مع كل التقدير و الاحترام لما تقوم به الحكومة و مؤسسات الدولة المختلفة من جهود لتحفيز الاقتصاد و التطوير بشكل عام، فاننا لا زلنا نعمل بنظام التجزئة في الحلول على المستوى الوطني. تحدثنا و نتحدث عن مشروع نهضة شاملة. و يبقى السؤال الاساسي بلا اجابة رسمية، هل تشكل عمليات التصحيح و التحفيز الموضعية اساسا ناجحا لنهضة شاملة؟
علينا ان نعود سريعا الى المربع الاول بكل وعي و جدية لنؤسس لنظرة وطنية شاملة. ما هي عناصر مشروع النهضة الاردني الكبير المتكامل العابر للحكومات؟ ما هي فلسفتنا كشعب، و كوطن؟ من نحن و ماذا نريد ان نحقق لشباب اليوم و للاجيال القادمة؟
القرارات المالية و المحاسبية مهمة و لكنها ليست الاساس. الاصل ان نعرف كوطن الى اين نتجه و ما هي اهدافنا و رؤيتنا المستقبلية للاردن اخذين بعين الاعتبار قيمنا و حضارتنا. ما هي نظرتنا للشباب و مستقبلهم، للطبقة الفقيرة، لعناصر الانتاج و الابتكار، لانظمتنا الصحية و التعليمية، لتصحيح المشاركة السياسية، لسعادة المجتمع بشكل عام؟ ما هي مستهدفاتنا للمؤشرات العالمية كالتنافسية، و التعليم، و الابتكار، و اهداف التنمية المستدامة العالمية؟ اين نحن من ذلك؟
ان تحديد اجندات فلسفية و اخلاقية للعناصر السابقة و غيرها هي عملية سياسية في المقام الاول و هذا ما نحتاجه. السياسة الواعية تشرك المجتمع في القرارات الرئيسية الفاعلة و لا تسقطها عليه. في غياب ذلك فان القرارات المصيرية ليست مسؤولية عامة، و على هذا الاساس يصبح الجميع متفرجا لا شريكا، و هنا تكمن الخطورة.
اذا كنا جادين في مشروع النهضة الشامل فعلينا البدء من الان بمناقشة استراتيجية شاملة للنهوض تحقق هذ المشروع الوطني الكبير. من غير استريجية شاملة و اضحة تشرك الجميع يصبح معظمنا متفرجون، و القليل مستفيدون، و لكننا لسنا شركاء في الوطن متكافلين متضامنين كما يجب ان نكون. اذا لم نحل عقدة مشروع النهضة و استراتيجيته، فلن تنفعنا المحاولات المتقطعة في الاقتصاد بغض النظر عن مدى صحتها. يجب ان تحسم القرارات الكبرى لمستقبل الوطن اولا.