تهدد اسرائيل، و احيانا السلطة الفلسطسنية نفسها، بانهاء الوضع الرسمي للرئيس الفلسطيني و السلطة الفلسطينية . و مع كل الاحترام و التقدير لشخص الرئيس الفلسطيني و نضاله و لجميع قادة التحرر الفلسطيني، فان المشكلة الاساسية في الصراع مع اسرائيل هي احتلال ارض و تشريد شعب و سلب حقوق على مدى عقود طويلة. اسرائيل تحاول تشتيت القضية و تبديد الجهود بتحويل الامر الى كلام حول هوية الرئيس الفلسطيني و رئيس وزرائه و شرعية السلطة. يتم اشغالنا بكل بذلك بينما يستمر الاحتلال و يتعمق و تبنى مستوطنات جديدة و تزداد الاعتداءات اليومية.
للاسف فان السياسي و المفاوض الفلسطيني فقد بوصلته منذ زمن، فالمشكة هي الاحتلال العسكري للارض العربية و قضية اللاجئين و ليس الرئيس او السلطة او العاصمة او شرطة و حدود و اصلاح و اعتراف بالمفاوض الفلسطيني من عدمه الى اخر هذه الدوامة من فوضى الاولويات. ضاعت الابجديات في اساليب التفاوض و السياسة و الدبلوماسية على الجانب الفلسطيني. بهذا التشتت يصبح الحق الفلسطيني محل استفسار و الباطل الاسرائيلي محط اتفاق.
لم يعد العالم يقبل الشمولية و الابدية و غياب المؤسسات. لم يعد الرمز او التاريخ يعني الكثير ما دامت النتائج على الارض لا تعكسه. و من اللافت هنا ان المفاوض الفلسطيني قد افقد نفسه شرعيته بعد ان امتهن فن المفاوضات و جعلها هي الاستراتيجية الوطنية. عبر السنين اصبح المفاوض الفلسطيني خبيراً في علم الزيارات المكوكية الدولية، و في الخطابة عبر الفضائيات و في كيفية اقامة علاقات ودية مع الشخصيات الدولية من سياسية و اعلامية. كل ذلك من غير نتائج تذكر على الارض، و لكن الى متى و على حساب من؟ هذا الكلام لا يستثني باقي العرب، فالكل شريك في المسؤولية.
علينا ان نتذكر ان الانتفاضات المتعاقبة لم تكن فقط هبة شعبية لمقاومة الاحتلال، بل انها كانت ايضاً موقف احتجاج على اسلوب عمل السلطة. الحلول الجزئية الوقتية اثبتت فشلها و التنازل غير العادل اثبت عدم نجاحه ايضاً، و المُجرب لا يُجرب.