كتبت جميلة عويصي السرحان في استقبال صباحات العام 2020..
محطات نعبرها سنة تلو الأخرى ، منها ما إعددنا لها مسبقاً ومنها من يفاجئنا قطار العمر بالتوقف فيها دون استئذان ، ومنها السعادة والفرح والنجاح ومنها الخيبات والمرارة ، بعضها إعددنا لها والبعض الآخر سُقنا إليه سوقاً. نكسب من بعضها ونفقدُ من الأخرى فتغيّر فينا أشياء وأشياء ، ونتعلم من حلوها ومرّها فنصبح أكثرَ خبرةً فلا نعود لتلك المحطات ولا نلتفتُ إليها بتاتاً.. عامٌ سابق مضى وها نحن نستقبل عامـاً بأمنياتٍ وطموحات جديدة. إن تحدثتُ عنه فإنه عامٌ مُلهمٌ فقد عرفتُ فيه أن عائلتي الصغيرة هي أهم ما أملك ، وأسرتي الكبيرة هم سعادة ، وأنّ الأقارب ليس من يجمعكم بهم الدم بل من يجمعكم بهم مخافة الله فيكم وفيهم . وبأن التخلص من الناس في حياتك أو في عملك في مواقف عديدة مكسبٌ لك وصونٌ لكرامتك وحفظٌ لِقيمتك.
وفي بداية صباحات عامنا الجديد نستقبلُ خيوط أشعة شمسه بكل أملٍ وولادةِ حياة ، ونودّع عاماً حمل معه الكثير من الأحلام منها ما تحقق ومنها ما نحمله في حقيبة سفرنا لعامنا الجديد ، عامٌ انطوى على الكثير من الإنجازات بحمد اللّه وبعض الخيبات ، عامٌ حمل معه من المشاعر ما يكفي لننهيه طوعاً وليس كرهاً. عامٌ كان يخبئ لنا بين أيامه أحزاناً أدمت قلوبنا على أرجاء الوطن ، وفرحاتٍ أثلجت صدورنا ، وها نحنُ نودّعه وفي القلب أمنيات وأمنيات وأحلام. فيا أحبتي لا تخلدوا أحلامكم معه جثثاً هامدة ، أحيوها من جديد ولتختاروا البدايات والنهايات ، ولا تسمحوا للحياة أن تسوقكم إلّا لِما تريدون ، ولتُحبّو كثيراً ولتسامحو كثيراً. ولا تهدروا أوقاتكم مع من لا يستحقها ألقوا بهم في طيات الزمن ، ولا تطلبوا من عامكم الجديد أن يكون أجمل ، فبعملكم الطيب يصبحُ الأجمل.
ويا أعزائي لا تعدّوا السنوات في كلّ عامٍ ارقاماً ولا تنتظروا فهي مهما تصاعدت يبقى جوهرها داخلنا أقل بكثير في العمر و أغنى كثيراً بتلك اللحظات التي نحياها. فإننا نصغر سنوات في لحظة سعادة أو تكريم ، في جوار أهلنا ووالدينا وإخوتنا وأولادنا ، ونكبر سنوات بكلمة مسيئة ، بطعنة ظهر ، بتواجدنا بالقرب من الأشخاص الخطأ. لذا فلا بد عن عدم السؤال عن العمر ، بل لابد عن السؤال عن حجم الإنجازات ، عن عدد الكتب التي نقرأ ، عن التجارب الحافلة بالأثر الطيب على الآخرين ، عن كمية الإبتسامات التي عبرت خطوط الوجه وكمية الإبتسامات التي نخطّها على وجوه الآخرين ، عن العقبات التي نتجاوزها ومحطات الحياة التي نعبُرها.
فلا تنتظروا باب العام الجديد ليفتح لكم ، بل كونوا أنتم من تفتحون الأبواب ، أنتم القادة في رحلتكم ، فلتكتبوا قِصص نجاحاتكم ، ولتصنعوا أحلامكم ، ولتستندوا على أرواحكم بأرواحكم ، ولتكونوا دوماً أقوياء باحثين عن رضا اللّه ، مترفعين متسامحين ، حاملي بذرة الخير لكل البشر. ولتعلموا أنكم لن تجدو الطريق الصحيح الا الذي تسيرون به تحت مظلة الرحمن ولن تجدو السكينة الا بقناعة تُصب فيكم من روح اللّه تعالى.
وإننا ننظر لهذا العام نظرة أمل وتفاؤل ويقين باللّه بأن نقف طويلاً على محطة فعل الخير وترك الأثر الطيب بمحبة دون مغادرة. صباحكم ياسمين في أولى صباحات عام 2020. وكُـلّ عـام وأنتـم بألـف خيـر ..