالرياض عبر مبادرة Basket of Life ريال مدريد يخسر خدمات أرنولد لفترة طويلة الأسواق العالمية في حالة ترقب.. استقرار الأسهم وتراجع الذهب قبل قرار الفيدرالي الأمريكي بوتين يمدد العقوبات المضادة المفروضة على الدول غير الصديقة حتى نهاية عام 2027 الأهلي المصري يصدر بيانا حاسما بعد انتشار إشاعات "طلب زيزو" المثير للجدل وزير روسي: اقتصادنا سينمو رغم أسعار الفائدة المرتفعة "لن نسمح بتمزيق أمريكا": لماذا يسعى ترامب لمحاكمة سوروس؟ مبابي يكشف سر فوز ريال مدريد على مارسيليا

مساعده.. يكتب: ثقة الجهلاء وحذر العلماء!

مساعده.. يكتب: ثقة الجهلاء وحذر العلماء!
القلعة نيوز _ كتب: جهاد مساعده
في عالم اليوم، حيث تنتشر المعلومات بسرعة قياسية، لم يعد التخصص شرطًا أساسيًا لإبداء الرأي. أصبح الجميع يتحدث في كل شيء، ويرى كل شخص نفسه خبيرًا في مختلف المجالات، بغض النظر عن مدى معرفته الحقيقية.
في الحروب، يتحول الكل إلى محللين عسكريين مخضرمين، وفي الأوبئة، يصبح الجميع أطباء وخبراء في الفيروسات، وفي السياسة، يتحول الجميع إلى مستشارين استراتيجيين، بل حتى في العلوم الدينية، يتجرأ الكثيرون على الفتوى دون علم، وفي الرياضة، يصبح الجميع مدربين ومحللين محترفين، وفي المناهج التعليمية، يرى البعض أنفسهم خبراء في تصميمها وتطويرها، رغم افتقارهم للمعرفة التربوية والعلمية اللازمة. هذه الظاهرة ليست مجرد سلوك عابر، بل أصبحت جزءًا من طريقة التفكير الحديثة، التي تفضل الصوت المرتفع على المعرفة الحقيقية.
هناك تفسير نفسي لهذه الظاهرة يُعرف بـتأثير دانينغ - كروجر، حيث يميل الأشخاص الذين يملكون قدرًا ضئيلًا من المعرفة إلى المبالغة في تقدير فهمهم للأمور، بينما يدرك أصحاب العلم الحقيقيون مدى تعقيد الأشياء، فيكونون أكثر تواضعًا في آرائهم. هذا يفسر لماذا يتحدث الجاهل بثقة، بينما يتحدث الخبير بحذر.
حين يقرأ شخص مقالًا واحدًا عن التاريخ العسكري، يعتقد أنه قادر على تحليل استراتيجيات الجيوش الكبرى، وحين يسمع عن مرض معين، يظن أنه قادر على تقديم نصائح طبية أفضل من الأطباء، وحين يشاهد مباراة كرة قدم، يرى نفسه أكثر خبرة من المدربين الذين أفنوا حياتهم في هذا المجال.

الانتشار السريع للمعلومات غير الموثوقة يزيد من تفاقم هذه المشكلة. يستطيع أي شخص نشر رأيه في ثوانٍ، ويحصل على تفاعل واسع، مما يمنحه شعورًا زائفًا بالمعرفة والسلطة الفكرية. لم يعد الناس يبحثون عن المعلومة الصحيحة، بل أصبحوا يفضلون المعلومة التي تتوافق مع أفكارهم المسبقة، حتى لو كانت خاطئة تمامًا. إذا كان شخص ما لا يثق في اللقاحات، فسيبحث عن مقاطع فيديو تؤكد وجهة نظره، وسيرفض أي دليل علمي يخالفها، ثم سيبدأ في تقديم النصائح الطبية للآخرين، وكأنه طبيب مختص. هذا النمط من التفكير لا يشجع على التعلم، بل يعزز الوهم بالمعرفة.

إن هذه الظاهرة لم تكن جديدة، فقد أشار القرآن الكريم إلى سلوك البشر في اتباع الظن ونشر المعلومات غير الموثوقة دون علم حقيقي، فقال الله تعالى:
"وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ"
وهذا يبين أن الأكثرية ليست دائمًا على صواب، وأن كثيرًا مما يتناقله الناس لا يقوم على علم أو يقين، بل هو مجرد تخمينات وافتراضات فارغة لا أساس لها، وهو تمامًا ما نشهده اليوم في سيل المعلومات المغلوطة والآراء السطحية التي تملأ منصات الإعلام والتواصل، وبيئات العمل المختلفة.
المشكلة الأكبر أن هذه الظاهرة تؤثر على القرارات. عندما يصبح الأشخاص العاديون هم المصدر الأساسي للمعلومات، وحين تتشكل الآراء العامة بناءً على تحليلات سطحية، يصبح من الصعب على المتخصصين إيصال الحقيقة.
نجد أشخاصًا يتحدثون عن الاقتصاد العالمي وكأنهم مستشارون ماليون، ويضعون خططًا اقتصادية وهمية لا أساس لها. ونجد من يتحدث عن قضايا سياسية ودبلوماسية معقدة، وكأنه كان جزءًا من المفاوضات بين الدول.
وفي الشأن الديني، نجد أشخاصًا لا يعرفون أساسيات الفقه يتجرأون على إصدار الفتاوى، بل يكذبون العلماء الحقيقيين بحجة أنهم أكثر "وعيًا". أما في الرياضة، فتمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بمحللين لم يمارسوا أي رياضة في حياتهم، لكنهم ينتقدون المدربين، ويطالبون بتكتيكات لا يفهمونها.
عندما يصبح الصوت المرتفع أكثر تأثيرًا من المعرفة الحقيقية، تبدأ الفوضى الفكرية بالانتشار. يصبح من الصعب التمييز بين الرأي القائم على البحث والدراسة، والرأي القائم على الجهل والثقة الزائفة.
في مجتمع كهذا، تتراجع قيمة العلم، ويتم استبدال الخبرة والتخصص بالضجيج والمعلومات المغلوطة. المشكلة ليست فقط في وجود هؤلاء الأشخاص، بل في أن المجتمع نفسه بدأ يتقبل هذه الظاهرة وكأنها طبيعية، بل ويمنحها شرعية من خلال متابعة وتأييد الأشخاص غير المؤهلين.

الحل ليس في منع الناس من التعبير، بل في تعزيز ثقافة البحث والتحقق. لا يمكن لأحد أن يكون خبيرًا في كل شيء، والاعتراف بذلك ليس ضعفًا، بل هو أحد أقوى علامات الذكاء والتواضع الفكري.
قبل أن ينتقد الشخص مجالًا معينًا، عليه أن يسأل نفسه: هل لدي معرفة حقيقية بهذا الموضوع؟ هل بحثت فيه بشكل كافٍ؟ هل أستند إلى مصادر موثوقة أم مجرد آراء شخصية؟ إذا لم يجد إجابات مقنعة، فمن الأفضل أن يستمع بدلًا من أن يتحدث؛ لأن المعرفة تبدأ بالسؤال، أما الجهل فيبدأ باليقين الزائف