نيڨين العياصرة / كاتبة سياسية
""ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون"
اقسم أننا جميعا تحت الركام ونحتاج ليس للآليات بل للقرارات الجريئة لنتفس هواء الحرية، اسمحوا لي أن أكتب كلام غير مُرتب في حضرة صراخ الأطفال، وصمت الآباء وعويل الآمهات، لعلنا ونحنُ نُشاهد ذلك الرعب في غزة نتمنى لو تتثائب الأرض وتبلع كل من وضع يده بيد اليهود قبل أن نتمنى أن تبلع اليهود الملعونين.
منذ عام 1948 مئات المجازر ارتكبها بني صهيون على أراضي فلسطين، كل هذه الجرائم التي ارتكبها العدو المحتل لم تمنع العرب عن التعامل معهم ،وتوثيق السلام الذي حمل الكثير من التنازلات بدل من التفكير في آلية عدم الخضوع لهم وللغرب.
المختلف أن فلسطين لم توافق على استعمارها وما زالت تناضل من أجل الحرية، بينما العرب هم من وقعوا أوراق الخضوع ووافقوا على استعمارهم الثقافي والتجاري، كما جاء في معاهدات السلام وغيرها من الاتفاقيات بين دولة عربية جعلت منهم أهل وسند ونسب! وأخرى سمحت لهم في أن يستثمروا باراضيهاوهي تعلم أن الأرباح داعمه لجيش صهيون المحتل.
إن أخطر ما فعله صهيون هو جريمة الانفتاح الثقافي الذي قد نعد جميعا ضحية له ودخوله للشرق الأوسط بما يسمى الحوار الثقافي القائم على الاحترام والثقة المتبادلة وهذا ما كان في السلام! والسلام على السلام مع من وصفوا العربي على أنه "إرهابي متوحش" كما جاء في كتاب العربي في الأدب الاسرائيلي (لجيلا رامراز) ،ولا شك أن طرق الانفتاح بدأت من التعليم من إهمال الدين الى إضعاف اللغة العربية، وحذف الجهاد، وما يحويه التاريخ من وحدة عربية، وصولا الى حياة بعيدة عن الدين.
وما يسمى بالانفتاح الغربي وماهو الإ طريق لخلق جيل عربي لا يحمل الا رقم هوية، بعيدا هوية الدين والتاريخ ، وما يعيشه من تقليد خاصة في زمن الهاتف الذي سمحنا من خلاله أن تدخل الراقصة بلباسها العاري لبيوتنا، وافكار الحاخام من خلال افلام كرتون لعقول أطفالنا، وليس هذا فقط انما بدأوا في التقليد الأعمى من خلال تطبيقات بدأت تدفع لهم المال مقابل ذلك، وصولهم إلى لقب مؤثر، والانهيار عندما تبدأ الدول باستدعائهم للمؤتمر وللندوة على أنهم نضوة وقدوة ، من هنا تم تقوية مفهوم الغزو الثقافي، واصبحت تجارة العرب بعرضهم ودينهَم وعاداتهَم وتقاليدهم وتاريخهم سهلة!.
من أعلاه حققنا متعة للصهيون في ما أرادوا وما وصلوا اليه في السطو على فكر العربي المشاهد ورفضه للواقع المقيد وبحثه عن الحرية الغربية ، ولعل القادم أسوأ اذا ما استمر هذا الغزو الذي هو أخطر ما يكون على العالم العربي.
الى الغزو التجاري الذي بدأ من السماح بمرور سفن إسرائيل عبر قناة السويس، والاعتراف بمضيق تيران وخليج العقبة على أنها ممرات مائية دولية، ثم بتزويد صهيون بالنفط الخام، مرورا بمعاهدات عربية نصت على التوسع بالتجارة والسياحة والصناعة مع صهيون وسمحت لهم بالتحكم بالحاجات الأساسية لبعض الدول، إلى السماح لهم بالدخول لأرض الحجر الأسود بجواز سفرهم وانتهاء بمعاهدات ابراهام التي منحت لصهيون مالم يمنح لفلسطين! بحجة الحصول على المكاسب الآمنية، ومنها المكسب العسكري والتكنولوجي وما يحوية من تحسس وتجسس، ولا شك أن التهديد الإيراني ساهم في توغل صهيون في فلسطين.
هذا الاستعمار التجاري من شأنه تقوية صهيون ودعمه المالي، وزيادة قواعده َونفوذه وانجاحه لصفقة القرن وللكثير من الاتفاقيات المعلنة والسرية التي تهدد فلسطين.
كل هذا لن يمنح العرب العين الحمراء، بل منحهم نظارة كالفن كلاين عند الحديث عن القضية الفلسطينية ووقف العدوان على غزة،
كيف سيقف البعض منهم ضد صهره اليهودي ليخبره انهم مجرمون!
الحقيقة أن الاستعمار الثقافي تستطيع الشعوب محاربته، لكن الثاني لاحول لهم ولا قوة فيه، لذلك عندما أريد أن ادعم فلسطين وجب أن أخلع ثوبي الذي صنعوه، واستعيد فكري الذي سلبوه، وأعود لديني الذي هو غايتهم لأننا به ننتصر لا بالسلاح.
وإن العرب قيدوا أنفسهم في كل ما فعلوه وهذا ما يمنعهم عن التصدي لما يقوم به صهيون من إجرام في غزة الآن.
كان لابد من كل هذه المجازر التي وقعت على أرض ثالث الحرمين وأولى القبلتين أن تجعلنا اقوياء أمام صهيون الصغير ولكن للأسف نحن الذين عززنا وجوده وزدنا قوته ونفوذه ودعمناه ثقافياو اقتصاديا، ووضعنا العروبة في غرفة الإنعاش تحت سيطرة فريق سي بي ار صهيوني!
الكل محتل ولكن بشكل آخر.