القلعة نيوز-
ليو لويس وجون أجليونبي - فاينانشل تايمز
عندما اشترت "كانساي بينت" Kansai Paint ثلاث شركات من شرق إفريقيا في عام 2017 في أكبر عملية استحواذ في المنطقة خلال عامين، توقع كثير من المحللين أن يكون ذلك بادرة على زيادة الاستثمارات اليابانية في القارة.
في العام السابق عقدت الحكومة اليابانية مؤتمرا للاستثمار في العاصمة الكينية، نيروبي، ركز على إفريقيا. كان باسم "تيكاد" Ticad، وكانت هذه المرة الأولى التي ينعقد فيها في إفريقيا. هذه الخطوة رفعت الغطاء عن منطقة لم تكن معروفة من قبل لكثير من الشركات اليابانية.
يقول موزيس إيكيارا، المدير الإداري لهيئة الاستثمار الكينية: "بالنسبة لكثير من كبار الرؤساء التنفيذيين اليابانيين كانت هذه هي المرة الأولى التي تطأ فيها أقدامهم أرض إفريقيا. كانوا متفاجئين من أن إفريقيا أحرزت كثيرا من التقدم وأصبحنا نرى الآن وعيا واهتماما متزايدا (بالقارة)".
شركة كانساي بينت التي استثمرت لأول مرة في القارة في عام 2011 – في جنوب إفريقيا – مقتنعة بأن إفريقيا لديها "إمكانات عالية للغاية".
تقول الشركة إن "إجمالي الناتج المحلي لكل إفريقيا حاليا يعادل إجمالي الهند، والسوق تصبح أكثر جاذبية عاما بعد عام من المنظور التجاري"، مضيفة أنها تخطط للتحول نحو غرب إفريقيا وعبر القارة "في أقرب وقت".
بالنسبة لكينيا، يبدو أن مؤتمر "تيكاد" حقق النتيجة المرجوة. يقول إيكيارا إن عدد الشركات اليابانية المستثمرة في كينيا قفز 45 في المائة منذ مؤتمر عام 2016. واستنادا إلى بيانات الحكومة اليابانية، في عام 2018 نمت صادرات السلع إلى كينيا، بقيادة عمالقة الصناعة أمثال "تويوتا تسوشو"، 17.8 في المائة عن العام السابق، بينما ارتفعت الواردات من البلد الواقع في شرق إفريقيا 13.1 في المائة. يقول إيكيارا: "إذا نظرت إلى عدد الشركات الاستشارية التي تعمل نيابة عن الشركات، ستلاحظ اهتماما متزايدا من الشركات اليابانية". الأرقام بالنسبة لبلدان مثل مصر وساحل العاج قوية بالقدر نفسه.
لكن الصورة عبر القارة تعطي انطباعات متباينة. في جميع أنحاء إفريقيا نمت الصادرات اليابانية في عام 2018 بنسبة 8.8 في المائة عما كانت عليه في العام السابق، بينما ارتفعت الواردات 8.1 في المائة. وهبط الاستثمار الأجنبي المباشر 2.8 في المائة عما كان عليه في 2017، ليصل إلى 1.6 مليار دولار – لكنه أعلى 4.3 في المائة عن مستواه في 2014.
في حين أن التباطؤ في الاقتصادات الرئيسية التي تعتمد على السلع الأساسية، مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا وأنجولا، لعب دورا في كبح هذا النمو، إلا أن بعض المنافسين الرئيسيين لليابان، ولا سيما الصين، لم يكونوا مقيدين إلى هذا الحد.
تم تسليط الضوء على هذا الأمر في خطاب ألقاه هيروشيج سيكو، وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، في أيار (مايو) الماضي، أشار فيه إلى أن واردات إفريقيا من اليابان نمت بشكل متواضع منذ عام 2001، بينما تضاعفت وارداتها من الصين أكثر من 18 مرة.
لكن الصين ليست وحدها من تخطى اليابان. في عام 2004 كانت اليابان رابع أكبر شريك تجاري مع جميع ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍلإﻓﺭﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ في ﺠﻨﻭﺏ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ، حين بلغ حجم التجارة المتبادلة 11.7 مليار دولار، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي. الآن أصبحت سادس أكبر شريك تجاري مع بلدان إفريقيا ﺠﻨﻭﺏ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ، بعد أن تفوقت عليها الهند والإمارات.
قال سيكو في خطابه الصريح إن الصعوبة التي تجدها اليابان في إيجاد موطئ قدم أكبر في إفريقيا نشأت جزئيا من نجاح اليابان في اختراق الأسواق النامية في آسيا. أنموذج التنمية الذي اتبعته اليابان في آسيا – عن طريق دخول المصنعين اليابانيين لتلك البلدان وإنشائهم سلاسل توريد محلية فيها – تم تخطيه بشكل كبير من قبل الشركات الناشئة الإفريقية ومن خلال الإصلاحات الرقمية. وذكر سيكو أن اليابان تحتاج إلى إنشاء أنموذج تطوير جديد.
تعلمت "كانساي" هذا بنفسها، فوضعت ثقة في الإدارة المحلية أكثر من أي مكان آخر. تقول الشركة إن "تقديم المنتجات اليابانية الأكثر مبيعا، أو المنتجات الممتازة إلى الخارج ليس أمرا نجاحا دائما. ولهذا السبب، الموظفون المحليون هم أكثر دراية بالأعمال التجارية المحلية خاصة فيما يتعلق بالعمليات".
في محاولة لتحفيز هذا التغيير تزامن اجتماع "تيكاد" في يوكوهاما الأسبوع الماضي مع إنشاء مجلس مشترك دائم بين الحكومة اليابانية والشركات من أجل تشجيع الاستثمار في القارة.
لكن على الرغم من أن البيانات تشير إلى أن المشاركة اليابانية مع إفريقيا ربما تكون راكدة في أحسن الأحوال، يقول اقتصاديون إن الاستثمار قد يتسارع قريبا.
رزيا خان، كبيرة الاقتصاديين المختصين في إفريقيا في مصرف ستاندرد تشارترد، تقول: "في حين أن مشاركة الصين كانت إلى حد كبير في القطاع الحكومي، تبحث الشركات اليابانية عن فرص للقطاع الخاص وهذا هو السبب في تباطؤ وتيرة النمو. إنها قصة تدريجية، فهم يختارون ويبحثون عن المشاريع المناسبة ويقيمون المخاطر التي تنطوي عليها بعناية".
وتتوقع خان أن يتسارع الاستثمار الياباني في ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍلإﻓﺭﻴﻘﻴﺔ ﺠﻨﻭﺏ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ – بسبب القيادة التي تولتها الحكومة اليابانية، ولأن الفرص في اليابان تعاني ركودا في كثير من القطاعات، ولكن أيضا لأن اقتصادات المنطقة الرئيسية بدأت في الانتعاش. تقول: "لقد بدأنا للتو في رؤية نقطة تحول في الاقتصادات الرئيسية (لبلدان إفريقيا ﺠﻨﻭﺏ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ)، من الصعب أن نرى أن النمو لا يزال ضعيفا كما كان".
يثق إيكارا أيضا بأنه سيشهد مزيدا من المستثمرين اليابانيين. يقول: "هناك كثير من المشكلات التي تحتاج إلى حلول هنا وهي فرصة للتجارة. مزيد ومزيد من الشركات اليابانية تثبت أنه يمكن إنشاء أعمال تجارية جيدة في إفريقيا، وتنقل هذه القصة إلى موطنها".