القلعة نيوز- المهندس سمير الحباشنه
إن حل الأزمة السورية بصورة نهائية وإيصال البلاد إلى بر الأمان، لايمكن ان يتحقق الا بأيادي سورية، فالحل في دمشق أولا وأخيرا، وإن اللحظة التي قد تكون مناسبة لذلك الآن ، قد لا تتوفر بعد حين ..
كثيرة تلك المبادرات الدولية التي حاولت إيجاد حلول للمعضلة السورية، مبادرات واجتماعات وقرارات على مدى أكثر من عقد من الزمن، في سوتشي، استانة، جنيف، نيويورك ..وبلا فائدة تذكر، مكانك قف، مراوحة دون أدنى أمل لأن ينتهي هذا الصراع المرير والمدمر والطويل .
ومع تقديري للجهد العربي الذي شهدته الرياض وعمان والقاهرة و ومسقط وغيرها من العواصم العربية و عودة دمشق الى الجامعة العربية، وما صدر عن تلك اللقاءات، فإنها تبقى تمنيات ليس إلا..ولم نجد لها حتى الآن اثراً حقيقياً على أرض الواقع بل إن تفاؤلنا قد أصابه بعض التبدد، مايدفعني للجزم بأن الحل لن يكون إلا بأيدي سورية دون غيرها.
إن سورية تعيش في أتون معركة طويلة مركبة تتصارع بها أجندات دولية وإقليمية وتنظيمات عناصرها المجرمة من كل الدنيا، تأخذ من سوريا ورقة للتعبير عن أهدافها المجنونة والتي لاتستهدف سوريا فقط إنما هي ضد الوطن العربي كله، هذا الأرهاب المتحالف بصورة جلية مع إسرائيل، إرهاب يضرب في الشمال و إسرائيل تضرب في الجنوب و بشكل متزامن و منسق .
ذلك أن ليس من مصلحة إسرائيل أن تنتهي الأمور إلى سلام في سوريا وإلى إعادة إعمار وبناء، فسوريا رقم صعب و حاضرة عربية مهمة و هدف دائم لإسرائيل .
نضيف الى ذلك أن القوة الإقليمية والدولية الموجودة في سوريا والتي ترى في الساحة السورية مكان لتصفية خلافاتها وتحقيق مصالحها المتضاربة. تنظر الى سوريا الآن كساحة مؤجلة، ولا أحد على عجل من أمره في سوريا، فالحرب في أوكرانيا وذلك الشد المنبئ بالمواجهة في بحر الصين، والمشكلة الكورية المزمنة و المتصاعدة، أصبحت أولويات في الاهتمامات الدولية، ومع ذلك ليس من المستبعد أن تقوم أميركا بإعادة خلط الأوراق نحو سيناريو أكثر صعوبة ومرارة.
و عليه فإن الأمر يحتاج و بصورة ملحة إلى مبادرة سورية من دمشق ومن المعارضة المدنية في الداخل والخارج، بأن تتضافر جهودهم هؤلاء وفق حوار مباشر سوري/سوري وفي دمشق بالذات، للاتفاق على وضع ميثاق وطني يتفق عليه الجميع وصولاً إلى مصالح وطنية شاملة بين أطراف المعادلة السورية كافة. وفق صيغة تشاركية للحكم، فيها متسع للجميع ووضع مقدمات بناء دولة القانون والمؤسسات، وطي صفحة الماضي وعدم التوقف عندها، بل أن يكون الجميع في خندق، خندق القضاء على الإرهاب والتصدي للعدوان الإسرائيلي الذي لا يتوقف على سوريا، والعمل معاً على مغادرة كل القوى والميليشيات الأجنبية للأراضي السورية .
ميثاق وطني يرضى به الجميع ويُسقط من يد الآخرين ورقة مسوغاتهم للتدخل في الشأن السوري.
صحيح أن هذا الطرح ليس بالأمر السهل لكنه ليس مستحيلاً، إن توفرت الإرادة الوطنية من الجميع لإنقاذ سوريا، و وقف هذه المأساة التي راح على مذبحها خيرة الشباب من الشعب السوري الشقيق والغالي وبعد / ننتظر كمواطنين عرب تحركنا مشاعر الحب والحرص، من أبناء سوريا المخلصين، الحكومة و المعارضة بأن يقدموا تنازلات جريئة وتاريخية وصولاً إلى نقطة اتفاق وسطى، من شأنها إعادة الأمن والسلام إلى شعب يكفيه ماحل به، خلافاً للظروف المعيشية الصعبة التي يعيش بها نقص في الغذاء والكهرباء والماء وانهيار العملة، وقبل ذلك تشرد من الجوع ونزوح بالملايين، وهم جميعا ينتظرون لحظة السلام والعودة .
إن الشعوب الحرة والحية والشعب السوري في طليعتها، قادر على إعمار بلاده وبسرعة، إن توفرت له الظروف لذلك، وأول ما هو مطلوب السلام، الذي لن يأتي إلا بالتوافق الوطني والمصالحة الوطنية وعلى قاعدة عفا الله عما مضى.
ولنتذكر أن أوروبا فقدت عشرات الملايين من البشر في حربها العالمية الثانية، ومع ذلك تمكنت من لعق جراحها وبناء السلام بين أممها دون التوقف عند الماضي، فالماضي في عرف الشعوب الحية هو صفحات للدروس المستقبلية و ليس مادة لتجديد العداء.
والله ومصلحة سوريا الغاليه من وراء القصد