القلعة نيوز –محمد مناور العبادي
رغم الأهمية القصوى للعبادات الجماعية للمؤمنين ، الا ان العالم اجمع - في "زمن جانحة كورونا " - على منع ممارستها مؤقتا ، في دور العبادة الخاصة بالمسلمين او المسيحين او اليهود ، على حد سواء ، كما عمل على منع جميع الفعاليات والنشاطات التي تجتمع فيها اعداد كبيره من الناس معا ، وذلك بعد ان اثبتت الدلائل الحسيه على ان فايروس هذا الوباء ،يجد في مثل هذه الفعاليات ،ودور العبادة ، بيئة مثالية للتكاثر ، بسرعه متواليه هندسيه ، بين من يحمل هذا الفايروس ، دون ان يدري ، وبين الاصحاء ، نظرا لتقاربهم الشديد من بعضهم البعض، وعدم وجود مسافات آمنه بينهم. نحول دون انتقال الفايروس من شخص .
وقد بارك جميع علماء ورجال الدين الاسلامي والمسيحي واليهودي ، القرارات الرسميه بمنع العبادات الجماعيه مرحليا ، والغوا الاحتفالات بالمناسبات الدينيه ، ذلك لأن جميع الاديان السماويه ،والمعتقدات الارضية ، تعتبرحياة الانسان امانة ، ينبغي الحفاظ عليها ورعايتها وابقائها بصحة و عافية .
فقد دعا الله سبحانه وتعالى في القران الكريم ، ورسوله الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الاحاديث النبيو ية الشريفه ، الى اهمية الالتزام ، بشروط السلامه العامه ، التي تحمي المجتمع من تفشي وباءكورونا القاتل المدمر .
واعتبر الدين الاسلامي التهاون بأخذ الأسباب المانعة للمرض الوبائي القاتل ، تفريط ومعصية يُعاقب عليها المسلم، بما في ذلك اداء العبادات الالهية الجماعيه ، لأن الله لايمكن الا ان يحب الخير لعباده المؤمنين ، ولأن الدين يسر وليس عسر، ولأنه محبة وامن وامان وسلام وسكينه وصحه وعافيه وتقدم وازدهار . هذه الصفات الساميه للدين تتناقض تماما ،مع كل مايسببه وباء كورونا ، سواء للشخص المصاب او للمجتمع ، او للوطن ، على حد سواء .
اذ قال سبحانه وتعالى في محكم تنزيله "ولا تلقوا بايديكم الى التهكله ". فأية تهلكة اقسى وافظع من وباء لايميت صاحبه فقط ، بل ويميت ايضا اسرته واقربائه واصدقائه ، واخيه المسلم الذي جاوره في الصلاة في المسجد ، وكل من سسجد في نفس المكان فيما بعد، ، خاصة وان علماء في شؤون الفايروسات ، يرون في " السجاد الوثير " المستخدم في فرش بعض المساجد ، بيئة مثالية حاضنه لفايروس كورنا، ، الذي ينتقل عبر وبرالسجاد ، من مصل الى اخر وبسرعه قياسيه الى الجهاز التنفسي للمصلي ،وعلى مدى اكثر من صلاة ،سيما وان حضانة هذا الفيروس الشيطاني قد تصل الى اسبوعين او اكثر ، دون ان يدري حامله بانه مريض .
ومما يزيد من خطورة هذا الفايروس ، ان تعقيم المسجد والمصلين خمس مرات يوميا امر مستحيل ، حتى ولو تم ذلك ،فانه لن يمنع انتقال الفايروس من حامل له لايدري بذلك ، الى اخر سليم .
مما يعني ان اقامة الصوات في المساجد في هذه المرحلة بالذات تعني اعطاء رخصة بقتل النفس التي حرم الله الا بالحق ، واشاعة الوباء وتعميمه وقتل الامة بذلك بخلاف الاية الكريمة :" ولا تقتلوا انفسكم ان الله بكم رحيم " وبخلاف مباديء وتعاليم الدين الاسلامي التي تحث على فعل الخير ، ونشر الامن والامان ، وانه سبحانه يريد اسعاد خلقه وليس تعسيير الحياة عليهم ، تاكيدا لقوله تعالى :" ان الله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر "
كما حرم سبحانه وتعالى الاعتداء على جسد المؤمن بالفعل اوالايذاء ، لان جسد الانسان امانه من الله ، يجب الحفاظ عليه معافى من الامراض خاصة المعدية منها، التي لاتضر صاحبها فقد بل كل من حوله وبالتالي المجتمع كله ، فضلا عن ان الله سبحانه وتعالى سيسألنا يوم القيامة عن مدى عنايتنا ورعايتنا لاجسادنا ,والحفاظ عليها قوية معافاة، لأنه سبحانه وتعالى لايحب المجتمع المريض الضعيف .
وبهذاالصدد يقول الرسول الكريم –ص- "المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف " والقوة هنا ذات معان عديده منها قوة الجسد وسلامته من الامراض بما فيها الاوبئة القاتلة
و اجمع رواه ثقاة ، على صحة العديد من الاحاديث النبوية الشريفة ،التي تؤكد ضرورة الابتعاد مؤقتا ، عن اداء العبادات الجماعيه في المساجد ، عندما تنتشر الاوبئة، او الاضطرابات ، اويسيطر الفزع على المؤمنين خوفا على النفس ، او المال ،او الاهل، اوالعرض ، بدلا من الامن والامان والسكينة .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ سَمِعَ المنادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عذر، لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّى»، قَالُوا: وَمَا الْعُذْرُ؟ قَالَ: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ
بذلك يصبح الخوف بمعناه اللغوي والاصطلاحي الواسع ، والمرض ، عذرا لترك الجماعة، والخوف حاصلٌ الآن بسبب سرعة انتشار الفيروس، وقوَّة فتكه، وعدم الوصول إلى علاج ناجع له حتى اللحظة، ومن ثَمَّ فالمسلمُ معذورٌ في التخلُّف عن الجمعة أو الجماعة. كما أن من أعظم مقاصد شريعة الإسلام حفظُ النفوس ،وحمايتها، ووقايتها ،من كل الإخطار والأضرار سيما تلك التي لاتقتصر على الاضرار بصاحبها المريض بل الحاق الاذى بالمجتمع كله بمن فيه المصلون في المساجد .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) ،هذا الحديث على قصره يدخل في كثير من الأحكام الشرعية ،اذ ان وجود ضرر يستلزم ازالته .وهل هناك اليوم من ضرر اكبر من الاضرار ا لتي يتسبب بها وباء كورونا الذي لايسلم من شروره حتى المصلين في المساجد وهم يؤدون صلواتهم وبخشوع للباري عزوجل..ممايستلزم نقل هذه الصلوات الى البيوت .
ويقول الرسول (ص) " لايورد ممرض على مصح " اذ لايجوزلمريض ان يزور اخر صحيح الجسم ...لان مثل هذه الزيارات من شانها اشاعة الوباء والعجز عن السيطرة عليه وباللاتالي تدمير المجتمع والوطن معا.
ولم يكتف سبحانه وتعالى بمنع المرضى او من يشعرون انهم مرضى من الصلاة بالمساجد ، وهي بيو ت الله التي ينبغي ان تبقى نظيفه عطره تفوح منها روائح المسك والعنبر ، ولا يومها مريض او حتى من تناول البصل والثوم قبل الصلاه
وبهذاالصدد يقول الرسول الكريم : " من اكل ثوما او بصلا فيعتزل مسجدنا وليقعد في بيته " فاذا كان الرسول منع آكل الثوم ولابصل من الصلاه لانه يزعج المصلين من رائحته... فكيف اذا كان المصلي ناقلا لوباء ، او يمكن ان يكون ناقلا له دون ان يدري .
وبعد
ان الواجب الديني والاخلاقي والشرعي والقانوني للدولة الاردنية ، يستدعي منها حماية مواطنيها من فايروس كورونا ، والحيلولة دون انتشاره داخل المملكه ، وانتقاله الى دول اخرى. ...وهي تعمل للانتصارعلى فايروس "كورونا " وفق مظلة دينيه ووطنية ودولية ، يشارك بها علماء ورجالات الاديان في الاردن والعالم ، ومنظمة الصحه العالميه ،
لقد تمكن الاردن وبشهادات دوليه ، من ان يتبوأ مرتبة متفوقه في نتائج اجراءاته ،لمحاصرة فايروس كورونا ،ب وحتى يبقى الانتصار الاردني قائما ، فان واجب الدولة الاردنية ، عدم التهاون في تطبيق اجراءاتها، التي مكنت الاردنيين من الاستمتاع امس ، بالغاء جزئي لحظر التجول طيلة يوم كامل ،تمهيدا لمزيد من الاجراءات التدريجيه الكفيله ، بالحفاظ على ما وصلنا اليه من انجاز ذهبي ، سيتسمر فقط اذا عرفنا كيف نحافظ عليه ، ولم نسمح باي خرق قد يعيدنا الى المربع الاول ، ليعاني الجميع لاقدر الله ، مواطنون ووطن .
كلنا في قارب واحد - قيادة ووجيشا وحكومة وشعبا - واي خرق في هذا القارب سيجعله يغرق . وينقلب بمن فيه . لنحافظ علىه ، وهو يبحر بنا في محيط هادر بامواج خطره ، قد تطيح بنا ، اذا لم نتجاوب مع اجراءات الدولة الاردنية وقرارتها التي لاتستهدف الا حمايتنا ومنعتنا. – حمى الله الوطن – فيادة وجيشا وشعبا -
----------------------------------------------------
* رئيس التحرير المسؤول -باحث وصحفي -