شريط الأخبار
أمراء وشخصيات رفيعة .. إقامة حفل تأبين للراحل زيد الرفاعي (صور) ذكاء الصفدي يقود إلى توافقات نيابية والإسلاميون ينخرطون في اللجان والعيون تترقّب عائدون إلى البيوت... فرحة اللبنانيين لا تسع القلوب بعد ليلة عنيفة "شاهد بالصور "...." القلعة نيوز " في جولة تعريفية داخل مستشفى السخاء الطبي في مدينة الحسن الصناعية بعثة فلسطين في الاتحاد الأوروبي تحيي اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الحسين إربد يتأهل إلى الدور الثاني بدوري أبطال آسيا 2 رغم خسارته من أهلي دبي في معهد السياسة والمجتمع بعمان :نقاشات نخبوية ساخنة حول المخاطر الاقليمية القادمة خلال إدارة الرئيس ترامب وزير إسرائيلي: أمامنا الكثير لنفعله في غزة الأردن يشارك في اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب الملك يعود إلى أرض الوطن الأردن يشارك في اجتماع الـ73 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب الأمن العام : يوضح محض كذب وإدعاء لا صحة له على الإطلاق رقم تاريخي ينتظر صلاح في مواجهة ريال مدريد النرويج تسجل زيادة في معدل البطالة هنغاريا: العقوبات الأمريكية على "غازبروم بنك" تهدد إمدادات الطاقة بوتين من أستانا: روسيا تعد أبرز الشركاء التجاريين والاقتصاديين لكازاخستان فنلندا تبحث تشديد شروط الحصول على جنسيتها إيداع الرئيس السابق للاتحاد الجزائري لكرة القدم الحبس المؤقت الملك ..يشارك بقمة ثلاثيه في نيقوسيا في اطار الشراكه الار دنيه الاوروبيه ويوقع 3 مذكرات تفاتهم مع اليونان وقبرص الحكومة: نحترم استقلالية الإعلام الوطني وتدعم الاذاعات المجتمعيه كمنابر فاعله

عائدون إلى البيوت... فرحة اللبنانيين لا تسع القلوب بعد ليلة عنيفة

عائدون إلى البيوت... فرحة اللبنانيين لا تسع القلوب بعد ليلة عنيفة
القلعة نيوز- بيروت - سارة مطر -
فرحة عودة اللبنانيين النازحين إلى بيوتهم وقراهم تكاد لا تقاس، بعد ليلة عنيفة ومرعبة في بيروت والضاحية الجنوبية بانتظار بدء سريان وقف إطلاق النار، إلى درجة بدوا غير مكترثين بالدمار والتحذيرات.

هرع عدد كبير من النازحين اللبنانيين منذ ساعات فجر الأربعاء، بعد إعلان وقف إطلاق النار، إلى بيوتهم ومناطقهم وبلداتهم في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. انطلقوا يردّدون الهتافات والشعارات ويرفعون شارات النصر على وقع أبواق السيارات وفرحة العودة إلى أراضيهم وأرزاقهم، رغم حجم الدمار الهائل والخراب وتحذيرات الأجهزة الرسمية وغرف العمليات المعنية ومناشدات بعض البلديات بضرورة توخي الحيطة والحذر قبل العودة إلى مناطق محددة في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق البقاع الشمالي، من أجل تحقيق عودة آمنة. وتداول مغردون فيديوهات لإطلاق الرصاص فور إعلان وقف الحرب، محذرين من مخاطر الرصاص الطائش وضرورة التحلي بالعقلانية والمسؤولية.

غصّت شوارع لبنان في مختلف مناطقه ومحافظاته بحركة عودة كثيفة أدت إلى زحمة سير خانقة عند الأوتوستراد الساحلي بين بيروت وصيدا (المدخل الجنوبي للعاصمة)، وتحديداً عند مدخل صيدا الشمالي على ساحل إقليم الخروب - المسرب الغربي للسيارات المتجهة إلى جنوب البلاد. كما ازدحمت الطرقات العامة والفرعية في مدينة صور (جنوب)، بقوافل العائدين إلى قرى وبلدات الجنوب. وانطلقت مواكب السيارات تجوب شوارع الضاحية الجنوبية، احتفالاً بالعودة على الرغم من فداحة الدمار الذي سببته الغارات الإسرائيلية، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام (الوكالة الرسمية). وباشر أصحاب المباني والمحال بإزالة الردم والركام من أمام ممتلكاتهم. كما بوشرت منذ الصباح الباكر أعمال ردم الحفرة وإعادة تأهيل معبر المصنع عند الحدود اللبنانية السورية لتسهيل عودة النازحين.

وتتحدث إيناس القشاط عن حجم الفرحة التي لا تسع قلوب الناس وهم يستعدون لتوضيب أغراضهم ومقتنياتهم للانطلاق سريعاً من بلدة برجا (جبل لبنان)، نحو منزلهم في منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتقول ": "لم ننم ليل الثلاثاء - الأربعاء، منذ أن تأكدت إمكانية عودتنا إلى منزلنا مع توقف الحرب، وهذه أكبر فرحة نعيشها سواء كانت بيوتنا موجودة أو تحولت إلى رماد. لسان حالنا أننا سنفترش الرماد والدمار. المهم أن نعود ونجتمع أهالي وعائلات. لا يمكن وصف ما ينتابنا من حماسة وطاقة، رغم حزننا على فقدان الكثير من الأحبة والشهداء، ورغم تضرر أغلب بيوت العائلة في بلدتنا حولا الحدودية، ومنزلنا في الضاحية الجنوبية لبيروت الذي لحقت به أضرار بالزجاج والأبواب والحجارة. أما بيت خالي فلا يمكن السكن فيه. لكننا اتفقنا أننا سنعود رغم الخسارة الجسيمة في الماديات والأرزاق التي تعوض. المهم أننا لم نخسر أرواحنا"

وتتحدث إيناس عن عذاب النزوح من الضاحية الجنوبية إلى كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية في منطقة اليونيسكو (بيروت)، ليلة اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. لم تغمض أعينهم تلك الليلة حتى ساعات الفجر، وانطلقوا حينها بطريقة هستيرية إلى بلدة برجا. "كانت ليلة مرعبة لن ننساها ولن تفارقنا مشاهد الخوف ولا حتى القلق اليومي الذي عشناه على مدى شهرين وأكثر. كان أهلي وأولاد خالتي يقصدون مراراً الضاحية الجنوبية لتفقد المنازل، رغم المخاطر الكبيرة من أن تتم محاصرتهم داخل المنزل أو التعرض للقصف على الطرقات أو الوجود إلى جانب مبانٍ وُضعت في دائرة التحذيرات والاستهدافات الإسرائيلية".

إيناس، التي كانت طفلة في حرب يوليو/ تموز 2006، تخبر كيف أنها صارت هي التي تخاف اليوم على أهلها وأحبائها. تضيف: "الجميع مشغولون بالعودة، ولا يكترثون بأي تحذيرات تتعلق بالوقاية والتنبّه. كانوا ينتظرون خبر انتهاء الحرب بفارغ الصبر. ولكننا بدورنا سنتخذ الحيطة والحذر، ومن البديهي أننا سنشتم الروائح وسنشاهد الدمار الكبير لدى وصولنا، وقد نبقى عالقين في السيارات لساعات طويلة، لكننا لن نقترب من أبنية مهددة بالسقوط، فما لم نخسره خلال الحرب لن نخسره في فترات السلم"، وتشير إلى أن العودة إلى بلدتها الحدودية "غير آمنة في الوقت الراهن، كونها كانت في الخطوط الأمامية وشهدت التوغل البري المعادي، كما أن العدو الإسرائيلي لا يؤتمن له. وربما يكون قد فجر منازل أو يختبئ في زاوية معينة. لذلك، سنلتزم بيانات الجيش اللبناني الذي حذر من الذهاب إلى المناطق الحدودية، وننتظر ريثما يتم تنظيف المنطقة".

أما قاسم حمادة، فقد بات ليلته برفقة إخوته وعائلاتهم في العاصمة بيروت لدى أحد أصدقائه، هم الذين قدموا من مكان نزوحهم في مدينة طرابلس (شمال البلاد)، فور سماعهم بإعلان وقف إطلاق النار، ويقول لـ"العربي الجديد": "انطلقنا نحن الإخوة الخمسة منذ الساعة الخامسة فجراً من بيروت باتجاه الجنوب، في حين بقيت عائلاتنا في بيروت، ولم نكترث لأي تحذيرات أو مناشدات. ننتظر العودة على أحر من الجمر. مررنا على بلدتنا الحدودية ميس الجبل، وكانت المشاهد مبكية ومحزنة. كل بيوتنا وأرزاقنا دمرت كلياً، كنا نعمل في الزراعة وحصاد القمح وتربية المواشي. سارعنا بعدها إلى بلدة شقرا في محافظة النبطية (جنوباً)، بحثاً عن قطعان الماعز والأغنام التي تركناها منذ 66 يوماً. لغاية الساعة، لم نجد منها أي قطيع، وهي نحو 700 رأس ماعز وخروف"، ويعرب عن "فرحة بالعودة ممزوجة بغصة في القلوب، فقد خسرنا كل بيوتنا في بلدتنا ميس الجبل التي تهجرنا منها مع بدء الاشتباكات في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وسنعود لاستئجار منزل في بلدة شقرا حيث كنا قبل يوم النزوح الكبير. خسرنا مصدر رزقنا وعيشنا، وليس أمامنا سوى البناء من جديد والسعي وراء لقمة العيش".

ويمتد الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، كما يقول الباحث محمد شمس الدين،، من "الناقورة غرباً إلى شبعا شرقاً، بطول 120 كيلومتراً، ويضم 29 قرية وبلدة ومدينة، وقد دُمّرت منها 22 بشكل كامل. وحتى لو بقي منزل أو منزلان ستتم عملية الهدم وإعادة البناء، من بينها ميس الجبل، وعيتا الشعب، وكفركلا، والعديسة، ومركبا، وحولا، ورب الثلاثين، وبليدا ومحيبيب. وبلغ عدد الوحدات السكنية المدمّرة بشكل كامل نحو 22 ألف وحدة، من بينها قصور في بلدات يارون والخيام وميس الجبل، وبالتالي فإن الخسائر جسيمة"، ويكشف أن "القرى الحدودية السبع الباقية لم تدمر مثل رميش وعلما الشعب، حيث دمر فيها عدد قليل من المنازل، في حين كان الدمار أقل في شبعا وكفرشوبا، ولم تقع أضرار في بلدات الماري والمجيدية ودير ميماس".

من جهته، يصف الشاب حسين شحادة مشهد العودة من مدينة زحلة في البقاع الأوسط نحو مدينة بعلبك في البقاع الشمالي، بالقول إن "فرحة العودة كبيرة وزحمة السير كثيفة. هرع سكان البقاع الشمالي من محافظة بعلبك - الهرمل ومختلف المناطق المتضررة في البقاع إلى قراهم وبلداتم فور إعلان انتهاء الحرب الإسرائيلية، رغم العواصف الثلجية والبرد والصقيع. انتظرنا هذه اللحظة بفارغ الصبر منذ بداية العدوان، ولا يهم إن كانت البيوت مدمّرة، فالجميع متفقون على أن العيش في خيمة لا يضر أمام تحقق العودة. لن يثنينا العدو الإسرائيلي عن التمسك بأرضنا ومنازلنا وأرزاقنا، رغم كل التدمير والإجرام والفظائع الإنسانية والاعتداءات التي ارتكبها جيش الاحتلال. انتصرنا بإرادتنا وحبنا لبلدنا، ونشهد اليوم يوماً تاريخياً جديداً بعدما أزيحت الغيمة السوداء عن لبنان".

وكان اللبنانيون قد عاشوا ليل الثلاثاء قصفاً جنونيّاً مرعباً قبيل إعلان وقف إطلاق النار، حيث استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي معظم أرجاء العاصمة، وشنّ غارات عنيفة تنقلت بين أكثر من منطقة في عمق بيروت، ناهيك عن أحزمة النار وسلسلة الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، التي سجلت العدد الأكبر منها منذ توسع الحرب على لبنان. وشهدت مناطق وقرى في محافظات الجنوب وبعلبك ـ الهرمل والبقاع ومناطق متعددة في لبنان تكثيفاً للقصف المعادي وأحزمة نار قبيل اللحظات الأخيرة من الحرب، ولم يستطع معظم اللبنانيين النوم بانتظار الساعة الرابعة فجراً، موعد وقف إطلاق النار.
وفي بيروت، سُجلت ليل الثلاثاء - الأربعاء حركة نزوح كثيفة وحالة من الهلع والذعر والإرباك. وهرع المواطنون والسكان نحو الشوارع، بعدما ازدادت وتيرة الغارات الإسرائيلية على رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط والنويري وبربور ومار الياس والحمراء والباشورة وبشارة الخوري والجناح وغيرها من أنحاء العاصمة المكتظة بالسكان. منهم من اتجه نحو الكورنيش البحري ومنطقة البيال وساحة الشهداء والصيفي، وسط بيروت، في مشهدية قاسية وسط موجة البرد التي تضرب البلاد. ومنهم من اختار التوجه نحو قرى وبلدات محافظة جبل لبنان، ما تسبب بزحمة سير خانقة، فعلق النازحون داخل سياراتهم على وقع موجات الحزن والمحنة اليومية التي يعايشها اللبنانيون منذ أكثر من شهرين. مأساة النزوح المتكرر والهروب من مكان لآخر، ومنه نحو وجهة أخرى، رافقتها أمس ضربات جوية مكثفة عمّت مختلف أرجاء لبنان، واستمرت حتى دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند ساعات فجر الأربعاء.

هرعت ريما عيتاني، المقيمة في منطقة المصيطبة في بيروت، ليل الثلاثاء، إلى الشارع بعدما شعرت بمرور الصاروخ فوق رأسها إثر استهداف منطقة بربور بغارة إسرائيلية قوية، وتقول لـ"العربي الجديد": "بمجرد حصول غارة معادية على منطقة النويري، توالت التهديدات على مناطق المصيطبة وزقاق البلاط ورأس بيروت وبربور وغيرها، ما أدى إلى حركة نزوح كثيفة. كانت ليلة مرعبة لا توصف، ظننتُ أن الصاروخ سيسقط فوقنا، ولم يكن الطريق باتجاه بلدة بشامون (جبل لبنان)، أفضل حالاً. لدى وصولي إلى منطقة الأوزاعي، شعرتُ وكأن الطيران الإسرائيلي إلى جانبي يفصلني عنه مجرد حائط، لحظة فرضه زنار نار على الضاحية الجنوبية للعاصمة. بالفعل، لا يفارقنا الخوف والقلق اليومي، نجهل مصيرنا ولا نعرف إن كنا سننعم بالاستقرار والهدوء".

من جهتها، تصف نتالي، المقيمة في منطقة مار الياس في بيروت، الليلة الماضية بالقول: "كان يوماً قاسياً ومخيفاً جدّاً، ومن أكثر الأيام التي أخافتني. كنت في عملي الكائن في وسط بيروت، وعندما سمعنا بالتهديدات سارعنا إلى توضيب أغراضنا ومغادرة مكاتبنا. رافقتنا أصوات الطائرات المرعبة، الطرقات كانت مزدحمة بشكل جنوني، الأهالي والأطفال في حالة هلع، مربكون حائرون، لا يدركون وجهتهم. هل يقصدون شمال لبنان أم يصعدون إلى مناطق محافظة جبل لبنان؟ فأينما ذهبوا تلاحقهم الغارات والمسيّرات. كانت الشوارع ممتلئة بنازحين جُدد، حتى أن بعضهم قصد المستشفيات، باعتبارها ملاذاً آمناً وفق القوانين والمواثيق الدولية". لم تتمكن نتالي من الذهاب إلى منزلها في بيروت، إنما واصلت طريقها باتجاه المدخل الجنوبي للعاصمة، وبالكاد وصلت إلى منزل ذويها في منطقة الناعمة (جنوباً).
"العربي الجديد"