محمد مناور العبّادي *
لم يعد الارهاب ظاهرة نفسية اجتماعية اقتصادية سياسية فحسب، بل تحول ليصبح ظاهرة تدميرية غير مسبوقة ، زمانيا ومكانيا ، تستهدف تقويض اسس ومرتكزات المجتمعات ، والقضاء على كل توصلت اليه عبر عقود من النضال المجتمعي، مما يجعله خطرا ماحقا ليس على حاضرها فحسب ، بل على مستقبلها ومستقبل اجيالها .
ومما يؤكد هذه الحقيقه ،الارهاب الداعشي، الذي تشي ممارسات قادته، بانهم فقدوا أدميتهم ، لانهم حاقدون حتى على انفسهم، بل واقرب الناس لهم ، مما جعل القائد الجديد، لتنظيم داعش ، التركماني عبد الله قرداش، يقتل شقيقه بنفسه ،لانه يعارض افكاره،بل وكما يقول مقربون منه ،يفاخر بانه" مدمر، والاكثر دموية ووحشية في الكون".
ويقول من عرفوه، حين كان نائبا للقائد السابق للتنظيم، الارهابي المقبور ابو بكر البغدادي ، "ان وحشية الارهابي قرداش جعلته مغرما بايذاء اكثر الناس براءة اعتقادا منه، بان ذلك سيكون رادعا لكل من يمكن ان يهدد زعامته للتنظيم، كما انه عاشق للملذات مما جعله يأمر" بمجازرلقتل اكبرعدد ممكن من شباب الأقلية العرقية الدينية المعروفة بالأيزيدية في العراق ، حين اقتحم ارهابيو داعش ، مدينة سنجار العراقية موطن الايزيديين وامر بتحويل نسائها وبناتها ،الى سبايا يتقاسمهم اعضاء التنظيم، مطبقا ولاول مرة في التاريخ المعاصر مصطلح "العبودية الجنسية"
ورغم ان التنظيم اليوم، قد اصبح هشا مقارنة بما كان عليه سابقا ، الا ان الارهابي قرداش يسعى, لخلط الاوراق ، وتوجيه رسائل بالدم والدمار لاكثر من جهة محليا وعربيا واقليميا ودوليا ، عله يحقق بعضا من اهدافه التدميرية الرهيبة من خلال قتل المدنيين البسطاء في الاماكن الاكثر اكتظاظا بالابرياء من الشيوخ والاطفال والنساء، وذلك ترجمه بالدم لخطط وتوجهات التنظيم الارهابي ، وقيادته الدموية الجديدة ، وسعيا من التنظيم لأثارة الانقسامات ، ونشر الفوضى ، والعبث بامن واستقرار المواطنيين لآن الفوضى في اية دولة ، بيئة خصبة لنموالتنظيم وتمدده افقيا وعموديا ، محليا وعربيا واقليميا ودوليا .
لذا فان التماسك الداخلي في الدولة الواحدة ، والتعاون والتنسيق بين الدول العربيه ، وتشكيل تحالفات عربيه واقليميه ودولية ، كل ذلك ، يحول دون ان يحقق الارهابيون اهدافهم التدميريه الدموية، لتدمير الامة العربيه، والسلم والامن والاستقرار العالمي . ، وبالتالي حرمان التنظيم من البيئة التي يمكنه ان ينمو فيها .
ان مواجهة القيادة الدموية الجديدة للتنظيم الارهابي ، تستدعي توحيد الصفوف ، للتصدي لاعتى عدو يواجه البشريه في التاريخ الحديث. ولن يتحقق ذلك الا بالتركيز على القواسم المشتركه التي تجمع الشعوب ثنائيا واقليميا ودوليا ، وتوجيه كل الامكانيات لمحاربه العدو الواحد الأحد وهو الارهاب ، بقيادته الجديدة ، التي لم تكتفي بالجرائم الدموييه لقيادات التنظيم السابقة،ما احدتته من دمار، وقتل الابرياء والاطفال، وتقسيم وتفتيت للمجتمعات ،والاتجار بالبشر وتدمير الامة العربية ومقدراتها .
من هنا فان المطلوب التصدي للنسخة الجديده من داعش ومحاربة الدواعش ضمن نهج شمولي، يرتكز على توحيد جهود الامة من كل المنابت والاصول ، وتحقيق تضامن عربي اقليمي دولي حقيقي ضد الارهاب ، وامتداداته وركائزه في كل مكان ، لحماية الحضارة العالمية والمدنية الحديثة ،من شرور هذا التنظيم ،وتجفيف جميع منابعه المالية واللوجستية حيثما كانت.
لقد نجح العالم في التصدي للنسخة الاولى من داعش واستعادة جميع الاراضي التي احتلها التنظيم في سوريا والعراق ، بفضل الجهود المشتركه للدول التي ضربها الارهاب واصدقائها وحلفائها في العالم ، وتم قتل غالبية قادته، والتعرف على آليات عمله ، وانصاره ، ووسائل التجنيد، وجمع الاموال، مما يساعد في التصدي للموجة الثانيه من ار هاب داعش، بوقت اقصر وخسائر اقل وبدعم جميع المتضررين من ممارساته.
.
ان تجارب الامم والدول مع التنظيمات الارهابيه تؤكد ان مواجهة هذه التنظيمات تستدعي اولا سيادة الامن والاستقرار والتلاحم المجتمعي في كل دولة ، وان يكون كل مواطن جنديا في مواجهة الارهاب،وضرورة تعاون المواطنيين مع الاجهزة الرسميه في متابعته وكشف المتعاونين معه ممن يغرر بهم الارهابيون لتجنيدهم في صفوفه . كذلك الحال فان التعاون الدولي مطلوب بل وضروري لمتابعة فلول الارهابيين وتخليص البشرية منهم .
بالتاكيد فان النسخة الجديدة من تنظيم داعش والتي تبدو اكثر دمويه ، ستتم هزيمتها بسرعة قياسيه ،لان الشعوب العربيه والعالم كله كشف حقيقة الارهابين ، واهدافهم الشريرة ،وبالتالي فانه لن يسمح ابدا لهم بان يعيثوا في الارض فسادا .. لان الله مع الاخيار دوما ، وما الاشرار فمكانهم مزابل التاريخ في الدنيا ، وجهنم في الاخرة
• الكاتب :رئيس التحرير المسؤول / وكالة القلعة نيوز / صحفي وباحث