
القلعة نيوز : لم يكن أمام سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة خيار آخر لجذب مزيد من السياحة العالمية و العربية و المحلية الى العقبة إلا إبتكار خارطة طريق سياحية جديدة لوضع الخليج الدافىء على شاشات رادار السياحة العالمية كأول منطقة تُصنع المنتج السياحي الصناعي المتكامل عبر تأهيل و تجهيز مايزيد على 27 موقعا صناعيا سياحيا على امتداد 27 كم هي المساحة البحرية المتاحة بالعقبة .
فما بين تحدٍ و ارادة كان أصحاب القرار في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في سباق مع الزمن لتحقيق النجاح و الانتقال بشواطىء العقبة من الانماط السياحية التقليدية الى واقع سياحي صناعي عالمي جديد لتفوز ارادة التحدي في النهاية من خلال بناء 27 موقعا سياحيا صناعيا على امتداد الشاطىء ومعها تتصدر العقبة العناوين العربية و العالمية كأول مدينة عربية ساحلية جمعت عناصر السياحة في البر و البحر من خلال تجهيز أول متحف عسكري متكامل في أعماق خليج العقبة حيث تم وضع 25 قطعة عسكرية بين الشعاب المرجانية بتشكيل تكتيكي يحاكي وضعها في ميدان المعركة ما يشكل أكثر المغامرات إثارة تحت الماء وجذبا لاهتمام الغواصين والمهتمين لاكتشاف المزيد من جماليات مواقع الغوص اضافة الى كنوز أثرية أخرى تتواجد في أعماق الخليج الدافىء و تحديدا قرب نادي اليخوت الملكي على شاطىء العقبة الشمالي حيث السفينة العثمانية التي تم اغراقها عام 1917 و بقايا طائرة من مخلفات الحرب العالمية الثانية و مواقع جديدة فيما يعرف بالكهف الصناعي .
وقبل أن نَشرع في استعراض تفاصيل المنتج السياحي الصناعي الجديد في العقبة من الضروري أن نشيد بالرؤية الثاقبة لأصحاب القرار في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة و قدرتهم على صناعة الفارق بسواعد وعقول أردنية إنحازت للوطن وسمعته و نقلت السياحة في العقبة من الاهتمام المحلي و الاقليمي الى (العالمية ) وذلك من خلال قدرتهم على صناعة منتج صناعي سياحي فريد أهّل العقبة لأن تكون المحطة السياحية الاولى لعشاق المغامرة و رياضة الغوص وصناع الافلام الوثائقية البحرية و غيرها من المزايا لتسجل شواطىء العقبة خلال الفترة الماضية حضورا دوليا و عربيا و محليا فاق التوقعات توج هذا النجاح بحضور ملكي سامي مباركا هذا الانجاز و داعما لافكار المنطقة الخاصة و قيادتها بالاستمرار في دعم كل العناصر التي من شأنها أن تحقق الحلم والرؤية الملكية الثاقبة للعقبة الخاصة .
وفي التفاصيل قامت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية بالتعاون مع القوات المسلحة الأردنية والمهتمين بالشأن السياحي و البيئي بالمنطقة باغراق مايزيد عن 25 قطعة عسكرية مختلفة إلى قاع البحر من دبابات وعربة إسعاف مصفحة ورافعة عسكرية وناقلة جنود ومضاد للطائرات ومدافع وطائرات عمودية مقاتلة و طائرة مدنية للتشجيع على السياحة واستقطاب غواصين من شتى أنحاء العالم .
رئيس سلطة العقبة
وقال رئيس سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة نايف احمد بخيت، ان رياضة و سياحة الغوص في العقبة تشكل اهمية كبرى لدى السلطة لارتباطها بقطاعات متعددة ما يعود بالفائدة على مختلف القطاعات المرتبطة بها ،ما دفع السلطة الخاصة بالعمل السريع على تطوير واقع هذا المنتج السياحي الفريد ، وذلك بإضافة أدوات جديدة قادرة على صناعة الفارق و جذب عشاق السياحة فكان التفكير وبالتعاون مع عدة جهات على اغراق قطع بحرية عسكرية متنوعة في اعماق البحر لتأسيس المتحف العسكري البحري الأردني كأول متحف متخصص في المنطقة العربية يساهم في جذب السياح وهواة الحياة البحرية لاسيما المهتمين بتصوير البرامج الوثائقية والافلام العالمية .
و أوضح بخيت ان وجود مجموعة جاذبة من القطع العسكرية التي وضعت بشكل تكتيكي ساهم في زيادة اعداد السياح الى العقبة، خاصة من القادمين لممارسة رياضة الغوص في ظل تمتع العقبة بطقس مميز طوال أشهر السنة لافتا في الوقت ذاته ان العقبة بانتظار مزيد من الانتعاش السياحي بعد أن اصبح المتحف العسكري و القطع المختلفة أحد أهم المنتجات السياحية الفريدة التي تحظى باهتمام و زيارة رواد السياحة العالمية و المهتمين بقصص النجاح السياحية الأمر الذي ساهم في زيادة اعداد مراكز الغوص وبالتالي فتح فرص عمل حقيقية للقطاع، الذي يعمل فيه الآن اكثر من 500 غطاس .
ودعا بخيت الى ابراز الميزات و الحوافز التي تتمتع بها العقبة لتعزيز التنمية الاقتصادية والمحلية، ودفع السياح من مختلف انحاء العالم لزيارة المدينة الساحلية ، مشيرا إلى ان رياضة وسياحة الغوص مهمة لتعزيز الاقتصاد المحلي في العقبة، لاسيما وان هناك تحليلا لحجم القطاع أجراه مشروع مساندة الأعمال المحلية الممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يشير الى ان كل دينار يتم صرفه على أنشطة رياضة الغوص يولّد بالمقابل 27 دينارا للاقتصاد المحلي. وتساهم العوائد المالية التي يولدها قطاع الغوص في توظيف 1000 شخص سنوياً في العقبة بشكل غير مباشر، وكلما ازداد حجم القطاع، ازدادت فرص العمل.
واضاف بخيت ان عملية تطوير الغوص في العقبة لعب دوراً مهماً في تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية ودفع العقبة لتكون وجهة محلية وعالمية مستقطبة لمحبي رياضة الغوص.
و اكد رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ان السلطة قد راعت و درست كافة الآثار البيئية المترتبة على اغراق القطع المختلفة وذلك ضمانا لسلامة البيئة البحرية والحيد المرجاني الذي يعد من أفضل و أجمل الحيود المرجانية في العالم معتبرا أن المحافظة على الحيد المرجاني و البيئة البحرية النظيفة كان أساس نجاح الفكرة و استمرارها في ظل وجود مفوضية خاصة للبيئة تشرف و تتابع كافة التفاصيل الخاصة بمواقع الغوص و الغطس .
مفوض السياحة والأستثمار
بدوره أكد مفوض السياحة و الشؤون الاقتصادية – مفوض الاستثمار في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة شرحبيل ماضي أن العقبة اليوم تقدم خيارات متعددة لهواة رياضة و سياحة الغوص، تتمثل بقطع عسكرية نادرة بفكرتها وفريدة بتواجدها بين الشعاب المرجانية الجاذبة والتنوع الحيوي البحري اضافة الى اعادة اكتشاف و تأهيل مواقع غطس تاريخية و تقديمها من جديد لعشاق البحر و الغوص لتشكل منتجا سياحيا صناعيا فريدا في العالم يستهوي الزوار والباحثين عن المتعة البحرية.
و أوضح ماضي أن اهتمام سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بالمنتج السياحي الصناعي لم يقف عند عنصر واحد من عناصر التحفيز السياحي الصناعي كاغراق طائرة او اكتشاف سفينة او قطعة أثرية بل تعداه الى استحداث خمسة مواقع غوص جديدة لتكون بديلا عن مواقع تم اغلاقها سابقا لوقوعها في منطقة الصناعات المقامة على الشاطىء الجنوبي .
مشيرا الى أن استحداث هذه المواقع يستهدف تشجيع سياحة الغوص في خليج العقبة وجعله مقصدا سياحيا عالميا خاصة مع تزايد الاقبال على مثل هذه الرياضات من قبل دول العالم في خليج العقبة الذي تعد مياهه الاكثر دفئا على مستوى بحار العالم .
اضافة الى أن حرص سلطة العقبة على توفير البيئة الجاذبة لهذا النوع من السياحة كان واضحا من خلال فتح موقع غوص صناعي جديد هو موقع « الكهف الصناعي « الذي تم إنشاؤه منذ أكثر من ثلاثة اعوام وتم نقل الشعاب المرجانية من منطقة الميناء الجديد وزراعتها حول الكهف .
واشارماضي الى الآثار الإيجابية للمنتج الصناعي السياحي الجديد في العقبة على باقي القطاعات السياحية و الخدمية و التجارية حيث بدأت مراكز الغوص في العقبة تجتذب هواة الغوص في العالم، بعد الاهتمام الكبير بهذه الرياضة من خلال ايجاد متحف للقطع العسكرية تحت الماء، لاسيما وان هذه الرياضة بدأت ايضا تكتسب شعبية بين الأردنيين في الآونة الأخيرة، اذ وصل عدد الغواصين الأردنيين الى ما يزيد على 500 غواص مرخص، وهو رقم ازداد بشكل كبير منذ العام الماضي وأخذ بالازدياد مع وجود 24 مركزا للتدريب على الغوص في العقبة .
واعتبر ماضي أن الهدف من إنشاء المواقع السياحية الصناعية يكمن في أدارة حصيفة لمنظومة سياحة الغوص نظرا لمحدودية شواطىء العقبة وصغر المستغل منها لغايات سياحية لافتا ان هذا المنتج كان له الاثر الكبير في التنمية المجتمعية من خلال تشجيع الاستثمار وتقديم تسهيلات لخدمة هذا القطاع العام ،فكانت استجابة المجتمع المحلي اكثر مما يتوقع من خلال انشاء مراكز متخصصة لتعليم وتقديم خدمات لرواد سياحة الغوص ،تمثلت بما يزيد عن 24 مركز لتعليم الغوص ورعاية هذا القطاع .
وأشار ماضي إلى أن مختصين في مجال حماية البيئة البحرية ،اثنوا على تجربة الاْردن في هذا المجال التي ساهمت بتخفيض حالات الاستخدام الجائر لمواقع الغوص ، منوها الى أنه عند بناء منظومة الموانئ تم نقل الآف من قطع المرجان الى موائل آمنة وهي الان بافضل حال حسب متخصصين ،كما تم استزراع الآلاف من اشتال المرجان في مواقع أصبحت مزارا للغواصين .
و أكد ماضي أن الاْردن دوما يستغل الموارد حتى بعد الخروج من الخدمة ،فالقطع العسكرية الأردنية شاركت بمهمات على مدى الوطن وفي المحيط العربي ووضعت بصمات واضحه في حفظ السلام العالمي ،فما كان من اصحاب القرار الا تكريم هذه القطع وتخليدها في متحفين الاول متحف الدبابات في منطقة المقابلين و الاخر هو المتحف العسكري في اعماق بحر العقبة .
مفوض البيئة
وحول الآثار البيئية لمواقع الغوص السياحية الصناعية في العقبة أوضح مفوض شؤون البيئة في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة سليمان النجادات أن كافة مواقع الغوص الصناعية السياحية تم انجازها وسط شروط وتدابير بيئية راعت الآثار المترتبة على إقامة هذه المواقع ، وأنه تم اتخاذ جميع الاجراءات لضمان حماية وسلامة البيئة البحرية.
وقال النجادات إنه «قبل اغراق القطع العسكرية إلى قاع البحر تم تنظيفها من الزيوت والشحوم وإزالة الدهان منها ووضعها في مساحات رملية من دون الإضرار بالشعاب المرجانية، لأن شاطئ العقبة يزخر بتنوع الأسماك الموسمية نظرا لاعتدال درجات الحرارة فيه بالصيف والشتاء، إذ يعتبر ملاذا آمنا لأنواع من الأسماك المهاجرة حول العالم مشيدا بتعاون كافة الجهات ذات العلاقة و متابعتها المستمرة لمواقع الغوص و القطع الموجودة فيها ما ساهم في أن تبقى هذه المواقع و القطع المتناثرة فيها بوضع بيئي سليم مساهمة في تشكيل حيود مرجانية صناعية جديدة و آمنة ستخفف الضغط على الحيود المرجانية الطبيعية وتضفي جمالا بصريا يجذب السياح ومحبي هواية الغطس . معززة بذلك الهدف الأساسي من فكرة ايجاد منتج سياحي صناعي في خليج العقبة .
الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية
من جانبه أوضح الخبير البيئي البحري من الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية محمد الطواها أن اختيار موقع المتحف العسكري البحري على الشاطئ الجنوبي للعقبة على مقربة من مشاريع سياحية جاء بعد دراسة متخصصة من قبل الجهات المعنية لاستحداث موقع غطس جديد مناسب للكائنات البحرية .
وأكد الطواها أن إغراق القطع العسكرية يعد خطوة بالاتجاه الصحيح نحو حماية المرجان والكائنات البحرية .
وبين ان الدراسات البيئية تؤكد أن خليج العقبة هو الامتداد الشمالي النهائي للشعاب المرجانية في العالم ويوجد فيه نحو 180 نوعا من المرجان الرخو منوها ان الحياة المرجانية فيه توصف بأنها واحدة من أهم ثروات البحر الأحمر .
جمعية العقبة للغوص البيئي
الى ذلك اعتبر رئيس جمعية العقبة للغوص خماش طه ياسين أن مواقع الغوص السياحية الصناعية التي نفذتها السلطة في خليج العقبة تشكل علامة فارقة وعامل جذب قوي في مستقبل العقبة السياحي باستهداف شرائح سياحية جديدة من مختلف دول العالم نظرا لما تحويه هذه المواقع السياحية الصناعية الجديدة من تنوع سياحي فريد يجمع مابين الماضي و الحاضر لافتا أن هذا التطور الكبير في صناعة السياحة بالعقبة ساهم في ارتفاع عدد مراكز تدريب الغوص الى 24 مركزا و زيادة عدد منتسبيها من الأردنيين ، مشيرا أن نمطا سياحيا جديدا أصبح له رواده و عشاقه من مختلف أرجاء العالم من خلال برامج و دورات و مسارات سياحية خاصة مكنت كافة المتعاملين مع هذا المنتج السياحي الجديد من برمجة أعمالهم و نشاطاتهم بطريقة جديدة .
الباحث في تاريخ العقبة
ويرى الباحث و المؤرخ في تاريخ العقبة عبدالله كرم المنزلاوي أن تاريخ خليج العقبة حافل بالكنوز البحرية الأثرية منذ عام 1917 عندما استقرت احدى السفن العثمانية في قاع البحر على مقربة من نادي اليخوت الملكي لتشكل حاليا محطة زيارة دائمة لرواد القوارب الزجاجية من طلبة المدارس وزوار المدينة و الباحثين عن تاريخها اضافة الى حطام طائرة سقطت أثناء الحرب العالمية الثانية في منطقة الشاطىء الشمالي لازالت تجذب عددا كبيرا من المهتمين بالتاريخ و المستكشفين عن كنوز البحر وروعته واصفا المسارات السياحية الصناعية الجديدة التي أسستها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة و على رأسها المتحف البحري العسكري المتكامل و الطائرة المدنية بأنها حالة متقدمة من التنويع السياحي الايجابي المعتمد على الربط بين الماضي و الحاضر و الذي يمكن تسويقه كحزمة سياحية صناعية تاريخية تحاكي تاريخ العقبة و أهميتها على الرأس الثالث للبحر الأحمر كمدينة ساحلية كانت على مر العصور محط الاهتمام و الحدث .