شريط الأخبار
الأردن يعتزم إرسال أطنان من الأدوية إلى لبنان بري: إسرائيل أهدرت أكثر من فرصة محققة لوقف إطلاق النار طهران: إغلاق ألمانيا للقنصليات الإيرانية عقوبة للمقيمين حماس: الفلسطينيون يريدون وقفًا دائمًا لإطلاق النار شحادة يوضح تفاصيل قانون الملكية العقارية وحق التملك لغير الأردنيين رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا من أبناء عشيرة الطورة إعلام اسرائيلي: إشتباه بعملية تسلل من الأردن ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات في إسبانيا إلى 205 أشخاص المعارضة الإيرلندية تطالب بحظر الواردات من المستوطنات الإسرائيلية أمن الملاعب والوحدات المساندة لها تتسلم واجب تأمين مباراة الحسين اربد ونادي الوحدات في مدينة الحسن 5 شهداء بغارات إسرائيلية على بعلبك وجنوب لبنان جيش الاحتلال: مقتل 88 إسرائيليا خلال شهر تشرين الأول مسيرة بعمان تطالب بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان وتثمن دعم الأردن للقضية الفلسطينية إيرلندا تدين العمليات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى الجامعة العربية تتبنى قراراً أردنياً ضد حظر الكنيست أنشطة الأونروا رئيس البرلمان العربي يهنئ الجزائر بمناسبة الذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية حرب المخدرات / الجمعه / : القوات المسلحه تسقط طائرة مسيّرة وتصادر حمولتها من المخدرات بيان من عشيرة البري / الباديه الشماليه / دعم مطلق لسياسات الملك سلمه شيخ العشيرة محمد فنيخر البري لـ "العيسوي " ( صور ) تسوية عشرات المباني بضاحية بيروت الجنوبية بالأرض

أهداف استثمار الأموال في الشريعة الإسلامية

أهداف استثمار الأموال في الشريعة الإسلامية

القلعة نيوز :

نّ استثمار الأموال وتجنّب اكتنازها من أوجب الواجبات على صاحب المال في ماله؛ لأنّ المال يُعدّ المحرّك الأساسيّ الذي عليه اعتماد جميع الأفراد والأمم والحضارات، وهو الشريان الأساسيّ الذي تتغذّى منه مختلف نواحي الحياة، فبحفظه وتوفيره تُحفظ بيضة الدّين، وتحفظ النفوس والأعراض من أن تُهدر كرامتها وقيمتها الإنسانية، فيكون الهدف والمقصد الأسمى إذاً من استثمار المال هو حفظ المقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية، والتي بحفظها يُحفظ المقصد الأعلى المتمثل في الاستخلاف والتمكين في الأرض.

ومن أهمّ ما يهدف إليه استثمار الأموال في الإسلام ما يأتي:

حفظ القيم المالية من البَخس:

ونعني بالبخس تثمينها بأقلّ من ثمنها الحقيقيّ الذي من المفروض أن تقوّم به، وذلك أنّ المال إذا كان قليلاً عند صاحبه ولم يُنمّ ويُستثمر فقد يزهد فيه الناس وتنقص قيمته، وهو ما يؤدّي إلى نقض مقصد من مقاصد الشريعة فيه، وهو الثبات، ولقد جاء في الشرع الحنيف النهي عن بخس الأشياء، ومنها المال، حيث قال تعالى: وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضٍ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا [الأعراف: 85]، قال الشيخ الطاهر بن عاشور -رحمه الله-: «البخس هو إنقاص شيءٍ من صفة أو مقدار هو حقيقٌ بكمالٍ في نوعه، ففيه معنى الظلم والتحيُّل»([1])، ويعدّ استثمار المال مانعاً له من هذه الآفة، حيث يبقيه دوماً ذا قيمة في نظر الناس لتجدّده ونموّه باستمرار.

وبيّن -رحمه الله- الحكمة من هذا النهي بقوله: «وما جاء في هذا التشريع هو أصل من أصول رواج المعاملة بين الأمّة؛ لأنّ المعاملات تعتمد الثقة المتبادلة بين الأمّة، وإنّما تحصل بشيوع الأمانة فيها، فإذا حصل ذلك نشط الناس للتعامل، فالمنتج يزداد إنتاجاً والطالب من تاجر أو مستهلك يقبل على الأسواق آمناً لا يخشى غبناً ولا خديعةً ولا خلابةً، فتتوفر السلع في الأمّة، وتستغني عن استجلاب أقواتها وحاجياتها وتحسينياتها، فيقوم نماء المدينة والحضارة على أساس متين، ويعيش الناس في رخاء وتحابب وتآخٍ، وبضدّ ذلك يختلّ نظام الأمّة بمقدار تفشّي ضدّ ذلك»([2]).

توسيع مجال تداول الأموال بين الأفراد:

لن يكون المال محفوظاً حقاًّ ما لم يقم بدوره في التعمير، ولن يتيسّر له هذا الدور إلاّ إذا كان بيد جميع أفراد المجتمع الذين لهم أهلية التصرّف فيه، غير محصور في فئةٍ دون أخرى، ولعلّ هذا ما يرمي إليه الإسلام في أمره باستثمار الأموال، فالاستثمار يؤدّي إلى توفير السيولة المالية لدى صاحبها، وأيضاً لدى من يتعامل معهم من شركاء وتجّار وعمّال وغيرهم، فإذا لم يتمّ التعامل به على هذا النحو صار «احتباس المال عند أفراد معيّنين أو عند فئة قليلة دون انتشاره الواسع ضرباً من التعطيل للقيام بدوره؛ ولذلك كان من معاني حفظ المال أن يكون دائراً بين الناس، رائجاً في المجتمع، نقيضاً لمعنى تعطيله وإهداره بكنزه وحبسه عن الرواج»([3]).

ويوجّهنا الشارع الحكيم إلى جملة من التدابير والطرق الاستثمارية لتحقيق هذا الهدف، الذي يُعدّ تحقيقاً لمقصد من مقاصد الشريعة في الأموال وهو ضمان رواجها وتداولها بين الناس، قال الله تعالى: مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَـاءِ مِنكُمْ [الحشر:7]، وقال أيضاً: وَالذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34]، والمقصد من هذا كلّه أن لا يبقى المال في يد فئة معيّنة وتُحرم منه بقية الفئات، فينتقل المال من الغني إلى الفقير، ومن المورّث إلى وارثه ليستثمره هو بدوره وينمّيه، ومن ثمّة تتعدّد الأيدي المالكة له، ويتحقّق رواجه على نطاق أوسع.

تحقيق التنمية الشاملة في شتّى المجالات:

تُعرّف التنمية في الاقتصاد الإسلامي بأنها «عملٌ على تحقيق أقصى استغلال ممكن للموارد الطبيعية، وأقصى استفادة ممكنة من الموارد البشرية، حتى تتوافر المنتجات سلعيّةً وخدميّةً «([4])، ولن تتمّ هذه التنمية إلاّ باستثمار الإنسان ما بيده من ثروات، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِن كُنتُمُ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172]، فهذه الآية جاءت بالأمر المطلق بوجوب الأكل، «والمراد بالأكل الانتفاع من جميع الوجوه»([5])، فالأمر هنا أمرٌ بمطلق الانتفاع، «ولا يتحقّق ذلك إلاّ عن طريق القيام بعمليات الإنتاج المختلفة، لأنّ السلعة الاقتصادية يجب أن تمرّ بمراحل مختلفة حتى تصبح صالحة للاستهلاك المباشر، وهذه المراحل هي مراحل العملية الإنتاجية، فهي أمرٌ ضمنيٌّ بالإنتاج حتى يتسنّى تحقيق الأمر الصريح بالاستهلاك»([6]).

إنّ الاستثمار يعدّ سبيلاً مهمّاً لتحقيق التنمية الشاملة، والتي تعدّ عملية مستمرّة ومتصلة زمنياً، يقوم بها كلّ جيل من أجيال الأمّة، ليحيا عزيزاً شامخاً بين الأمم، لا ينتظر التفاتة أو مَنًّا من أحد، سواء في ميدان الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو الخدمات، وما أروع مقولة الخليفة عمر التي يحدّد من خلالها نظرة الإسلام للتنمية وأنّها ليست إلاّ الاستثمار والعمل المنتج في كلّ مجالات الحياة، حيث يقول : «والله لئن جاءت الأعاجمُ بالأعمال، وجئنا بغير عمل، فهم أولى بمحمّد منّا يوم القيامة»([7]).

توفير الاستقرار والرفاهية لجميع أفراد المجتمع:

يمكن اعتبار هذا الهدف من أهداف الاستثمار نتيجةً لتحقّق الأهداف التي قبله، ذلك أنّه بتوفّر الأموال ورواجها والعدل التام فيها، وتحقّق التنمية الشاملة لجميع مناحي الحياة، يسود الأمن والاستقرار وتزدهر الحياة، ويعيش أفراد المجتمع في رفاهية تامة، فإشباع كافة حاجات المرء سبيلٌ لشعوره بالراحة والطمأنينة، وهذا ممّا يهدف إليه حثّ الشريعة على الاستثمار والتنمية والإعمار، «فلا تصفو نعمةٌ على الأقذاء ما لم يأمن أهل الإقامة والأسفار من الأخطار والأغرار، فإذا اضطربت الطرق وانقطعت الرفاق، وانحسر الناس في البلاد، وظهرت دواعي الفساد، ترتّبت عليه غلاء الأسعار وخراب الديار، وهواجس الخطوب الكبار، فالأمن والعافية قاعدتا النعم كلّها، ولا يهنأ بشيء بدونها»([8]).

إنّ عوامل الأمن والاستقرار والرفاهية مدخلٌ مهمٌّ ولا شكّ في انتظام أمور المرء الدينية والدنيوية، ولا نعني بالرفاهية هنا التبذير والإسراف والبذخ، وإنّما المقصود ما به استغناء الفرد عن سؤال الناس ووقوعه في الحرج والحاجة، يقول الإمام الغزالي -رحمه الله-: «نظام الدين بالمعرفة والعبادة لا يُتوصّل إليهما إلاّ بصحّة البدن وبقاء الحياة، وسلامة قدر الحاجات من الكسوة والمسكن والأقوات، والأمن هو آخر الآفات فلا ينتظم الدين إلاّ بتحقيق الأمن على هذه المهمّات الضرورية، وإلاّ فمن كان جميع وقته مستغرقاً بحراسة نفسه من سيوف الظلمة، وطلب قوته من وجوه الغلبة، متى يتفرّغ للعلم والعمل وهما وسيلتاه إلى سعادة الآخرة، فإذاً إنّ نظام الدنيا أعني مقادير الحاجة شرطٌ لنظام الدين»([9]).

والخلاصـة أنّ هذه الأهداف وما قاربها هي أمارات على ما يروم الشرع الحنيف تحقيقه من عملية الاستثمار، حتى تغدو هذه العملية منتجةً فعّالةً آخذةً بيد صاحبها إلى السعادة في الدنيا والآخرة.