القلعة نيوز:
د. عبدالله حسين العزام
شن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في "قمة السلام" التي عقدت في القاهرة مؤخراً خطاباً حاداً حمل توبيخا لنفاق الغرب ومعاييره المزدوجة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وجاء الخطاب على نحو غير معهود وبلهجة حادة وهو الأكثر قسوة وتوبيخاً للغرب من زعيم عربي منذ عقود من الزمن.
الخطاب الملكي الذي حظي بشعبية ولاقى قبولاً جماهيرياً وتداول واسع النطاق بين شرائح مختلفة على المستويين المحلي والعربي من ناحية والعالمي من ناحية أخرى على مستوى مؤيدي حركات العدالة الاجتماعية، والمجالس السياسية الغربية المنتخبة، أشار بجدية إلى أن حالة الانسداد السياسي والأوضاع القاسية في غزة واستمرارية العقاب الجماعي القاسي والغير معقول على كافة المستويات وهو ما اعتبره الملك جريمة حرب علاوة على استمرارية اللامبالاة الدولية والتقاعس عن العمل تجاه الحرب الاسرائيلية على غزة ستكون كارثية.
وبين الملك "أن الرسالة التي يسمعها العالم العربي عالية وواضحة، فحياة الفلسطينيين أقل أهمية من حياة الإسرائيليين وحياتنا أقل أهمية من حياة الآخرين، وتطبيق القانون الدولي انتقائي، وحقوق الإنسان لها محددات، فهي تتوقف عند الحدود، وتتوقف باختلاف الأعراق، وتتوقف باختلاف الأديان، هذه رسالة خطيرة جدا، والعواقب معها في ظل التقاعس الدولي ستكون كارثية علينا جميعا".
كما أن السردية الحقيقة للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تبدأ منذ السابع من أكتوبر، كما أوضح الملك، وإنما بدأت قبل 75 سنة أي عام 1948، وما حصل في السابع من أكتوبر ما هو إلا ثمن لصَمت المجتمع الدولي عن تقديم المقاربة الصحيحة للقضية الفلسطينية، وانتقائيته في تطبيق القوانين، وهو ثمن لهذا الفشل في تحقيق تقدم ملموس نحو أفق سياسي يحقق السلام للطرفين على حد سواء.
في خطاب الملك إشارة واضحة وصريحة إلى أن استمرارية الفلتان الإسرائيلي من العقاب لن تستمر طويلاً مع وضوح مشاهد قتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات والمساجد والكنائس وتعمد استهداف دور العبادة في قطاع غزة وغيرها من مناطق الأراضي الفلسطينية المحتلة للعالم أجمع، مؤكداً أن الحلول العسكرية مع الفلسطينيين لن تنجح بأي حال من الأحوال، وأن وقف الحرب والوصول إلى أفق سياسي هو السبيل الوحيد أمام الفلسطينين والإسرائيليين، والذي يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، سيما وأن الأردن مهما بلغت التكاليف لن يسمح بأي شكل من الأشكال إلى تصدير مشاكل الاحتلال الإسرائيلي ومعاضله الديموغرافية إلى الأردن.
أخيراً الخطاب الملكي شكل في مضمونه الموقف الرسمي العربي وأعاد التأكيد على مبدأ قومية الصراع العربي الإسرائيلي، سيما وأن الكيان الإسرائيلي يسعى إلى إقامة نظام إقليمي في جوهره نظام أمني تحت المظلة النووية الإسرائيلية، وإعادة ترتيب المنطقة كما تريدها الصهيونية، الأمر الذي سينعكس سلبياً على دول المنطقة العربية برمتها ودول الإقليم على حد سواء، ولذلك فهو لن يقبل بأي صيغ من كافة الدول.