
صوت الحكمة في زمن الاضطراب: جلالة الملك عبدالله الثاني يخاطب البرلمان الأوروبي ويُلهب القاعة بتصفيق نادر
القلعة نيوز:
بقلم: المهندس ثائر عايش مقدادي
في مشهد استثنائي نادر داخل أروقة البرلمان الأوروبي، ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين خطابًا تاريخيًا حظي باهتمام كبير وتقدير عالٍ، ليس فقط لمحتواه العميق، بل أيضًا لما تركه من أثر بالغ في نفوس الحاضرين. فخلافًا للتقاليد المتّبعة في البرلمان الأوروبي، الذي لا يُعرف عنه التصفيق المتكرر لأي قائد أو زعيم، قوبل خطاب جلالته بالتصفيق الحار لمرات متعددة، في دلالة واضحة على الإجماع غير المسبوق على مكانته، وحكمة كلماته، وصدق رسالته.
جلالة الملك، بكاريزماه السياسية وثقله الأخلاقي، خاطب العالم من قلب أوروبا، مؤكدًا أن السلام لا يكون إلا بالعدل، وأن معاناة الشعوب، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، لا يمكن أن تُغض الطرف عنها. دعا جلالته إلى إنهاء الاحتلال، ووقف آلة القتل والتدمير، والعودة إلى مسار حل الدولتين، مؤكدًا أن القدس، المدينة المقدسة، لا يمكن أن تُفصل عن هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، وأن الوصاية الهاشمية على مقدساتها ستبقى صمّام الأمان لحمايتها والحفاظ على توازنها الروحي والتاريخي.
لم يتحدث الملك عبدالله فقط كرئيس دولة، بل كزعيم يحمل أمانة أمة وهموم شعوب، ويضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية. شدد على ضرورة وقف نزيف الدم في غزة، وإيصال المساعدات، وإنهاء معاناة المدنيين، في وقت تتردد فيه كثير من العواصم في اتخاذ موقف واضح.
وقد جاءت كلمات جلالة الملك متزنة، واضحة، وحاسمة، حملت معها احترام الحاضرين، وجعلت من الجلسة حدثًا استثنائيًا بكل المقاييس. فقد اعترف نواب في البرلمان الأوروبي أن القاعة نادرًا ما تصفق لأي ضيف، لكنهم وجدوا أنفسهم يصفقون مرارًا، وبعفوية، تأثرًا بما سمعوه من ملك يمثل صوت الحكمة والتوازن في منطقة ملتهبة.
هذا التصفيق النادر ليس مجرد مجاملة بروتوكولية، بل اعتراف دولي بأن في الشرق صوتًا يعلي شأن العقل، ويواجه العنف بالمنطق، ويخاطب الضمير الإنساني قبل المصلحة السياسية.
إن خطاب جلالة الملك في البرلمان الأوروبي ليس فقط نقطة تحول في الحراك الدبلوماسي الإقليمي، بل شهادة حيّة على مكانة الأردن الدولية، وعلى قيادة هاشمية نذرت نفسها لحمل قضايا الأمة والدفاع عنها في أرفع المحافل.