شريط الأخبار
وصول دفعة جديدة من أطفال غزة المرضى لتلقي العلاج في الأردن الملك يؤكد على دعم خطة واضحة لإعادة إعمار غزة ضمن جدول زمني غوتيريش: نثمن عمل أونروا وندعو لدعمها بشكل كامل أبو الغيط: تهجير الفلسطينيين أمر مرفوض ولن يؤدي إلى تحقيق السلام السيسي يدعو إلى اعتماد خطة إعادة إعمار غزة التي تحفظ للفلسطينيين حقهم مسودة البيان الختامي: القمة العربية تعتمد خطة إعادة إعمار غزة ملك البحرين: نرفض أي محاولات للتهجير والاستيطان إنطلاق أعمال القمة العربية الطارئة في القاهرة 53 مليار دولار كلفة إعادة إعمار غزة في الخطة المصرية سلوفينيا تعرب عن قلقها إزاء قرار منع وصول المساعدات إلى غزة مخالفة 33 محلا تجاريا في المفرق منذ بداية رمضان قرارات مجلس الوزراء...رفع رأسمال البنك المركزي إلى 100 مليون دينار بدلا من 48 مليونا العيسوي يلتقي وفداً من وجهاء وأبناء مدينة اللد توضيح هام من وزارة العمل بشأن إجراءات ضبط وتنظيم سوق العمل المومني: ندين الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا والتدخل في أراضيها فنانة تشكيلية إيرانية ترسل هدية إلى جورجينا رونالدو حالة من عدم الاستقرار الجوي تبدأ تأثيرها على المملكة غدًا كيم يو جونغ تهدد باستفزازات قوية ضد أمريكا وحلفائها ارتفاع أسعار الذهب في الأردن 60 قرشا "دانا".. تأجيل مباراة فياريال وإسبانيول في الدوري الإسباني

لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي

لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي

القلعة نيوز :

هْبَةُ أَحْمَدَ الْحَجَّاجِ
فِي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الشِّتَاءِ الْبَارِدَةِ وَ الْمَاطِرَةِ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ ، لِمَاذَا لَمْ أَنَمْ ؟! صِدْقًا لَا أَعْلَمُ ، عِلْمًا بِأَنَّنِي كُنْتُ مُنْهَمِكًا طِيلَةَ الْيَوْمِ فِي الْعَمَلِ ،حَتَّى أَنَّنِي قُلْتُ فِي نَفْسِي وَ أَنَا أَنْظُرُ إِلَى السَّاعَةِ وَ كَانَتْ قَدْ أَوْشَكَتْ عَلَى الثَّانِيَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ : الْيَوْمَ سَأُصَلِّي الْعِشَاءَ وَأَنَااَامَ ، وَلَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَاشَاءَ فِعْلَ . هَا هِيَ السَّاعَةُ تُوشِكُ عَلَى الثَّانِيَةِ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ وَ أَنَا لَمْ أَنَمْ ، أَعْتَقِدُ أَنَّنِي أَعْرِفُ السَّبَبَ ، كَانَ يَجِبُ عَلَيَّ أَنْ أَنْتَبِهَ عَلَى كَلَامِي وَ أَقُولُ " إِنْ شَاءَ اللَّهُ " إِنْ شَاءَ اللَّهُ" يُؤْتَى بِهَا عِنْدَ الْإِخْبَارِ عَنْ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، أَوْ تَوَقُّعِ حُصُولِ شَيْءٍ فِيهِ، وَهِيَ تَحْمِلُ أَدَبًا عَظِيمًا مَعَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي رَدِّ الْأُمُورِ إِلَيْهِ، وَ رَبْطِهَا بِمَشِيئَتِهِ -سُبْحَانَهُ.
فَقَالَ سُبْحَانَهُ: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًاً * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الْكَهْفَ:23-24]. صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ ، لَكِنْ قَدَّرَ اللَّهُ وَ مَا شَاءَ فَعَلَ .
أَحْسَسْتُ أَنَّنِي أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ ، أَنْ أَتَحَدَّثَ ، أَقُولُ كُلَّ مَا يَجُوبُ بِخَاطِرِي وَ لَكِنِّي لَا أُرِيدُ إِنْسِيًّا مَهْمَا كَانَتْ دَرَجَةُ الصِّلَةِ وَ الْقَرَابَةِ . فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ تَذَكَّرَتْ مَقُولَةُ أَحْمَدَ إِبْرَاهِيمَ أَبُو غَالِي: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَهُ اللَّهُ فَلْيَقْرَأْ الْقُرْآنَ.
فَسَارَعْتُ إِلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْفَوْرِ وَ مَا أَنْ بَدَأَتْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ حَتَّى تَذَكَّرْتُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ إِقْبَالٌ: " أَشَدُّ مَا أَثّرَ فِي حَيَاتِي نَصِيحَةً سَمِعْتُهَا مِنْ أَبِي: يَا بُنَيَّ اقْرَأْ الْقُرْآنَ كَأَنَّهُ أَنْزِلَ عَلَيْكَ! فَأَخَذْتُ أَعْمَلُ بِالنَّصِيحَةِ. وَ أَنَا كَذَلِكَ اسْتَوْقَفَتْنِي الْآيَةَ الْكَرِيمَةُ " قَالَ تَعَالَى :-" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي .. {الْبَقَرَةُ:260 فَسُؤَالُ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَابِ السُّؤَالِ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَزِيَادَتِهِ، وَ تَحَرِّي عَيْنِ الْيَقِينِ بِالْمُشَاهَدَةِ، (بَابُ طَلَبِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ لِلْحُصُولِ عَلَى عَيْنِ الْيَقِينِ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْيَقِينِ).
أَيْ مِنْ بَابِ طَلَبِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ لِلْحُصُولِ عَلَى عَيْنِ الْيَقِينِ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْيَقِينِ.
تَوَفَّقَتْ هُنَا بُرْهَةٌ مِنْ الزَّمَنِ ، وَ أَخَذْتُ أَتَأَمَّلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْقُرْآنِيَّةِ .
أَعْدَدْتُ لِنَفْسِي فِنْجَانٌ مِنَ النُّسُكَافِيهِ وَ جَلَسْتُ عَلَى شُرْفَةِ الْمَنْزِلِ ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي : نَعَمْ نَحْنُ نَحْتَاجُ أَنْ نَطْمَئِنَّ بَيْنَ الْحِينِ وَ الْآخَرِ ، عَلَى عَلَاقَاتِنَا مَعَ الْآخَرِينَ مَهْمَا كَانَتْ دَرَجَةُ الْقَرَابَةِ . يَقُولُ غُوتَهُ :-وُضُوحُ الْغَايَةِ عِنْدَ الْإِنْسَانِ يُسَبِّبُ لَهُ الِاطْمِئْنَانُ وَ يُؤَدِّي إِلَى السَّعَادَةِ.
عَلَى مَا أَذْكُرُ أَنَّنِي عِنْدَمَا كُنْتُ صَغِيرٌ وَ أَخِي مَرِيضٍ جَلَسْتُ أُمِّي بِجَانِبِهِ طِيلَةَ اللَّيْلِ، وَ كَانَتْ تَهْتَمُّ بِهِ أَكْثَرَ مِنَّا ، وَ كَانَتْ قَلِقَةً جِدًّا عَلَيْهِ ، كَانَتْ فِي فَتْرَةِ مَرَضِهِ تَعَامُلَهُ كَأَنَّهُ ابْنُهَا الْوَحِيدُ ، لَا أَعْلَمُ مَا الَّذِي حَصَلَ لِي ، قَدْ يَكُونُ تَوَلَّدَ لَدَيَّ نَوْعٌ مِنْ الْغَيْرَةِ ، فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ الْمَاطِرَةِ وَ شَدِيدَةِ الْبُرُودَةِ ، نَزَلَتْ تَحْتَ الْمَطَرِ وَ أَخَذَتْ أَتَرَاقِصُ هُنَا وَهُنَاكَ وَلَا أُخْفِيكُمْ ، كُنْتُ أَتَجَمَّدُ مِنْ الْبَرْدِ وَ الَّذِي " زَادَ الطِّينُ بِلْهُ " أَنَّنِي لَمْ أَرْتَدِي مَعْطِفِي ، كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَمْرَضَ ، حَتَّى أَرَى مَاذَا سَتَفْعَلُ أُمِّي ؟!
وَ بِالْفِعْلِ مَرِضَتْ ، وَ فَعَلَتْ أُمِّي كَمَا فَعَلْتُ لِأَخِي تَمَامًا .
نَامَ الْجَمِيعُ وَ بَقِيَتْ أُمِّي طِيلَةَ اللَّيْلِ مُسْتَيْقِظَةً بِسَبَبٍ مَرَضِي . أَعْلَمُ أَنَّهَا أُمِّيٌّ وَ بِالطَّبْعِ سَتُقْلِقُ بِشَأْنِي وَ تَشْعُرُ بِمَرَضِي أَكْثَرَ مِنِّي وَسَيَعْتَصِرُ قَلْبُهَا أَلَمًا عَلَيَّ ، وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ، هَذَا مَا كُنْتُ أُرِيدُهُ .
نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَ أَخَذْتُ أَتَأَمَّلُهَا ، وَإِذْ أَسْمَعُ صَوْتَ يَقُولُ : أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ تَهْتَمُّ بِي ، إِذَا مَرِضْتَ تَبْقَى بِجِوَارِي حَتَّى أَتَعَافَى ، إِذَا اخْتُفِيْتُ لِمُدَّةِ سَاعَةٍ تَسْأَلُ عَنِّي بِكُلِّ لَهْفَةٍ وَ كَأَنَّ شَيْئًا سَيِّئًا لَا قَدَّرَ اللَّهِ حَصَلَ لِي ، لَا تُحِبُّ أَنْ تَرَانِي حَزِينَةً أَوْ أَنْ يَكُونَ خَاطِرِي مُكَدِّرٌ ، تَعْلَمُ مَوْعِدَ عِيدٍ مِيلَادِي وَ تُقِيمُ الْأَفْرَاحَ وَكَأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ بِالنِّسْبَةِ لَكَ . كُلُّ هَذَا أَعْرِفُ مَعْنَاهُ جَيِّدًا ، وَلَكِنْ وَهُوَ الْأَهَمُّ أُرِيدُ مِنْكَ أَنْ تَنْطِقَ كَلِمَةً مِنْ أَرْبَعَةِ حُرُوفٍ لِكَيْ يَطْمَئِنَّ قَلْبِي . كَانَتْ هَذِهِ الْفَتَاةُ ، جَارَتِي تَقْطُنُ بِالشَّقَّةِ الَّتِي فَوْقِي تَمَامًا ،
عِنْدَمَا سَمِعْتُ حَدِيثَهَا " بِالصُّدْفَةِ " تَذَكَّرَتْ مَقُولَةً : التَّعْبِيرُ عَنْ الْمَشَاعِرِ مِنْ رَاحَةِ الْقُلُوبِ ، فَرَوَّحُوا الْقُلُوبَ .
شَيمَاءُ فُؤَادٍ

عَمْرُو سَيْفٍ :-مُعَادَلَةُ الْحَيَاةِ حُبٌّ ثِقَةٌ اطْمِئْنَانُ تَفَاهُمٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكْتَمِلَ الْحَيَاةُ وَ أَحَدُهُمْ غَائِبًا .

وَ هَاهُو جَارِي الَّذِي يَقْطُنُ مُقَابِلَ شَقَّتِي تَمَامًا ، يَذْهَبُ يَمِينًا وَيَأْتِي شَمَالًاً ، أَعْتَقِدُ أَنَّ هُنَاكَ أَمْرًا مَا يُفَكِّرُ بِهِ ، وَ لَكِنَّنِي عَلَى مَا أَرَى أَنَّ بِيَدِهِ عُلْبَةَ خَاتَمٌ ، هَلْ يُفَكِّرُ بِالتَّقَدُّمِ لِفَتَاةٍ ؟! قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ ، وَأَنَا أُفَكِّرُ فِي حَالِي وَ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْآنَ وَإِذْ أَسْمَعُ جَرَسَ هَاتِفِي يَرْنَ ، صَعِقْتُ ! فَقَدْ كَانَ جَارِي هُوَ نَفْسُهُ الَّذِي كُنْتُ أَتَكَلَّمُ عَنْهُ .
قُمْتُ لِلْإِجَابَةِ عَلَى اتِّصَالِهِ ، وَلَكِنَّ الَّذِي أَدْهَشَنِي أَكْثَرُ عِنْدَمَا قَالَ لِي :- جَارِي ، هَلْ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ أَسْتَشِيرَكَ بِمَوْضُوعٍ ؛ أَنَا أُحِبُّ فَتَاةً وَأَعْتَقِدُ أَنَّهَا تُحِبُّنِي ، وَ أَتَمَنَّى أَنْ تَكُونَ شَرِيكَةَ حَيَاتِي الْمُسْتَقْبَلِيَّةِ ، لَكِنَّنِي مُتَرَدِّدٌ ، أَخَافُ أَنْ تَقُومَ بِرَفْضِي ، هَلْ أَقُومُ بِعَرْضِ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا ؟ أَمْ أَنْتَظِرُ قَلِيلًا حَتَّى أَتَأَكَّدَ مِنْ حُبِّهَا لِي ؟! ضَحِكْتُ بِشَكْلٍ هِسْتِيرِيٍّ وَقُلْتُ لَهُ : أَتَعْلَّمُ أَنَا كُنْتُ مِثْلَكَ تَمَامًا قَبْلَ سَنَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ، حَيْثُ أَنَّنِي شَعَرْتُ أَنَّهَا مُعْجَبَةٌ مِثْلَمَا أَنَا مُعْجَبٌ بِهَا ، وَقُمْتُ بِالْفِعْلِ بِنَفْسِ التَّصَرُّفِ وَسَأَلْتُ صَدِيقًا لِي نَفْسَ سُؤَالِكَ:- هَلْ أَقُومُ بِعَرْضِ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا ؟! فَرَحَّبَ بِالْفِكْرَةِ وَ قَالَ لِي :- فَوْرًا لَا تَتَرَدَّدْ وَ لَوْ ثَانِيَةً ، فَالتَّرَدُّدُ مَقْبَرَةُ الْفُرَصِ. وَأَنَا أَقُولُ لَكَ كَمَا يَقُولُ عَمْرُو سَيْفٌ :-مُعَادَلَةُ الْحَيَاةِ حُبٌّ ثِقَةٌ اطْمِئْنَانُ تَفَاهُمٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكْتَمِلَ الْحَيَاةُ وَ أَحَدُهُمْ غَائِبًا.
تَشَجَّعَ وَلَا تَنْسَى أَنْ تَدْعُونِي لِحُضُورِ زِفَافِكَ .
فَأَصْبَحَ يَضْحَكُ و قَالَ لِي :- سُؤَالٌ أَخِيرٌ ، أَنْتَ مَا الَّذِي حَصَلَ مَعَكَ ؟! هَلْ وَافَقْتَ ؟! اعْتَذَرَ عَنْ تَدَخُّلِي فِي خُصُوصِيَّاتِكَ لَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فَقَطْ .
قُلْتُ لَهُ : اطْمَئِنْ ، وَاقَفْتْ وَ هَا هُوَ مَحْبِسُهَا فِي يَدِي .
وَمِنْ ثَمَّ أَقْفَلَ الْخَطَّ وَذَهَبَ لِكَيْ يَنَامَ مُطْمَئِنُّ الْقَلْبِ ، لِأَنَّ غَدًا بِالنِّسْبَةِ لَهُ سَيَكُونُ عِيدٌ وَلَنْ يَدَعَ لَحْظَةَ تَفُوتِهِ .
وَ عِنْدَمَا أَرَدْتُ أَنَا أَيْضًاً أَنْ أَذْهَبَ إِلَى النَّوْمِ :- سَمِعْتُ جَارَتِي تَتَكَلَّمُ مَعَ أُخْتِهَا عَلَى الْهَاتِفِ وَ تَقُولُ لَهَا :- شَاهَدْتُ بَرْنَامَجَ عَنْ مَأْوَى الْمُسِنِّينَ كَيْفَ أَنَّ أَوْلَادَهُمْ وَضَعُوهُمْ هُنَاكَ دُونَ أَنْ يَرِفَّ لَهُمْ جَفْنٌ ، أَوْ تَنْزِلَ دَمْعَةٌ حَتَّى ، ثُمَّ أَرْدَفْتُ قَائِلَةً : أَعْلَمُ أَنَّ أَوْلَادِي سَيَكُونُونَ السَّنَدَ وَ الْعَوْنَ لِي بِإِذْنِ اللَّهِ ،وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ يَطْمَئِنَّ قَلْبِي ، وَ بَيْنَمَا هِيَ يَرْتَابُهَا مَشَاعِرُ الْخَوْفِ وَ الْحُزْنِ ، وَإِذْ طِفْلَهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَقُولُ :- أُمِّي مَا بَالُ صَوْتِكَ ؟ أَشْعُرُ أَنَّ فِي صَوْتِكَ حُزْنٌ . فَقَامَتْ أُمُّهُ بِسَرْدِ الْقِصَّةِ الَّتِي شَاهَدَتْهَا ، وَإِذْ الطِّفْلُ يَمْسَحُ دُمُوعَ أُمِّهِ وَيَقُولُ :- الْأُمُّ وَ الْوَطَنُ لَا يُمْكِنُ الْمِزَاحُ فِيهِمَا، إِنَّهُمَا مُقَدَّسَانِ .
لِيُطْمَئِنَّ قَلْبَكَ يَا أُمِّي . لَنْ أَطْمَئِنَّ قَطُّ إِلَّا وَ أَنَا فِي حِجْرِكَ يَا أُمِّي . ذَكَرَنِي ذَلِكَ الطِّفْلُ بِمَقُولَةِ : كُلُّ طِفْلٍ فَنَّانٍ ، الْمُشْكِلَةُ هِيَ كَيْفَ يَظَلُّ فَنَّانًاً عِنْدَمَا يَكْبُرُ. بَابْلُو بِيكَاسْو فَنَّانٌ,رَسَّامٌ (1881 - 1973)
وَ بَعْدَمَا سَمِعْتْ مَا دَارَ بَيْنَ الْأُمِّ وَ الطِّفْلِ ، اطْمَئِنْ قَلْبِي ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنَامَ لِلْمَرَّةِ الْعَاشِرَةِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَإِذْ أَرَى خُيُوطَ الشَّمْسِ الذَّهَبِيَّةَ قَدْ انْتَشَرَتْ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ غُرْفَتِي وَ الْمِنْطَقَةِ الَّتِي أَقْطُنَ بِهَا وَ حَتَّى الْبَلْدَةُ كَامِلَةً ، فَتَجَهَّزَتْ وَ ذَهَبَتُ إِلَى مَكَانٍ عَمَلِي ، وَجَلَسْتُ عَلَى مَكْتَبِي وَكُنْتُ أَنْتَظِرُ صَدِيقِي بِفَارِغِ الصَّبْرِ ، وَقُلْتُ لَهُ :- أَنَا لَمْ أَنَمْ مُنْذُ أَمْسِ ، هَلْ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ تُنْجِزَ عَمَلِي عَنِّي ؟ أُرِيدُ بَعْضَ الرَّاحَةِ ، أُرِيدُ أَنْ أُطْفِئَ النُّورَ وَأَنَامَ ، لِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ ، دُونَ أَنْ يُزْعِجَنِي أَحَدٌ.
فَقَالَ :- عَلَى رَأْيِ الْمَثَلِ " حَطَّ إِيدَكَ بِمَيِّهِ بَارِدَهْ ". وَهُنَا وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى مَكْتَبِي وَ نِمْتُ ، لَا أُخْفِيكُمْ كَانَتْ مِثْلَ نَوْمِ الْهُنَا أَوْ نَوْمِ السَّعْدِ أَوْ كَمَا قَالُوهَا فِي التُّرَاثِ الْفَلَاحِيِّ "نَوْمُ الْعَوَافِي" ، لَا أَعْلَمُ لِمَاذَا ، لَكِنْ رُبَّمَا أَنَّنِي كُنْتُ مُتَأَكِّدٌ أَنَّ صَدِيقِي سَيَتَكَفَّلُ بِالْأَمْرِ كُلِّهِ ، أَوْ بِالْأَحْرَى قَلْبِي كَأَنْ مُطْمَئِنًا .
الرَّاحَةُ الَّتِي تَجْلِبُ السَّعَادَةَ هِيَ رَاحَةَ الْقَلْبِ.