شريط الأخبار
المومني يلتقي مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إردوغان يرحب بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة مفتي القدس يدين تصاعد اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه بحق الأماكن الدينية ترامب إلى تل ابيب .. صحيفة تكشف جدول الزيارة ومكان الإقامة الأردن: مستعدون لاستئناف إدخال المساعدات إلى غزة فور إزالة إسرائيل القيود "لحظة تاريخية".. السيسي يعلق على اتفاق إسرائيل و"حماس" دعوة أمريكية لمنح السيسي جائزة نوبل مكتب نتنياهو: اتفاق غزة لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد مصادقة الحكومة ولي العهد ينشر صوراً من "برنامج عمله" في فرنسا الدفاع المدني في غزة: قصف إسرائيلي بعد الإعلان عن الاتفاق جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن أن قواته تستعد لإعادة الانتشار بموجب الاتفاق سموتريتش: لا يمكننا التصويت لصالح اتفاق غزة ترحيب عربي ودولي بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الأردن يرحب باتفاقية وقف إطلاق النار في غزة واليات تنفيذ المرحلة الأولى منه البرلمان العربي يرحب بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة اتفاقية استراتيجية لحفر 80 بئراً في حقل الريشة الغازي بكلفة 174 مليون دولار الأردن يوقع اتفاقية تمويل بقيمة 47 مليون يورو مع ألمانيا لتعزيز الأمن المائي الأردن ورواندا يتفقان على بدء التفاوض حول اتفاقية تفضيلات تجارية الرئيس الفلسطيني يرحب بالتوصل لاتفاق لوقف الحرب في غزة الخارجية القطرية تعلن الاتفاق على بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

الحرب على غزة: تداعيات وآثارطويلة الأمد

الحرب على غزة: تداعيات وآثارطويلة الأمد
القلعة نيوز

هيفاء غيث

تُعد الحرب الدائرة في قطاع غزة من أخطر الأزمات المعاصرة التي تمزج بين الكارثة الإنسانية والدمار البيئي المتفاقم. فهذه الحرب لا تقتصر على الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى، بل تتعدى ذلك لتخلّف آثارًا عميقة على البيئة الطبيعية، والصحة النفسية، والتعليم، والأمن الغذائي والمائي. هذا التشابك بين الجوانب البيئية والإنسانية يجعل من الحرب تحديًا وجوديًا يهدد استمرارية الحياة الكريمة في القطاع المحاصر. في هذا المقال، نسلّط الضوء على أبرز الأضرار البيئية والنفسية والتعليمية، إلى جانب تداعيات الحصار المستمر على الصحة العامة.

البيئة تحت القصف: ضرر لا يُرى لكنه يفتك
مع تواصل القصف الجوي والمدفعي الذي طال آلاف المنشآت السكنية والمؤسسات الحيوية، تصاعدت كميات هائلة من الأدخنة والملوثات الناتجة عن احتراق مواد صناعية مثل البلاستيك والمعادن والدهانات والعوازل. هذه الجسيمات الدقيقة التي تنتشر في الهواء تستقر في الرئتين وتُضاعف من معدلات الإصابة بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي والقلب، خصوصًا في المناطق المكتظة سكانيًا حيث يصعب تفادي استنشاق هذا الهواء الملوث.

ولم يقتصر التدهور البيئي على الهواء فحسب، بل امتد ليطال مصادر المياه الجوفية، التي تُعد المورد الأساسي لمياه الشرب في غزة. فقد أصيبت شبكات الصرف الصحي ومحطات المعالجة وخزانات الوقود بأضرار جسيمة، ما أدى إلى تسرب مياه الصرف غير المعالجة والمواد السامة إلى الطبقات المائية العميقة. هذا التلوث يُنذر بانتشار أمراض خطيرة مثل الكوليرا والتيفوئيد والتهاب الكبد، ويزيد من صعوبة الحصول على مياه نظيفة وصالحة للاستخدام البشري.

أما الأراضي الزراعية، فقد نالها نصيب كبير من الدمار. القصف المباشر وتسرب المواد الكيميائية من الذخائر والمركبات العسكرية دمّرا خصوبة التربة، ورفعا من ملوحتها، وأديا إلى تلوثها بالمعادن الثقيلة. هذا التدهور في جودة التربة يهدد مستقبل الزراعة المحلية ويُفاقم أزمة الأمن الغذائي في غزة، حيث يعتمد الكثير من السكان على الزراعة كمصدر للغذاء والدخل.

الأثر النفسي: جراح داخلية لا تندمل
الآثار النفسية للحرب تترسّخ بعمق في وجدان سكان غزة، وخاصة الأطفال الذين يعيشون يوميًا تحت وطأة القصف والرعب والحرمان. فقد تكررت مشاهد الفقد والدمار أمام أعينهم، مما ولّد لدى الكثيرين أعراضًا واضحة لاضطراب ما بعد الصدمة، كالقلق المزمن، الأرق، الكوابيس المتكررة، والشعور المستمر بعدم الأمان.

هذه الصدمات المتراكمة لا تتوقف عند لحظة الحرب، بل تمتد لتشكل شخصية الطفل وسلوكه في المستقبل. فالنشأة في بيئة يسودها العنف والاضطراب النفسي تجعل الأطفال أكثر عرضة لتبني سلوكيات عدوانية أو انسحابية، كما تعيق قدرتهم على التعلم والتفاعل الاجتماعي. هذا الانهيار في الاستقرار النفسي قد يقود إلى تفاقم مظاهر العنف المجتمعي وتدهور الصحة النفسية العامة في المجتمع الغزّي مستقبلاً.

التعليم في مهب الحرب: مستقبل الأطفال على المحك
في ظل استمرار العدوان، حُرم مئات الآلاف من الأطفال في غزة من حقهم الأساسي في التعليم، سواء نتيجة لتدمير المدارس، أو تحويلها إلى مراكز إيواء للنازحين، أو بسبب الظروف الأمنية التي تعيق الوصول الآمن إلى مقاعد الدراسة. هذا الانقطاع القسري يهدد بفقدان جيل كامل فرصته في التعلم، ويُسهم في زيادة نسب الأمية، وانخفاض الكفاءات المعرفية والاجتماعية، ويقلل من فرصهم في دخول سوق العمل مستقبلًا، مما يعمّق دائرة الفقر ويزيد من الاعتماد على المساعدات الخارجية.

الحصار: خنق الحياة اليومية وتدهور الصحة العامة
الحصار المفروض على غزة منذ سنوات، والمترافق مع التصعيد العسكري، أدّى إلى حرمان السكان من الغذاء الكافي، والوقود، والأدوية، والمواد الأساسية. هذه الظروف القاسية تسببت في انتشار واسع لسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل، وظهرت أعراض مثل التقزم ونقص الوزن وضعف المناعة، مما جعل السكان أكثر عرضة للأمراض المعدية.

أما المياه، فقد أصبحت مشكلة مزدوجة: ندرة وتلوث. تدهور البنية التحتية للمياه أجبر كثيرًا من العائلات على استخدام مياه مالحة أو غير صالحة للشرب، ما أدى إلى تفشي أمراض الجهاز الهضمي مثل الإسهال والدوسنتاريا، إلى جانب أمراض الكلى الناتجة عن ارتفاع نسبة الأملاح. ومع تراجع الخدمات الصحية، ارتفعت حالات الإصابة بالأمراض المزمنة، كما ازداد خطر تفشي الأوبئة.

الأطفال، بطبيعتهم الحساسة، يتأثرون بشكل أكبر من غيرهم بهذه الأوضاع. فضعف التغذية وتلوث البيئة وانعدام الرعاية الصحية تسهم في إبطاء نموهم البدني والعقلي، مما يؤثر على جودتهم الحياتية على المدى البعيد.

وأخيرا، الحرب على غزة كارثة تتطلب تدخلًا عالميًا عاجلًا
ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة آنية، بل كارثة متعددة الأوجه تهدد مقومات الحياة على المدى الطويل. إن تلوث البيئة، وانهيار الزراعة، والصدمات النفسية، والانقطاع عن التعليم، وتفشي الجوع والعطش، كلها عوامل مترابطة تنذر بمستقبل مظلم لأجيال قادمة.

إن تجاوز هذه الكارثة يتطلب تحركًا دوليًا فوريًا وجادًا، يشمل رفع الحصار، وتمويل جهود إعادة الإعمار، وإعادة تأهيل البنى التحتية، وتوسيع برامج الدعم النفسي والتعليم. فقط من خلال هذه الخطوات يمكن تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة كرامته، وضمان حقه في العيش بأمان في بيئة مستقرة، تتيح له بناء مستقبل أفضل بعيدًا عن الحرب والدمار.
هيفاء غيث