في أبوظبي - دولة الإمارات العربية المتحدة،15 و 16 يناير 2020
الدعوة للمزيد من الاهتمام بزيادة كفاءة الانفاق الاجتماعي، وتطوير النظم التعليمية لمواكبة اتجاهات أسواق العمل
أهمية متابعة تعميق أسواق المال المحلية لتوفير موارد جديدة لتمويل مشاريع البنية التحتية، وتطوير الاطر التشريعية المشجعة للشراكة مع القطاع الخاص
الدعوة لتطوير مبادئ وقواعد دولية مناسبة للتطبيقات الضريبية على المعاملات الرقمية والتجارةالالكترونية
الاشادة بالاصلاحات الضريبية التي تقوم بها الدول العربية
القلعة نيوز - افتتح صباح اليوم الأربعاء الاجتماع السنوي الخامس لوكلاء وزارات المالية في الدول العربية، الذي ينظمه صندوق النقد العربي بالتعاون مع وزارة المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة بفندق سوفيتيل في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، بحضور وكلاء وزارات المالية في الدول العربية وخبراء من صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، إلى جانب صندوق النقد العربي الذي يتولى الأمانة الفنية لمجلس وزراء المالية العرب.
بهذه المناسبة ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في الجلسة الافتتاحية، أشار فيها إلى انهلا يزال الاقتصاد العالمي يواجه عدة مخاطر،أبرزها تأثير التوترات التجارية على مسارات النمو الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية، وتصاعد مستويات المديونية وتأثيراتها السلبية المتوقعة على موازنات الأسر والشركات، إضافةً إلىالأثر المتوقع لتباطؤ الاقتصاد الصيني، مشيراً في هذا الإطار إلى توقعات صندوق النقد العربي التي تُشير إلى تحقيق معدل نمو للدول العربية كمجموعة بحوالي 2.5 في المائة لعام 2019، و3 في المائة لعام 2020.
أشاد معاليه بجهود الدول العربية على صعيد إصلاحات المالية العامة، التي من أبرزهاتعزيز وتنويع الإيرادات الحكومية، وتطوير استراتيجيات إدارة الدين العام، مشيراً في هذا الصدد إلى تواصل الانخفاض مستويات العجز في الموازنة العامة المُجمَعة للدول العربية، لتصل على نحو 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العامين الماضيين.
أشار معالي الدكتور الحميدي إلى الموضوعات التي سيتم مناقشتها خلال يومي الاجتماع، والتي من أهمها خيارات السياسة المالية بين إستيعاب الضغوطات الإجتماعية والكفاءة الإقتصادية، مشيراً إلى أهمية رفع كفاءة الإنفاق على بنود الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية بما يؤدي إلى نتائج أفضل على مستوى الصحة والتعليم ويعزز من العدالة الاجتماعية وفرص تحقيق النمو المستدام.
تطرق معاليه إلى موضوع تطوير نظم التعليم للموائمة مع إحتياجات سوق العمل، وأهميةدعمتنسيق السياسات التعليمية، وتحفيز المواهب، ووضع ميثاق جديد للتعليم.
كذلك استعرض معاليه نتائج الدراسةالتي أعدها صندوق النقد العربي حول دور الأسواق المالية في تمويل التنمية ومشروعات البنية التحتية في الدول العربية،حيث بينت الدراسة أن وجود البنية التحتية من المتطلبات الرئيسة لتحقيق النمو والتنمية الاقتصادية للدول، وبشكل خاص للاقتصادات الناشئة والدول النامية.
بيّن معاليه في هذا الإطار، أن الفجوة التمويلية للإستثمار في البنية التحتية حول العالم بحلول عام 2040 تقدر بحوالي 15 تريليون دولار أمريكي، أما بالنسبة للمنطقة العربية، فتقدر بحوالي 103 مليار دولار أمريكي سنوياً، الأمر الذي يبرز اهمية مواصلة جهود تعميق أسواق المال المحلية وتطوير الادوات وتوسيع قاعدة المستثمرين.
إضافة لذلك، تطرق في كلمته إلى دراسة صندوق النقد العربيحول الضرائب على الخدمات والأدوات المالية في الدول العربية، بيّن معاليه أنه أخذاً بالاعتبار حجم القطاع المالي في الدول العربية، فإن مساهمته في الإيرادات الضريبية تعتبر ضعيفة نسبياً مقارنة بمساهمته في القيمة المضافة للاقتصادات العربية، فضلاً عن حجم أصوله والأرباح التي يحققها.
ومن شأن إعفاء الخدمات المالية أو عدم أدراجها ضمن مظلة الضرائب غير المباشرة خصوصاً ضريبة القيمة المضافة،أن يخلق خللاً في الأنظمة الضريبية العربية.
من جانب أخر، أشار معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، إلى الاهمية المتزايدةلموضوع "التحديات الضريبية الناشئة عن الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية"، مشيداً بالورقة المقدمة من منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في هذا الشأن، مشيراً في هذا الإطار أن رقمنة الاقتصاد أدت إلى ظهور نماذج أعمال جديدة وتطور غير مسبوق في تقديم الخدمات والحلول الإلكترونية عبر العالم، مما يجعل القواعد الضريبية الحالية غير ملائمة.
ولا شك أن إدراج موضوع مجابهة التحديات الضريبية الناشئة عن الاقتصاد الرقمي ضمن أولويات مجموعة العشرين، يبرز أهمية الموضوع والحاجة لتعزيز التعاون الدولي بشأنه.
في إطار أهمية تعزيز تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية فيما يتعلق بالمواضيع والقضايا الاقتصادية والمالية، بين معالي الدكتور الحميدي حرص الأمانة على طرح موضوعين ذات أهمية للدول العربية، وهما إصلاحات الضرائب غير المباشرة ومبادرات الشراكة مع القطاع الخاص، مشيداً في هذا الصدد بالأوراق التي أعدهاأصحاب السعادة وكلاء وزارات المالية العربيةحول هذه المواضيع،بما يعزز من نقل المعرفة والتجربة بين الدول العربية والتعرف على التحديات التي تواجهها الدول العربية في هذا الشأن واستراتيجيات التغلب عليها.
أخيراً، نوّه معالي الدكتورالحميدي بمنتدى المالية العامة الرابع الذي سينظمه صندوق النقد العربي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي يوم 23 نوفمبر 2020 في مدينة دبيتحت عنوان "الحماية الاجتماعية وشبكات الضمان الاجتماعي من أجل إدارة أفضل للمالية العامة في الدول العربية"، مبيناً في هذا الصدد إلى أهمية الموضوعات التي سيتناولها.
السيد الرئيس،،
أصحاب السعادة الوكلاء،،
حضرات السيدات والسادة الحضور،،
أسعد الله صباحكم بكل خير،
يسرني أن أرحب بكم في مدينة أبوظبي بمناسبة الاجتماع الخامس لوكلاء وزارات المالية في الدول العربية، الذي ينظمه صندوق النقد العربي بصفته الأمانة الفنية للمجلس الموقر لوزراء المالية العرب. يأتي اجتماعكم اليوم في إطار الحرص على تفعيل وتعزيز دور المجلس في تبادل الخبرات والتجارب والتشاور حول مختلف الموضوعات والتطورات الاقتصادية والمالية التي تهم اقتصادات دولنا العربية.
كما أود أن أعرب عن خالص الامتنان والشكر لجميع السادة الوكلاء الذين حرصوا على حضور الاجتماع بالرغم من مشاغلهم العديدة، بما يعبر عن الأهمية التي توليها وزارات المالية في الدول العربية للتعاون والتنسيق فيما بينها. كذلك الشكر موصول للسادة الخبراء من صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OECD))، الذين حرصوا كعادتهم على المشاركة في الاجتماع وتقديم عدد من الأوراق التي تكتسي أهمية متزايدة على صعيد مواضيع المالية العامة في دولنا العربية.
أصحاب السعادة،،
حضرات السيدات والسادة الحضور،،
تشير تقديرات المؤسسات الدولية إلى أن أداء الاقتصاد العالمي شهد تراجعاً نسبياً في عام 2019، في ظل تراجع مستويات النشاط الاقتصادي العالمي، والتجارة الدولية، انعكاساً لحالة عدم اليقين التي خلفتها التوترات التجارية المتصاعدة ما بين أكبر قوتين اقتصاديتين على مستوى العالم، الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وتزايد وتيرة الحمائية التجارية، وهو ما أثر سلباً على أنشطة التصنيع والاستثمار والتجارة الدولية. لا يزال الاقتصاد العالمي يواجه عدة مخاطر يأتي على رأسها تأثير التوترات التجارية على مسارات النمو الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية، وتصاعد مستويات المديونية وتأثيراتها السلبية المتوقعة على موازنات الأسر والشركات، لاسيما في حال استمرار ضعف النشاط الاقتصادي، علاوة على الأثر المتوقع لتباطؤ الاقتصاد الصيني.
فيما يتعلق بالدول العربية، تشير تقديرات صندوق النقد العربي إلى تحقيق معدل نمو للدول العربية كمجموعة بلغ حوالي 2.5 في المائة عن عام 2019. يأتي ذلك انعكاساً لخفض تقديرات النمو الاقتصادي في كل من الدول العربية المُصدرة للنفط والمستوردة له، كنتيجة لتباطؤ الطلب الخارجي وتأثيراته المتوقعة على الصادرات النفطية وغير النفطية. ويتوقع صندوق النقد العربي أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي للدول العربية خلال عام 2020 إلى حوالي 3.0 في المائة في ظل التعافي المتوقع للاقتصاد العالمي، وتواصل الآثار الإيجابية لبرامج الإصلاح الاقتصادي، وإصلاحات السياسات الاقتصادية الكلية، والإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الدول العربية لدعم الاستقرار الاقتصادي وحفز النشاط الاقتصادي وتنويع القاعدة الإنتاجية والتصديرية.
أما على مستوى تحقيق الانضباط المالي والاستدامة المالية، فقد شهدت اقتصادات الدول العربية انخفاض في مستويات العجز في الموازنات منذ عام 2014، حيث تسارعت وتيرة تنفيذ إصلاحات المالية العامة في عدد من الدول العربية بهدف احتواء وترشيد الزيادة في مستويات الإنفاق العام، وتعزيز وتنويع الإيرادات الحكومية، وتطوير استراتيجيات إدارة الدين العام. ساهمت هذه الإصلاحات في خفض مستويات العجز في الموازنة العامة المُجمَعة للدول العربية إلى حوالي 4 في المائة في العامين الماضيين. ومن شأن الاستمرار قدماً في تنفيذ هذه الإصلاحات خلال السنوات المقبلة، توفير موارد مالية يمكن توجيهها إلى دعم النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل وتقليل مستويات الفقر والبطالة.
ولعل من أهم سمات الإصلاحات التي تعمل عليها دولنا العربية، متابعة جهود التنويع الاقتصادي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وزيادة الايرادات من خلال إصلاح منظومة الضرائب، بما يعزز من فرص الاستدامة المالية من جهة ويشجع على خلق البيئة المشجعة لنمو القطاع الخاص وجذب الاستثمارمن جهة أخرى.
وتالياً نص كلمته :
أصحاب السعادة،،
حضرات السيدات والسادة الحضور،،
يناقش اجتماعكم اليوم موضوعات مختلفة، أولُها "خيارات السياسة المالية بين إستيعاب الضغوطات الإجتماعية والكفاءة الإقتصادية"، حيث تواجه المنطقة العربية حاجة ماسة إلى النمو الشامل والمستدام، خصوصاً كما أشرنا في ظل تحديات تباطؤ النمو العالمي والتحديات الخارجية، بما يشمل التوترات التجارية والمخاطر الجيوسياسية، الأمر الذي قد يؤدي إلى إضعاف الآفاق الاقتصادية للمنطقة العربية. بالتالي يمكن يساهم تحسين كفاءة الإنفاق الاجتماعي في لعب دوراً مهماً في تحسين النمو والاستقرار الاجتماعي في الدول العربية. تبرز الورقة المُقدمة من صندوق النقد الدولي أن ارتفاع الإنفاق على بنود الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، من شأنه أن يؤدي إلى نتائج أفضل على مستوى الصحة والتعليم، ويعزز من العدالة الاجتماعية ويؤدي إلى نمو أفضل بشكل عام وقابل للاستدامة.
وأخذاً في الاعتبار الانخفاض النسبي في الإنفاق الاجتماعي في المنطقة العربية بسبب ضغوطات الموازنات المتزايدة، فإن الدراسة تُظهر التحديات التي تواجه تعزيز كفاءة الإنفاق الاجتماعي في الدول العربية التي يقابلها سعي الدول العربية إلى انتهاج سياسات من شأنها رفع كفاءة الإنفاق الاجتماعي من خلال تنظيم الإطار المؤسسي وتقوية الحوكمة. ولعلها فرصة طيبة لمناقشة تجارب الدول العربية سعياُ للارتقاء بكفاءة الانفاق الاجتماعي.
كما يتناول جدول أعمالكم اليوم مناقشة موضوع "تطوير نظم التعليم للموائمة مع إحتياجات سوق العمل"، حيث يساهم التعليم كما تعلمون بقوة في تعزيز رأس المال البشري وخلق الثروة والرفاه الاجتماعي. يُحدد البنك الدولي في تقريره عدة مواطن لدعم إطار التعليم منها: تنسيق السياسات التعليمية، وتحفيز المواهب، ووضع ميثاق جديد للتعليم. كما يؤكد تقرير البنك الدولي على ضرورة زيادة استثمار الموارد العامة في التعليم، وتحسين الإدارة الكفؤة لرأس المال البشري من المعلمين من أجل تحسين نتائج تعليم الطلاب والحصول على معدلات أعلى للاستثمار في التعليم.
ولا يخفى أن لوزارات المالية دور هام في دعم التعليم من خلال تحسين كفاءة تخصيص الموارد لهذا القطاع في الموازنات العامة للدول، لمقابلة احتياجات التعليم المتزايدة بالأخص في مجتمعاتنا العربية الفتية، حيث عادةً لا تتوافق مخصصات التعليم مع أهداف الدول الاستراتيجية للوصول لمعدلات تعليم أفضل، الاكثر أهمية هو رفع كفاءة الانفاق على التعليم وليس بالضرورة زيادة كبيرة في حجم الموارد المالية التي يتم تخصيصها لهذا القطاع.
أصحاب السعادة،،
حضرات السيدات والسادة الحضور،،
إضافة لورقتي صندوق النقد والبنك الدوليين، يشارك صندوق النقد العربي في تقديم دراستين، تتعلق الأولى بدور الأسواق المالية في تمويل التنمية ومشروعات البنية التحتية في الدول العربية، التي تم إعدادها بالاستناد إلى نتائج استبيان وزع على وزارات المالية في الدول العربية، حيث يُعد وجود البنية التحتية من المتطلبات الرئيسة لتحقيق النمو والتنمية الاقتصادية للدول خاصة منها الاقتصادات الناشئة والدول النامية.
تقدر الفجوة التمويلية للإستثمار في البنية التحتية على مستوى العالم بحوالي 15 ترليون دولار أمريكي بحلول عام 2040. أما بالنسبة للمنطقة العربية، فتقدر بحوالي 103 مليار دولار أمريكي سنوياً، علماً أن استثمار مليار دولار في البنية التحتية من شأنه أن يخلق 110 ألف وظيفة على مستوى الدول المستوردة للنفط، و26 ألف فرصة عمل في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ونحو 49 ألف فرصة عمل في الدول الأخرى المُصدرة للنفط.
بالتالي، من الأهمية توفير قنوات متنوعة لتعبئة المصادر اللازمة لتمويل مشروعات التنمية والبنية التحتية، حيث تبذل الدول العربية جهوداً في تنمية أسواق التمويل المحلية لتمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبنية التحتية. بناءً عليه، هناك حاجة لمتابعة جهود تعميق الأسواق المالية المحلية، وتنويع أدوات التمويل لتعبئة الموارد المالية اللازمة للقيام بمشروعات التنمية والبنية التحتية، مثل الصكوك والسندات الايرادية أو سندات المشروعات. كذلك من الأهمية العمل على توسيع قاعدة المستثمرين من تعزيز مشاركة المؤسسات المالية غير المصرفية، لمراعاة وجود المستثمرين الذين يستهدفون الأدوات طويلة الأجل مثل صناديق التقاعد والمعاشات وشركات التأمين والصناديق السيادية وصناديق الاستثمار في البنية التحتية، إضافة إلى التنوع في المؤسسات المالية غير المصرفية مثل صناديق الاستثمار والشركات والأفراد.
كما يستلزم الأخذ في الاعتبار تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص للإستفادة من قنوات تمويل القطاع الخاص لمشروعات التنمية والبنية التحتية وكفاءة الإدارة. ويتعين توفير الإطار التشريعي والمؤسسي الملائم لإدارة المشروعات بين القطاعين العام والخاص والعلاقة التعاقدية بينهما، وتنفيذ تلك المشروعات.
تتناول الدراسة الثانية لصندوق النقد العربي موضوع على قدرٍ كبير من الأهمية في إطار جهود إصلاحات المالية العامة وتبادل الخبرات بين الدول العربية، يتعلق بالضرائب على الخدمات والأدوات المالية في الدول العربية. وبالنظر إلى حجم القطاع المالي في الدول العربية، فإن مساهمته في الإيرادات الضريبية تعتبر ضعيفة نسبياً مقارنة بمساهمته في القيمة المضافة للاقتصادات العربية، فضلاً عن حجم الأرباح التي يحققها. كذلك ومن جهة ثانية، فإن إعفاء الخدمات المالية أو عدم أدراجها ضمن مظلة الضرائب غير المباشرة، خصوصاً ضريبة القيمة المضافة، قد يخلق خللاً في الأنظمة الضريبية، ينتج عنه بعض التشوهات. ومن أبرز هذه التشوهات تدني كفاءة ضريبة القيمة المضافة بسبب تآكل القاعدة الضريبة، وما يترتب عن ذلك من فاقد في الإيرادات الضريبية. علاوة على ذلك، قد يؤدي إعفاء الخدمات المالية إلى ظاهرة التراكم الضريبي (cascading tax effect) وأثر ذلك على العدالة الضريبية، إضافة إلى التشوهات الاقتصادية المُحتملة، وما يترتب عن الفوارق في المعاملة الضريبية للخدمات المالية من تشوهات تنافسية.
أصحاب السعادة،،
حضرات السيدات والسادة الحضور،،
يتطرق جدول أعمال الاجتماع كذلك إلى موضوع بات يكتسي أهمية متزايدة في السنوات الأخيرة، وهو "التحديات الضريبية الناشئة عن الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية"، ونحن ممتنون لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي على الورقة المقدمة حول هذا الموضوع من واقع التجارب الدولية، حيث أدت رقمنة الاقتصاد إلى ظهور نماذج أعمال جديدة وتطور غير مسبوق في تقديم الخدمات والحلول الإلكترونية عبر الحدود، مما يجعل القواعد الضريبية الحالية مُعرضة لمخاطر غير مسبوقة. ويبرز إدراج التحديات الضريبية الناشئة عن الاقتصاد الرقمي ضمن أولويات رئاسة مجموعة العشرين، الأهمية المتزايدة لهذا الموضوع.
ولا شك أن هناك حاجة لتحديث بعض التشريعات الضريبية التي من شأنها تعزيز تحصيل الضرائب عن المعاملات المالية الرقمية في مكان تواجد مُستخدم أو مُستهلك هذه الخدمات والمعاملات، والعمل على تنمية قواعد ضريبية للتغلب على هذه التحديات، بالأخص التنسيق بين القواعد الضريبية المختلفة لمجابهة مخاطر السماح للشركات متعددة الجنسيات بتحويل الأرباح إلى الدول التي ليس لديها ضرائب على الأرباح أو محدودة الضرائب، بالتالي يتعين تعزيز التعاون الدولي لمراعاة دعم استدامة تحصيل الضرائب وضمان تقليص الازدواج الضريبي لخلق نوع من اليقين الضريبي.
أصحاب السعادة،،
حضرات السيدات والسادة الحضور،،
في إطار أهمية تعزيز تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية فيما يتعلق بالمواضيع والقضايا الاقتصادية والمالية، حرصت الأمانة على طرح موضوعين ذات أهمية للدول العربية، وهما الضرائب غير المباشرة ومبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص. في هذا السياق، نحن ممتنون هذا العام لأصحاب السعادة الوكلاء لتقديمهم أوراق عمل حول هذه المواضيع الهامة، يتم من خلالها استعراض تجارب الدول العربية بمزيد من العمق، لمناقشتها والتعرف على التحديات التي تواجهها الدول العربية في هذا الشأن واستراتيجيات التغلب عليها. في هذا الإطار، تستعرض كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية تجربتهما فيما يخص إصلاحات الضرائب غير المباشرة، فيما تلقي الضوء كل من دولة الكويت وجمهورية مصر العربية على تجربتهم على صعيد الشراكة مع القطاع الخاص. ولا شك أن هذه الأوراق ستعزز من فرص تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية.
بالطبع نتطلع للاستماع لمداخلات جميع المشاركين، حول تجارب دولهم على صعيد هذه القضايا والمواضيع.
أصحاب السعادة،،
حضرات السيدات والسادة الحضور،،
إضافة لما تقدم، يتضمن جدول أعمالكم الإعداد للاجتماع القادم لمجلس وزراء المالية العرب، المُقرر عقده يوم 14 أبريل 2020 في بلدنا العزيز المملكة المغربية، وهناك مُسودة مُقترحة لبرنامج الاجتماع سيتم عرضها عليكم.
من جانب آخر، ينظم صندوق النقد العربي المنتدى الإقليمي الثاني للضرائب في الدول العربية، الذي سينعقد يومي 23 و24 مارس (آذار) 2020. يناقش المنتدى في ظل تنامي أهمية تنويع الإيرادات وتنمية الموارد المالية، ومعالجة التحديات التي تواجه صانعي السياسات الاقتصادية في الدول العربية، الفرص والتحديات التي تواجه تعبئة الموارد الضريبية في الدول العربية. يمثل المنتدى منصة لتبادل التجارب والخبرات والتشاور بين وزارات المالية والاقتصاد والتجارة والاستثمار، وهيئات الضرائب العربية، والمصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، بحضور عدد من الخبراء والأكاديميين، ومؤسسات مالية إقليمية ودولية، والمعنيين بالسياسات المالية والضريبية. يتسم المنتدى بالطابع التفاعلي في مناقشة السياسات والممارسات السليمة وتحديات التطبيق بما يعزز من نقل المعرفة والخبرات. ونتطلع لمشاركة فعالة من دولنا العربية في المنتدى.
بناءً على توصيات المنتدى الأول، سيطلق صندوق النقد العربي مجموعة عمل إقليمية للضرائب في الدول العربية، التي ستمثل منصة للحوار والتشاور بين الهيئات الضريبية العربية، بحضور عدد من المؤسسات الدولية والجهات المعنية بالقضايا الضريبية، بما يساهم في تعزيز بناء القدرات الضريبية للدول العربية، وتعزيز التشاور وتبادل الخبرات والتجارب في المجال الضريبي بين الدول العربية.
على صعيد آخر، أود في هذا السياق، أن أشير لمنتدى المالية العامة الرابع الذي سينعقد هذا العام بعنوان "الحماية الاجتماعية وشبكات الضمان الاجتماعي من أجل إدارة أفضل للمالية العامة في الدول العربية"، سينظمه صندوق النقد العربي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي يوم الاثنين الموافق 23 نوفمبر 2020 في مدينة دبي. يناقش المنتدى، أطر وآليات الحماية الاجتماعية وشبكات الضمان الاجتماعي، إلى جانب تقييم مساهمة الدولة في تخفيض معدلات الفقر، إضافة إلى تقييم السياسات الرامية إلى تعزيز الحماية الاجتماعية وشبكات الضمان الاجتماعي.
كما سيتناول المنتدى استراتيجيات الإنفاق الاجتماعي الموائمة، حيث تتجه الدول لإنتهاج سياسات للحماية الاجتماعية تهدف إلى خفض معدلات الفقر من خلال الحماية الاجتماعية. يستعرض المنتدى ايضاً أهمية تعزيز شفافية السياسات المالية، والدور الذي يمكن لمجالس المالية العامة الاستشارية على مستوى الدولة أن تلعبه من أجل تقوية الأداء المالي للدولة ودعم الاقتصاد الكلي. يجمع المنتدى كما تعلمون وزراء المالية وكبار المسؤولين المعنيين بالسياسات المالية من المنطقة العربية، بمشاركة عدد من الخبراء والمتخصصين من المؤسسات الدولية. أتطلع في هذا السياق لمناقشاتكم حول التحضير للمنتدى، بما يساعد على نجاحه في تحقيق الأغراض المنشودة منه. كما أتطلع إلى مشاركتكم فيه.
لعلها مناسبة أيضاً أن أشير هنا للاستبيان السنوي (المرفق مع وثائق الاجتماع) الذي أرسله الصندوق الى أصحاب المعالي وزراء المالية للتعرف على الاحتياجات والمواضيع والقضايا ذات الاولوية لدولنا العربية، بما يساعد على تطوير البرامج والانشطة المناسبة، ونتطلع لمتابعتكم في الاجابة عليه وإرساله إلى أمانة المجلس قبل نهاية الشهر الجاري.
أصحاب السعادة،،
حضرات السيدات والسادة الحضور،،
أخيراً، أود أن أؤكد مجدداً على الطابع التشاوري للاجتماع، في ضوء حرص أصحاب المعالي الوزراء على أن تكون اجتماعات مجلسهم والأنشطة المرتبطة به ذات طابع غير رسمي، بما يوفر المرونة المطلوبة للاستفادة وتبادل التجارب.
قبل أن أختم، أود أن أنتهز هذه المناسبة لأجدد خالص شكرنا وتقديرنا للسلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر صندوق النقد العربي على الدعم المتواصل الذي تقدمه لصندوق النقد العربي بما يساهم في إنجاح الأنشطة والأعمال التي يقوم بها.
في الختام، أود أن أؤكد على أهمية مشاركتكم جميعاً في مناقشات الموضوعات المطروحة بما يعزز من أهمية الاجتماع كمنتدى للحوار وتبادل التجارب والخبرات بين وزارات المالية العرب، وبما يساعد على الإعداد الجيد للاجتماع القادم لمجلس وزراء المالية في الدول العربية، متمنياً لكم اجتماعاً ناجحاً وطيب الإقامة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.