أحيت الكنائس الكاثوليكية في المملكة، صباح اليوم السبت، حجها الوطني والمسيحي إلى موقع معمودية السيد المسيح (المغطس)، والذي ترأسه غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين ورئيس مجلس الأساقفة الكاثوليك في الأرض المقدسة.
وخلال حفل الاستقبال، رحّب وزير السياحة والآثار نايف الفايز، في مقصورة كبار الزوار، بالبطريرك بيتسابالا وبالوفد الكنسي المرافق.
وتبع الاستقبال مؤتمر صحفي نظمه المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، رحّب مديره العام الأب رفعت بدر بالبطريرك الجديد للاتين في القدس والذي يقوم في هذه الأيام بزيارة رسميّة وراعويّة إلى المملكة هي الأولى له منذ أن تعيينه من قبل قداسة البابا فرنسيس، في تشرين الأول الماضي، ليكون البطريرك العاشر للكنيسة اللاتينية لعموم ديار الأراضي المقدسة في الأردن وفلسطين والجليل وقبرص.
وقال الأب بدر: إنّ هذا العام يشهد السنة الواحدة العشرين لبدء الحج المسيحي في العصر الحديث إلى موقع معموديّة السيد المسيح، إلا أنه يأتي بأجواء استثنائيّة، لذلك اختار المنظمون أن تكون الاحتفالات محصورة الأعداد، ولكن بلا شكّ هي مناسبة لرفع الصلاة والدعاء من هذا المكان المقدّس لكي يزول الداء وتزول تداعياته، وتعود الظروف أفضل بكثير، وتعود للإنسان صحته وعافيته، وكذلك تعود أجواء السياحة الدينية إلى الازدهار كما كانت قبل سنة الجائحة.
من جهته، عبّر البطريرك بيتسابالا عن سعادته لترؤس احتفال هذا العام بمناسبة يوم الحج الوطني والمسيحي الـ21 للكنائس الكاثوليكية إلى موقع المغطس. وقال: "آتي اليوم، كما في كلّ عام، بالرغم من اختلاف التسميات، آتي كبطريرك للمدينة المقدسة حاجًا على هذه الأرض المباركة، أرض الأردن، أرض المعمودية. هنا السيد المسيح وقف وعلّم، ونال المعمودية من يوحنا المعمدان، فأصبح هذا المكان محجًا للآلاف من المؤمنين والحجاج والزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم".
وأشار غبطته إلى "أن السياحة الدينية في السنة 2020 لم تكن عاديّة، بل وصلت إلى درجات متدنية جدًا، وأثرّت الجائحة على القطاع السياحي بمختلف جوانبه"، آملاً أن تزول هذه الغمّة سريعًا بجهود المؤسسات والأشخاص الذين وضعوا نفوسهم في الخطوط الأماميّة خدمةً للإنسان وكرامته، وأن يكون العام الحالي عامًا للشفاء والانفتاح وعودة الحياة إلى طبيعتها المعتادة، خاصة في الأردن وفلسطين حيث للسياحة دور أساسي في رفد الاقتصاد، وأن تعود الاحتفالات والأماكن المقدسة تستقبل آلاف الحجاج كما اعتدنا عليها في السنوات الماضية.
و توجه الموكب المحتفل إلى كنيسة المعمودية على ضفة نهر الأردن لإحياء القداس، بمشاركة رؤساء وممثلي الكنائس الكاثوليكية بالمملكة، والقائم بأعمال السفارة البابوية في عمّان المونسنيور ماورو لالي، وعدد من أساقفة وممثلي الكنائس الشقيقة، بحضور الأمين العام لوزراة السياحة والآثار عماد حجازين، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وعدد من النواب والاعيان وكهنة ورهبان وراهبات، وممثلين عن المؤسسات الكنسيّة والسياحيّة والفعاليات الدينية، من دون حضور جمهور المصلين كما جرت العادة سنويًا، تبعًا للإجراءات الصحيّة الوقائية المتبعة. فيما نقل الاحتفال الديني مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأثناء القداس، تمّ مباركة مياه الأردن ورشّ المشاركين بها. وألقى راعي الاحتفال البطريرك بيتسابالا عظة القداس أشار فيها إلى المعاني الروحيّة والإنسانية لحدث معمودية السيد المسيح، وبدء رسالته العلنيّة. وشدد على أنّ التبعات التي فرضتها الجائحة من إغلاقات وصعوبات يجب ألا تحمل المؤمن على الاعتقاد بأن حياته يجب أن تبقى معلّقة بسبب الكورونا، داعيًا في هذا السياق إلى "عيش الحياة بملئها على مثال السيد المسيح، في كل وقت، ووفقًا لما كان عليه أن يعمل في كل لحظة بالذات".
وقال بطريرك القدس للاتين: "في هذه الأوقات الصعبة، يجب أن نعود ونقوي الصلاة في العائلة، ونُحسّن علاقاتنا العائلية، وأن نتعلم ما تتطلبه الدراسة في البيت من فن الانضباط. فنسأل أنفسنا، كل واحد وفقًا لظروف حياته الخاصة، عما يطلبه الرب القدير منا الآن. وبنوع ما، فإننا نحن أيضًا مطالبون بالنمو في الحكمة والنعمة أمام الله وأمام الناس".
وخلص البطريرك بيتسابالا في عظته مصليًا من أجل المرضى، ومن أجل الذين يعملون هذه الأيام للحفاظ على صحة المواطنين، تحت قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وولي عهده سمو الأمير الحسين ابن عبدالله الثاني. ورفع الدعاء إلى العليّ القدير أن يبارك الأردن ببركة نهره المقدس، وأن يُبعد عن الأسرة البشرية كل شرٍ ووباء، وأن تنتهي هذه الأزمة وقد استخلصت منها الإنسانيّة جمعاء الدروس والعبر.
وصلّى الحضور في القداس الصلاة التالية: "لنصلّ من أجل ولي أمرنا، قائد المسيرة المباركة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، رجل الحكمة والمواقف الإنسانيّة المشرّفة، ملكٌ أعزّ الله به وطنه وشعبه، ليبارك الله جهوده الدؤوبة ومساعيه الحميدة لترسيخ ثقافة السلام القائمة على الاحترام والقبول، ويُديم الله نعمة الأمن والأمان؛ فهو الملاذ الآمن لكلّ الأشقاء، والمغيث لكل محتاج وباحث عن الدف والكرامة الإنسانيّة".
وبعد ختام القداس، ألقى الأمين العام لمطرانيّة اللاتين الأب عماد علمات كلمة أشاد فيها بالجهود الرسميّة والكنسيّة والسياحيّة والإعلاميّة التي تكاتفت لإنجاح يوم الحج، موجهًا الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد، رئيس مجلس أمناء هيئة موقع المغطس، ولإدارة الموقع، على رعايتهم لهذا الموقع المقدّس وعملهم المستمر لتطويره. كما شكر وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة والجيش العربي وكافة الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام على الجهود المشتركة المبذولة لإنجاح الاحتفال السنوي.